باعا ابنتهما وادعيا أنها خُطفت...

قضية / قضايا الطفل / الأطفال, جريمة, مافيا, رجل / رجال مباحث, الإتجار بالبشر, أجهزة أمنية

04 أكتوبر 2010

وضع قلبه تحت قدميه، وأقنع زوجته بأن تشاركه في جريمة بشعة تدمي القلوب والعيون. باع رشاد ابنته إلى مافيا سرقة الأطفال، ليصبح مصير هذه الطفلة مجهولاً. وحاول الأب أن يخدع الجميع بقصة صدقها البعض في البداية، لكن رجال المباحث كشفوا خدعته...

صمت الأب وهو يواجه كلمات أشبه بالرصاصات أطلقها رئيس النيابة الذي ترك الورقة والتحقيقات الرسمية، وتحدث كإنسان اهتز كثيرًا لما ارتكبه هذا الأب الذي لا ينتمي إلى عالم الأبوة، وزوجته التي تحمل لقب «أم»، ولكن على الورق فقط.
في قصة أشبه بما يحدث في الروايات الدرامية، أنجبت «فاطمة» توأمين، وقررت أن تمتثل لرأي زوجها، الذي أقنعها بأن تبيع إحداهما حتى تنفق على الأخرى. ووافقت الأم، لكنها عادت إلى رشدها بعد أيام، لتعترف تفصيليًا بما حدث أمام رئيس النيابة.
أكدت الأم أنها ضحية زوجها الذي نجح في إقناعها بالجريمة. وعندما عادت إلى منزلها أخذت تنظر إلى طفلتها الثانية، وتبكي وهي تحلم بمصير توأمها، التي لا يعلم أحد أين هي.
البداية بلاغ من الأب والأم بخطف طفلتهما الرضيعة أمام مستشفى الجلاء للولادة، والنهاية اعتراف تفصيلي من الأب بأنه باع ابنته بخمسين جنيهًا، وأربع عبوات حليب للأطفال.
وتبذل أجهزة الأمن حالياً جهودها للتوصل إلى الطفلة والقبض على مافيا الأطفال، بعدما حصل الضباط على أوصاف الشابة التي اشترت الطفلة.

المافيا
القضية كشفت أسلوب عمل مافيا شراء الأطفال، فأعضاؤها يختارون جيدًا أهدافهم، يتمركزون أمام مستشفيات الولادة، ويركزون على الآباء والأمهات الفقراء. وكان رشاد وزوجته هما الهدف الذي اختارته عضو مافيا الأطفال.
لم يستغرق الأمر سوى نصف ساعة. والمكان هو أحد الشوارع الجانبية قرب مستشفى الجلاء للولادة، حيث اختلت الشابة التي أطلقت على نفسها اسم «سعاد»، بالأب والأم، ولم يتوقف لسانها عن سوق مبررات بيع الابنة التي كان الأب يحملها.
ورتبت سعاد للأسرة سيناريو مقنعًا يتم تقديمه لأجهزة الأمن والأقارب والجيران. وقبل أن يعترض الأب أخرجت سعاد من حقيبتها مبلغ خمسين جنيهًا، وأربع علب حليب اطفال ثمنًا للطفلة الرضيعة!
نظر الزوج إلى زوجته برهة وطلب أن يتحدث معها بعيدًا عن سعاد، ونجح رشاد في إقناع زوجته بوجهة نظره، فهو عامل بسيط، أجره يكفيه بالكاد، لا يستطيع أن يتحمل مصاريف توأمين.

البداية
تعود القصة الى اليوم الذي أخبر فيه الطبيب الزوجة بأنها حامل بتوأمين-فقد تسمر الزوج في مكانه وضاعت الفرحة، فلم يكن يفكر في شيء سوى الوسيلة التي سيدبر عن طريقها المال للإنفاق على طفلتيه.
حاولت زوجته أن تخفف عنه، عرضت عليه أن تخرج إلى سوق العمل حتى تشاركه في تحمل مصاريف المنزل، لكن الزوج لم يتحمس لهذا الاقتراح.
عندما وضعت فاطمة توأميها في المستشفى استدان الزوج نفقات عملية الولادة، وبعد يومين استعد لمغادرة المستشفى مع زوجته التي كانت تحمل إحدى الطفلتين، والزوج يحمل الأخرى.
أفاق رشاد من شروده على صوت لسيدة في منتصف العقد الثالث من عمرها، تطلب منه أن تتحدث إليه منفردين، وأكدت له أنها على استعداد لشراء إحدى الطفلتين، ووعدته بأنها ستقدمها لأسرة ثرية تتمكن من تربيتها بشكل جيد.
حاصرت سعاد الأب والأم، ولم تعطهما مهلة للتفكير، فوافقا على طلبها، وودعتهما وابتعدت وهي تحمل الطفلة.

اعتراف
نفذ الأب السيناريو الذي أخبرته به سعاد. أبلغ الشرطة أنه التقى سيدة ادعت أنها تعمل في المستشفى، ويمكنها أن تقدم للتوأمين حليب أطفال، ولكنها اشترطت أن تحمل معها إحدى الطفلتين لتقدمها لإدارة المستشفى. وبالفعل أعطاها إحدى الطفلتين، لكن مضت نصف ساعة دون أن تعود السيدة، ظهر القلق على وجه الأب -على حد قوله في محضر الشرطة- واتجه إلى إدارة المستشفى ليبحث عن السيدة التي تحمل طفلته، لكن أمن المستشفى أخبره بأنها غادرت المكان من باب جانبي، وأنها لا تعمل في المستشفى.
وأضاف الأب أنه أخذ يجري في الشوارع كالمجنون باحثا عن ابنته، ولكن دون جدوى. وحين فقد الأمل، اتجه إلى قسم الشرطة وقدم بلاغه للمقدم عمرو طلعت رئيس المباحث واتهم هذه المرأة بخطف ابنته.
فقرر رئيس المباحث أن يعاين مكان البلاغ على الطبيعة، ومنذ الوهلة الأولى، أدرك أن الأب كذب عندما ادعى أن سعاد دخلت المستشفى من الباب الرئيسي وهربت من الباب الخلفي، لأن حراس المستشفى أكدوا له أن الباب الخلفي موصد منذ سنوات.
أما إدارة المستشفى فأكدت أنه لا توجد لديها سيدة تحمل الأوصاف التي قدمها الأب. وتزايدت شكوك الضابط وبدأ يلاحق الأب بأسئلته، وفي النهاية وجه اليه تهمة بيع طفلته وتقديم بلاغ كاذب. فلم يملك رشاد سوى الاعتراف، ولكنه حاول دفع التهمة عن زوجته، مؤكدًا أنها كانت مغلوبة على أمرها.
قال الزوج: «كنت أعلم أنني لن أستطيع الإنفاق على البنتين، والسيدة التي قابلتني أقنعتني أن ابنتي ستعيش في كنف أسرة ثرية، وأكدت لي أنها ستريحني من عناء الإنفاق عليها».
يكمل الأب المتهم: «طلبت منها أن تعطيني رقم هاتفها، حتى أطمئن إلى ابنتي كل فترة، لكنها رفضت».
أنهى الأب اعترافه، وقررت النيابة حبسه، وطالبت أجهزة الأمن بسرعة ضبط مافيا سرقة الأطفال!