أهالي الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي وأسرى محررون

القضية الفلسطينية, حبس / سجن, الشعب الفلسطيني, المجتمع الفلسطيني

14 يونيو 2010

فيما لا يزال آلاف المعتقلين يقبعون داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي في ظروف بالغة الصعوبة والتعقيد، تزامن «يوم الأسير الفلسطيني» في 17/4/2010 مع عمليات الاعتقال اليومية والمستمرة للفلسطينيين في مختلف المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية. عن ما تعانيه عائلات الأسرى وأبنائها في سجون الاحتلال الإسرائيلي، أجرت «لها» عدداً من المقابلات مع أهالي الأسرى واسرى  محررين.

أول اللقاءات كان مع أم الأسير مهند عدوي المحكوم عليه أربعة عشر عاماً سجناً تبقى منها ثمانية أعوام. وقد تحدثت عن كيفية اعتقال ابنها والظروف التي تلت ذلك، فقالت: «اعتقلوه عندما كان عمره ستة عشر عاماً. ووصلنا خبر اعتقاله بعد ثلاثة أيام. اعتقله جيش الاحتلال الإسرائيلي على احد الحواجز في مدينة نابلس، وفي المرة الأولى التي رأيت فيها ابني لم أتعرف عليه في قاعة المحكمة، بسبب مظهره المزري. ولكن ابني ناداني من خلف القضبان، «يما يما أنا مهند». وبعد إصدار الحكم عليه، قدمت طلبات التصاريح وتمكنت من زيارته في السجن، وفي إحدى الزيارات عدت متعبه جداً لأن حالتي النفسية تسوء عندما أرى ابني في السجن واتركه لكي أعود إلى بيتي. وفي اليوم التالي لإحدى الزيارات ذهبت إلى عملي كآذنة في الساعة السادسة والنصف في إحدى المدارس. وهناك وقعت من أول الدرج إلى أخره، وتكسرت عظامي، وأخذت إجازة من عملي. وكل الذي اطلبه من الله ومن الجهات المعنية حرية ابني، وان أراه الى جانبي».

أما أماني شقيقة مهند عدوي، فقالت:«يصبح لدينا إحباط عندما نزوره في السجن لأننا لا نحب أن نراه بهذا الوضع، كما أنني لا أحب لحظة وداعه عند انتهاء مدة الزيارة. ومن ناحية الراتب الشهري الذي يتقاضاه، فانه لا يكفي لسد احتياجاته داخل السجن، ومن جهة  دور المؤسسات الداعمة للأسرى، شاركت في مسيرات خاصة بالأسرى على دوار المنارة في مدينة رام الله، ولكن ليس هناك فائدة، وأطالب بأن يتوافر للأسرى كل شيء مثل الطعام وغيره».

وفي بيت أخر من بيوت مخيم قلنديا للاجئين الفلسطينيين، التقينا أم الأسير فارس أصلان البالغ من العمر 19 عاماً والذي لم يحاكمَ حتى الآن، مع انه موجود في السجن منذ خمسة أشهر. وهو مسجون للمرة الثانية. تحدثت أمه فقالت: «اعتقلوا ابني بعدما فجروا باب البيت. وفي تلك الساعة المتأخرة من الليل كانت بناتي الصغيرات نائمات، واستيقظن خائفات. وبعد اعتقاله التأمت محكمة ابني مرتين دون أن يحضر محاميه، وأصبح ابني يعاني من ضغط نفسي. وأنا أرى المؤسسات تستطيع أن تتدخل لتسهيل الزيارة لأهالي الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي. عندما رأيت ابني لأول مره بعد اعتقاله لم اصدق انه هو لأنه كان عبارة نصف إنسان، وهو يشكو من رداءة الطعام في السجن».

