ثلاث 'شامات' و'لثغة' حرف الراء تبرّئ زوجة من 'بلوتوث' الخيانة!

الإمارات العربية المتحدة, خيانة, قضية, المحاكم , حكم قضائي

14 ديسمبر 2010

بعد 5 سنوات من مراحل متعددة أمام درجات التقاضي في محاكم الإمارات، أنقذت ثلاث «خالات» ولثغة لسان زوجة من أبشع تهمة قد تواجهها امرأة من زوجها الذي عاشت معه  سنوات عدة وأنجبت منه طفلة رقيقة أثناء نزاعهما، اذ كانت حاملا بشهورها الأولى وقت اتهامها بالخيانة. الزوج الذي اتهم زوجته بـ «الخيانة والانحلال» استند في دعواه إلى «بلوتوث » ورد إليه على هاتفه من مجهول أثناء وجوده في رحلة تسوق مع الزوجة في احد المراكز التجارية. ومن فضوله، فتح الرسالة فوجد صورة لامرأة ترقص بملابس فاضحة أمام جمع من الرجال. فدقق الزوج في الصورة المرسلة إليه لتصيبه الصدمة عندما وجد تشابهاً كبيراً بين تلك المرأة وزوجته!  


لم يصدق الزوج نفسه، ولم يجد بداً من أن يطلب من زوجته العودة إلى بيتهما، وهناك واجهها بالصور الراقصة الفاضحة، فأكدت له أنها بريئة من تلك التهمة المشينة، ولم تفعل شيئاً من هذا الانحلال الذي عرضه عليها في هاتفه، وأن سوء الظن يقابله المثل الشائع « يخلق من الشبه أربعين»! لكن بكاء الزوجة التي أكدت لزوجها أنها ليست المرأة وكلامها لم يقنعا الزوج لتبدأ سلسلة من الإهانات والعذاب اليومي للزوجة، ولعل أقساها نظرات الزوج التي تحتقرها ومعاملته السيئة لها. فتوجهت إلى محكمة الشارقة طالبة الطلاق للضرر، خاصة بعدما رفض الزوج تطليقها لأنها كانت حاملا، وفي المقابل تقدم الزوج بالبلوتوث إلى المحكمة متهما زوجته بالزنا داعماً شكواه بملف مصور.

الحكم بعد المداولة
قضت المحكمة بتطليق الزوجة للضرر، إلا أن الزوج استأنف الحكم، وأجازت محكمة الاستئناف ما أقرته المحكمة الابتدائية.
إلى هنا انتهت العلاقة الزوجية بين الاثنين لتظهر قضية أخرى، فقد بقيت الطفلة والمطالبة بحضانتها من قبل الزوج وقضية البلوتوث هما الرابط بين الطليقين، وفي نهاية المطاف، أكدت محكمة الشارقة أن القضية ليست من اختصاصها، لأن مكان تلقي الرسالة «محل الصراع» كان في مركز تسوق في دبي.

جولة البراءة
وأمام محاكم دبي بدأت فصول أخرى لقضية «البلوتوث»  تعود من جديد، فقد وجهت النيابة العامة للزوجة تهمة «هتك عرض بالرضا»، لأنها تعرّت أمام شخص مجهول وسمحت له بتصويرها بواسطة الهاتف النقال، وقيدت القضية «جنحة هتك عرض بالرضا».
الزوجة التي أنكرت ذلك،أكدت أمام نيابة دبي أنها زوجة محترمة لرجل محترم، وأم لطفلة عمرها الآن يقترب من الخمس سنوات فكيف تقع في هذا الخطأ وتقبل ذلك على نفسها؟
ووفقا لمحامي الزوجة جاسم النقبي، فقد طلبت الزوجة تحليل محتوى رسالة «البلوتوث» لدى الأجهزة الجنائية المختصة، فأمرت النيابة العامة بإحالة الفيلم القصير المصوّر إلى الإدارة العامة للأدلة الجنائية، وهناك تم انتداب ثلاثة خبراء من الطب الشرعي احدهم من خبراء الأصوات، والآخر من خبراء التصوير، أما الثالث فكانت من الطبيبات المتخصصات وذلك لفحص الزوجة وفحص محتوى «البلوتوث» .

