احترسوا..

مشكلة / مشاكل إجتماعية, تحقيق, طلاق, الحياة الزوجية, أسرار منزلية, مشكلة / مشاكل الزواج, فضفضة

15 يونيو 2009

في الحياة الزوجية الكثير من الأسرار لكن بعض الأزواج والزوجات لا يحافظون على تلك الأسرار ويعتبرون كشفها للآخرين نوعاً من الفضفضة المطلوبة للتنفيس عن ضيقهم ومشاكلهم، لكن تلك الفضفضة تحمل خطراً شديداً على الحياة الزوجية لأنها تجعلها بكل أسرارها مشاعاً للجميع. فلماذا يندفع بعض الأزواج والزوجات لكشف أسرار حياتهم وكيف يمكن معالجة هذا الخطر؟ وماذا يقول الذين مروا بتجارب سيئة بسبب تلك الفضفضة الخطيرة؟ «لها» تحقق.

المهندس حسام الدين مصطفى (31 عاماً) يعترف بأنه قد يلجأ إلى أحد المقربين ليفضفض عن شيء يضايقه مع زوجته ، بدلاً من أن يتفوه بكلمة تجرحها أثناء الخلاف الحاد، لكنه يؤكد في  الوقت نفسه أن تلك الفضفضة لا تكشف أي سر منزلي وأنه يعود من جديد إلى زوجته ليبحثا عن حل المشكلة معاً.

ويضيف حسام: «لا يوجد بيت سعيد خالٍ من المشاكل دائماً، فالحياة بين هذا وذاك، لذا لديّ اقتناع بأن من يفشي أسراره الزوجية ليس مهتماً باستقرار حياته والأجدر به أن يتجه إلى الجرائد وينشر مشاكله ليشاركه الجميع في حلها»، ويرى أن خطورة الإفصاح عن أسرار الحياة الأسرية أنها تؤدي إلى الحسد إذا كانت العلاقة بين الزوجين طيبة، أو تؤدي إلى انطباعات سيئة في ذهن من يسمعنا، ولا تزول تلك الانطباعات حتى إذا عادت الأمور إلى مجاريها بين الزوجين.

نهى زوجة حسام تتفق معه في الرأي, وتؤكد أنها لا تفصح عن أي شيء يخص خلافاتهما أو أسرارهما الخاصة لأحد، إلا والدتها أحياناً على سبيل الفضفضة، وتقول: "لا أحكي لأمي عن مضايقات حسام لي، خوفاً من تشويه صورته لديها، فقط أحكي لها عن المشكلة ذاتها وأتعمد إظهار زوجي في أحسن صورة ولا أنتظر منها حلولاً لأطبقها، بل أعود إلي بيتي لأتشاور مع زوجي ونتصالح، نحن اتفقنا منذ الخطوبة على أن يكون هذا هو أسلوب حياتنا».

مشاكل

حسام محمد (36 عاماً) متزوج منذ 10 سنوات، يرفض سياسة الفضفضة خارج نطاق الأسرة، مؤكداً أن هذه الفضفضة ستفضي في النهاية إلى كشف ستر الأسرة على الأغراب والأقارب، مما يؤدي إلى كثرة المشاكل وانهيار الأسرة.

بينما ترى زوجته داليا أن الرجل هو الذي يدفع المرأة أحياناً إلى فضح حياتهما على المشاع، وذلك عندما يقسو عليها دائماً، وتضيف: «كم من صديقاتي المتزوجات يشكين من أزواجهن في أدق تفاصيل الحياة، فهذه تقول زوجي ضربني، وأخرى تشكو من خياناته المتكررة، وغيرها تشكو من بخله على المنزل والأطفال. جميع هؤلاء يعتبرن أن الشكوى هي المتنفس الوحيد حتى تستمر الحياة دون طلاق ولا يعتبرن ذلك إفشاءً للأسرار».

وترى داليا أن الخطورة القصوى في تسريب أخبار البيوت إلى مكاتب العمل، وتقول: «غالباً ما يكون العمل مختلطاً مع الرجال، ويحدث أن تشكو المرأة زوجها إلى زميلها وهو يشكو زوجته بدوره، فيستدر كل منهما عطف الآخر لدرجة أن يتوهما الحب، وقد تنهار الأسرتان وكل منهما ينفصل عن زوجه وعندما يتزوجان يكتشفان أنهما سلكا الطريق الخطأ ويندمان وقت لا ينفع الندم».

