حرمان البنات من الرياضة في المدارس مخالف للشرع
الرياضة, علماء الأزهر, ممارسة الرياضة, د. مهجة غالب, د. آمنة نصير, د. عبلة الكحلاوي, د. أحمد عمر هاشم, كلية الدراسات الإسلامية, جامعة الأزهر, ضوابط شرعية, مدارس, الجامعات, مخالفة الشرع, غزل البنات
28 يونيو 2010الرياضة والأنوثة
تؤكد الدكتورة آمنة نصير العميدة السابقة لكلية الدراسات الإسلامية أن الإسلام يحرص على تطبيق مقولة «العقل السليم في الجسم السليم» من خلال تشجيعه على الرياضة لتقوية الأجساد والمحافظة على الصحة، فقال صلى الله عليه وسلم: «المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير». وكذلك تشجيع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب للآباء على تعليمها لأبنائهم فقال: «علّموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل»، وهي رياضات مفيدة في السلام ووقت الحروب.
وأضافت: لا شك أن الالتزام بالضوابط الشرعية في ممارسة المرأة للرياضة يؤدي إلى حصولها على المنافع دون أن تتعرض للمخاطر، ولهذا يجب أن تلتزم المرأة أو الفتاة التي تمارس الرياضة على حشمتها وعدم ممارسة رياضات تضر بأنوثتها، والأفضل لها أن تحسن فهم وتنفيذ قوله تعالى: «ولا تتمنوا ما فضّل الله به بعضكم على بعض» (آية 32 سورة النساء). وبالتالي لا يجوز لها أن تمارس من الرياضات ما يخرجها عن طبيعتها الأنثوية مثل كمال الأجسام أو الملاكمة أو المصارعة، أو غيرها من الرياضات العنيفة التي لا تتناسب مع المرأة وتجعلها تتشبه بالرجال».
ويؤكد الدكتور أحمد الدرة الأستاذ في طب الأزهر أن الرياضة «مفيدة للمرأة بوجه عام لأنها تقلل من إصابتها بالعديد من الأمراض، خاصة الناتجة عن السمنة وزيادة الوزن مثل أمراض القلب والشرايين وكل ما هو ضار بالجسم؛ لأنها تساعد على زيادة حرق السعرات الحرارية، وزيادة عملية البناء والهدم، وتحول أنسجة الدهون إلى أنسجة عضلات وتقوية جهاز المناعة، ويفضل ممارسة الرياضة بالتدريج حتى لا تؤدي إلى نتائج عكسية وعلى كل امرأة اختيار الرياضة التي تناسبها من ناحية السن والحالة الجسدية».
المرأة هي دائماً ضحية الفتاوى المتشددة التي لا تتفق وصحيح الدين ومكانة المرأة في الإسلام، وآخر هذه الفتاوى تحريم البعض ممارسة الفتاة للرياضة في المدارس والجامعات. منع البنات من ممارسة الرياضة يُعد مخالفاً للسيرة النبوية، بل من شأن هذا المنع أن يؤدي إلى صرف أنظار الفتيات إلى أمور أخرى. ويبقى من المهم أن نعرف آراء علماء الأزهر في فتاوى تحريم ممارسة البنات للرياضة، وما هي في نظرهم أسباب هذا التشدد تجاه الفتاة الى درجة حرمانها حقها في ممارسة الرياضة؟
تتعجب الداعية الإسلامية الشهيرة الدكتورة عبلة الكحلاوي، العميدة السابقة لكلية الدراسات الإسلامية جامعة الأزهر، من الفتاوى التي تُحرّم الرياضة النسائية بإطلاق وتقول: «ممارسة المرأة للرياضة ليست جائزة فقط، بل تعتبر ضرورة لأنها وسيلة من وسائل الحفاظ على جسمها، ولهذا فإن ممارسة المرأة لها جائزة إذا قصدت الحفاظ على الصحة وزيادة النشاط. ولهذا فهي من الضرورات التي نادى بها الشرع الذي يؤكد أن الجسد أمانة، ومن الضروري الاعتناء به وحمايته من الأمراض التي تسببها السمنة، وهذا لن يكون إلا بتنظيم الغذاء وممارسة الرياضة».
وأوضحت «أنه لا بد للمرأة عند ممارسة الرياضة أن تلتزم بالضوابط الدينية وأن تبتعد عن المحظورات مثل الاختلاط مع الرجال وكشف العورة، والبعد عن مواطن الشبهة، وكل ما يؤدي الى المعاصي أو يكون مدخلاً من مداخل الشيطان، وما عدا ذلك فالأصل في الموضوع الإباحة، بل تصل أحياناً قضية ممارسة المرأة للرياضة إلى أمر مستحب إذا كانت تساهم في تنشيط جسمها ووقايتها من الأمراض، ولا يوجد مانع من ممارستها في المدارس أو افتتاح نوادٍ نسائية للرياضة شريطة ألا تكون فيها محظورات شرعية».
