الأسهم السعودية تعاني أزمة خطيرة...

المملكة العربية السعودية, أزمة, انتصار العقيل, د. خالد الحارثي, السوق السعودي, أسهم, د. أسامة إبراهيم فلالي, التسوق

17 سبتمبر 2009

لم يستقر بعد السوق السعودي في ما يخص الأسهم، بل على العكس، الأمور في انهيار متزايد. ولا تزال هيئة السوق المالية لا تملك السيطرة على الوضع، والحد من التلاعب من أصحاب رؤوس الأموال. وقد طالب المتخصصون الاقتصاديون وسيدات الأعمال بالحد من المضاربة العشوائية في السوق، أو دخول مجموعات جديدة من المتداولين في سوق الأسهم السعودي لأنه لا يزال غير مستقر. «لها» التقت عدداً من المتخصصين لتقديم بعض النصائح للمتداولين الحاليين، إضافة إلى من يرغب في دخول في هذا الصراع الذي لم تنتهِ تداعياته المتوالية.

«السوق السعودي لا يزال يتسم بعدم الشفافية، وعدم وضع قوانين صارمة تطبق على المتلاعبين في هذا السوق، فهناك تلاعب واضح وظاهر. وإذا استمر هذا الوضع في سوق الأسهم السعودي سيعكس صورة سلبية عن الاقتصاد السعودي». هذا ما أوضحه أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك عبد العزيز في جدة الدكتور أسامة إبراهيم فلالي منوهاً بأن انعدام الثقة يفقد أشياء كثيرة وإن كثيراً من الدول استطاعت النهوض باقتصادها عن طريق الثقة.

وعن الآلية والقوانين التي تفرضها هيئة الأوراق المالية يضيف: «إن كانت هذه القوانين تطبق على الجميع فهذا يعني بشرى خير، إلا أن الواضح أن القوانين وآلية العمل الصحيحة تطبق على صغار المستثمرين وليس على أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة وهذا بحد ذاته يعد كارثة». موضحاً أن هذا التذبذب يؤثر على الاقتصاد الأجنبي من الخارج لأنه بذلك يعكس صورة الاقتصاد السعودي بشكل سيئ. ضارباً مثلاً بالثقة العمياء بالاقتصاد السويسري مما دفع الكثير من المستثمرين من كل دول العالم الى الاتجاه إلى ذلك السوق والاستثمار فيه.

وتمنى إعادة الثقة بالسوق السعودي عن طريق مزيد من الشفافية، وقوانين رادعة للجميع، وعدم التخبط في إصدار أنظمة جديدة في فترة بسيطة.

وفي ما يخص الاكتتابات التي أخذت حيزاً جيداً في الفترة الأخيرة أضاف الفلالي: «السماح بزيادة الاكتتابات لهذا العام زائد عن الحد. صحيح أننا نطالب بهذه الاكتتابات، ولكن هذا التوسع الحالي غير مرغوب، وإصدار أنظمة استخدام الهللة قرار غير مجدٍ لأنه غير مستقر مما يضر بسوق الأسهم السعودي، لأنها ليست محددة بمبلغ معين فيوماً تكون خمسة هلالات وتارة أخرى تكون رقماً آخر».

ويشير إلى أن كثيراً من المستثمرين في سوق الأسهم «مضطرون للخروج من السوق، إلا من لديه سيولة ينصح بالشراء في الفترة الحالية من الأسهم الموثوق بها من أسهم بنوك، وبترو كيماويات، لأن أسعارها في حقيقة الأمر أقل مما يقدر لها، فهذا وقت شراء لمن يملك السيولة الكافية».

ورأى أن وضع السوق بالتأكيد سيتغير، وهناك أمل في تصحيح وضع الاستثمار في مجال الأسهم خصوصاً لوجود شركات ذات رأسمال كبير تحقق أرباحاً عظيمة جداً.