وفي النهاية تؤكد داليا أنها وزوجها حسام اتفقا على سرية حياتهما الزوجية منذ الخطوبة، ونفذا اتفاقهما ولا أحد يعرف عنهما شيئاً حتى الآن.نكد المرأة

كل شيء داخل المنزل قابل للحديث عنه مع الأصدقاء إلا الأسرار الأسرية. هذه وجهة نظر الدكتور أيمن فاخر استشاري العلاج بالأوزون، الذي يقول: «صحيح أننا نحب جلسات السمر مع الأصدقاء، لكن يجب أن تكون هناك حدود فاصلة بين الحياة العامة والخاصة، فمن الممكن أن يحكي الرجل عن نيته تغيير الأثاث، أو موقف طريف حدث له مع أهل بيته، ولكن الأسرار الخاصة تبقى ملك الزوجين، ومن يفصح عنها أعتبره «رجلاً فارغاً فكرياً» لا شيء يشغله ولا يجد ما يتحدث عنه».

ويتابع: «أحياناً كثيرة يكون نكد المرأة هو السبب وهو ما يدفع زوجها إلى كشف الأسرار لأصدقائه، حيث لا يجد متنفساً في منزله، خاصة أن النساء العربيات لا يجيدنّ إدارة فن الحوار مع الزوج، ويفضلنَ عليه الحديث مع الصديقات. هذه أكثر شكاوى الرجال من زوجاتهم والأسرار الأكثر خطورة هي التي تركز على عدم اهتمام المرأة بجمالها وقوامها، وبالتالي يشكو الرجل ويطلب رأي الآخرين وغالباً ما يبحث عن البديل في علاقات غير مشروعة فهو لا يريد زوجة نكدية بل امرأة جميلة».

ويؤكد الدكتور أيمن فاخر، أنه لم يتّفق مع زوجته على كتمان الأسرار الأسرية، لأن هذا شيء طبيعي وبديهي، ويذكر المرة الوحيدة التي أفصح فيها عن خلافه مع زوجته لأحد أصدقائه قائلاً: «نشب خلاف حاد بيني وبين زوجتي فقررت أن أترك لها المنزل وذهبت إلى بيت أمي، وأخفيت سيارتي  في مكان بعيد وأغلقت محمولي  الخاص، وقابلت صديقي بالصدفة فكشفت له عن مكنون نفسي وقال لي هوّن عليك. وعندما سافرت إلى خارج مصر اتصل بزوجتي وأخبرها كذباً بأنني خنتها في تلك الليلة انتقاماً منها، ولأنها امرأة عاقلة لم تخبرني بالأمر، وعند أول خلاف بيننا بعد ستة أشهر قالت لي هل ستخونني هذه المرة أيضاً؟ فتعلمت الدرس وقطعت علاقتي بذلك الرجل». من جانب آخر تؤكد زوجته سعاد أن أمها هي التي أرست لديها قواعد الأسرار الزوجية، وأن ما يدور بين المرأة وزوجها يجب ألا يتخطى حدود غرفة النوم، فحتى غرفة المعيشة ممنوع فيها النقاش أو الخلاف حتى لا يتأثر الأطفال.

وتتابع: «أمي لا تقبل بأن تشكو إليها أي ابنة من زوجها وتقول لها أنتِ المخطئة اذهبي وحلي مشاكلك مع زوجك إنه رجل صالح، كما أنني لا أجد من صديقاتي من تشكو زوجها، بل إن الرجال هم الأكثر فضولاً وتعمقاً  في الأسرار الأسرية».

للمقربين فقط

هاني إبراهيم مهندس كهرباء، لا يجد غضاضة في أن يفصح الزوج عن بعض ما يضايقه من زوجته إلى المقربين فقط ودون السب فيها، مؤكداً أن الرجال لا يفضحون أسرار بيوتهم مهما حدث على عكس النساء.

ويرى أن ما يدعو المرأة للإفصاح عن أسرارها هو سوء معاملة زوجها لها، أو خيانته المستمرة، فقد أفصحت له إحدى صديقاته في العمل عن تبلد مشاعرها مع زوجها، وقالت إنها لا تشعر بزوجها مطلقاً ولا بحبه حتى في أقرب لحظاته معها، وهكذا يرغم الزوج أحياناً زوجته على البوح بأدق الأسرار حتى ما يدور في غرف النوم! الطلاق