وتتابع أم فارس قولها: «نواجه مشكلات في التسجيل في مكاتب الصليب الأحمر الذي يعمل على الحصول على التصاريح لأهالي الأسرى لكي يتمكنوا من زيارة أولادهم، لأننا تخرج من بيوتنا في الساعة السادسة والنصف صباحاً لكي نحصل على دور في عملية التسجيل للزيارة. وعندما نذهب لزيارة أولادنا نعاني مشكلة الوقوف على بوابة السجن من ثلاث إلى أربع ساعات حتى نتمكن من الدخول، وأحيانا يقولون لنا أن الآلة معطلة أو لا توجد زيارة لأبنائنا. وأكبر مشكله لدي هي البعد عن ابني، فهو حنون جداً، لا يفارق ذاكرتي، وحينما اطبخ أتذكره وفي أمور أخرى كثيرة».

وحول بعض المواقف التي تعرضت لها أم فارس قالت: «في الصليب الأحمر هناك إهمال في بعض الأمور. ومن المواقف التي حصلت معي ومع عدد من الناس، أن تصريح ابني صدر منذ شهر، وكنت اسأل عن ملفه، وتبين انه مضى شهر كامل على وجود تصريح ابني لديهم. وعندما سألت عن التصريح قالوا لي انني أخذته، ونفيت ذلك. وفي أخر المطاف قالوا إن تصريح ابني موجود في ملف آخر. إضافة إلى أن هناك أناساً كباراً في السن يجلسون ثلاث ساعات، ويحصل معهم كما حصل معي. وأنا أطالب أن يكون هناك دور للمؤسسات أكثر فاعلية في قضية الأسرى، وأطالب بالإفراج عن ابني، ليعيش معي داخل البيت حياة الاستقرار».

ومن ناحيتها، قالت الشقيقة الصغرى للأسير  فارس أصلان: «أقول لأخي يجب أن يصبر، فنحن نفتخر بأنه أسير. ولأنني أجيد فن الخطابة سأركز على موضوع الأسرى، وأطالب الجهات المسؤولة بأن تهتم بهم بشكل أكبر. وأود أن أسأل: ما هو الذنب الذي اقترفه الطفل الذي يبلغ من العمر 12 عاماً لكي يدخل السجن؟ أنا كطفلة أطالب بمنع سجن الأطفال».

من جهتها، قالت أم الأسير رامي بزيع الذي يبلغ من العمر 17 عاماً، وهو في السجن منذ 5 أشهر ولم يصدر الحكم عليه بعد: «اعتقلوه في البيت في الساعة الثالثة صباحاً، وفي أول زيارة له شاهدته نحيف جداً، وعدت إلى البيت أبكي. وفي مرات عديدة رُفض إعطائي تصاريح زيارة لأخواته ووالده لأنهم مرفوضون أمنياً. وأحياناً أتمكن من زيارة ابني برفقة ابنتي الكبرى، وبعد الزيارة نعود متعبتين وننام. وكان لدي ابن سجين سابق، وكنا نخرج لزيارته في الرابعة صباحاً ونعود في الحادية عشرة ليلاً أحياناً. وفي شهر رمضان كنا نتناول طعام الإفطار في السجن، وفي إحدى المرات أصبت بجلطة بسبب معاناتي في زيارة ابني الأسير، وأعاني حالياً مرض القلب».

أما أم الأسير إياد بزيع  الذي اعتقل على أحد الحواجز فقالت: «كنت اشعر بالخوف الشديد قبل اعتقال ابني حتى جاء ابني الكبير ذات يوم لكي يخبرني بان ابني إياد اعتقل عند أحد الحواجز الاحتلالية. وحاولت أن احصل على تصريح لزيارته، ولكنني كنت مرفوضة امنيا ولم يستطع احد زيارته، وما يجعلني ابكي بشده هو تذكري لابني عند إعداد الطعام في البيت، وأتمنى من كل قلبي الإفراج عن جميع الأسرى، وان لا يحرم الله أمًا ابنها».


أسرى محررون

ومن جهة أخرى، قال الأسير المحرر محمد ناصر الفقيه من قرية قطنه في قضاء رام الله، ويبلغ من العمر 21 عاماً: «عند اعتقالي كنت طالباً في الصف الحادي عشر، واعتقلت بعدما تعرضت للإصابة في رجلي، وكان ذلك على أحد الحواجز الإسرائيلية. ثم أحالوني على التحقيق في سجن المسكوبية الاحتلالي، ثم إلى سجن عطروت الاحتلالي، وبعدها إلى سجن عوفر الاحتلالي، وحولت بعدها إلى مستشفى الرملة بسبب إصابتي، وبعدما شفيت نقلت إلى سجن الرملة الاحتلالي، وحكمت بالسجن لمدة عام وشهرين».

