القلق والخوف يدفعان الناس إلى قراءة الفنجان

الخوف, علم إجتماع, قراءة الفنجان, القلق , علم النفس, الرموز البصرية, فك الرموز

14 يوليو 2009

«جلست والخوف بعينيها تتأمل فنجاني المقلوب....
قالت ياولدي لاتحزن... فالحب عليك هو المكتوب»
كتب فيها الشاعر نزار قباني قصيدته الشهيرة وغناها عبدالحليم حافظ وحفظها الناس عن ظهر قلب. قارئة الفنجان، شخصية محيرة وغامضة وشفافة في الوقت نفسه. لها قدرات خاصة في الإيحاء والسيطرة على مشاعر الناس. تجدها في جميع الدول العربية ولكنها تظهر في السعودية بإستحياء وبعيدا عن الجهر والعلن. تزور بيتك في السر ويعرفها أصدقاؤك، ولكن لا تجاهر بعلاقتك بها سواء كنت رجلاً أو إمرأة لأنك لاتريد أن تعرف بعلاقتك بمثل هذه الأمور. يقبل السعوديون على قراءة الفنجان خارج البلاد وداخلها ولكن يتّسم الأمر بالخطورة والسرية عندما يحدث في الداخل. ورغم الإقبال فإنه من الصعب وشبه المستحيل أن تجد قارئة توافق على الظهور الإعلامي والجهر بشخصيتها خوفا من أي عقبات جزائية قد تطولها لاحقاً.

لا تعتبر قراءة الفنجان ظاهرة جديدة أو تقليعة غريبة على مجتمعاتنا العربية إذ أنها عرفت منذ القديم ومازال الناس يقبلون عليها مهما إختلفت خلفياتهم الإجتماعية والتعليمية. ورغم إيمان الكثيرون بحرمانية هذه الأمور، فإن البحث عن المجهول والرغبة في معرفة المستقبل يدفعان بالكثيرين إلى التبصير وفكّ رموز الفنجان. فهل هناك أشخاص يستطيعون بالفعل معرفة المستقبل؟ وهل الباراسيكولوجي أو «ماوراء علم النفس»، الذي يبحث في الظواهر والقوى الروحانية التي تحدث بشكل نادر لبعض الأشخاص، إستطاع أن يفسّر قدرات هؤلاء؟ في هذا التحقيق نناقش قراءة الفنجان في السعودية ومدى إنتشارها بين الناس والأسباب المؤدية إلى ذلك، بالإضافة إلى حقيقة القدرات الخارقة التي يعتقد البعض أن البصارات يتمتّعن بها.
بدت الدهشة واضحة على وجوه الحاضرات عندما دخلت قارئة الفنجان وبدأت النظر إلى عيونهن واصفة ما لديهن من هموم ومتاعب مع أنها لاتعرف شيئاً عنهن. بدأت تصف لمحات الحزن التي تظهر على عيني إحداهن التي تعرّضت للطلاق مؤخراً، مؤكدة أنها شخصية قوية ولكنها تحب تقمص دور الضحية.
ثم نظرت إلى الأخرى مؤكدة لها أنها شخصية قوية ومتسامحة وتمتلك عينين قويتين لامعتين من الصعب النظر إليهما لفترة طويلة. أما الصديقة الثالثة فلم تتمكن من رؤية أي شيء في عينيها، بينما قالت للرابعة أن الناس يفهمونها بشكل خاطئ وهي لاتظهر حقيقة مشاعرها.
عندما تلتقي أم محمد تقابل سيدة تعرف كيف تتحدث إليك. تغلب على كلماتها العبارات الواضحة وتجدها مطلعة على كل ما يدور حولها من أحداث. تعرف مختلف الشخصيات في جدة ولها دراية واضحة عن طباع الناس وهمومهم من خلال إحتكاكها بهم وإلمامها بأسرار حياتهم.
ينتشر صيت أم محمد بين النساء السعوديات من مختلف الأعمار والخلفيات التعليمية والإجتماعية فهي معروفة بفنجانها الذي لايكذب على حدّ قولهم وقراءاتها التي لاتنزل الأرض.
