العمل الخيري التطوّعي: أسمى هدية من إنسان لإنسان
معاناة, سلمى المصري, جمعيات خيرية, العمل التطوعي, نجيب ساويرس, أعمال خيريّة, أمجد خيري, حنان نصر, العمل الخيري, وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأنروا
03 يناير 2011فاطمة إبراهيم: لأنني أخدم مجتمعي
أما فاطمة إبراهيم (22 عاماً) عضو مجلس إدارة «نموذج محاكاة جائزة نوبل» وأحد المؤسسين، فتؤكد أنها تسعد بتطوعها بوقتها ومجهودها للعمل في المشروع. وتقول: «أسعد لأنني أخدم مجتمعي، حتى وإن لم أكن مخترعة، فيكفيني أنني أساعد الباحثين، وأكون في قمة ساعدتي عندما ننجح في إقناع أحد رجال الأعمال بتبني البحث وخروجه إلى النور، هكذا نعمل على زيادة الانتماء إلى البلد وتنمية شبابه».
جمعية خيرية
يقول طارق نجيدة، مدير مؤسسة «الكوثر» الخيرية التي أسسها الإعلامي محمود سعد: «فكرة الجمعية ولدت عندما ازداد حجم المشاكل التي كانت تعرض على محمود سعد في برنامج «البيت بيتك»، وقتها شعرنا بأنه من الواجب إنشاء هذه المؤسسة لنتمكن من مساعدة الناس في إطار قانوني. والجمعية تقدم خدمات صحية، وأيضاً تساعد العرسان المحتاجين، أما أهم الأنشطة الاجتماعية الآن، فهي مدرسة الجذام التي يتم إنشاؤها في مستعمرة الجذام حيث لا مدرسة ابتدائية، وبمجرد إعلاننا عن تلك الفكرة، ساعدنا العديد من المتبرعين ورجال الأعمال».
وأضاف نجيدة: «متعة كبيرة أن تشعر بأنك تفعل شيئاً مهماً للآخرين، دون انتظار مقابل. بل أعتقد أن العمل، في مجال النشاط الإنساني والاجتماعي، يغير الكثير في حياة من يقومون به، فالأمر ليس تهوراً أبداً، لكنه رغبة حقيقية في خدمة الآخرين. وبصراحة زميلنا محمود سعد هو الذي يدفعنا معنوياً دائماً لخدمة غيرنا».
التكافل الاجتماعي، ومساعدة المحتاجين، وقطع آلاف الأميال لخدمة متضرِّري الحروب واللاجئين، وتخلِّي الانسان عن معظم ما يملك، وأحياناً عن كل ما يملك، استجابة لنداء إنساني يدعوه الى المساهمة في رفع المعاناة عن أفراد من البشر، أو جماعات، يتخبّطون في الألم والبؤس والمرض والجوع والشقاء. فنانون كبار، وأصحاب ثروات ضخمة يتخلون عن حياتهم المُترفة، ويذهبون للعيش في أماكن بعيدة عن أوطانهم وعائلاتهم من أجل مساعدة المتألّمين والمحتاجين.
فما هو دافع هؤلاء للتضحية من أجل آخرين لا يعرفونهم؟ ولم يسبق لهم أن رأوهم أو سمعوا بهم؟ ذلك ما سنتعرف إليه في هذا التحقيق الذي يتناول شخصيات عربية وأجنبية اشتهرت في عالم العمل الإنساني.
دوافع العمل التطوّعي
يرى استشاري الطب النفسي المصري الدكتور أمجد خيري، أن المتطوّعين في الأعمال الخيرية تتميز شخصياتهم بإنسانية مرهفة، فهم يشعرون باحتياج الآخرين ويهمُّون بالمساعدة، ولا يبالون بتكبد العناء أو المجهود، أو طول المسافات.
ويضيف: «هذه الشخصية، المحبة للخير، نجدها شخصية متسامحة مع نفسها، عطوفة على الآخرين، ويبرز ذلك خلال تعاملاتها الأسرية مع أفراد أسرتها، والوطن العربي مليء بتلك الأنماط من الشخصيات».
ويوضح استشاري الطب النفسي دور التنشئة الأسرية في غرس روح العمل الخيري في الأطفال، لذا يحث كل أم على ضرورة غرس الإحساس بالمحتاجين لدى طفلها، حتى يكون مفيداً للمجتمع عندما يكبر.
ويؤكد أن العمل الاجتماعي والخيري يعود على الإنسان بفوائد نفسية عظيمة، أهمها التوازن والاستقرار النفسي والبعد عن الاكتئاب.
