تاجرة المخدرات الشابة

جرائم, تجارة المخدرات , تخدير شامل, المخدرات, حبس / سجن, رجل / رجال مباحث, دخان السجائر, النيابة العامة, قسم الشرطة, المحكمة الابتدائية في الرباط.

13 سبتمبر 2010

عشقها للمغامرة قادها إلى السجن ودمر مستقبلها تحولت ياسمين من تلميذة مجتهدة في مدرستها إلى مدمنة مخدرات أمضت حياتها تجري وراء أوهام حتى أفاقت على الحقيقة المريرة ووجدت نفسها في السجن! الآن تنفذ عقوبة السجن 10 سنوات بعد إدانتها بجريمة إدمان المخدرات والاتجار فيها.

منذ نعومة أظافرها وهي سعيدة بشقاوتها وذكائها الشديد وحبها للمخاطرة وإدمانها الأفلام البوليسية. كانت ياسمين تعشق كل ما هو غريب، تكره التقليدية بكل معانيها، ورغم أنها كانت طالبة مجتهدة كانت تشعر بأن التعليم لم يعد هدفها الأسمى.
كانت أكثر شجاعة من الأولاد في سنها، لم تكن تخشى الظلام، أو السير في الشارع بمفردها، أو الاقتراب من الأماكن العامرة باللصوص والخارجين عن القانون، بل كانت تشعر بسعادة عندما تقترب من هذه الأماكن.
لم يكن صعباً على صديقات السوء أن يدفعن ياسمين إلى التدخين. وبسبب حبها لكل ما هو ممنوع وافقت ياسمين على أن تصبح عضوًا دائماً في جلسات هؤلاء، وبدأت تتمرد على واقعها، وتشعر بأنها كانت تعيش حياة ريفية مملة مع أمها التي لا هم لها سوى الكلام عن التعليم.
بصعوبة بالغة اجتازت ياسمين مراحل دراستها المختلفة والتحقت بالجامعة، لكنها طلبت من أمها أن تكتفي بهذا المقدار من التعليم. قررت أن تفتتح محلا لتصفيف الشعر، ولم تجد والدتها مفراً من الاستجابة لطلبات ابنتها.
في هذه الأثناء كانت الفتاة الشقية تغرق في بحر المخدرات، احترفت تدخين السجائر المحشوة بالبانغو، وأصبحت مدمنة لا هم لها سوى البحث عن المخدرات كل يوم!

مرحلة جديدة!
تجاوزت ياسمين مرحلة البانغو، وبدأت رحلة تجربة الأقراص المخدرة، وأصبحت محترفة في هذا العالم، بل أصبحت هي مصدر هذه الأقراص لكل صديقاتها. عرفت الأماكن السرية لهذا العالم، وتعرفت على كبار تجار المخدرات في منطقة السيدة زينب التي تقيم فيها.
كانت على استعداد لأن تخترق المقابر ليلاً، وتصعد الجبال فجراً في سبيل الحصول على جرعات المخدرات بسعر مناسب. وبالفعل كانت تحصل على المخدرات بسعر الجملة، وأصبحت معروفة في أوساط التجار الكبار.
أصابت تجار المخدرات الدهشة حين شاهدوا هذه الفتاة الصغيرة التي يشع وجهها حيوية وتحدياً أمامهم فجأة في أوكارهم بالجبال، تساءلوا: كيف تجاوزت ياسمين جميع نطاقات الأمن التي فرضها هؤلاء التجار، ولكنه «سر المهنة» الذي كانت تحتفظ به دائماً وترفض أن تبوح به.
تقول ياسمين: «كنت أعشق الحصول على المخدرات من منابعها رغم الأخطار التي تحيطني. كنت أشعر برجال المباحث وهم يتابعون تحركاتي، لكنني كنت أنجح كل مرة في الهروب من المراقبة لأحكي لتجار المخدرات الكبار عن تجربتي وأتابع الدهشة في عيونهم، فهم لم يتصوروا أن فتاة لم تتجاوز العشرين (آنذاك) تمتلك قلبًا حديدياً».
ويرصد ملف ياسمين في سجن النساء في القناطر باقي حكايتها: قررت أن تنفصل عن أسرتها، ووافقت على الارتباط بأول شاب يتقدم لخطبتها. كانت تعشق الحرية، وتجاوب معها عريسها الذي كان ضعيف الشخصية ووعدها بأن يتركها تفعل ما يحلو لها.
لم تستطع ياسمين أن تتخلى عن إدمانها للمخدرات، وبدأت تتنقل ما بين الهيروين والحشيش والأقراص المخدرة والبانغو، وأصبحت هي المصدر الأساسي لصديقاتها الباحثات عن المخدرات، وتفننت في البحث عن المواد في أوكار كبار التجار حتى تحصل عليها بسعر رخيص!
قررت أن تتاجر بالمخدرات حتى تنفق من عائدها على التعاطي. اشترت سيارة وبدأت تحمل السلاح مثل كبار تجار المخدرات، في كل رحلة كانت تواجه الموت حين تذوب في عالم المخدرات الذي لا يدخله سوى عتاة الإجرام، لكنها كانت تزداد تمسكاً بهذا العالم الذي وجدت فيه ذاتها.
كانت تسافر فجراً بسيارتها إلى محافظة الشرقية لتشتري البانغو من أكبر بؤر المخدرات في هذه المنطقة التي لا يدخلها الرجال سوى بكلمة سر يتم تغييرها كل يوم. ولكن ياسمين كان مسموحًا لها بالعبور، فالجميع يعرفون الشابة الشرسة التي تعشق المغامرات...

