الحراك الثقافي في ميزان سنة 2010
أحلام مستغانمي, غادة عبد العال, فيروز, ألبير كامو, المهرجانات الدولية, عباس بيضون, جيمس كاميرون, عبده خال, مرسيل خليفة, كاثرين بيغيلو, ديانا كرول, غازي عبد الرحمن القصيبي, ماريو بارغاس يوسا, ياسمينة خضراء
23 ديسمبر 2010تشهد الساحة الثقافية العربية بداية انطلاقة قوية لمهرجانات سينمائية استطاعت أن تحجز لنفسها مكاناً بين المهرجانات السينمائية العالمية، وقد تميّز عام 2010 بتنوّع وتعدّد المهرجانات السينمائية العربية التي أظهرت تطوراً ملفتاً إن من ناحية التنظيم أو الضيوف أو لجان التحكيم أو حتى الأفلام المشاركة. ومن بين هذه المهرجانات نذكر «مهرجان بيروت السينمائي 2010» و«أيّام بيروت السينمائية» و«مهرجان دبي السينمائي» و«مهرجان أبو ظبي السينمائي» و«مهرجان مراكش السينمائي» وغيرها... ولا بدّ من الإشارة هنا إلى الاتفاقية الإستراتيجية التي وقعتها لجنة «مهرجان دبي السينمائي الدولي» و«جمعية دي سي» التي تتخذّ من بيروت مقرّاً لها والمعنية بتشجيع ومساعدة صنّاع الأفلام المستقلين على تعزيز مهاراتهم في صناعة الأفلام الوثائقية المحلية. ولهذه الإتفاقية أثرها المستقبلي الكبير على صناعة السينما في الدول العربية، إذ أنّه من المقرّر بحسب بنود الاتفاق أن يموّل مهرجان دبي برنامج الأفلام الوثائقية والذي تنظمه جمعية «بيروت دي سي» من أجل دعم المواهب السينمائية الشابة والجادّة.
ُأقيم معرض بيروت العربي الدولي للكتاب الدولي في أواخر هذا العام وشهد الكثير من المحاضرات والندوات وحفلات التوقيع للعديد من الكتّاب اللبنانيين والعرب، إلاّ أنّ المعرض لاقى في المقابل الكثير من الانتقادات نتيجة ثباته على شكله الكلاسيكي القديم وعدم العمل على تطوير روحه من خلال إدخال عنصر التكنولوجيا والشاشات التي من شأنها جذب عدد أكبر من الشباب.
تعرّض الشاعر اللبناني عبّاس بيضون لحادث سير مروّع كاد أن يودي بحياته لولا أنّ العناية الإلهية أنقذته وكتب الله له العمر الجديد. وبعد أسابيع طويلة قضاها بيضون في المستشفى عاد إلى موقعه في جريدة «السفير» اللبنانية وإلى كتاباته الإبداعية لمتابعة نشاطه في «مهنة المتاعب» وكتابته الشعرية والأدبية.
توفيّ الشاعر المصري محمد عفيفي مطر في 29 حزيران/ يونيو عن عمر يُناهز 75 عاماً بعد معاناته الطويلة مع مرض الكبد. والمعروف أنّ الشاعر الراحل اعتُقل فترة من حياته بسبب معارضته للسياسة المصرية بعد إعلان موقفها من الحرب على العراق عام 1991.
في 3 آذار/ مارس فاز الكاتب السعودي عبده خال بجائزة «بوكر» بنسختها العربية ليكون بذلك أوّل كاتب سعودي يفوز بهذه الجائزة، وذلك عن روايته «ترمي بشرر». والملفت في الأسماء التي وصلت إلى اللائحة الطويلة الخاصة بدورة 2011 أنها تعود معظمها إلى كاتبات عربيات، وهذا الإنجاز النسائي تشهده «جائزة بوكر» للمرة الأولى ربما منذ انطلاقتها. كما فازت الكاتبة المصرية ميرال طحاوي (المرشحة للفوز ب«بوكر» في دورتها القادمة) بجائزة نجيب محفوظ للأدب الروائي في أواخر كانون الأول/ ديسمبر 2010.