تأتي أم محمد من منزل محافظ. تقول: «جدي وأبي وعمي كانوا شيوخا يكشفون للناس بالرمل ولكن أبي كان يرفضها كصنعة أو كمصدر لكسب الرزق. كان عمي يعمل في هذا المجال وكان يكشف للناس عن طريق خاتم خاص به يكشف به المندل. كان والدي يكتب القرآن في لوح خشب ومن ثم يغسل بالماء ونشرب هذا الماء للشفاء. كان لديه الكثير من الأسرار ولكنه كان يرفض أن يعطينا إياها».
تعلّقت أم محمد بالفنجان والقراءة وهي طفلة لم تتجاوز الثامنة حيث عرفت أن لها قدرات مختلفة عن باقي أخوتها وأخواتها، وكانت تجربتها الأولى مع عمها حين طلب منها أن تشاهد وتقول ماترى داخل الخاتم. «أتذكر المرة الأولى التي قرأت فيها حين كنت طفلة، وكان عمي يقرأ لأحد الأشخاص. كانوا يبحثون عن طفل غير بالغ لينظر داخل الخاتم. طلب مني عمي أن أقول لضيفه عما يظهر داخل الفص الأسود للخاتم. لم أنس هذا الموقف أبداً. عندما نظرت في الخاتم رأيت رجلاً يمتطي حصانا ويركض وإعتقدت أن التلفزيون في الخاتم. أخذت أصرخ وأجري في الحارة وأنادي قائلة: التلفزيون في خاتم عمي!».
بعد هذه التجربة مرضت أم محمد أياماً عدة وعانت من إرتفاع في درجة الحرارة. منع والدها العم من إقحامها في مثل هذه الأمور لكنها شعرت برغبة شديدة في إعادة التجربة. وتملّكها إصرار على رؤية هذا الأمر من جديد والبحث عنه في أي شيء يقع في يدها، حتى دفعها فضولها ذات يوم إلى فناجين القهوة والتي بدأت ترى فيها أشكالاً وأشخاصاً تتحرك. «بدأت أبحث في الفناجين الفارغة التي يشربها ضيوفنا فأرى شخصاً يحمل أثاثاً ويرحل، وبعد أيام ينتقل هذا الشخص من الحارة. كنت أرى أناساً يصرخون ويبكون وبعدها أسمع أن أحداً توفي. بدأ الناس يخافون مني ومنعتني والدتي من رؤية الفناجين حتى كبرت، وأصبحت أقرأ لأخواتي وأقاربي على سبيل اللعب والمزاح».

تعود أصول أم محمد إلى أفريقيا ولكنها ولدت وكبرت وتعلمت في السعودية فلا تعرف وطناً غيره، حتى لهجتها لايمكن تفريقها عن أي مواطنة أخرى تعيش في جدة إذ تغلب على حديثها اللهجة الحجازية المتداولة. لم تفكر في إستعمال مقدرتها على قراءة الفنجان كعمل جاد تسترزق منه، وكانت تطلب من الله أن يبعدها عن هذا الطريق ويفتح لها أبواباً أخرى للرزق. لم تتمكن من الحصول على عمل ثابت تعول به أسرتها وتساند به زوجها بعدما عملت في وظائف متعددة ولكنها لم توفق. ومنذ ست سنوات بدأت تعمل في قراءة الفنجان وتتقاضى أجراً... وتتذكر البدايات قائلة: «لم أتمكن من إيجاد طريقة ثابتة لضمان مصدر دخل لي. عملت مسؤولة أمن ومزينة نساء وعاملة منزلية وكل ما يخطر ببالك، ولكني لم أجد إلا قراءة الفنجان كوسيلة فتحت لي كل أبواب الرزق وأعطتني أكثر من حاجتي. كنت دائماً أدعو الله أن لايجعلها وسيلة رزق وفي كل مرة كانت تتزايد على الطلبات وتتفتح أبواب رزق أكبر وأكثر. حتى سلّمت أن هذا العمل مقدّر لي مع أني أسمع أنه حرام ولايجوز العمل فيه، ولكن كنت أطمئن نفسي بأني لا أعلم الغيب ولا أضرّ أحداً.
