العنف الأسري بشهادات حيّة من مصر ولبنان

مشكلة / مشاكل إجتماعية, القانون والمرأة, حقوق المرأة, ذكرى سنوية, هموم المرأة, مشكلة / مشاكل نفسية, مشكلة / مشاكل الزواج, عنف ضدّ المرأة, مساواة الرجل والمرأة, المرأة العربية / نساء عربيات, حماية المرأة, عنف أسري, منظمة كفى عنف واستغلال, رانيا الباز,

28 أغسطس 2009

العنف ضدّ المرأة في شهادات حيَّة من مصر ولبنان تُظهر لنا صُوراً من العنف الذي لايزال يمارسه الرجال على النساء


جسمي يصرخ من كثرة الضرب

مركز النديم في القاهرة هو أحد المراكز الاجتماعية التي تهتمّ بقضية العنف ضد المرأة والملفات الموجودة داخل المركز تحمل حكايات عدة لنساء كن ضحايا العنف الأسري،  من بين هذه الحكايات حكاية سناء التي تزوجت بعد فترة خطوبة لمدة 3 سنوات، ورغم أن خطيبها ضربها مرتين أثناء الخطوبة إلا أنها لم تتردّد في الزواج منه والتمست له الأعذار وقتها، لتندم بعد الزواج بثلاث سنوات وبعدما أصبحت أم لابنة عمرها عامان، وتقول سناء في الملف الخاص بها داخل مركز النديم: زاد ضرب زوجي لي بعد الزواج، ويقول لي دائماً «أنت مثل أمك لا ينفع معك غير الضرب».
وأنا لا أريد أن تحيا ابنتي طفولتي البائسة من جديد، بابا كان يضرب ماما وكنت أظل أرتعش طوال الليل، وتحملت أمي تلك القسوة لتربينا نحن 4 أخوات بنات، ولكن أبي في النهاية ترك المنزل ولا نعرف له طريقاً وتحملت أمي مشقة إعالتنا من بعده. وأنا مصرة على الطلاق لا أريد أن يكون مصيري هو نفس مصير أمي،  فكل مكان في جسمي يصرخ من كثرة الضرب.


زوجة بلا مأوى

أما ليلى 46 عاماً متزوجة منذ 20 سنة، لديها ولدان في التعليم الجامعي، تحتمل الحياة مع زوجها لأن بيت الزوجية هو مأواها الوحيد في الدنيا، تقول: متزوجة منذ 20 عاماً لم أر فيها شيئاً حسناً إلا ولديّ، لكن ليتهما ظلاَّ طبيعيين، فابني الكبير أصبح عصبياً جداً وتصرفاته غريبة يكسّر في البيت ويصرخ في وجهي، ربما تكون إهانة أبيه له هي التي دفعته لهذا السلوك العدواني.


ضربني لأقبل خيانته

هناء 29 عاماً، تروي حكايتها قائلة: تزوجت عن حب وأنجبت ولداً هو الآن في الصف الرابع الابتدائي، وبنت في الصف الثاني الابتدائي، كان زوجي يضربني وأنا حامل في ابني الأول وضغط عليّ حتى أترك عملي.
وتتابع: إنه يعرف غيري كثيرات، ويرغمني على الذهاب إلى أمي أو إحدى أخواتي ليأتي بهن إلى المنزل، وعندما أعود أكتشف خيانته الواضحة مثل الشمس، وإذا واجهته يضربني، آخر مرة رفع عليّ السكين وقطع خرطوم البوتاجاز وكان يريد أن يشعل النيران فيّ أنا والأولاد، فررت إلى الجيران لأتصل بالنجدة لكنها تأخرت ولم تصل إلا بعد أن استطاع الجيران فض الموضوع.
وتتابع: أهلي يقولون لي إن الصبر مفتاح الفرج، ولدي أختان مطلقتان، أنا لا أريد الطلاق ولكني أريد حياة عادلة لأربّي أولادي.


من نيران الأخ إلى جحيم الزوج

أما خديجة 32 عاماً، فتزوجت لتهرب من تعذيب أخيها، تقول: قبلت بأول عريس يدق الباب لينتشلني مما كنت فيه، فقد مات أبي وعمري 15 سنة، وأمي امرأة كبيرة في السن، لم أستطع أن أكمل تعليمي بعد وفاة أبي واكتفيت بالإعدادية، وعمل أخي لينفق علينا ولكنه في الحقيقة كان ينفق نصف دخله على الخمر ويعود آخر الليل سكراناً ليقوم بضربي، كنت أقاوم ولكن أحياناً كانت تنهار مقاومتي، وبالتالي فرحت بأول عريس يدق الباب ليخلصني من كابوس أخي،  لكنني اكتشفت أن زوجي نسخة أخرى من أخي فماذا أفعل؟