احتفلت فرنسا والعالم بذكرى مرور خمسين عاماً على وفاة الكاتب الكبير ألبير كامو، فكان صاحب «الغريب» الضيف الرسمي الأوّل في معظم الاحتفالات والمعارض والمهرجانات الثقافية. وفي هذه المناسبة قرّر الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي نقل رفاة كامو إلى مقبرة العظماء في فرنسا، إلاّ أنّ ولدي «فيلسوف العبث» رفضا قرار الرئيس لأنّ فيه ما يتنافى ورؤية والدهما عندما كان حيّاً. وقد أثار هذا الأمر جدلاً في الأوساط الثقافية كما أثار حفيظة محبّي كامو.
فاز الفيلم الأميركي الذي يتمحور حول الحرب في العراق «خزّان الألم» للمخرجة كاثرين بيغلو بجائزة الأوسكار هذا العام، علماً أنّ التوقعات رجحّت فوز الفيلم الحائز جائزتي ال«غولدن غلوب» عن أفضل عمل درامي وأفضل مخرج «أفاتار» لكونه حقّق ضجة كبيرة وأدخل لغة سينمائية جديدة إلى عالم هوليوود الواسع.
رحل الوزير والكاتب والشاعر غازي القصيبي المولود عام 1940 في شهر آب/ أغسطس عن سبعين عاماً قضاها في السلك السياسي والأدبي والإجتماعي، فكان من الشخصيات التي تركت بصمة لا تُمحى في تاريخ المملكة السعودية الحديث. وجاء رحيل الوزير والأديب القصيبي بعد صراع مرير مع المرض، وقد تزامنت وفاته مع صدور كتابه «الوزير المرافق»، كما صدر كتابه الأخير «الزهايمر» بعد أسابيع قليلة على وفاته عن «دار بيسان» قبل أن يراه في طبعته الأخيرة، إلاّ أنّ الكتاب حقق نسبة مبيعات عالية جداً منذ لحظة صدوره في الأسواق.
أحيت السيّدة فيروز حفلتين غنائيتين بعد أربع سنوات من الغياب عن الغناء في بيروت، وقد تزامنت الحفلتان وإصدار ألبومها الجديد «ايه في أمل» الذي نفذّه كتابة ولحناً وتوزيعاً نجلها زياد الرحباني. والجدير ذكره أنّ هاتين الحفلتين جاءتا بعد اعتصام كبير أقامه عشّاق فيروز في كلّ أنحاء الوطن العربي ضدّ قرار منع فيروز من الغناء بسبب مشكلاتها مع ورثة منصور الرحباني. وضمّ ألبوم «إيه في أمل» الذي حقق نسبة مابيعات عالية منذ لحظة صدوره في الأسواق 12 أغنية هي: «قال قايل»، «قصة صغيري»، «كل ما الحكي»، «الله كبير»، «ما شاورت حالي»، «ديار بكر»، «تل الزعتر»، «إيه في أمل»، فضلاً عن إعادة تقديم أغنيتين «بكتب أساميهن» و«البنت الشلبية» بصيغة جديدة.
وقعّت الكاتبة الجزائرية أحلام مستغانمي عقداً مع «دار بلومزبري-مؤسسة قطر للنشر» يقضي بترجمة الجزء الثالث من ثلاثيتها الروائية الشهيرة «عابر سرير» إلى الإنكليزية. ويمثل هذا العقد ثاني تعاون بين الدار والكاتبة الشهيرة على ترجمة أحد كتبها، بعد رواية «نسيان.com» التي من المتوقع أن تصدر بالإنجليزية في أوائل عام 2011. وفي هذا العام أيضاً صوّرت رواية مستغانمي الأشهر «ذاكرة الجسد» مسلسلاً تلفزيونياً من إخراج السوري نجدت أنزور وبطولة جمال سليمان وآمال بوشوشة. وجاء تصوير العمل بعد سنوات على التفكير في تنفيذ هذه الخطوة إلاّ أنّ العمل التلفزيوني لم يكن بمستوى الرواية ولم يحقّق النجاح الذي حققته «ذاكرة الجسد» على الورق.