أخذ وعطاء
ويتفق د. خيري في الرأي مع أستاذة علم الاجتماع في المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية الدكتورة عزة كريم، التي تؤكد أن العمل الخيري لا يعود تأثيره الإيجابي على المتلقي فقط، وإنما من يمارسه أيضاً، فيجب أن يشعر كل فرد منذ طفولته بأنه يمكن أن يعطي الآخر وأن يكون المقابل الوحيد هو إسعاد الآخر، فالعمل الخيري يؤدي هذه المهمة، بأن يعلّم الشخص بذل المجهود، سواء سفراً أو وقتاً أو إنفاقاً، دون أن يحصل على مقابل إلا حل مشاكل الآخرين».
وتشير إلى أن العمل الخيري يجعل الإنسان يعتاد عدم الأنانية، ويُعلِّمه أن الحياة أخذ وعطاء، ولذلك تطالب كل أسرة بتعليم أولادها المشاركة في الأعمال الخيرية، لأنه بذرة يبدأ زرعها من الطفولة.
وتوضح أن العمل الخيري يُحدِث توازناً في المجتمع، فهو يعني إعطاء القادر لمن لا يقدر. «والعطاء ليس مادياً فقط، وإنما مجهود أيضاً، فهو يؤدي إلى التكافل الاجتماعي والمادي. وعندما يشعر الإنسان بالتكافل تقل سلوكيات العنف والغدر والغيرة لديه، ويحلّ محلّها الحب والتسامح والعطاء، فالعمل الخيري مهم جداً لتوازن الشخصية». لذلك تطالب كريم بإدراج قيمة العمل الخيري والاجتماعي في المناهج الدراسية، وتخصيص رحلة شهرية للأطفال يزورون فيها الجمعيات الخيرية، ويعتادون على مساعدة الآخرين.
آية صبري: متفرغة لأعمال الخير
أما آية صبري (22 عاماً) فضحت بعملها في إحدى المدارس من أجل التفرغ للعمل الخيري مع الأطفال في مشروع «سيبوني أفكر»، وتقول: «التعليم في المدارس حالياً خالٍ من الترفيه، ويقتل الإبداع لدى الطفل. وبعدما لمست تلك الحقيقة من خلال عملي، قررت التفرغ للعمل الخيري في مشروع «سيبوني أفكر»، الذي يخاطب الأطفال من سن 7 إلى 15 عاماً، ويعمل على إكسابهم العديد من المهارات، أهمها القدرة على اتخاذ القرار. وأشعر بأن عملي هذا ذو قيمة أكبر وأنني صاحبة رسالة، لذا لم أندم على التفرغ له».
دعاء شوقي: استثمار ايجابي لوقت الفراغ
التطوع في الأعمال الخيرية ومساعدة الشباب استثمار إيجابي لوقت الفراغ بالنسبة إلى دعاء شوقي (21 عاماً). تقول: «أعتبر أن التطوع بالوقت والمجهود لمساعدة الآخرين استثمار جيد لوقت فراغي، فأنا مؤمنة بأن الشباب في حاجة إلى المساعدة. ولأنني مؤمنة بأن بلادنا لن تحقق تطوراً ولا تميزاً إلا عن طريق الشباب، قررت أن أساعد مجتمعي بمساعدتي للشباب، وأسست مع زملائي مشروع «نموذج محاكاة جائزة نوبل»، وهو مشروع خيري يدعم الشباب واختراعاتهم، ونقدم لهم العون عبر إقامة دورات تدريبية مجانية تساعدهم على تطوير اختراعاتهم. وفي نهاية العام نعقد مؤتمراً علمياً للأبحاث، ونقدم جوائز للأعمال الفائزة، هي عبارة عن دعم مادي من رجال الأعمال، ومساندتهم للشباب في خروج اختراعاتهم إلى النور».
وتتابع: «يكمن مجهودي في التنسيق مع رجال الأعمال كمنسقة علاقات عامة للمشروع».
نجيب ساويرس: عطاء متواصل
رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس قرر أن يضحي بنجاحه كرجل أعمال، وأعلن تفرغه للأعمال الخيرية ومساعدة المحتاجين، كما سبق أن فعل بيل غيتس مؤسس شركة مايكروسوفت، أثرى أثرياء الولايات المتحدة، والذى قدرت مجلة «فوربس» ثروته بنحو 54 مليار دولار.
ورغم أن ساويرس ليس بعيداً عن الأعمال الخيرية، كونه يملك مؤسسة ساويرس للأعمال الخيرية التي أسسها قبل سنوات، وهى مؤسسة نشطة ساهمت وتساهم في مشاريع خيرية كثيرة فى مصر والخارج، فإنه بقراره الأخير يعد أول رجل أعمال مصري يتفرغ للأعمال الخيرية، مقتدياً بذلك بأثرياء في الولايات المتحدة وأوروبا يشاركون في أعمال خيرية فى مجتمعاتهم.
