بيوت وشقق من سارة لافوان...

الديزاين, طبيب الجلد, القماش المعدنيّ, المطبخ اللبناني, نقوش مطبعة, بساطة, المساحات الداخلية, بيوت فخمة, سارة لافوان

31 يناير 2012

في هذه الشقة الواقعة في الدائرة الخامسة عشرة في باريس، يمكن لأي زائر - ومن النظرة الأولى - أن يستخلص درساً معمّقاً في البساطة الأنيقة، أو إن شئتم في الأناقة البسيطة.

فكلا التعبيرين يقود الى تصوّر واحد، هو «عالم سارة لافوان». سارة مولودة لسلالة أميرية بولندية بإسم بونياتوفسكي، أما لافوان فقد اكتسبته من زواجها من المغني الفرنسي الشهير مارك لافوان عام 1995 ولها منه ثلاثة أولاد.

عام 2002 أسست في باريس مكتبها الخاص للديزاين والهندسة الداخلية.
ولم يتوقف نشاط سارة لافوان عند توقيع المنازل والشقق واللوفت أو المطاعم والمحال التجارية، بل تعداه الى إبتكار مجموعات خاصة من قطع الأثاث والاكسسوارات المنزلية التي تحمل اسمها، وذلك لصالح العديد من الماركات الفرنسية والأوروبية المختلفة، أو بهدف عرضها في الصالة الفاخرة التي افتتحتها في باريس لعرض وبيع أعمالها المميزة.

هذه الحيوية اللافتة في أنشطة سارة جعلت من اسمها مادة تداول في الأوساط المخملية في باريس، وساهمت في ذيوع شهرتها. وهذه الشهرة تعود أساساً الى براعتها في رسم المساحات وتأهيلها وتنسيقها بأفكار جديدة ومبتكرة.
والواقع، أنه يصعب توصيف أسلوب سارة لافوان بكلمات قليلة.

فالسيناريوهات المختلفة التي تفيض بها مخيّلتها، والدفء الحميم الذي يسكن أمكنتها، والروح المعاصرة التي تخيّم على أجواء مساحاتها، كلها عناصر تترجم حساسيتها المرهفة وبراعتها في اللعب بالألوان، وموهبتها في التعامل مع المواد وتطويعها، بما يخدم الفكرة الزخرفية التي تسعى لتحقيقها.
ولعل أكثر ما يميّز أعمالها، هو هذا الزواج الناجح بين المواد والأساليب والطرز، قديمها وحديثها، لتوليد أجواء فريدة ومناخات زخرفية مميزة.
يمكن من خلالها رسم ملامح جديدة لرفاهية خالصة، تحفها الأناقة من كل جانب وتجلّلها البساطة في كل تفصيل.
ففي هذه الشقة الباريسية، تقدم لنا سارة لافوان شرحاً واضحاً ومفصلاً للرفاهية، في ضوء مفهومها للقيم الجمالية والوظيفية. وتفسر لنا نظرتها الخاصة الى معنى المكان، وتفضيلاتها للمواد النبيلة مثل الأخشاب والمعادن.
صحيح أن الأناقة هنا غير باذخة، ولكنها تذهب بخطوطها المستقيمة مباشرة الى الهدف الأساسي، وهو تأمين أجواء من الرفاهية التي لا تعقيد فيها ولا تفاصيل زائدة، أو نقوش أو زخارف، ستبدو هنا على أقل تقدير وكأنها تكلّف لا ضرورة له.

كما يبدو واضحاً دعم سارة لافوان فكرة التواصل بين المساحات الداخلية، من دون أن تلغي خصوصياتها، ولهذا نجد غياباً كاملاً لكل الحواجز المفتعلة، وصولاً الى الستائر.

على أن الأبرز في هذه الشقة، هو استدعاء الألوان بطريقة مبتكرة، تتناغم توزيعاتها مع محتويات الشقة من الأثاث والاكسسوارات، ومن ثم تقدم الدعم للهياكل الهندسية الموجودة.

لتزيد في سحر المكان وتبرز قسماته بأمانة كبيرة. ففي الصالون الذي يتصدّر جداره اللون الأصفر الساطع، بتضارب مع الأبيض والخطوط السوداء، تتوزعه جلسات مريحة، تحتلّها أرائك وثيرة يغطيها قماش من الكتان الأبيض والأسود يزينه غطاء من اللون الأزرق التركواز، وتبرز بينها قطع أنيقة من الأثاث المصنوع من الخشب والمعدن الذي يحمل طابع الخمسينات، وقد أعيد ترميمه وصياغته بخطوط حديثة.
يندمج مع الصالون ركن خاص بالعمل نُسّق فيه مكتب من الخشب يحمل طابع «الفانتاج» مع كرسي ملبّس بالجلد. وقد تدلّى فوق المكتب مصابيح للإنارة بينما احتل جانبا منه مصباح معدني للإضاءة بذراع مفصّل وجو ارتدادي.

بين المكتب وركن آخر مشترك من الصالون تسترعي الانتباه بعض من الرفوف الخشبية المثبتة فوق هيكل معدني، وهي تتكامل في مظهرها مع أجواء المكان والمصابيح الجدارية التي تحمل الى المكان لمسة رشيقة من الطابع العملي للديزاين.

أما الممرّ الموزع بين الصالون والغرف، فيكتسي بأرضية من خشب الوينغي، بينما تغطي جدرانه خزائن مدمجة من الخشب زينت أبوابها يمساحات لونية، مشكلة بذلك لوحة كبيرة بالغة الجاذبية.

صالة الطعام متميزة بطاولتها البسيطة المنفذة من الخشب والمعدن، والتي تتوهج حولها شعاعات الضوء اثناء النهار أو أنوار المصابيح الموزعة في المكان والتي تمنح الجلسات العائلية حول المائدة جواً ودياً حميماً.
يتجلّى الحس الزخرفي الجميل والمستمدّ من ذاكرة الخمسينات من خلال ديكور غرفة النوم والتي لبست بعض جدرانها بالخشب، مع فتح كوات زخرفية بين الرفوف التي تعلو السرير وقد بطن بعضها باللون الأزرق.

وتحمل أجواء الديكور في هذه الغرفة سمات مستعارة من مناخات الخمسينات والتي يظهرها الديكور بأسلوب مشبع بالعاطفة.

المطبخ يلعب ورقة الكونتراست بين الأبواب المحددة باللون البني الداكن والجدران البيضاء، مع خزائن ومرايا تحتضن الضوء وتعيد نشره في زوايا المكان بلطافة ورقة... وتتوسط المطبخ طاولة من الخشب الداكن، تتناسق معها كراسٍ ملبّسة بقماش بني وقوائم من المعدن.

أما الحمام فيغرق في ضياء اللون الأبيض والمواد النبيلة التي يتصدرها الرخام فيمنحه مزيداً من اللطافة والرقة.