أفراد العصابة ١١ رجلاً والزعيمة امرأة!

سلمى المصري, برنامج نهر الأردن, جريمة, قضية / قضايا إجتماعية, قضية / قضايا إنسانية, مافيا, مافيا الأعضاء البشرية, أميرة الأردنية, ضحايا, سرقة أعضاء بشرية, عصابة, سماسرة, رجل / رجال مباحث, مستشفى, أجهزة أمنية

12 أكتوبر 2009

لا تخدعك ملامحها البريئة التي تخفي وراءها شراسة وتاريخاً طويلاً في عالم الجريمة. لم تقف الحدود عائقاً أمام أميرة الأردنية فسافرت من الأردن مسقط رأسها إلى القاهرة حتى تستكمل فصلاً جديداً من فصول حكايتها مع مافيا الأعضاء البشرية.
كانت هي العقل المدبر لعصابتها التي تتكون من 11 رجلاً قادتهم جميعاً ورسمت لهم مشاهد جرائمها. اختارت بعناية مسرح الجريمة الأخيرة في مدينة السادس من أكتوبر، وجهزت شقتها لتستقبل ضحاياها. وظنت أن السيناريو سيتكرر وتهرب كالعادة إلى بلادها، لكن نهايتها كانت في مصر. ملفها يؤكد أنها ارتكبت 15 جريمة سرقة أعضاء بشرية في دول عدة، والأردن يطلب القبض عليها بتهمة الاتجار غير الشرعي بالأعضاء البشرية. لكن أميرة ابنة الخمسة والعشرين عاماً تمكنت من الهرب إلى القاهرة حيث لم تعط نفسها هدنة، بل قررت مواصلة نشاطها في مصر واختارت مدينة السادس من أكتوبر بعيداً عن ازدحام العاصمة لتكون مقراً رئيسياً لعملياتها. لم يكن صعباً على صاحبة العقل الشيطاني أن تستدعي رجال عصابتها وتجمعهم من جديد. اتصلت بهم في الأردن وقالت لهم إن في مصر مناخاً مهيأ لنشاطهم في تجارة الأعضاء البشرية.
بيّنت لها المعطيات التي حصلت عليهاأنها ستجد بسهولة غايتها، في إمكانها أن تستغل الظروف القاسية للفقراء والراغبين في بيع أعضائهم في مقابل المال الذي استخدمته لاستدراج ضحاياها والحصول على ولاء أفراد عصابتها الذين كان بعضهم من المصريين لكي تضمن تنفيذ تعليماتها بدقة متناهية، فيما كانت تتنقل من مكان الى آخر حتى تضلل أجهزة الأمن بحيث لم تكن تمكث في أي شقة أكثر من أسبوعين.

ألمافيا

كوّنت أميرة شبكة من السماسرة ومن خلالهم كانت تصل إلى زبائنها وتتفق معهم على كل تفاصيل الصفقة، لتبدأ رحلة البحث عن الضحية. تختار أميرة أشخاصاً ممن أعماهم بريق المال، وتصطحبهم إلى المستشفى لإجراء تحاليل، ويقع الاختيار على أحدهم عندما تتطابق فصيلة دمه مع دم المريض.

في قائمة الأسعار كان سعر الكلية 15 ألف جنيه يحصل المتبرع على جزء منها فوراً، وتخبره أميرة أنها ستعطيه بقية المبلغ بعد انتهاء العملية. ثم تخدعه بالتواطؤ مع المستشفى الخاص الذي يشهد العمليات الممنوعة قانوناً إلا بضوابط. ولم يكن أمام عشرات الضحايا سوى التزام الصمت لمعرفتهم أنهم مشاركون في أعمال غير قانونية.

كان من الممكن أن تستمر مافيا سرقة الأعضاء البشرية لولا أن أحد المتبرعين تعرض لمشاكل صحية خطيرة بعد استئصال كليته وتركه بلا علاج، كما ان أميرة تملصت من اتفاقها معه على سداد بقية ثمن كليته.

ولم يجد الرجل الذي يعمل في البناء سوى إبلاغ أجهزة الأمن وقدم أوصافاً تفصيلية لأميرة وأفراد عصابتها، خصوصاً منهم مازن الأردني الذي يعد ساعدها الأيمن، فهو الذي استدرجه لمقابلتها في شقة أكتوبر وعقد معه الاتفاق.

اهتم رجال المباحث بالقضية وانهمكوا في البحث عن الخيوط بدءاً من المستشفى الذي أجريت فيه الجراحات المشبوهة دون ترخيص. لكن المهمة لم تكن سهلة لعدم وجود ما يثبت إجراء الجراحات فيه.

واستمرت عملية مراقبة عصابة أميرة وتم التوصل  الى أرقام هواتف أميرة. وبدأت أجهزة الأمن تتحين اللحظة الحاسمة لضبط المجرمين.

رصد رجال المباحث مجموعة من الاتصالات بين أميرة وبعض الأثرياء الذين عرضوا آلاف الدولارات في مقابل الحصول على كلى. وتأكد الضباط من نشاط المتهمة، وراحوا يخططون لاصطيادها.

حُدد المقهى الذي يلتقي فيه أفراد العصابة الضحايا، ورُصدت عملية الاتفاق مع شاب كان يستعد لبيع كليته. فراقبه مفتش المباحث وهو في طريقه إلى منزل أميرة وقرر رجال الأمن القبض على أفراد العصابة لحظة ذهابهم إلى المستشفى مع الشاب لإجراء العملية.

في ساعة الصفر فوجئت أميرة برجال المباحث وهم يطوقونها من كل جانب، فتلعثمت وحاولت الهرب، لكن الضباط ألقوا القبض عليها وعلى أفراد عصابتها.

ضحية جديدة

لم يستطع مسؤولو المستشفى الخاص الإنكار، واعترفوا بوجود اتفاق بينهم وأميرة على استقبال حالات استئصال الكلى وزرعها فجراً مقابل مبالغ طائلة!

واكتملت الأدلة في منزل أميرة بعد العثور على مستندات تتضمن تقارير طبية وأرقام هواتف الزبائن وتحويلات نقدية باسمها.

ألقي القبض على خمسة من أفراد عصابة أميرة التي أكدت أن أعوانها الآخرين موجودون في الأردن وتجري الاتصالات بينهم بشكل يومي. لم تنكر المتهمة تزعمها لعصابة تجارة الأعضاء البشرية وقالت: «بدأت هذه المهنة في الأردن وارتكبت 15 جريمة، وحينما اقتربت الشرطة من كشف أمري قررت الهرب إلى مصر خوفاً من السجن».

تكمل: «استأجرت شقة لأعواني في مكان بعيد عن شقتي، وطوال ستة أشهر أجريت صفقات ناجحة حصلت منها على مبالغ طائلة».

تضيف: «طموحي تجاوز الحدود اذ كنت أخطط لفتح فروع جديدة لعصابتي تمتد إلى دول عربية أخرى، لأنه نشاط مضمون ومربح جداً».

لم تنكر المتهمة قيامها بالنصب على بائعي أعضائهم الذين لم تمنحهم كل المبالغ المتفق عليها.

وقررت النيابة حبس أميرة وعصابتها على ذمة التحقيق.