كانوا يضربونني ويحرقونني للتنازل عن الميراث

وداخل قرية الأمل التي تحتضن الكثيرات من ضحايا العنف أيضاً التقينا شيماء صاحبة إحدى القصص الغريبة، تبدأ قصتها قائلة: تركت منزلي في مدينة أسوان، لأن وفاة أمي أصابتني بعقدة نفسية، وأعمامي كانوا يضربونني ويحرقونني ليجبروني على التنازل عن ميراث أمي ولكني لم أوافق مطلقاً، فقرّرت أن أتركهم وأسافر إلى القاهرة، وكان الشارع هو ملاذي الوحيد لمدة 9 سنوات. فكنت أبيع الورد على الكورنيش، ظللت على هذا الحال إلى أن تعرّفت على زوجي وتزوجنا عرفاً على وعد بالزواج الرسمي عندما تتحسّن أحواله، فهو كان يعمل في محل والده، ولكنه سريعاً ما سُجن بسبب تعاطيه للمخدرات، ومثلما كان الشارع بيتي كان هو أيضاً المستشفى التي وضعت فيها ابنتي، بعدها عرفت أن «قرية الأمل» تساعد الأمهات الصغيرات فتوجهت إليها، خصوصاً أن زوجي رفض الاعتراف بالبنت وبعد محاولات عدة من الاختصاصيين النفسيين والاجتماعيين، تم عقد قراني عليه واستخراج شهادة ميلاد للبنت، وقتها اعتقدت أن الدنيا ابتسمت لي أخيراً إلا أنه رفض أن ينصلح حاله، فهو عاطل لا يريد الخروج إلى العمل يضربني باستمرار ويسبني، وحتى البنت الصغيرة لم تسلم من ضربه.


حوَّل بيتنا إلى سجن ومكان للتعذيب

ظنت ملاك، أنها ستسعد بزواجها من رجل ميسور مادياً. رفضتها عائلة الزوج في البداية، فكانت تتغاضى عن ذلك ظناً منها أنها ستكون تحت حماية زوجها. تقول ملاك: «بدأت أتعرّض للضرب على يد زوجي منذ المراحل الأولى من زواجنا، فكان يمسك برأسي وشعري ويضربني بالحائط. ثم تعدّى ذلك إلى عزلي داخل البيت، فصار البيت شبيهاً بالمعتقل، وقطع عني أي إتصال بأهلي الذين يسكنون بعيداً عني». طلبت الطلاق أكثر من مرة إلى أن أذعن الزوج فطلقها شفهياً، ولما كان هذا النوع من الطلاق يستدعي إثباته في المحكمة الشرعية التي ينتمي إليها الزوج، كان عليها أن تتوجه إلى تلك المحكمة بعد أن إنتقلت للعيش مع أهلها تاركة بيت زوجها. تشرح ملاك معاناتها الطويلة التي لا تزال مستمرة مع المحكمة الشرعية فتقول: «لا يطلق القاضي غيابياً، يجب إرسال تبليغ إلى الزوج ليحضر كي يلفظ أمام القاضي بالطلاق، وإلاّ فلا طلاق.
وقد أرسلت المحكمة التبليغ إلى الزوج الذي رفض إستلام التبليغ بحيلة منه إذ ادّعى أنه شخص آخر، وبالتالي فقد ذهبت إلى المحكمة ولم يحضر. فكان عليّ أن أنتظر خمسة أشهر أخرى كي يثبت طلاقي».

كل تحرك تجاه الزوج داخل المحكمة يحتاج إلى رفع دعوى إلى القضاة، فبعد أن أثبتت طلاقها، كان عليها أن تتحرك باتجاه المطالبة بنفقة إبنها، تقول: «بعد دعوى النفقة، أقرّ لي القاضي 150 ألف ليرة لبنانية (مئة دولار) شهرياً كنفقة لإبني وقال لي أنها نفقة جيدة مع أنها غير كافية، لا سيما وأن الطفل يعاني من مشاكل نفسية تقتضي زيارة اختصاصيين يتابعون حالته، لكن النفقة تنظر إلى المأكل والملبس والمسكن». وقد أردت إثبات أن الزوج ميسور مادياً لتزيد المحكمة النفقة، فطلب مني القاضي أن أحصل بنفسي على الإثباتات التي تفيد ذلك، وفعلاً توجهت إلى الإدارات الرسمية لأثبت ملكيته لعقارات ومحال وشركة، فحكم القاضي بمبلغ ثلاثمئة ألف ليرة كنفقة شهرية، لكن الزوج الذي لا يريد أن يدفع إستأنف الحكم، وفي الجلسة قال شفهياً أنه «غير قادر على دفع هذا المبلغ» دون أي إثبات عندها غيّر القاضي حكمه وخفض النفقة إلى مئتي ألف».
جنّ جنوني واضطررت إلى مواجهة رئيس المحكمة الشرعية، فقلت له: «إذا كان لديكم تسعيرة فلماذا تعذبونني هذا العذاب كلّه. ثم كيف يمكن للرجل بكلمتين أن ينقض كل تلك الأوراق الرسمية الصادرة عن الدوائر؟ تحت أي عنوان ينزل تخفيضكم لنفقة الطفل، هل هو قانوني أم شرعي؟ أعطني مبرراً واحداً لذلك. فكان جوابه: أعيدي رفع دعوى جديدة بزيادة النفقة! على الرغم من أن ردة فعل الوالد تجاه ولده كانت سيئة جداً، إذ حرمه من حياة أفضل، إلاّ أنه لم يقف عند هذا الحدّ فهو كلما أخذه إلى البيت ليراه كل يوم أحد يقع الطفل تحت تهديدات الوالد، من تخويف وضرب وتهديد،وعندما عرف أن إبنه يعالج نفسياً، صار الرجل أكثر تهديداً وتسلّطاً على الطفل. تضيف ملاك: «في المحاكم يلزمونني بالأتيان بإثباتات في كل مرة، فآتي بها وهم يقولون أن الطفل قاصر ولا يعترفون بأقواله. أما عندما أبلغهم أن إبني تعرّض للأذى كالضرب على يد والده»، فيقولون: «هذا أبوه معليش».


