تحميل المجلة الاكترونية عدد 1075

بحث

تبادل الزوجات

ظهرت علامات الاشمئزاز على وجه العميد عمر عبد العال مدير مباحث الآداب في محافظة الجيزة وهو يستمع لاعترافات أعضاء جمعية تبادل الأزواج، أقوالهم لم تكن في حاجة إلى تعليق، الأزواج من الصعب أن تطلق عليهم كلمة رجال، والنساء تفوقن على الشيطان في أفعاله السيئة. لم ينكر مؤسس الجمعية «طلبة» الموظف بالمعاش التهمة، ولا زوجته «سلوى»، ولكنهما بررا ما حدث بأنها كانت مجرد تجربة هدفها التسلية وتمضية الوقت، ولم يتخيل أحد أن تنقلب إلى كابوس مريع، كانت أحداثه في البداية متعة للموظف الذي تمتع بأكثر من زوجة تحت سمع وبصر أزواجهن، وحصل في الوقت نفسه على آلاف الدولارات شهرياً من شخص يهودي يدعي «سمروح» قام بتشجيع طلبة على الاستمرار في جمعيته التي استقبلت أكثر من 44 طلب عضوية. لكن المتعة انقلبت إلى كابوس وفضيحة مدوية حينما أقام رجال المباحث كميناً لطلبة وزوجته سقطا فيه. القضية لم تكن عادية، أوراقها كانت شديدة الإثارة، وأحداثها بدأت منذ ثلاث سنوات سراً على موقع الإنترنت، وتحولت الشبكة العنكبوتية الى ملتقى للخارجين على القانون والأعراف الاجتماعية.

في لحظة ظن طلبة أن جريمته لن يكشفها أحد، بل ظن أنه ليس هناك جريمة من الأساس، لأن الأزواج يتبادلون الزوجات بإرادتهم في منزل الموظف بالمعاش الذي كان شديد السعادة بهذه الحفلات التي يباركها الشيطان الذي لم يتوقع أن هناك من بني البشر من تفوّق عليه في شروره.كل الأزواج أكدوا أنهم أصابهم الملل من معاشرة زوجاتهم بعد عدة سنوات من الزواج، وأصبحت الإثارة لا تأتي إلا إذا شاهدوا زوجاتهم في أحضان آخرين، الكلام نفسه أيدته الزوجات. وتؤكد اعترافات طلبة أنه أنشأ موقعاً على الانترنت تحول إلى ملتقى لهؤلاء الأزواج. البداية حينما تفوّق الملل على طلبة الذي أحيل للمعاش فوجد نفسه بلا عمل، الضجر يكسو ملامحه بشكل مستمر. ضاق بكل شيء حوله حتى زوجته، فلم يعد يشعر نحوها بأية مشاعر.. اشترى جهاز كمبيوتر وتعلم تصفح مواقع الشبكة العنكبوتية.. وتدرب على الشات، ولم يكن يعلم أنه يدلف بقدميه أولى الخطوات في طريق الشيطان.

