الأحلام بين رأي الشرع و رأي مفسّر الأحلام

توقعات, تفسير الأحلام, يوسف الحارثي, غسان عبدالله, المنام , الرؤيا, أرسطو, معرفة الغيب والمستقبل, تأويل الأحلام

15 سبتمبر 2009

الأحلام المصدر الشرعي الوحيد لمعرفة الغيب والمستقبل

من جانبه أوضح مستشار الرؤى والأحلام والمشرف على قناة «أكاديمية الأحلام» الفضائية الدكتور يوسف الحارثي أن كثيراً من التخبط والخلط حصل لبعض الناس من قضية الأحلام والرؤى، وهي قضية حساسة لا يجوز أن يتحدث بها إلا صاحب الاختصاص: «من تكلم في غير فنه أتى بالأعاجيب. من هذا المنطلق على البعض ممن خاضوا في علم الرؤى والأحلام أن يتركوا هذا التخصص لأصحابه، فلا يستطيع أن يثبت أو ينفي هذه القضية إلا أصحاب التخصّص». وعن تعريف الحلم وتفسيره يقول: «الحلم كما ورد في لسان العرب هو الرؤيا، والجمع أحلام، ويقال: إذا رأى في المنام. وحلم في نومه يحلم حلما. ثم قال وعبر الرؤيا يعبرها، عبر، وعبارة، وعبرها. فسرها وأخبر بما يؤول إليه الأمر. وفي التنزيل العزيز: (إن كنتم للرؤيا تعبرون) أي إن كنتم تعبرون الرؤيا. وقال الفيروز أبادي في «البصائر». (والعابر الذي ينظر في الكتاب فيعبره أي بعبر بعضه ببعض حتى يقع فهمه عليه، ولذلك قيل عبر الرؤيا وأعتبر بها، وقيل أخذ هذا كله من العبر وجانب النهر، وهما عبران، لأن عابر الرؤيا يتأمل ناحيتي الرؤيا فيتفكر في أطرافها، وبتدبر كل شيء منها، ويمضي بفكره من أول ما رأى النائم إلى آخر ما رأى».  وينوّه الحارثي إلى أن تعبير الرؤى من العلوم الشرعية و«من ينكر ذلك فهو جاهل»، مستنداً إلى كثير من الأدلّة ومنها ما قاله الإمام محمد بن عبد الوهاب: «علم التعبير علم صحيح يمن الله به على من يشاء من عباده»، وقال: «عبارة الرؤيا علم صحيح ذكره الله في القرآن الكريم ولأجل ذلك لا يعبر الرؤيا إلا من هو أهل العلم بتأويلها من أقسام الوحي».
وأكد أن «الأحلام هي المصدر الشرعي الوحيد للغيب ولمعرفة المستقبل، والدجالون طرقهم ظاهرة للعقلاء والعلماء فضلا عن عامة الناس».


تأويل الأحلام

ويضيف: «أثبت العلم التجريبي وجود الأحلام من خلال كثير من التجارب، والإنسان يمرّ بمتغيرات فسيولوجية في مرحلة من مراحل النوم فسّرها العلماء بأنها مرحلة الأحلام. وهذه الدراسات موجودة عند أصحاب التخصص والأطباء النفسيين، والمتخصّصين في أعراض صحة النوم. والحلم الصادق هو ما يشتمل على أحد أهداف ثلاثة إما تبشير، أو تحذير، أو إخبار».
وقسم الحارثي الأحلام إلى عدة أقسام وهي: «التقسيم تقسيم نبوي منصوص عليه في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم حين قال: «الرؤيا ثلاثة منها أهاويل الشيطان ليحزن ابن آدم، ومنها ما يهتم في يقظته فيراه في منامه، ومنها جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة أي الصادقة منها».
ويؤكد الدكتور يوسف أن تأويل الأحلام بدأ يأخذ حيزاً من الاهتمام العام ولذلك أسباب عدّة منها: «إنها سنة طبيعية، فهناك ميل فطري في النفوس لمعرفة المستقبل والمجهول، ومع ما أصاب المسلمين من فتن ومصائب ومحن في هذه الأيام فإنهم يسكنون نفوسهم بالرؤيا الصادقة».  وعن الرموز وتفسيرها يضيف: «هناك رموز يفسّرها البعض خطأ، منها ما ذكره مفتي المملكة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ في بيان أهمية علم الرؤى والأحلام إذ قال: مما شاع بين الناس - وهو غلط - أن الإنسان إذا رأى أن من أسنانه ما سقط أن ذلك يؤول بفقد أحد أحبته - بموت ابنه، أو ابنته، أو من يعز عليه، وهذا ليس صحيحاً».
وينبّه الحارثي  إلى أن التفسير عن طريق القنوات الفضائية والمواقع أمر غير حكيم، إلا إذا صدر التفسير عن من إلتزم بالضوابط المنصوص عليها، أما التفسير من الكتب فلا يعتمد عليه لاختلاف الأحوال والأزمان، ووجود كثير من المتغيرات في الرؤية والرائي، فلا تنضبط بضابط واحد.


مع مفسّر الأحلام غسان عبدالله

يقول مفسر الأحلام غسان عبدالله إن «عالم الأحلام تمّ بحثه ودراسته عند الكثير من الفلاسفة والعلماء والديانات وما قبل ظهورها. والأمثلة التاريخية كثيرة. ويلفت إلى أن «أوّل من حلّل النفس البشرية هو العالم كارل غوستاف يونغ وقد توصّل إلى أن النفس البشرية مركبة من كتلة أفكار عاشها الإنسان وتكوّنت في الخلفية الذهنية قد يراها لاحقاً عبر الحلم بأشكال متطوّرة ولا يمكن إستحضار تفاصيل لم يصادفها في حياته بغض النظر عن المكبوت الذي قد يحرّره الحلم» وهذا ما تخطى حدوده مفسري الأحلام.