تعرّض الفنان اللبناني مرسيل خليفة والممثّل والمنتج السوري فراس ابراهيم إلى حادث سير على طريق الأردن أدّى إلى دخولهما على الفور إلى المستشفى حيث أُجريت عملية عاجلة لفراس ابراهيم. والجدير ذكره أنّ خليفة وابراهيم كانا معاً للاتفاق على تفاصيل المسلسل التلفزيوني الجديد «في حضرة الغياب» الذي يحكي سيرة الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش، والذي من المفترض أن يُجسّد دوره صديقه الفنان مرسيل خليفة.
بعد طول انتظار استضاف مهرجان بيت الدين السنوي في لبنان نجمة الجاز الكندية ديانا كرول التي حضرت إلى أعالي جبل لبنان وغنّت وعزفت ورقصت مع الجمهور اللبناني الذي أحبّ صوتها العذب وأغنياتها الجميلة.
شهد عام 2010 حراكاً ثقافياً في العالمين العربي والغربي تمثّل في إقامة مهرجانات فنية كبيرة وعروض مسرحية وإصدارات أدبية وجوائز وتكريمات واحتفالات، فضلاً عن حوادث مؤسفة ورحيل قامات أدبية وثقافية كبيرة... ومن بينها نذكر
فاز الكاتب البيروفي ماريو بارجاس يوسا بجائزة نوبل للآداب عام 2010 رغم أن الرهانات كانت على أسماء أخرى، وجاء فوزه الأوّل للآداب الناطقة بالإسبانية بعد عشرين عاماً على فوز المكسيكي أوكتافيو باث عام 1990.
أُقيم في صالون الكتاب الفركوفوني في البيال- بيروت هذا العام معرضاً خاصاً بالكاتب البير كامو الذي حضر في الصالون عبر صور نادرة له وكتابات خاصة بخط يده جلبتها ابنته كاثرين إلى لبنان بعد فترة ليست قليلة من التردّد والتفكير. وقد استضاف المعرض أيضاً نخبة من الكتّاب الفرنكوفونيين كان أبرزهم الجزائري ياسمينة خضرا الذي عرفه الوسط الثقافي ككاتبة غامضة قبل أن يكشف هويته كقائد عسكري كبير في الجيش الجزائري.
حقٌّق فيلم «أفاتار» للمخرج جيمس كاميرون مع بداية عام 2010 أعلى إيرادات ليس على مدار السنة فحسب، بل في تاريخ السينما إذ بلغت أرباحه ما يزيد عن 300 مليون دولار خلال الأسبوع الأوّل من عرضه متعدياً بذلك إيرادات فيلم «تايتنك» للمخرج نفسه.
كثرت هذا العام الإصدارات الأدبية الإلكترونية المتماشية والتطوّر التكنولوجي الذي يشهده عالمنا، وكان تأثير هذه الكتب الرقمية والمدونات والبرامج الثقافية على الشبكة العنكبوتية أكثر تأثيراً من قبل. وكان تصوير مدونّة غادة عبد العال المعروفة على الإنترنت «عايزة اتجوز» على شكل مسلسل تلفزيوني كوميدي ساخر هو أكبر دليل على ذلك. فالنجاح المدوّي للمدونة دفع ب«دار الشروق» الأدبية إلى خوض مغامرة الإنتاج التلفزيوني للمرّة الأولى وذلك عبر مسلسل «عايزة اتجوز» الذي وضعت له السيناريو والحوار غادة عبد العال وأخرجه رامي إمام ولعبت دور البطولة فيه النجمة هند صبري، وقد عرض في شهر رمضان 2010 وحقٌّق نسبة مشاهدة عالية.