حصص رياضة للفتيات
وترى الدكتورة مهجة غالب، رئيسة قسم علوم القرآن في جامعة الأزهر، أن «الرياضـة الآن ليست ترفاً بل ضرورة، خاصة بالنسبة الى المرأة لوقايتها من أمراض العصر سواء أثناء فترة الحمل أو قبلها أو بعدها، بل إن المرأة الرياضية وفق الضوابط الشرعية يكون لها أثر إيجابي على أسرتها. وفي الوقت نفسه نُحذر من كشف العورات بدرجات متفاوتة، مما يثير الفتنة بحجة الحصول على موافقة المؤسسات الرياضية الدولية التي طالب بعضها بخلع الحجاب، وكذلك فإن التقليد الأعمى للنساء غير المسلمات في ممارسة الرياضة غير جائز».
وتطالب الدكتورة مهجة بتخصيص «حصص دراسية للتربية الرياضية كما للذكور، كذلك فتح نوادٍ رياضية نسائية لأن حكم الرياضة في الإسلام عامة الجواز والاستحباب طالما لم تكن وسيلة لما يُغضب، وينبغي عدم التعصب والتشدد في الأخذ «بالأحوط» والتضييق على النساء وافتراض سوء النية والتوسع في تطبيق قاعدة «ما يؤدي للحرام فهو حرام»، حتى ولو كانت حالات فردية أو استثناء لا يُقاس عليه لأن الرياضة فيها تنشيط الأبدان وتقوية الأرواح. ويشترط فيها ألا تلهي عن واجب شرعي كإقامة الصلاة، وأن تتم من خلالها مراعاة المقاصد الحسنة الشرعية عند المزاولة التي تعين المسلمة على القيام بالواجبات المنوطة بها في الحياة، فقد قرر الفقهاء أن «الأمور بمقاصدها» لقوله صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات». كما يجب ستر العورات والبعد عن مواطن إثارة الغرائز لأن ذلك واجب عند أداء الرياضة».
حلال بضوابط
وأشار الدكتور أحمد عمر هاشم، الرئيس السابق لجامعة الأزهر، إلى نقطة جوهرية في ممارسة الرياضة بوجه عام، ومنها الرياضة النسائية في المدارس والنوادي والمنتخبات الوطنية، وهي «ضرورة البعد عن المكاسب المحرمة أو أخذ العوض دون وجه حق أو إيجاد العداوة والمشاحنات التي تفرّغ الرياضة من مضمونها، لأن القاعدة الشرعية حددها الله في قوله تعالى: «والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض» (آية 71 سورة التوبة). كما يجوز للمرأة في بيتها أن تُمارس الرياضة التي تتناسب مع طبيعة جسمها كأنثى ولا تلحق الأذى بها عاجلاً أو آجلاً، أما خارج بيتها في النوادي والمدارس مثلاً فيجب أن تحرص أثناء ممارستها على التعاليم والضوابط الشرعية من الاحتشام وعدم إبراز الزينة والاختلاط بالرجال أو التعطر النفاذ مع مراعاة الضوابط العامة».
وأوضح أن «الأصل في عموم الأحكام الشرعية أنها للرجال والنساء ما لم نصطدم بنص شرعي يفرق بينهم. والأصل في الرياضة الجواز بدليل ما ورد في كتب السنة النبوية عن أم المؤمنين عائشة- رضي الله عنها- أنها كانت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر وسابقته فسبقته ثم سابقته مرة أخرى فسبقها. فقال لها: هذه بتلك».
واشترط هاشم لممارسة المرأة الرياضة خارج بيتها أن «يكون المكان الذي تُمارس فيه الرياضة خالياً من الرجال ومستوراً عن أعينهم وعدم تركيب كاميرات تصوير خفية قد يضعها ضعاف النفوس من الرجال لتصوير ما لا يحل كشفه من العورات، كما تحرم أي خلوة بالرجال الأجانب، وأن تبتعد عن الرياضات العنيفة التي تؤثر على جسمها، وربما أفقدته بعض ما أودعه الله فيه من خصائص أنثوية. ويجب على المرأة أن تُحسن اختيار من تمارس معهن الرياضة. ولهذا لابد من اشتراط توافر الضوابط الشرعية عند إقامة الأندية النسائية أو ممارسة الرياضة في المدارس حتى نضمن عدم تجاوز المحظورات».