زوج مع إيقاف التنفيذ

وقعت عينا طلبة على موقع اليهودي «سمروح» الذي شرح فيه فكرة تبادل الأزواج، وراقت الفكرة لطلبة الذي لم ينم ليلتها وبات يحلم بها، وفجراً قرر أن يراسل سمروح ويقترح عليه فكرة إنشاء جمعية لتبادل الزوجات، ولم يتوقع طلبة هذا الترحاب الذي قابل به سمروح هذه الفكرة. رحّب سمروح بفكرة إنشاء جمعية لتبادل الزوجات، وعرض على طلبة مساعدته مادياً، لكن الموظف كان اشترى موقعاً على شبكة الإنترنت بإيجار سنوي ثلاثة آلاف جنيه إسترليني وبدأ بالفعل يعلن جمعيته ويبث أفكارها. أرسل سمروح رسالة إلى طلبة أخبره أنه سيدعمه مادياً بثلاثة آلاف دولار سيضعها في حسابه في البنك، وقرر سمروح اليهودي أيضاً أن يعفي الموظف المصري من مصاريف استئجار الموقع، وبث إعلانات كثيرة عن هذه الفكرة غير المسبوقة. وجد طلبة كل شيء سهلاً ومتاحاً، وزوجته نفسها رحبت بالفكرة بعد أن شاهدت حماس زوجها، أكدت لنفسها أن حياتها الزوجية ستظل مستمرة بعد تجديدها بهذه الطريقة وبعد أن أصبح زوجها لا يمثّل لها أي إثارة. وضع طلبة شروطاً للانضمام الى عضوية الجمعية، ومنها أن يكون الأزواج مرتبطين بعقد رسمي وليس عرفياً وذلك لضمان سرية ما يحدث في أوكار الجمعية... واشترط الموظف أيضاً وجود مقابلة تعارف بين الأزواج في أحد مقاهي شارع جامعة الدول العربية، هذه المقابلة كانت أشبه بمرحلة الاتفاق على التفاصيل. أطلق طلبة على نفسه اسماً حركياً «مجدي» وأطلقت زوجته على نفسها اسماً حركياً «سميرة» وتبادل أعضاء الجماعة رسائل مستمرة فيها اتفاق على مواعيد حفلات البغاء الجماعي، وتوافد العشرات للاشتراك في جمعية السيد طلبة، ووصل عدد الأعضاء خلال عام واحد إلى 44 عضواً. لم يكن الموظف يتقاضى من الأعضاء أية مصاريف، لكنه في الوقت نفسه كان يستفيد بالمتعة التي تتحقق بالمقابلات الجماعية، ومنها كل شيء مباح، فلا يمكن أن يتخيل أحد أن هذه الحفلات التي يتم تصويرها تحدث في مصر، وفكرة تصوير الحفلات أراد بها طلبة أن يعطي لكل زوج نسخة من الاسطوانة المدمجة عليها مشاهد المتعة بينه وبين زوجات الآخرين.

والبداية مع أجهزة الأمن كانت معلومة مثيرة تلقاها العميد عمر عبد العال مدير مباحث الآداب في الجيزة عن نشاط الجمعية.. وتم تكليف المقدم محمود فراج باصطياد المتهم، سارع ضابط مباحث الآداب بإرسال بريد الكتروني يطلب فيه الانضمام للجمعية، وأرسل الضابط صورته وصورة احدى المرشدات، ونجح في أول اختبار فأرسل له طلبة يطلب منه إحضار أوراقه الشخصية وهي عبارة عن عقد زواجه وصورة بطاقته ليلتقيه مع سميرة في أحد مقاهي شارع جامعة الدول العربية.
سجل ضابط مباحث الآداب هذه المحادثات.. وحصل على إذن من النيابة بتسجيل أحداث اللقاء قبل القبض على طلبة وزوجته، وخلال المقابلة أباح المتهم بكل تفاصيل الجمعية، ولم يمانع أن يقدم سميرة للضابط المتنكر في مقابل الحصول على زوجته ليمارس معها الفحشاء. كشف ضابط مباحث الآداب عن شخصيته.. وألقى القبض على طلبة الذي كان في حالة ذهول، واقتاده وزوجته إلى مديرية الأمن، وطوال الطريق كان طلبة يردد «لماذا تلقي القبض علي.. لم أفعل شيئاً يستحق السجن، كل شيء كان بموافقة جميع الأطراف المشاركة في الجمعية».
أمام النيابة توالت الاعترافات المثيرة، أكد المتهم أن هناك إقبالاً شديداً على الاشتراك في هذه الجمعيات من عشرات الأزواج، لكنه رفض اشتراك أكثر من ستة أشخاص لرسوبهم وزوجاتهم في كشف الهيئة على حد تعبيره.
أكد المتهم بغرابة أنه لم يكن يبحث عن الفحشاء والدليل هو كم الإجراءات التي يتخذها حتى يتحقق من شخصية المشاركين في هذه الجمعية مع التزام السرية في هذه العلاقات، ولهذا السبب لا يقبل المتزوجين عرفياً.
وأكد طلبة أن زوجته فعلت كل شيء بموافقتها، وأنه أقام عشرات الحفلات في شقق عدة في القاهرة والجيزة، وغادر جميع الأزواج المكان وهم سعداء، وطالبوا باستمرار هذه الجلسات في وقت قريب. المثير أن المتهم أكد أنهم يقومون بتحرير وثائق زواج عرفي لكل اثنين يمارسان الفحشاء معاً وذلك هرباً من المسؤولية الجنائية في حالة مداهمة الشرطة للأوكار التي يستخدمها أعضاء الجمعية في حفلاتهم. وقالت المتهمة إنها تحب الاستمرار في هذه الجمعية، فالتغيير مهم جداً حتى لا يهاجم الملل الحياة الزوجية ويصبح الانفصال هو السبيل الوحيد. أنهى المتهمان اعترافاتهما، وتمكنت المباحث من ضبط متهمين آخرين اشتركوا مع طلبة وزوجته.. وقررت النيابة حبس الجميع بتهمة ممارسة الفحشاء.