وأكد ساويرس أنه سيركز على ثلاثة محاور أساسية للعمل الإنساني خلال الفترة المقبلة، وهي: مكافحة الفقر والمساهمة في توليد فرص العمل أمام الشباب المصري، من خلال المشاريع المتناهية الصغر، وإعطاء دفع حقيقي لحوار الأديان والثقافات، وتنمية فكر التسامح ومحاربة التطرف والإرهاب، والدعوة للبعد عن كل ما يفرق المجتمع، والتركيز على نقاط الاتفاق، وتنمية الأماكن الأكثر فقراً في العالم. والبداية ستكون من الأراضي الفلسطينية المحتلة.
مي يونس: مؤمنة بنتائج ما أفعل
قررت مي يونس (24 عاماً) أن تساعد مجتمعها بفنها وإحساسها المرهف، فتطوعت بجزء من ساعات يومها لتعليم الأطفال وتوعيتهم عن طريق الفن.
وترى مي أن الساعات التي تمضيها يومياً مع الأطفال متطوعة، تخدم رسالتها في تغيير سلوكيات الأطفال بالفن، وتقول: «الفن قادر على بناء عظماء لذلك أخدم مجتمعي بفني وأتبني وجهة النظر تلك، وأسعد عندما يخبرني أحد أولياء الأمور بتحسن سلوكيات الأطفال بعد ورشة العمل، فأنا مؤمنة بأن الثقافة الفنية تبني جيلاً من العظماء، ولا أعتبر عملي الخيري مع الأطفال إهداراً للوقت، بل استثماراً لقدرات الجيل».
رحاب الطحان: مكافأتي ابتسامة رضا ممن أساعدهم
شعور رحاب الطحان، (مذيعة في راديو حريتنا)، بالوحدة بعد وفاة أبيها جعلها تتجه إلى دور الأيتام لتساعدهم، فبدأ انخراطها في العمل الخيري من منطلق شعورها بهؤلاء الأيتام منذ كان عمرها 15 عاماً، ولكنها سرعان ما أيقنت أن العمل الخيري رسالة عليها أن تؤديها مادامت قادرة على العطاء.
ولأن العنوسة من أكبر مشاكل المجتمع المصري، تؤكد رحاب أنها قررت مساعدة الشباب، وبالفعل ساعدت أكثر من 100 شاب وفتاة على الزواج، عن طريق التنسيق مع الجمعيات الخيرية، كما نظمت عرسين جماعيين في القاهرة، وتنظم عرسين في الإسكندرية والصعيد قريباً.
وتقول: «أكبر دافع للإستمرار، هو نظرات السعادة في أعين الناس، ومن أبرز الأفكار التي شاركت بها «جمعية صحبة خير»، إذ أنشأنا ملفاً طبياً للأطفال في المناطق الفقيرة، ويكشف كل ملف عن حالة الأنيميا للطفل، وعما إذا كان يعاني أحد أمراض سوء التغذية أو غيرها، كما أقمنا دروس تقوية مجانية، وكنا ندعم التلاميذ بالعسل الأسود والخضراوات لمواجهة الأنيميا وزيادة تركيز الأطفال».
وتؤكد أنه رغم المجهود الشاق الذي تبذله في العمل الخيري، فإن المكافأة المعنوية التي تتلقاها في ابتسامة رضا من أحد المحتاجين، أهم من أي مكافآت مادية، فضلاً عن إيمانها بأن كل الأديان حثت على مساعدة الآخر والمحتاج، لذا فهي سعيدة بنشاطها التطوعي.
ساندرا فؤاد: اقطع مئات الكيلومترات لمساعدة الأطفال
هدفي تنمية الأطفال فهم قادة المستقبل، وأحاول بذلك تنمية بلدي، لذا لا أرى سفري وتنقلي بين المحافظات لمساعدة الأطفال بالطعام أو تقديم دعم ثقافي أو مادي، إهداراً لوقتي بل رسالة عليّ إكمالها»، هكذا عبرت ساندرا فؤاد، (23 عاماً) عن هدفها من العمل الخيري.
وتضيف: «أقطع مئات الكيلومترات سفراً من القاهرة إلى صعيد مصر، وخارج مصرأيضاً، مع مؤسسة متطوعة لتغطية حاجات الأطفال المادية والنفسية. فنحن نقدم أيضاً إرشاداً نفسياً وتوعية صحية، وأنا مؤمنة بأن التعليم في الصغر كالنقش في الحجر».
