زعيمة العصابة الدولية كارمن...

سلمى المصري, جريمة, شبكة الإنترنت, عصابة, عمليات سرقة, جريمة سرقة, قسم الشرطة, أجهزة أمنية

01 نوفمبر 2010

لا يتجاوز عمرها 32 سنة، لكنها تملك عقلاً إجرامياً تفوّقت به على عتاة الإجرام، ونجحت في خداع أجهزة الأمن عاماً كاملاً بجرائمها التي حيّرت الشرطة. إنها الفنزويلية كارمن التي قضت المحكمة بحبسها ست سنوات، بجرم تشكيل عصابة من جنسيات متعددة اتخذت من مصر مسرحاً لنشاطها. الشواهد تؤكد أن العقوبات لم تنته، فهناك جرائم أخرى تتم محاكمة كارمن وعصابتها عليها، وأكد ملف القضية أن زعيمة العصابة كانت تخطط لسرقة أشياء تتجاوز قيمتها 50 مليون جنيه، في شهر واحد فقط.
كيف نجحت هذه الشابة في جمع 11 شخصاً تحت قيادتها، وكلهم من جنسيات تنتمي الى أميركا الجنوبية؟ وكيف أقنعتهم بأن يتركوا بلادهم البعيدة ويأتوا إلى القاهرة قاطعين آلاف الأميال ليحققوا حلمهم؟، وكيف درّبتهم على عمليات السرقة بمهارة يحسدها عليها عتاة الإجرام؟ حكايتها تحمل إجابات عن كل هذه الأسئلة
.

حملت اعترافات زعيمة العصابة الفنزويلية مفاجآت أثارت دهشة القضاة أثناء محاكمتها، وذلك قبل أن يصدر الحكم بحبسها وعصابتها ست سنوات، في بعض الاتهامات التي وجهتها النيابة إليهم.
بصعوبة بالغة، تحدثت الحسناء كارمن بعد أيام من الصمت تلت القبض عليها، وظلّت تردد لمترجمها أنها بريئة، لكن الشواهد وأفراد عصابتها كشفوا مخططها، ولم تلبث كارمن أن اعترفت تفصيلياً ببدايتها مع جواكين وبدرو وبقية أفراد العصابة.
تمكنت من قيادة عصابتها ببراعة بعدما اقتنع الجميع بقدراتها وأدركوا أنها تحمل لهم الحلم، وتؤكد لهم أن تحقيقه ليس مستحيلاً. واللقاء الأول، كما تقول كارمن، كان عبر شبكة الإنترنت.
كانت كارمن الفنزويلية تعاني الوحدة والإفلاس، تبحث عن المال والمغامرة في الوقت نفسه. غرقت ساعات في غرف الدردشة، وداخلها تعرفت على بدرو وجواكين وسيلفا، وكلهم من بلاد أميركا اللاتينية وظروفهم واحدة.
كانت غرف «التشات» فرصة للفضفضة والبوح بأسرار عميقة. روى كل واحد من الأصدقاء حكايته، وكان عقل كارمن يعمل بسرعة الصاروخ ليربط الأحداث ببعضها.