تقرير البراءة الموثقة

وجاء تقرير الإدارة العامة للأدلة الجنائية وعلم الجريمة التابع للقيادة العامة لشرطة دبي قاطعا  ويفيد بأن الزوجة «المتهمة» فيها ثلاث شامات (وحمات) داكنة اللون، اثنتان بارزتان عن سطح الجلد وأسفل العين اليسرى، وأخرى أسفل الخد الأيمن، وشامة أخرى في البطن، وغيرها من الشامات.
 وبمقارنة صورة «فتاة البلوتوث» مع الزوجة المتهمة وجد تشابه في ملامح الوجه والمقاييس الجسدية العامة بين المتهمة وصاحبة الصور في «البلوتوث»، فالتشابه العام في الملامح والمقاييس الجسدية بين الأشخاص هو أمر وارد الحدوث، إلا أنه لم تكن هناك أية شامات في وجه فتاة «البلوتوث».
وفي العينات الصوتية، قال التقرير أنه بعد الاستماع إلى صوت المتهمة وصوت «فتاة البلوتوث» تبيّن اختلاف في الخصائص الصوتية الدقيقة من حيث اللهجة، ومعدل سرعة الكلام، ومخارج الحروف، وطبعة الصوت وشدته، وكذلك مسار الحزم الصوتية والتوقفات والفجوات الترددية، وأن الزوجة تملك «لثغة» في حرف الراء، بينما صوت الفتاة في «البلوتوث» لا يتضمن تلك «اللثغة».
وفي النهاية، جزم التقرير الفني الثلاثي بأن المادة في الفيلم ومدتها 65 ثانية تخلو من عمليات «الدبلجة والمنتجة» الفنية، ولا يوجد فيها تلاعب سواء بالحذف أو الإضافة أو التغيير، وان المرأة التي تظهر في صور «البلوتوث» ليست الزوجة المتهمة كما أن صوت المرأة في مادة الفيلم لا يعود الى الزوجة موضع الاتهام.

«الشامة واللثغة» نعمة
وقال محامي الزوجة جاسم النقبي انه وبعد جلسات عدة في المحكمة نالت الزوجة البراءة من التهمة المنسوبة إليها، ولكن للأسف لم يتم التوصل إلى الفتاة التي تظهر في «البلوتوث» ولا إلى الشخص الذي أرسله، لافتا إلى أن الزوجة قالت أثناء النظر في القضية إنها ذهبت إلى أكثر من طبيب لإجراء عمليات لنزع الشامات خاصة تلك التي تقع في وجهها، ووقتها نصحها الأطباء بعدم العبث بها، وكأنهم كانوا يتوقعون أنها ستكون وراء براءتها من التهمة البشعة التي ألصقت بها من أقرب الناس إليها. وأكدت الزوجة أيضاً أن احد الأطباء أكد لها أن تصحيح «لثغة» الراء سوف يتسبب بمشاكل أخرى ناصحاً إياها بإبقائها أيضاً.
وأكد النقبي أن الزوجة فور صدور الحكم لبراءتها سجدت باكية مرددة «سبحان الله لقد كنت غير راضية بما خلقني عليه ربي واليوم هذه الخالات واللثغة كانت سبب براءتي أمام الجميع، فقد قاطعتني أسرتي وأهلي  وجيراني بسبب ما قيل عني».
وأشار إلى أن الزوجة رفضت العودة إلى زوجها بعد تبرئتها، وتعيش الآن مع ابنتها على نفقة قررتها المحكمة من الزوج.
وأضاف النقبي أن الاتهام في الشرف كان من شأنه أن يحطم موكلته، فالقضية التي فصلت فيها المحكمة أخيراً استمرت سنوات عدة في ردهاتها، ولكن رباطة جأش موكلته وتمسكها بأقوالها ونفيها ما نسب لها من اتهام قذر، إلى أن ظهر تقرير المختبر الجنائي، كل ذلك أثبت بكلمات واضحة أن موكلته ليست تلك هي المرأة التي تظهر في الفيلم، بينما لم يرتض الزوج بالنتيجة، وبادر إلى الاعتراض على تقرير المختبر الجنائي، ومرة أخرى ورد التقرير مؤيداً لما سبق.