سارة الطراوي: لتحسين صورة الشرق
كانت أحداث 11 أيلول/سبتمبر سبباً لزيادة الأفكار السلبية عن العرب والشرق، ومنذ ذلك الوقت أصبحت صورة الشرق مقترنة بالإرهاب لدى الغرب، تلك الثقافة كانت السبب في مقتل الدكتورة المصرية مروة الشربيني في ألمانيا، لذا قررت سارة البطراوي، (24 عاماً)، تغيير تلك الثقافة عن طريق مشاركتها في برنامج تلفزيوني، يهدف إلى التبادل الثقافي بين الشباب المصري والألماني. تقول: «أرى أن العمل الخيري لا يقتصر على مساعدة الجياع والفقراء، بل يجب أن يكون لدينا جانب ثقافي وتوعوي للحد من العنف الموجه ضدنا نحن العرب، في الخارج بسبب الأفكار الخاطئة عنَّا، لذا قررتُ أن أقوم بعمل حقيقي وتطوعي ينقل صورتنا الحقيقية إلى العالم أجمع. ولا أجد غضاضة في تكبد عناء السفر إلى برلين مرتين شهرياً لتصوير البرنامج، الذي تصوّر فيه حلقتان شهرياً في مصر أيضاً، من أجل التبادل الثقافي».
وتتابع: «أشعر بسعادة غامرة عندما يقتنع شباب ألمانيا بوجهة نظرنا، وعندما نوضح لهم أننا لسنا متخلفين، ولدينا من العقل لنحاورهم، إن سعادتنا أنا وزملائي المصريين لا توصف بالتغير الملحوظ للنظرة إلى العرب في ألمانيا بفضل البرنامج».
في مختلف المجتمعات البشرية وُجد دائماً الرجال والنساء الذين ساعدوا عن طريق بَذْل الجهد أو بَذل المال من أجل مساعدة المحتاجين وكثيرون منهم كادوا يضحون بحياتهم لرفع الأذى عن غيرهم. في السطور التالية نستعرض عدداً من الشخصيات العربية والأجنبية التي اشتهرت بفعل التضحية والعطاء والاحسان وهنا شخصيات من مصر.
حنان نصر: ملكات الجمال في ميدان العمل الخيري
الدافع وراء تضحية الكاتبة حنان نصر، رئيسة مهرجان ملكة جمال العرب، بالمجهود والوقت والسفر لتقديم المساعدات الخيرية، هو زراعة الخير وتقديم مثل أعلى لملكات جمال العرب في العطاء، وتعليمهنّ قيمة التكافل الاجتماعي. تقول نصر: «العمل الخيري واجب إنساني على كل شخص تجاه المجتمع بأكمله، ولا يقتصر على أفراد فقط. ومن هنا قررتُ أن أزرع تلك القيمة داخل ملكات جمال العرب، ونظمتُ لقاءات عدّة بمساعدة الحكومات العربية لتدريب الفتيات على الخير والعطاء. فمشروع «قافلة الخير»، مثلاً، جاء نتيجة مهرجان ملكة جمال العرب، وبالفعل توجهنا إلى زيارة الجنوب اللبناني عام 2007، لتقديم هدايا لـ 30 ألف طفل. وقد استقبل القافلة السيد رئيس الجمهورية إميل لحود، وفؤاد السنيورة رئيس وزراء لبنان، ورشيد الصلح رئيس الوزراء الأسبق. وزارت القافلة أماكن عدة في لبنان الشقيق، منها: الضاحية، الناقورة، البستان، عيتا الشعب، قانا، قلوية، كما زارت العديد من الجمعيات الخيرية، مثل مار إلياس، للإحتفال بعيد الفطر المبارك مع الأطفال الأيتام والمنكوبين في الحرب».
تضيف: «توجهت القافلة إلى العديد من البلدان المنكوبة لمساعدة ضحايا الحرب، فزرنا معبر رفح، وقدمنا هدايا لـ15 ألف طفل فلسطيني على المعبر، وكان في استقبال القافلة محافظ شمال سيناء وأعضاء مجلسي الشعب والشورى والقيادات الشعبية ومشايخ وقبائل البدو. بالإضافة إلى تنظيم قافلة طبية لليمن، وكانت تحت رعاية الرئيس اليمني علي عبدالله صالح، كل ذلك بهدف تنمية الحس الاجتماعي لدى الفتيات العربيات، وتطوير مشاركتهن في العمل التطوعي، وتحفيز رغباتهن في حل مشاكل بلادهنّ».