وتؤكد أم محمد في حديثها أنها لاتعلم الغيب ولا تعرف ماذا يمكن أن يحدث لها في المستقبل، فكيف بها أن تعرف ماذا سيحدث لصاحب الفنجان، ولكنها تصر على أن الكشف بالفنجان يحمل الكثير من الحقائق وفيه شفافية وروحانية وأمور أخرى كثيرة. وشبهته بالعلاج النفسي والطبيب النفساني مشيرة إلى الأسباب التي تدفع الناس في السعودية إلى قراءة الفنجان بقولها: «إكتشفت من خلال عملي في قراءة الفنجان أن الناس بحاجة إلى تفريغ ما لديهم من أفكار وهموم. بحاجة إلى الكلام بصدق مع شخص لا يضرهم ولايحكم عليهم. بحاجة إلى أي بصيص من الأمل وأي أمر جديد يرفه عنهم ويبعدهم عن الروتين الموجود في حياتهم اليومية».
وأشارت أم محمد إلى أن الفنجان تظهر فيه رسوم وعلامات مختلفة كالرسوم الهندسية الدقيقة أو العبارات الفرعونية، وفي كثير من الأحيان تظهر أسماء واضحة مكتوبة لها علاقة بصاحب الفنجان ولكن كل بصارة تقرأها بطريقة مختلفة. «أمسك أي خط يظهر في الفنجان وأمشي عليه وأبدأ بسؤال صاحبه هل ما أقول صحيح أم لا. عندما يكون صحيحاً، وعندما أجد تفاعلاً مع الشخص الذي أمامي أستطيع أن أغوص أكثر في الفنجان وأرى أشياء أكثر وضوحاً».
وذكرت أن الكثيرات من البصارات يتاجرن بهذا العمل ولايحكمن ضمائرهن فيخربن البيوت ويفتعلن المشاكل بين الناس. لذلك تنصح جميع من يطلبها للقراءة أن يقرأ كتسلية وللترفيه عن النفس ولايصدق ما يظهر. «دائماً أقول لا تصدقوا ما يظهر في الفنجان واعتبروه تسلية، فلقد كذب المنجمون ولوصدقوا».
وتعرضت أم محمد لبعض المشاكل خاصة من الأشخاص الذين يعتمدون على القراءة في كل أمور حياتهم، إذ يمكن أن يعودوا إليها ويهاجموها بأنها كاذبة ودجالة ولكنها لا تكترث ولا تعطي الموضوع أهمية وتؤكد في كل جلسة قراءة على أهمية التعامل مع القراءة من باب التسلية فقط. وتتذكر أحد المواقف المتعبة والطريفة كما قالت: «في إحدى المرات كنت أقرأ لسيدة تؤمن كثيراً بقراءة الفنجان وتتخذ الكثير من القرارات بناءً عليها. أخبرتها أنها ستسمع خبر وصال بعد نقطتين. مر يومان وإتصلت بي لتنهال علي بالسبّ وتنعتني بالدجل والكذب. بعد أسبوعين عاودت الإتصال وقالت إن الوصال تمّ، فالنقطتان عنتا أسبوعين... تصادفني حالات كثيرة كهذه فالنقطة يمكن أن تعني ساعة أو يوماً أو شهراً أو سنة. وكل شخص يفهمها كما يريد، وأنا أقول ما أرى ولكن الله أعلم».  
وبيّنت أم محمد أن أغلب زبائنها من النساء ومن مختلف الشرائح، فتجد الغني والفقير يقصدها طالباً القراءة. ومؤخراً بدأ الرجال يقبلون على قراءة الفنجان. وأوضحت أن الأسباب التي تدفع المرأة والرجل إلى القراءة تختلف تماماً، فالمرأة تقرأ لتسأل عن مشاعرها وعلاقاتها العاطفية وأمورها الشخصية، أما الرجل فيقرأ للسؤال عن عمله وأسراره وخباياه.