الهدف واحد
منذ الوهلة الأولى، أدركت كارمن أن الفرصة مؤاتية لجمع هؤلاء الأصدقاء وراء هدف واحد هو المال، فهم جميعاً ليس لديهم ما يخسرونه، الإفلاس والملل والظروف الصعبة هي عنوان حياتهم اليومية.
أحدهم كان يعمل في مجال التسويق وراتبه لا يكفيه، ويعيش على الاستدانة من زملائه في العمل طوال الشهر. والآخر يعيش مرارة الفقر، وينتظر إنجاب زوجته ابنه، وهو لا يعرف كيف سينفق على هذا الطفل، وأخرى تعيش في جحيم مع أسرتها بعدما تنصل والدها من مسؤوليته في الإنفاق على منزله.
كانت كارمن تفكر في وسيلة تقود بها هؤلاء الشباب، وأدركت أنهم جميعاً على استعداد لتقبل أي فكرة تنقذهم من الحياة المؤلمة التي يعيشونها في بلادهم، وقررت الحسناء الذكية أن تجس نبض أصدقائها. فأفصحت لهم عن فكرة ستجعل من كل واحد منهم مليونيراً، لكنها تحتاج إلى المخاطرة والسفر. وانتظرت كارمن ردود فعل أصدقائها، واندهشت عندما أرسلوا إليها يسألونها عن هذه الوسيلة، وقررت أن تنتظر فترة من الوقت حتى تحفزهم بشكل كبير.
بعد أيام من هذا العرض، أرسلت كارمن الى أصدقائها تصورها لتنفيذ الفكرة الجديدة، وأوضحت لهم أنها تفكر في تكوين عصابة برئاستها، تقوم بعمليات سرقة في بعض دول الشرق الأوسط. وأكدت في رسائلها أنها اختارت أن تبدأ من مصر، نظراً إلى عدم وجود كاميرات مراقبة في الشوارع والميادين الرئيسية!
طلبت كارمن من أفراد عصابتها أن يلتقوا في فنزويلا، وأكدت لهم أنها ستقوم بتدريبهم على أعمال السطو والهروب بالمسروقات، وأخبرتهم أنها درست جيداً مسرح جرائمها.
وخلال ثلاثة أسابيع، نجحت زعيمة العصابة في تدريب جميع معاونيها على أدوارهم، وأصبحوا جميعاً جاهزين لتنفيذ مخططها، لم تنس أن تزيد حماسهم بتأكيدها أنهم خلال أسابيع قليلة سيصبحون من أصحاب الثروة.
حددت لعصابتها ساعة الصفر للسفر إلى القاهرة، فادعوا أنهم متجهون للسياحة، واللقاء الأول في مصر شهدته منطقة الأهرام حيث طلبت منهم كارمن استئجار ثلاث شقق، في المهندسين والعجوزة ومصر الجديدة، وأكدت لهم أنها جهزت خطة للهروب فوراً في حالة القبض على أي عضو من أعضاء العصابة.
فاشتروا مستلزمات جرائمهم، ووضعت كارمن أمامهم خريطة مصر الجديدة، الحي الراقي العامر بالفيلات والشقق المتخمة بالغنائم الثمينة.
في أول يوم ارتكبت العصابة بقيادة كارمن ثلاث جرائم سرقة، والحصيلة كانت مئات الألوف من الجنيهات والذهب، كانت زعيمة العصابة تصعد الى الشقق وتطرق الباب، وتشير الى عصابتها حين تتأكد من عدم وجود سكان فيها.

اعترافات
أمام المحكمة اعترفت كارمن بأن جرائمها استمرّت أسابيع، وخلال فترة وجيزة وصلت قيمة المسروقات إلى 5 ملايين جنيه. ودرَّبت كارمن أحد مساعديها على وضع بعض المسروقات الثمينة في «ورق حراري»، تمهيداً لتهريبها إلى فنزويلا والمكسيك. وكشفت اعترافات زعيمة العصابة أن معاونيها تمكنوا، من تهريب بعض المسروقات الغالية إلى خارج البلاد، وبدأت تستعد لتهريب بقية المجوهرات إلى أميركا اللاتينية.
في هذه الأثناء وصلت معلومة مهمة الى أجهزة الأمن عن مكان الشقة التي تختفي فيها كارمن، وحصلت الإدارة العامة لمباحث القاهرة على إذن من النيابة لدهم الشقة. واندهشت كارمن عندما وجدت رجال المباحث أمامها.
عثرت الشرطة على جزء من المسروقات داخل شقة زعيمة العصابة التي أرشدت الى أماكن زملائها، وأماكن بعض المسروقات، ونشرت أوصاف وصور بقية أعضاء العصابة على كل المكامن، ولم تمض أيام حتى سقط أفراد العصابة.