هل الكذب ملح النساء أيضاً؟!

يوم المرأة العالمي, دفاع عن النفس, علم إجتماع, الكذب, علم النفس, د. سامية خضر, محمد خليل

04 أكتوبر 2010

دوافع الكذب لدى الناس كثيرة ومتنوعة، ومعظمها يكون للدفاع عن النفس إزاء خطأ ارتكب ولا يريد صاحبه ان يتحمَّل مسؤوليته، ومن الكذب ما ينطوي على غشّ للآخر أو اساءة إليه أو الى غيره، ومنه ما يسمى بـ «الكذب الأبيض» الذي لاتترتب عليه نتائج سيئة. والرجال والنساء يلجأون الى الكذب لأسباب متعددة. والبعض منهم يدمنونه ويتحول عندهم الى عادة. وموضوعنا في هذا التحقيق هو الكذب عند المرأة، بعدما تحدثنا في عدد سابق عن الكذب عند الرجل.
فمتى تكذب المرأة؟ ولماذا تكذب؟ وما هي أساليبها في الكذب؟

لماذا تكذب المرأة؟
يقول الفيلسوف هنري فوجان: «المرأة الصادقة هي التي تكذب فقط في سنها، ووزنها، وراتب زوجها»، فهل هناك دوافع نفسية أخرى تجعل المرأة تكذب؟ يجيب عن هذا السؤال الدكتور محمد خليل أستاذ علم النفس الاجتماعي في جامعة القاهرة قائلاً: «لا تختلف دوافع الكذب بين النساء والرجال، ولا توجد إحصاءات تؤكد أن أحد الجنسين يكذب أكثر، ولكن علينا أن نتفق أن هناك كذباً مرضياً، وكذباً مقبولاً اجتماعياً طالما أنه لا يتسبب بضرر لأحد أو يؤذي أحداً، ويكون بهدف طيب مثل صلح بين طرفين أو مجاملة أحد الزوجين للآخر».
ويرفض الدكتور خليل تصنيف الكذب على أساس الجنس، ويقول: لا يوجد شيء اسمه كذب نسائي. ولكن الإنسان بصفة عامة يضطر للكذب، لأن هناك ضغوطاً اجتماعية لا يتحملها ولا يختار فيها الكذب، ولكنه يكذب عندما يشعر بضعفه أمام سلطة جبارة ليس بهدف الكذب أو الرغبة في نيل رضا السلطة، وإنما بسبب ضعفه، وهذا ما نطلق عليه في علم النفس الاجتماعي المرغوبية الاجتماعية».

حالة اضطرارية
وتتفق أستاذة علم الاجتماع الدكتورة سامية خضر مع الدكتور محمد خليل على أن الضغوط الاجتماعية هي التي تضطر الإنسان أحياناً للكذب، وخصوصاً المرأة، وتوضح: «ينتشر الكذب أكثر في الدول النامية بسبب زيادة الترابط الاجتماعي. أما في الدول المتقدمة فكل إنسان لا يهتم إلا بمصلحته على عكس التشابك الموجود لدينا، وبالتالي لا تجد المرأة عندنا منفذاً للحفاظ على أسرار حياتها الأسرية أو الشخصية إلا بالكذب، فهي مضطرة للكذب على أخت زوجها أو حماتها عندما تخبرها بأنها سترافق زوجها في رحلة عمله، والحقيقة أنهما في رحلة زوجية وهي لا تريد أن تتدخل أمه وأخته في خصوصيات حياتها الزوجية».
وترى خضر أن «الكذب ملح النساء في تفاصيل صغيرة تريد أن تنفي المرأة فشلها فيها، فمثلاً عندما يسألها زوجها عن سبب زيادة الملح في الطعام تجيبه مستنكرة أين هو الملح الزائد؟ الطعام معتدل وطعمه لذيذ».
وتضيف: «لا أجد مانعاً في تجمل المرأة أو الكذب الأبيض كما يطلقون عليه، فهو مقبول اجتماعياً طالما أنه لا يضر أحداً، وطالما أنها لا تخفي أشياء تضر آخرين، فالتجمل معناه كذب أبيض وبسيط».

عكاز العاجزين
وتشير الاختصاصية الاجتماعية ومدير إدارة التنمية البشرية في وزارة الشؤون الاجتماعية  الاماراتية الدكتورة فوزية طارش «إلى أن الكذب أصبح مستشرياً في حياتنا اليومية بصورة كبيرة، رغم أن الكذب نهى عنه الإسلام. والمفروض على راعية الأسرة أن تعوّد أبناءها منذ الصغر على عدم اللجوء إلى هذا السلوك المعيب حتى يصير الطفل شخصاً يتسم بقوة الشخصية، لأن غالبية الناس الذين يكذبون هم من ضعاف الشخصية، فالشخص القوى لا يكذب أبدا، حتى ولو كان على سبيل المزاح. ففي لحظة انكشاف الكذب يتعرض للانكسار.
ومن هنا أقول لو تعود الطفل على الكذب منذ صغره يتحول هذا السلوك جزءا من شخصيته. أما ما يقال عن كذبة نيسان/ابريل مثلاً فلاشك أنها تقليد أعمى للغرب. وأؤكد من جديد أن الكذب ما هو إلا عكاز يتكأ عليه غير القادرين على مواجهة الحقائق والمسؤوليات الملقاة على عاتقهم». 

مرض اجتماعي
وتقول الدكتورة ليندا صقر المعالجة النفسية في مركز دبي لصحة المجتمع: «الكذب عند النساء مثل الرجال وأحيانا الكذب يبدأ مع الإنسان من مرحلة الطفولة، لوجود خوف من ان قول الحقيقة مكلف. وكثير من الأشخاص الذين يعانون من حالات القلق و الاكتئاب يكذبون، كما ان مشاكل الحياة اليومية تدفع الإنسان إلى الكذب. وأحيانا يعتقد بعض الناس أن الكذب وسيله للوصول إلى ما يريدون، وهنا يصبح الكذب مرضاً».
ويقول استشاري الطب النفسي في مدينه الشيخ خليفة الطبية الدكتور علاء إبراهيم حويل: «الكذاب لا يستطيع أن يقول جملاً طويلة، وأثناء كذبه «يحك أنفه» وينظر إلى السقف. ويكذب الإنسان هرباً من المسؤولية ويسوق المبررات لشيء معين. يكذب للدفاع عن نفسه وأحيانا يكذب الإنسان ليعيش في مجتمع غير مجتمعه الأصلي لتعويض النقص. وللكذب أنواع، فهناك كذب خلقي للهرب من المسؤولية، والكذب الموجه للتوافق بين الأفراد، و كذب التجمل و هو عدم الثقة بالنفس وعدم اكتمال الشخصية. والكذب ليس مرضاً نفسياً، بل مرض اجتماعي لأن الفرد يكذب لإرضاء الآخرين. وأيضاً فشل الحوار بين الأبناء والأهل يدفعهم للكذب».