وتتلقى أم محمد أكثر من 10 إتصالات يومية من راغبات وراغبين في قراءة الفنجان ولكنها لاتستطيع أن تقبل بهم جميعاً. ويختلف سعر الفنجان من شخص إلى آخر لأنها تهتمّ كثيراً بالمحتاجين الذين لايستطيعون دفع تكاليف الفنجان فيتفاوت السعر بين 100 و200 ريال للفنجان الواحد. وأشارت إلى أنها عادة لاتستقبل أي شخص في بيتها بل تذهب للراغبين في القراءة وتتعامل مع الأمر بحرص شديد خوفاً من وقوعها في مشاكل». لو كنت في بلد آخر لتمكنت من القراءة في أي مكان حتى لو في مقهى عام في الشارع، ولكن الأمر مخيف جداً في السعودية نظراً إلى حرمانية العمل، لذا أحرص على إنتقاء زبائني والتأكّد من الزبون ومن دله عليّ قبل الذهاب إليه. ومع ذلك أنا أوكلت أمري لله وليس لي أي أعداء لأخاف، والستر من عند الله».
وذكرت أم محمد أن كثيراً من الناس يسألون عن السحر والشعوذة والأعمال في ما يخص الأمور العاطفية تحديداً كأن تطلب سيدة عمل سحر لرجل ليترك زوجته ويتزوجها، أو أن يقع رجل معين في حبها... «الناس لديهم إستعداد كبير للغوص في أمور الأعمال والسحر ولديهم القابلية التامة لتصديق هذه الأمور، ويمكنني أن أجني أموالاً طائلة إذا خضت هذا المجال ولكني لا أعرف هذه الصنعة ولاأريد مالاً من خلالها لأنها حرام كبير».

زفت لإحداهن خبر زواج وللثانية معلومات عن سيارة أخيها
تقول سوسن (32عاماً وأم لطفلين) إنها تقرأ الفنجان للتسلية ورغبة منها في معرفة أمور معينة. «بعض القارئات يكنّ متمكنات ويعرفن الكثير من التفاصيل التي تظهر أمامهن في الفنجان في شكل رسوم واضحة. ولقد وصفت لي إحداهن رجلاً متزوجاً متقدّماً لخطبتي وأعطتني الحرف الأول من إسم إبنه. فأي صدفة ستمكّنها أن تعرف أن هناك رجلاً متزوجاً له ولد إسمه فلان ويرغب في الزواج مني؟ أمور كهذه تحدث. لا أستطيع أن أفسر هذه القدرة ولكني أعتقد أنها تظهر من خلال الرسوم في الفنجان».
هناك أسباب لا يمكن تحديدها بدقة تدفع إلى قراءة الفنجان أو الودع أو سواهما من الأمور. هذا ما  أكدته دلال (34 عاما) مؤكدة أن قراءة الفنجان تعتمد على خبرة واسعة وسرعة بديهة، إضافة إلى معرفة بعض الرسوم والرموز العامة التي يتعارف عليها الناس. «كثيراً ما أقرأ الفنجان إذا توافرت الفرصة، ولكني لا أصدق أن القارئات يتمتّعن بقدرات خارقة أو يتمكّن من قراءة المستقبل. أعتقد أنهن يستطعن أن يقرأن حالة الشخص الحالية وما يسيطر على تفكيره. وما نحصل عليه من معلومات محددة يبدأ بالسؤال من طرف القارئة، وإن لم تتجاوب معها صاحبة الفنجان وتعطيها معلومات يمكن أن تبني عليها قصصاً، فلن تتمكن من متابعة القراءة». ولفتت إلى أن أكثر ما يحيّرها هي الأسماء التي تظهر والتي تكون لها علاقة مباشرة بأشخاص حقيقيين في حياة الإنسان.