فارس الأحلام وحش كاسر

نوال «كأي فتاة تحلم بفستانها الأبيض وباقة أزهار ترمز إلى حياة جميلة وفارس أحلام ينقلها من عالم الوحدة إلى عالم الخيال.. هكذا حلمت ولكن حلمي تحول إلى كابوس مريع وفارسي تحول إلى وحش كاسر». وقد بدأت معاناة هذه السيدة منذ إقترانها حيث بدأ بخيانتها مع نساء أخريات وأحياناً كثيرة كان يحضرهن إلى منزله الزوجي، وعندما رزقت بإبنتها الأولى إنهال عليها ضرباً لرغبته بإنجاب صبي يحمل إسمه وكان يرغمها على الحمل رغم أن حالتها الصحية لا تسمح بذلك، فرزقت بالفتاة تلو الأخرى حتى رزقت بصبي، عندها شفي غروره.
لكن ذلك لم يمنعه من ممارسة عنفه الإقتصادي على أولاده، فكان ينفق على بنات الهوى تاركاً أطفاله يبكون من الجوع والمرض والأم تعمل جاهدة للمحافظة على تماسك أسرتها. حاولت مراراً أن تشتكي عليه لكنها كانت تلقى الإهانة منه، إذ يعود إلى المنزل والشر يقدح من عينيه فينهال عليها ضرباً، على رأسها وعلى صدرها ويشبعها إهانة وشتماً». وتختم السيدة حديثها بالقول: «لا أدري ما ستؤول إليه نهايتي.. ولا أدري مصير أولادي ومصيري مع رجل هدفه فقط تعذيبي وأن همي الوحيد أولادي وأنا على إستعداد لأن أكون لهم الأم والأب في آن واحد.. كي أعوّضهم عن كل شيء.. ولكن من يحميني؟ وكيف أحصل على حقي؟


ضحايا العنف من المشاهير

  • عام 2003، قتلت المطربة التونسية ذكرى بعد أن أطلق عليها زوجها رجل الأعمال المصري أيمن السويدي 21 رصاصة في رأسها وصدرها من رشاش آلي، كما أقدم على قتل ضيفيها في صبيحة يوم الجريمة وهما مدير أعمالها عمر خيري وزوجته خديجة ثم إنتحر في حي الزمالك في القاهرة، تاركاً لغزاً محيراً حول سبب تفجير الموقف لكن ما تم التوصل إليه في التحقيق أن القاتل لم يقترف جريمته تحت تأثير الكحول.
  • عام 2004، أقدم زوج العارضة اللبنانية كارين حتي مصطفى بري على ضرب زوجته بشراسة حتى أفقدها وعيها في أسبانيا ثم وضعها في مغطس الإستحمام تحت ماء مغلي ما تسبب في تشويه وجهها وترك حروق بليغة في جسمها. وقد أصدرت محكمة التمييز الجزائية  اللبنانية برئاسة القاضي عفيف شمس الدين حكمها النهائي في قضية حتي بسجن الزوج 8 سنوات وإلزامه تعويض 500 مليون ليرة للمدعية مداناً بجرم الإيذاء الجسدي لا القتل.
  • عام 2004، تعرّضت المذيعة السعودية رانيا الباز للضرب المبرح من قبل زوجها المغني السعودي محمد بكر آل يونس حتى فقدت وعيها. وقد وجدت الباز نفسها في إحدى مستشفيات جدة وفي وجهها كسور بدلت ملامح وجهها الذي قامت بعمليات ترميمية عدة لإستعادة ما خسرته. يذكر أن الباز كانت قد تزوجت سابقاً كما أنها الزوجة الثالثة ليونس. وقد أفرج عن الزوج بعد إسقاط الدعوى عليه التي أقامتها المستشفى. يذكر أن هذه الحادثة أثارت الرأي العام العالمي وقد إستقبلت الزوجة المعنفة الإعلامية الأميركية أوبرا وينفري.