مطاردة عنيفة
بعد مطاردة عنيفة سقطت تاجرة المخدرات الشابة التي لم تكن تعرف أن رجال الشرطة يحاصرون المنطقة التي كانت تتجه اليها للحصول على جرعة البانغو المعتادة. فجأة وجدت ياسمين نفسها في مواجهة مكمن الشرطة.
بادلت الشرطة إطلاق النار وقلبها كالحديد، كانت على وشك الهروب لولا أن طلقة من رصاصات الشرطة أصابت إطار سيارتها فتوقفت. وفي لحظات وجدت نفسها أمام رجال المباحث، فلم تملك سوى الاستسلام.
ورغم أنها اعترفت أمام الشرطة تراجعت أمام النيابة وأكدت أنها بريئة. ولم تقتنع المحكمة بادعائها وجود خلافات بينها وأحد رجال المباحث، دفعته إلى تلفيق هذه القضية لها، فقضت المحكمة بحبسها 10 سنوات بتهمة التعاطي والاتجار في المخدرات.
تقول ياسمين: «حكايتي تحمل العظة والعبرة لكل فتاة في مثل سني وظروفي. قبل إدماني المخدرات كنت أعيش حياة مستقرة، أسرتي لم تقصر في واجبها نحو تربيتي وتعليمي، كنت أشع ذكاءً، وتوقع لي الجميع مستقبلاً مبهراً. كنت متفوقة في دراستي، أتحدث لغات، لكن حبي للمغامرة دمر حياتي!
نقطة ضعفي هي الروايات البوليسية التي أدمنت قراءتها ومشاهدتها في السينما والتلفزيون، ومن هذا الباب دخل الشيطان حياتي. جربت التدخين ومصادقة صديقات السوء بدافع حب المغامرة والتجربة وكم كانت النتيجة مدمرة.
تواصل ياسمين: «تحول احترافي للتدخين إلى إدمان الأقراص المخدرة والبانغو انتهاء بالهيروين. وكم فرحت حين طبقت في الواقع الحلم الذي عشته طويلاًَ، حملت السلاح، اقتحمت المقابر والصحراء والجبال، والتحمت بتجار المخدرات الكبار الذين تتزلزل لهم الأرض ويخشاهم الجميع. لكنني انتزعت احترامهم، ورغم أنني لست محترفة في هذا العالم فقد أصبحت جزءاً منه».
تختتم ياسمين كلامها قائلة: «كنت أعلم أن حب المغامرة سينهي حياتي بشكل درامي، والسجن هو أسوأ نهاية يتمناها أي شخص، لأن الموت أحياناً أهون من السجن!».