«كنت أقرأ الفنجان وظهر لي إسم أحمد، وسألتني القارئة عنه قائلة إنه حزين بسبب موضوع يخص سيارة. كان الموضوع مفاجأة من دقة ما قالت لأني بالفعل لي أخ إسمه أحمد وكان يرغب في سيارة. تحدث مثل هذه الأمور، ولكن لا أعرف مدى صحتها».
وترفض إيمان قراءة الفنجان تماماً وتعتقد أنها من الأمور المحرّمة، ومع ذلك بعد تعرّضها لتجربة طلاق إندفعت مع صديقاتها وقرأت الفنجان... «إجتمعت مع صديقاتي وقالت لي المرأة التركية التي قرأت الفنجان أني محتارة بين رجل أبيض ورجل أسمر، وكان الأمر حقيقياً». وقالت أيضاً اني لن أتمكن من الإستقرار مع رجل في حياتي. أصبت بالخوف والرعب وقررت أن لا أعيد التجربة وداومت على قراءة سورة البقرة».
أما ليلى الزوجة والموظفة والأم فتقول إنها قرأت الفنجان مرة واحدة في حياتها حين كانت تعاني مشاكل عائلية وزوجية جعلتها ترغب في الحصول على أي معلومة علّها تساعدها في التغلّب على حيرتها. «كنت أشك في أمر ما يخص زوجي وكنت ودّ التأكّد من كونه متزوجاً من أخرى أم لا. كثيراً ما سمعت عن أشخاص يقرأون الفنجان، ففكرت أني قد أجد إجابات على تساؤلاتي. أعتقد أن المشكلة وقلقي تجاه حياتي بشكل عام هما ما دفعاني إلى القراءة. ولكن بعد تفكير إكتشفت أن القراءة لم تساعدني وأن قارئة الفنجان لم تعرف حقيقة ما أمرّ به وإنما بنت كلامها على شكلي الخارجي وشخصيتي العامة».

القلق والفراغ يدفعان إلى قراءة الفنجان
قال الدكتور موفق العيـثان إستشاري علم النفس العيادي والعصبي إن رغبة الانسان في معرفة الغيب وتعلّقه النفسي بالغيبيات ليسا بأمر جديد ولا ترفاً أيضاً. ومع المشاكل التي تحملها الأيام والسنون والدهور التي يمرّ بها الانسان، رجالاً ونساءً، يريد الفرد أن يجد تفسيراً ودعماً لما يمرّ به. «ومن نقاط التفسير التي يسعى إليها الإنسان هي لماذا يحصل لي هذا أو لماذا لم يحصل ما أريده. التغيير بين هروب من المكروه ورغبة للمطلوب، ثم أن الإنسان ليس بطبعه عقلانياً ويميل إلى التفسير الأسهل نفسياً ولا يحبّ الأفكار الصعبة. لذا من الأسهل له أن يجد الجواب الشافي التفسيري السهل من قراءة الطالع أو الفنجان».
وعن أسباب لجوء النساء خصيصاً إلى البصارات والعرافات أوضح العيثان أن ضغوط الحياة والفراغ والقلق من العوامل التي تدفع بالنساء إلى قراءة الطالع والتعلّق بالغيبيات، خاصة أن القلق والإكتئاب يرتفعان بين النساء أكثر من الرجال. وأضاف أن الثقافة الإجتماعية في كثير من الأحيان تضع مستقبل المرأة في يد الرجل. فالغيب حالة طبيعية تعيشها المرأة يومياً، وهذه حالة نفسية مؤلمة لأنها لا تعرف متى ومن أين ستأتيها المشكلة. وعدم معرفة الخطر الآتي يزيد القلق ومع القلق يقلّ التفكير العقلاني. وأكد أن هذه الأسباب هي التي تدفع بالناس إلى اللجوء للسلوك شبه العشوائي من أجل التقليل من القلق والرغبة في العودة الى مستوى التوازن النفسي والفسيولوجي والجسدي. وفسر تعلّق بعض الناس بما يقرأه الفنجان أو غيره وهم على بيّنة من عدم الصدق الكامل يعود إلى رغبة وحب الناس العيش في حالة أوهام تخديرية ليتغلبوا على آلام الحاضر أو قلق الحاضر والمستقبل. فإنتشار الظاهرة دليل على بيولوجية القلق النفسي والتفكير غير المنطقي الذي يتبع القلق النفسي عند الإنسان. 
