في انهيار سوق البورصة

الكويت, مشكلة / مشاكل الزواج, الأزمة الإقتصادية, البورصة

10 سبتمبر 2009

أزمة البورصة الأخيرة في الكويت أرخت بظلالها على الكويتيات وعلى البيوت الكويتية. وبسببها تفكّكت أسر ودمّرت بيوت، فكثيرات من النساء المتداولات في البورصة خسرن رؤوس أموالهن وعدن الى الصفر. وحين طلبن النجدة من الأزواج وجدن  الرفض، فثارت ثائرة بعضهن ووصلت الخلافات المادية للطلاق والانفصال...


أم عبد الله قالت: «حين فتح سوق البورصة أبوابه بداية الثمانينات كنت أول المتعاملات وتداولت فيه على الفور بعد نصيحة صديقة لي. وبالفعل حقّقت مبالغ طائلة لم نحلم بها أنا وزوجي، واشتريت منزلاً في الروضة بعدما كنا مستأجرين وأنشأت لزوجي شركة خاصة، فترك العمل الحكومي الذي لايسمن ولايغني من جوع، ومنّ الله عليّ بخير وفير. وأكملت مشواري واشتريت شاليه وكنت أسافر كل عام مع زوجي وأولادي الى أوروبا وأصرف الكثير. ولكن وقعت الأزمة الأخيرة وانهار سوق البورصة فوق رؤوسنا فجأة. وكنت غالباً ما أتعامل بالأجل لأن أرباحه مضاعفة إلا أن خسائره خراب بيوت ودمار ووقع المحظور لأجد نفسي أخسر يوماً بعد يوم. وهنا طلبت العون من زوجي ليمدني بنص مليون وكانت صدمة عمري حين رفض بحجة أنني غرقانة فلماذا يتورّط معي ويغرق؟ وأخبرته أنني مهدّدة بالسجن إذا لم أدفع ما عليّ من مستحقّقات، إلا أنه رفض! واكتشفت حقيقة هذا الرجل الذي صنعت منه رجل أعمال بفلوسي وكبرت ثروته بمالي فإذا به يعزّ عليّ وقت الحاجة. وطلبت الطلاق لأنني اكتشفت أنني مخدوعة فيه... وخسارتي برفيق العمر أكبر من خسارتي للمال الذي يأتي ويذهب. ورب ضارة نافعة كما يقولون، لكن يا خسارة ليس على المال لكن على العمر الذي راح مع زوج نذل!».


المؤشر الأخضر صديقي

د. غنيمة قالت: «لم يمر على المتداولات الكويتيات أيام سوداء مثل هذه الأيام، فقد دُمّرت أسر وتفكّكت عائلات ودبّت الخلافات على المال بين الأزواج والأخوان والأبناء في انهيار لعلاقات كانت متينة. والحديث يدور حول صراع بين إدارة السوق وبعض الشركات المدرجة، ودفع الثمن صغار المستثمرين والمستثمرات. وهنا في سوق البورصة نسمع قصصاً يشيب لها الرأس، فالزوجة التي ترفض مساعدة زوجها يكون عقابها الطلاق ويتصرّف الرجل وكأن مال زوجته حلال ابيه بحجة أنها لم تقف معه. وقد جمعت ثروتي خلال ثلاثين عاماً من العمل التجاري ووضعت إرث والدي فيه. وكان المؤشر الأخضر صديقي حتى أصابتني عين وذهب كل ما أملك مع  ريح البورصة الكويتية».


انهيارات عائلية وضحايا

فاطمة الصالح قالت: «سوق البورصة في أزمته الأخيرة مثل البحر يأكل الكبار الصغار، ولهذا وقعت انهيارات عصبية وارتفعت معدلات الطلاق بسبب خسارة أموال كثيرة. وقد رهن زوج شقيقتي منزله حتى يعوّض خسارته في البورصة لكنه خسر أكثر وأكثر فتمّ الحجز على البيت لبيعه في المزاد العلني. وحين سمعت أختي بالمصيبة أصابتها جلطة في القلب وهي ترقد في المستشفى ولا تريد أن ترى وجه زوجها وطلبت الطلاق بعدما أضاع بيت العمر الذي اقترضت قيمته من البنوك قرضاً بعد قرض، لتجد نفسها الآن في الشارع بسبب زوج ظلّ يضارب في البورصة حتى وصل الحال إلى ما وصل إليه». 


أمراض وتوتّر ومشاكل زوجية

سبيكة م. قالت: «نحن مجموعة من المتداولات في البورصة نجتمع في صالة النساء للتداول مرّتين في الأسبوع، ونعتمد على الوسطاء الذين يقدمون لنا النصيحة. لا أحب المضاربة أو الأجل حتى لا أنهار مالياً، ورغم ذلك لم أنجُ من مشاكل زوجي الذي أجبرني على إعطائه جزءاً من مالي. وبعد فترة قال لي أنه خسره وطلب مبلغاً غيره حتى صار الأمر أشبه بالإبتزاز، وقد أصابتني أمراض كثيرة بسبب حرق الدم المتواصل، منها ارتفاع ضغط الدم والسكري والصداع الدائم وحالات الإغماء المفاجئة التي تصيبني دون سابق إنذار، حتى منعني الطبيب من قيادة السيارة. وقد جاءت الخسائر الأخيرة ليشتعل البيت بالخلافات. ولم يتدهور حال البورصة فقط بل تدهورت حالتي المادية والمعنوية وأعيش الآن منفصلة عنه أنا وأولادي، لعلّني أستطيع إنقاذ صحّتي وعافيتي بعدما حطم معنوياتي. وقد أعوض خسارتي  في سوق البورصة إذا زالت أسباب الانهيار الأخير... وأنتظر أن تستعيد البورصة عافيتها لترتفع أسهمي من جديد وأعوّض خسارتي، لكن متى؟ لا أحد يملك الجواب...


أحلام تبخّرت وأفراح تأجّلت

أم سعود وصديقتها أم صلاح تجلسان أمام الكمبيوتر في صالة التداول النسائية لتراقبا حركة أسهمها وتتبادلا الشكوى والتذمّر. أم صلاح قالت: «كنت أنتظر أرباحاً كبيرة خصوصاً أن أسهمي جميعها إسلامية، لكن حريق البورصة الأخير لم يترك أخضر ولا يابساً إلا التهمه. وكنت قد وعدت إبني بسيارة جديدة وعرس فخم في أفخر الفنادق، لكن مع هذه الخسائر اضطررت لتأجيل كل شيء». أم سعود قالت: «أشعر بالذنب لأنني كنت السبب في أن تخسر صديقتي أم صلاح رأس مالها، فهي أم أيتام وتناضل وحدها والمصاريف كبيرة وطلبات الأبناء لا تنتهي والمسؤولية ثقيلة على ظهرها. لكن ماذا نفعل؟ قدر الله وما شاء فعل، وأنا خاسرة مثل أي متداولة، لكنني أنتظر الفرج قبل انهيار بيتي».