أما في ما يخص المستثمر الصغير فيقول: «إن كانت لديه سياسة النفس الطويل، والصبر أنصحه بالشراء من الشركات التي تتمتع بثقة كبيرة كشركات النفط، والبترو كيماويات، فأرباحها عادة ما تكون جيدة». إلا أنه على كل من يريد الشراء التأكد من كمية السيولة الموجودة لديه، والسؤال عن مدى مصداقية وجودها وأرباحها.

انتصار العقيل:الفضل لصديقتي ناهد طاهر

الكاتبة والأديبة انتصار العقيل كانت لها تجربة سيئة جداً مع سوق الأسهم السعودي، حين قررت المخاطرة والتعرف عليه... قالت: «دخلت سوق الأسهم في وقت مبكر وحققت أرباحاً، ولكن الانهيارات المتتالية جعلتني أخسر من الأرباح وليس من رأس المال، من هذا المنطلق قررت إنقاذ ما يمكن إنقاذه، لأن هذا السوق كان ولا يزال هشاً، والدليل أنه من فترة طويلة و المؤشر لا يعكس واقع أسهمه لأن الأسهم كانت للدولة. وهي أسهم خاسرة تعلم عنها هيئة سوق المال مثل بيشة، والمكيرش ومع ذلك سمحت لها بالوجود في السوق».

وحملت المسؤولية كاملة لهيئة السوق المالية «لأن الواجب عليها أن تحاسب أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة في حال تلاعبهم بالأسهم».

وتشير العقيل إلى أن كثيراً من البنوك قد سهّلت القروض الشخصية لذوي الدخل المحدود مما نتج عنه خسارة المال الخاص بهم إضافة إلى القروض المأخوذة من البنوك وغيرها من الشركات.

والعقيل إحدى السيدات التي كان لديها عدد من الأسهم قبل انهيار السوق في الفترة الماضية، إلا أنها استطاعت إنقاذ رأس المال بناء على نصيحة من الخبيرة الاقتصادية والصديقة ناهد طاهر التي أشارت عليها بالخروج بشكل سريع من السوق. «كنت من المحظوظات والحمد الله في هذا المجال لأني أنقذت ما يمكن إنقاذه من الأرباح، والحمد الله لم تدخل الخسارة على رأس المال، كان ذلك بفضل صديقتي الأستاذة ناهد طاهر وحينها كانت بدأت تأسيس بنك الخليج لتطلب مني المشاركة معها في تأسيسه برأس المال وتعويض خسارة أرباحي. وبالفعل سمعت النصيحة كونها من صديقة ومتخصصة في الوقت نفسه في سوق الأسهم».

وترى العقيل أن الإصلاحات الأخيرة التي كان منها فتح السوق للاستثمار الأجنبي كانت قراراً صائباً ارتفع السوق على أثره، إلا أن عشوائية القرارات أضرّت بالسوق، مضيفة: «خبر تقسيم الهلل كان في غاية السوء، وكان من الحكمة لو كان قرار تقسيم الهلل مقدماً على خبر فتح السوق للمستثمر الأجنبي، إذ يهبط السوق بسبب تقسيم الهلل ومن ثم يشهد انتعاشا بقرار الاستثمار الخارجي. ولكن ما حدث هو العكس وهذا يجعل السوق متذبذباً وليس له أي مصداقية». وشددت على ضرورة مخافة الله بأموال المضاربين، والابتعاد عن اللعب لحساب رؤوس الأموال.

ووصفت سوق الأسهم السعودي بالسوق المجنون، لا يؤمن جانبه أبداً، وخاضع للتلاعب بشكل واضح.

 

الدكتور خالد الحارثي: الحالة النفسية والعوامل غير الاقتصادية تسيطر على حركة الأسهم

رئيس مركز أرك للدراسات والاستشارات في جدة  الدكتور خالد فهد  الحارثي قال: «وصل السوق السعودي إلى مرحلة من عدم الاستقرار، وهناك العديد من العوامل السلبية التي لا تزال مستمرة في واقع سوقنا المحلي. الإشكالية الأولى التي يعيشها السوق هي الحالة النفسية والعوامل غير الاقتصادية غير المنطقية تسيطر على حركة الأسهم ارتفاعاً أو انخفاضاً. وهذه الحالة نشبّهها بالعاهة المستديمة التي بدأت ولا تزال مستمرة، وفي تقديري ستأخذ وقتاً ليس بالقصير حتى تستأصل هذه الإشكالية».