- ما الفرق بين المنام والحلم والرؤيا؟

يمكن تعريف المنام إنطلاقاً مما رآه النبي إبراهيم عليه السلام في منامه حين قال لإبنه «يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك» (الصافات: 102). وهذه رسالة إلى البشرية وهي تأسيس حديث قرآني من خلال منام. تحمل المنامات أوامر ونواهي. أما الأحلام فقد تكون أضغاث أحلام أي مختلطة. وفي الحلم نلتقي مع علماء النفس ككارل غوستاف يونغ وسيغموند فرويد وروجيه ميلر حول أن النفس البشرية تختزن الصور والأفكار والتطلّعات التي تكّون الحلم من واقع الحياة. والواقع أن الرؤى منعت عبر التاريخ إنهيارات وبنت مؤسسات وأنقذت مجتمعات، كما حصل في اليمن عندما حلمت إمرأة أن «سدّ مأرب» سوف ينهار ويأتي سيل عارم يولّد الدمار. وقد تتبّع ملك تلك الحقبة الإشارات وفعلاً غادر وغالبية القبائل المكان قبل إنهيار السّد. كما أن أدولف هتلر يروي في كتابه «كفاحي» أنه أبصر حلماً عندما كان جندياً في الجيش البافاري وكان في خندق مع زملائه ورأى أن الحديد ينصهر فوقه فاستيقظ مرعوباً ومضطرباً وغادر المكان، وحين عاد وجد الجنود مقطعي الأوصال، فاعتبر أن الله إستثناه ليصبح «قائداً عظيماً». كذلك عالم الفيزياء ألبرت آينشتاين وجد حلاً لمعضلته الشهيرة وتوصّل في منامه إلى نظرية النسبية.

- هل لكل حلم تفسير؟ من أين تأتي بمدلول كل حلم؟
قاعدة 1+1=2 غير واردة في تفسير الأحلام، ولا ترمز الأفعى مثلاً إلى مدلول واحد في كل الأحلام. مفسّر الأحلام لا يعلم بالغيب بل يفكك الشارات التي قد ترد في الحلم لأخذ الإحتياطات والتدبّر. وأود التوضيح أن للأحلام إرتباطاً كلّياً بشخصية الإنسان  وهي منبثقة من ذاته. يحتاج تفسير الأحلام إلى جهد وتعمّق وإختلاط ودراسات وأبحاث وتدوين وقراءة وملاحظة. وقد إكتشفت من خلال برنامج «يوم جديد» الذي أقدمه أنه يمكن لمجموعة من الناس أن يبصروا أحلاماً متشابهة في الليلة ذاتها وكأن هالة واحدة تجمعهم وأنه يمكن التخلّص من المنام المتكرر فور تفسير الحلم بشكل صحيح.

- هل رؤية الحلم نفسه من جانب شخص أو أكثر تحمل المدلول نفسه؟
لا، فقد جاء أحدهم إلى العالم إبن سيرين وقال له أنه حلم أن الخزانة في منزله يحترق قسمها السفلي. فقال له. أحفر أسفلها وستجد ما يسرّك. فوجد الحالم جرّة مليئة بالذهب. وقد رأى الشخص الحلم نفسه بعد عدة أشهر فحفر تلقائياً أسفل الخزانة لكنه وجد ثعباناً . فذهب عند إبن سيرين ليفسّر له ما حصل فقال له جئتني في المرة الأولى وكان الطقس بارداً  والنار في ذلك الوقت دفء وأمان، أما المنام الثاني فقد رأيته وقت الحر. الأحلام ترتبط بالتوقيت كذلك بالأشخاص على صعيد الأعمار.

- يقول أرسطو: «إن الأحلام هي نشاط نفسي للنائم»، هل تلتقي معه؟
الأحلام هي نشاط إنساني، حالة سياحة نفسية مغايرة لأوقات اليقظة، وهي تحفيز للنفس. لكننا قد نعرّج أحياناً في أحلامنا على المستقبل. فقد نكون في بعض الأمكنة ونشعر بأننا زرناها سابقاً لكن حقيقة الأمر أننا سبق أن أبصرناها في الحلم وغيّبها الدماغ لأنها لم تكن تحمل أي معنى.

- ما هو تعليقك على من يستخفّ بتفسير الأحلام كوننا دخلنا الألفية الثالثة؟
هل توقفت الأحلام مع مرور كل هذا الوقت؟ حب الإطلاع على مدلول الأحلام ليس مرَضياً ولولا القلق لما كان الإطمئنان. رغم سعي البعض - بوجود بعض المدّعين في عالم الأحلام- إلى وضع هذا العالم ضمن خانة الشعوذة التنجيم والتوقعات الفلكية، فهو علم قائم بحدّ ذاته. وهناك طبيب أميركي قرّر تغيير نمط علاجه الطبي جراء حلم زوجته التي أبصرت في منامها أنها تختنق داخل نفق وقد أصيبت في اليوم التالي بأزمة قلبية. فما كان من الزوج إلاّ أن أجرى لزوجته عملية قسطرة كان رمزها النفق. وهو يطلب من مرضاه أن يرووا له أحلامهم قبل تقرير أي علاج طبي أو جراحي.