عن المعاملة داخل السجن قال: «كانت المعاملة داخل السجن سيئة، لان إدارة السجن تعاقب الشبان منعهم من الذهاب إلى الطبيب إذا كانوا مصابين مرض، إضافة إلى وجود التفتيش الهمجي، وتخريب ممتلكات الشبان خلال التفتيش. وأحيانا يضعون المواد الغذائية بعضها فوق بعض لكي تتلف. وفي إحدى المرات عندما كنا نحتفل بيوم الأسير داخل السجن، دخلت إدارة السجن إلى الأقسام وأخذت الشبان إلى الزنازين، وأمضيت واحداً وعشرين يوماً في السجن الانفرادي في سجن عوفر. ورغم إصابتي كانوا يربطون رجلي ويدي أثناء ذهابي إلى المحكمة، وكنت أتوجع، ولا يسمحون لأحد بمساعدتي. وخلال فترة اعتقالي لم يتمكن أهلي من زيارتي إلا مرة واحدة، لأنه كان لدي رفض امني بسبب صلة القرابة. وكنت أرسل السلامات لأهلي عن طريق أهل أصدقائي في السجن عندما يسمح لأهلهم بزيارتهم، وأقول لكل الأسرى أن شاء الله الفرج القريب لجميع الأسرى والأسيرات».

ومن ناحيته قال الأسير المحرر محمود طبنجه الذي يبلغ من العمر 20 عاماً: «اعتقلوني في البيت وأرسلوني إلى السجن مباشرة. وبعد مضي سنة على اعتقالي حكمت علي بالسجن ثمانية عشر شهراً. وأمي كانت تعاني من الرفض الأمني في الحصول على الزيارة أحيانا، وكنت اطمئن على أهلي عن طريق الرسائل التي كانوا يرسلونها لي بواسطة الصليب الأحمر. وعندما خرجت من السجن كان ذلك بمثابة عيد وفرحت كثيراً بعودتي إلى أهلي وأصدقائي وبلدي. وأقول لكل الأسرى الله يفك أسركم عن قريب، ويجب أن تكون معنوياتهم عالية».

أما أم حمزة عواد التي تبلغ من العمر 48 عاماً وتسكن في مخيم الجلزون للاجئين الفلسطينيين، فلديها ثلاثة أسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي. قالت: «الأسير الأول هو حمزة اعتقل وعمره 19 عاماً، وحكم عليه بالسجن 4 سنوات، والأسير الثاني محمد، وعمره 25 عاماً، وكان متزوجاً منذ أربعة أيام عند اعتقاله. وحكم لمدة 8 أشهر. والأسير الثالث عمرو واعتقل عندما كان عمره 17 عاماً. وكان يقدم امتحانات التوجيهي، ولم تتم محاكمته حتى الآن. وعندما كنت اذهب لزيارة ابني في سجن النقب كانت أتعرض للإغماء في الباص، وكنت ازور محمد وعمرو في سجن عوفر، وعندما اذهب وأهالي الأسرى لزيارة أبنائنا في سجن عوفر نبقى تحت الشمس أو تحت المطر حسب الفصل حتى يأتي دورنا بعد مضي ثلاث ساعات تقريبا لزيارة أولادنا، وأحيانا تذهب بناتي لزيارة أخوتهن».

ومن جانبه قال يوسف عدنان (16 عاماً) الذي اقتيد  من بيته ليلاً: «بعد اعتقالي على يد جيش الاحتلال الإسرائيلي، تم تحويلي إلى سجن عوفر، ومن ثم إلى احد مراكز التحقيق. وحكمت لمدة 20 شهراً، وأمضيت المدة في سجني النقب وعوفر. وكان أهلي يزورونني في السجن، وكنت أتذكر دائما أهلي والأصدقاء واشعر بالحزن الشديد».