وعن الظروف غير الاقتصادية أضاف: «يقصد بها العوامل غير الاقتصادية حيث يعيش الوضع الاقتصادي السعودي حالة ازدهار من حيث ارتفاع أسعار النفط، ويعيش في مرحلة ارتفاعات وزيادات في دخل الأفراد، وزيادة ربحية شركات الأفراد، وزيادة مشاركة القطاع الخاص للاقتصاد. هذه المعطيات تساهم دون أدنى شك في جعل أسواق المال للدول التي تكون أسواق الأسهم فيها أكثر نضجاً بشكل ايجابي، ولكن ما يحدث في السعودية على العكس تماماً: عوامل إيجابية في الاقتصاد الكلي والجزئي، في حين السوق يتراجع ويتقهقر، وحتى عند تفاعله بشكل ايجابي لا يلبث أن يعاود الهبوط».

ويضيف الحارثي: «السوق السعودي مر بفترة هبوط متوالٍ غير مبرّر نتيجة القرارات الخاطئة التي أصدرتها هيئة سوق المال. وخلال شهر رمضان عادة يكون لدينا رتابة وهبوط وتبرير ذلك ان شهر رمضان ينخفض فيه السوق وهذا صحيح بالمقارنة بالسوق في السنوات الماضية. وبالتالي سنجد أن هذا الهبوط يعود إلى سياسة الاندفاع من المتداولين، ومن ثم الصراع الجماعي، وهذا يظهر جلياً إذا كان لدينا خبر سيئ نجد هناك تدافعاً للبيع كبيراً ومبالغاً فيه، وهذا يؤدي أيضاً إلى هبوط كبير في سوق الأسهم».

ويشير إلى أن هيئة السوق تتحمّل المسؤولية الكبيرة، ولكن أيضاً هناك أكثر من جهة تتحمل هذه المسؤولية منها الفرد أو المتداول حيث أن عليه أن يكون ذا دراية بما يحدث في هيئة سوق المال، وفي طريقة الاستثمار.

ومن جهة ثانية حمّل المسؤولية إلى هيئة سوق المال لعدم المبادرة في التوعية الإعلامية للمتداولين، والتوعية في القرارات فعلى سبيل المثال قبل فترة عمدت الهيئة إلى إعادة هيكلة السوق في طريقة حساب المؤشر وهذه الفترة سبقتها فترة توعوية إعلامية للمتداولين هذه الفترة كانت جداً جيدة وتم التعامل معها بشكل جيد، وعلى سبيل المثال أيضاً قرار تعديل وحدة سعر السهم، القرار يساهم في ارتفاع السهم في السوق ويقلل من الحركة المدارة فيها الأسهم الصغيرة.

وعن بعض النصائح السريعة من الدكتور الحارثي:

«لمن هم خارج السوق أنصح بعدم دخوله السوق في الفترة الحالية حتى يصبح أكثر نضجا، ولمن في داخل السوق عليهم إعادة هيكلة محافظهم الاستثمارية بشكل لا تتخذ فيه المضاربة النصيب الأكبر، لأن المضاربة يصبح فيها اندفاع، وطمع من هذا المنطلق أقول عند إعادة هيكلة المحفظة يجب أن تقسم بشكل منطقي وعقلاني بحيث تحتوي على جزء كبير سيولة وجزء كبير أو على الأقل 40 في المئة استثمارات أخرى.

ومن هو داخل السوق ووضعه سيئ جداً عليه في نظري الانتظار إلى أن تتعدل أحوال السوق بشكل تدريجي، وعلينا أن نكون واقعيين من حيث الوضع الاقتصادي السعودي والمعاير الخاصة في تحليل السوق من الناحية الأساسية، وهي المكرارات الربحية إيجابية على مدى المتوسط والطويل، ولا يوجد خطر أو ما يخوف المتداولين».