ونفى العيثان تماماً إمكان قراءة المستقبل أو إحتمال حدوثها. «من الأسباب التي تؤيد إعتقاد الناس بمصداقية الفنجان وغيره ما يعود إلى نظرية الإحتمالات التي نأخذ منها ما نريد أن نسمع ونهمل الأمور الأخرى التي لا تنطبق علينا. ومن هنا يأتي الإعتقاد بالأفراد الذين يقرأون الحظ».
وأشار إلى أن علم الباراسيكولوجي لم يقدّم إجابة علمية واحدة دقيقة يتّفق عليها علماء النفس حتى الآن.
وأكد إستشاري علم النفس الدكتور سعد الخطيب أن البصارات وقارئات الطالع والفنجان لديهن سرعة بديهة وذكاء بما تمكّنهن من قراءة إحتياجات الشخص الذي يطلب منهم القراءة، فيتحدثن بكلام عام قد يصيب وقد يخطئ. وأشار إلى أن ميل الناس لتصديق هذه الأمور يرجع إلى ما هو معروف في علم النفس ببارنوم إيفيكت BARNUM EFFECT وهو ميل بعض الأشخاص إلى قبول وصف ومعلومات عامة وغامضة عن أنفسهم وتصديقها، كما في قراءة الأبراج والحظ والطالع والفنجان وغيرها من الأمور.
ويتّفق الخطيب مع العيثان في إعتبار القلق من المسبّبات الأساسية التي تدفع الناس لمعرفة الغيب وقراءة المستقبل عن طريق الفنجان أو غيره، إضافة إلى الوازع الديني وقوته وثقافة الشخص وخلفيته الإجتماعية.
ويشير أيضاً إلى أن علم النفس لم يفسر حتى الآن قدرات هؤلاء الأشخاص وحتى الباراسيكولوجي لم يصل إلى براهين علمية لتمتّع بعض الناس بالظواهر الخارقة. «على سبيل المثال يصاب الرجل بآلام في بطنه وتقلّصات عند ولادة زوجته التي تضع مولودها في بلد آخر. ماهو الإتصال بينهما؟ لا أحد يستطيع أن يفسّر ذلك حتى الآن، ولكنه يُعرف بكوفات سيندروم COVAT SYNDROME وكل هذه الأمور وغيرها من الأمثلة تدخل في الباراسيكولوجي ولا تفسير لها حتى الآن».

معاني الرموز
تختلف الرموز ومعانيها من بصارة إلى أخرى ولكل شخص طريقته التي تعتمد على ثقافته وخلفيته في تفسير هذه الرموز وفك رسوم الفنجان وطلاسمه. ولكن غالباً ما يدلّ السمك على المال والجمل يعني الصبر أو الخير. الثعبان يكون للرجل العدو والعقرب للمرأة. السلام يرجع إلى رمز الحمام والصقر، والراية أو العلم يدلان على النصر.
يقال أيضاً إن الأرقام تبشّر بوجود مال قريب والثعبان يدلّ على الأعداء، أما رسوم الطيور والعصافير فتدلّ على الخير الكبير. الخاتم يعني الزواج والقلب يشير إلى الحب، فيما تشير الأفاعي والسلاحف والفئران والقطط بالشر والخيانة. الخطوط تعني سكة سفر أو طريقاً سيسلكه الإنسان والنقطة تعني وقتاً محدداً، إما ساعة أو يوماً أو شهراً أو سنة.
وتعد قراءة الفنجان من طرق قراءة الطالع التي عرفت عند كثير من الشعوب القديمة التي لا تعتمد على دراسة علمية، ويقال انها عادة تركية قديمة كان يمارسها الأتراك في المعابد.