إفشاء أسرار الفراش يخرب البيوت. هذا ما تؤكده الدكتورة هبة قطب أستاذة الصحة الجنسية والاستشارات الزوجية. وترجع السبب إلى جهل الناس بالعلاقة الزوجية الصحيحة أو المثالية، فلا يوجد كتالوغ تشغيل يرشدنا إلى ذلك، وسرّ نجاح العلاقة الزوجية هو رضا كلا الطرفين، كما أن الناس لا يعلمون أن ما يسري على زوجين ويرضيهما لا يناسب زوجين آخرين، ومن هنا يأتي خراب البيوت عاجلاً، حيث يعتقد أحد الطرفين سواء كان الزوج أو الزوجة أن الطرف الثاني مقصّر معه، في حين أنه وارد جداً أن يتباهى الرجل بفحولته الزائدة التي قد تكون من نسج خياله، وتتباهى المرأة بفحولة زوجها الزائفة ودلاله لها من أجل إشعال غيرة الأخريات فقط ، مما يفسد على الآخرين حياتهم الطبيعية». كما تعتبر الدكتورة قطب برامج الفتوى الفضائية إفشاءً للأسرار الزوجية، خاصة أن المشاركين يتحدثون في أدق التفاصيل، في حين أن الفتوى لها أماكنها التي تحافظ على السرية والفضائيات ليست محلها على الإطلاق، لذا لا تختلف كثيراً عن حلقات النميمة التي تفشى فيها أسرار الفراش، فتكون النتيجة في النهاية الشقاق بين الزوجين. وتلفت الدكتورة قطب في النهاية إلى أن الرجال والنساء يفشون أسرار الفراش على السواء، والفارق الوحيد أنه كلما ارتفع المستوى الاجتماعي والثقافي التزم الطرفان الكتمان.

القهر

من جانبها، ترفض الدكتورة سامية خضر أستاذة علم الاجتماع في جامعة عين شمس، التفرقة على أساس الجنس وتتفق مع الدكتورة هبة قطب في أن الجنسين ينقلون أسرار البيوت على السواء. مشيرة إلى أن الإنسان الذي يفشي أسراره إما أن يكون معزولاً عن العالم الخارجي ومشكلاته، أو لا يمتلك القدرة على حل مشاكله، أو غير مرتاح داخلياً، وهذا ينطبق على الجنسين رجالاً ونساء. وقالت: «إن المرأة العاملة لا تجد وقتاً لإفشاء أسرار بيتها إذ ينحصر تفكيرها في العمل والعناية بأسرتها، بينما توجد في المقابل مستويات معينة تكون فيها أقل قدرة على اتخاذ موقف داخل المنزل وخارجه، فتضطر للحديث وإلا تشعر باختناق. قد تعاني المرأة أيضاً من تدني المستوى الثقافي بحكم فراغها كربة منزل فتجد متنفساً في الثرثرة التي قد تتطرّق إلى أسرار بيتها، والحال نفسه بالنسبة إلى النساء اللواتي يعانين قهر الرجال لهن. وتوضح الدكتورة خضر أن السر معناه ألا يخرج عن اثنين، فما يخرج من البيت لا يصبح سراً عندما يتحول إلى أمر مطروح على ساحة الثرثرة في البيوت وعلى السلم، وعند الجيران وعلى الهاتف أيضاً، ومن المحتمل أن يستغل المستمع ذلك السر مستقبلاً في مضايقة صاحبه أو يتعمد فضح أمره. وهنا قد تحدث مشكلات كبيرة لأن الزوج الذي نشر أسراره على المشاع يشعر بأنه مفضوح وقد يصل الأمر إلى الطلاق وانهيار الأسرة.

الرجال أقل حديثاً ولكن...

عامة الرجال أقل حديثاً وإفشاءً للأسرار، ولكنهم قد ينافسون النساء إذا طغى عليهم الجزء النسائي. هكذا توضح ياسمين أبو الحسن مدرب الحياة، وتقول: «عالم النفس جون غراي يقول: يتكون كل إنسان منا من جزء نسائي وجزء رجالي، وقد يغلب الجزء النسائي على بعض الرجال فينعكس ذلك على رغبتهم الكبيرة في التعبير عن النفس والثرثرة، والاهتمام بأدق التفاصيل وعدم السيطرة على الاحتفاظ بالأسرار. وبالإضافة إلى هذا الجزء النفسي تلعب التنشئة دوراً كبيراً في نمو الجزء النسائي داخل الطفل، فعندما لا تحرص الأم على عزل طفلها عن جلساتها مع صديقاتها وتترك له المساحة ليسمع ويشارك في الحديث يتتطبع بطبع النساء ويكون الجزء النسائي التعبيري لديه أكبر وبالتالي لا يحفظ أسرار بيته».

وتضيف: «أحياناً الأم هي  التي تحث ابنها على إفشاء أسرار بيته الخاصة، إذا كانت علاقتها بالأب غير جيدة، وهنا تدلل الابن منذ الصغر وتعامله على أنه رجلها وسندها الوحيد في الحياة، وذلك رغبة منها في السيطرة الدائمة عليه. حينئذٍ يشعر الابن بالذنب تجاهها عند زواجه وتشعر هي بأنه خانها، ويحكي لها أدق تفاصيل حياته الزوجية على سبيل التكفير عن ذنبه».

لذا تُشدد مدرب الحياة، على ضرورة تعهد كلا الزوجين منذ بداية الارتباط ضرورة الاحتفاظ بتفاصيل العلاقة وأسرارها بينهما.