 فراغ تشريعي
يقول الدكتور أحمد سعد استاذ القانون العام: «لم يتطرق الى ذهن المشرع أن هناك نوعية كهذه من الجرائم ستوجد في المجتمع بعد سنوات، فلم يترجم القانون هذه الجرائم الى نصوص لأنه دائماً يترجم الجرائم الموجودة بالفعل مثل الخيانة الزوجية، البغاء، لا تبادل الأزواج والزوجات.
وحينما ظهرت جريمة سرقة الجثث مثلاً لم يكن المشرع تحدث عن هذه الجريمة فالجثة لا تنطبق عليها مقومات السرقة، وبالنسبة الى جريمة تبادل الزوجات فهي كشفت فراغاً تشريعياً يحتاج إلى إعادة مناقشة لصياغة قوانين جديدة». يكمل الدكتور احمد سعد: «سيتم تكييف هذه الجريمة على أنها تحريض على الفسق، وإعداد وتهيئة مكان للبغاء، وعقوبتها ثلاث سنوات في حدها الأقصى، من المؤكد أن يتم الحكم على المتهم بالحد الاقصى للعقوبة».

يقول الدكتور أحمد عمر هاشم رئيس اللجنة الدينية في البرلمان المصري الرئيس السابق لجامعة الأزهر:
حرّم الاسلام أي صورة من صور الانحلال الأخلاقي سواء بالنظر أو اللمس أو الكلام غير المباح، ويأتي على قمّة المحرّمات الزنا الذي لم يحرّمه الاسلام فقط، بل حرّم كل الأسباب المؤدية إليه من اختلاط بلا ضوابط أو عريّ وكشف للعورات أو كلام محرّم فقال تعالى: «ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا»، وهذا دليل على أن الاسلام لم يحرّم الزنا فقط لكنه أغلق كل الأسباب التي تؤدي إليه عملاً بمبدأ الوقاية خير من العلاج.

وأشار الدكتور أحمد عمر هاشم إلى أن تبادل الزوجات صورة من صور السلوكيات الحيوانية التي انتقلت الى هؤلاء المتهمين عن طريق الانبهار الثقافي الأعمى بالغرب حيث لا يغار الانسان العادي بصرف النظر عن دينه أو لونه على عرضه، فما بالنا بمن يقدم زوجته، أو مَن يفترض أنها زوجته التي يجب أن يحميها ويغار عليها، إلى من ينهشون عرضه ويعتدون عليه؟ وهذا سلوك يتنافى مع الفطرة السوية التي خلق الله الناس عليها.

وأطلق الرسول صلى الله عليه وسلم على من يرضى الفاحشة في عرضه بأنه «الديوث»، وهو الذي يعلم الفاحشة في أهله ويرضى بها، وهؤلاء ملعونون ولا تشملهم أبداً رحمة الله، وأوجب الشرع عليهم حد الرجم لأنهم متزوجون.


مرضى نفسيون

يقول الدكتور عصام عبد العزيز استشاري الطب النفسي:
«هؤلاء جميعاً مرضى، يجمعهم داء الفصام.. فهم يعيشون في مجتمع شرقي بأفكار مجتمع بلا قيود، ولكن أعضاء هذه الجمعية عندهم حب الاستحواذ والتملك لأنهم لا يقنعون بزوجة واحدة، ويتملكهم حب ما في يد الغير، وتنتابهم النشوة مع المتعة الحرام، ولكنهم كلهم فقدوا الإحساس، لأن الزوج منهم قد يعاشر زوجته بعد انتهاء هذه الحفلات، ولا يتناسى الزوج ما حدث من زوجته، بل إنه يسترجعه في بؤرة الشعور كنوع من الإثارة، وأرى أن هؤلاء بالاضافة الى عقابهم القانوني لا بد من عرضهم على طبيب نفسي.

 

المجلة الالكترونية

العدد 1075  |  أيار 2024

المجلة الالكترونية العدد 1075