تناول الأدوية لتحديد جنس الجنين مباح شرعاً
د. علي جمعة, د. محمد رأفت عثمان, شعوذة, د. عبلة الكحلاوي, د. نصر فريد واصل, تنظيم الغذاء , د. عبد المعطي بيومي, مفتي مصر, د. عفاف النجار, الأدوية, فتوى, الشيخ جمال قطب, د. عبد الفتاح الشيخ, إختيار جنس الجنين, د. جمال أبو السرور
16 فبراير 2011أجازته المجامع الفقهية
أما الرئيس الأسبق لجامعة الأزهر الدكتور عبد الفتاح الشيخ فيقول: «تحديد جنس الجنين هو مِن قدر الله سبحانه وتعالى وقدرته، لأنه يأمر مَلك بكتابة ما أراده الله في قضائه الأزلي، وما استأثر به من تفاصيل علم ما في الأرحام، من حيث الرزق والعمر وسعيد أم شقي. وقد أخبر تعالى عن نفسه أنه هو الذي يخلق ما يشاء وأنه هو الذي يهب الإناث والذكور فقال تعالى: «لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ) الآيتان 49-50 سورة الشورى».
وأضاف: «لكن هذا لا يمنع من أراد أن تكون ذريته ذكراً أو أنثى أن يتخذ الأسباب التي تثبت بالتجربة أو بالعادة أو بالعلم الحديث، ما دام ليس فيها مخالفة للشرع. وقد أجازت بعض المجامع الفقهية، وأهمها مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر وكذلك مجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي، ذلك للضرورة القصوى وعلى سبيل الاستثناء، للمحافظة على كيان الأسرة إذا كانت كل الذرية من نوع واحد ويخشى انهيارها بسبب ذلك. وقد وضع الفقهاء في مجمع الفقه الإسلامي ضوابط أهمها أن يكون اختيار جنس الجنين بالطرق الطبيعية، كالنظام الغذائي والغسول الكيميائي أو توقيت الجماع بتحري وقت التبويض، طالما كانت له أسباب مباحة لا موانع شرعية فيها».
وأكد أن «الأصل في المسلم التسليم بقضاء الله وقدره، والرضا بما يرزقه الله ذكرًا كان أو أنثى، ويحمد الله على ذلك، فالخيرة في ما يختاره الله، ولقد جاء في القرآن الكريم ذم فعل أهل الجاهلية من عدم التسليم والرضا بالمولود إذا كان أنثى، قال تعالى: «وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ» آية 58- 59 سورة النحل. ولا بأس في أن يرغب المرء في الولد ذكراً كان أو أنثى، بدليل أن القرآن الكريم أشار إلى دعاء بعض الأنبياء بأن يرزقهم الله الولد الذكر».
التفسير الطبي
وعن كيفية تحديد نوع الجنين طبيًا يقول العميد الأسبق لطب الأزهر الدكتور جمال أبو السرور: «يقوم الأطباء بفصل الكروموسومات الذكرية عن الأنثوية، وإجراء تلقيح للبويضة الأنثوية خارج الرحم، ثم إعادة زرعها داخل الرحم ليتم الحمل بعد تحديد جنس المولود. ويتم ذلك من خلال توثيق علمي صارم يرافق عمليات أطفال الأنابيب، ومنه تحديد جنس المولود، اذ ان هناك لجاناً طبية متخصصة تدرس كل حالة.
أما محاولة تحديد جنس الجنين عن طريق الغذاء والدواء فتكون بتغيير الوسط الحامضي والقاعدي في عنق الرحم والمهبل لأن البوتاسيوم والصوديوم يحولان الوسط إلى قاعدي وبالتالي تكون هناك فرصة أكبر لإنجاب الذكور. أما الماغنسيوم والكالسيوم فيجعلان الوسط حامضياً وبالتالي تكون الفرصة أكبر لإنجاب الإناث. وكذلك التغيير في جدار البويضة لزيادة مدى استقبال البويضة للحيوان الذكري أو الأنثوي، اذ أثبتت الأبحاث أن تغذية المرأة لها تأثير في عملية اختيار جنس المولود، وذلك بتأثيره على المستقبلات التي ترتبط بها الحيوانات المنوية في جدار البويضة، والتي عن طريقها تخترق الجدار ويحدث التلقيح. ولاتباع هذه الطريقة على الزوجة اتباع حمية غذائية لمدة زمنية لا تقل عن الشهرين قبل الحمل تدعم بها المخزون الغذائي الذي يشجع الجنس المرغوب فيه. وعلى المرأة أن تستمر في النظام الغذائي حتى تتأكد من الحمل، فإذا حملت يجب فوراً تركه وأخذ جميع المواد الضرورية لجسمها وجسم جنينها وفق ما يصفه الطبيب».
مسموح للضرورة
يرى عضو مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر الدكتور عبد المعطي بيومي «أن الدين يرخص عملية اختيار الجنس في أضيق الحدود، ويجب أن تكون رخصة للضرورة، كأن تكون في الأسرة التي أنجبت البنات فقط وترغب في إنجاب ولد واحد فقط حتى لا تتعرض الأم للطلاق مثلاً، أو أن يتزوج الرجل مرة أخرى رغبة في إنجاب الولد ظنًا منه أن الأم هي المسؤولة عن نوع الجنين على عكس ما يؤكده الأطباء من أن الزوج هو المسؤول عن ذلك وليس الزوجة».
ويضيف: «وإن كنت أرى أنه من الأفضل ترك الأمر لمشيئة الله القائل: «وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون» الآية 68 سورة القصص. ولهذا لابد أن يكون إجراء هذه العمليات على أيدي أطباء مؤتمنين ولديهم علم وإيمان لمنع أي تلاعب أو مخالفة للشرع، حتى يدركوا أنهم سيسألون أمام الله إذا قاموا بأمور مخالفة. وأن يدرك الجميع أن الله هو الخالق وما يفعله الأطباء لا يخرج عن مشيئته سبحانه القائل: «هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا * إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا» آية 1-2 سورة الإنسان.
أثارت فتوى جريئة لمفتي مصر الدكتور علي جمعة بجواز تناول الزوجة عقاقير وأدوية لتحديد جنس الجنين جدلاً بين الفقهاء الذين انقسموا فريقين، أحدهما يؤيده والآخر يعارضه، ولكل منهما أسانيده الشرعية فماذا قالوا؟
بدأت القضية بسؤال موجه من زوج إلى دار الإفتاء المصرية يقول فيه: هل يجيز الشرع لزوجتي تناول عقاقير أو أدوية معينة بهدف تحديد جنس المولود؟
لا مانع بالغذاء والدواء
وأشارت العميدة السابقة لكلية الدراسات الإسلامية الدكتورة عبلة الكحلاوي إلى أن «الله جعل الناس أربعة أقسام، فمنهم من يعطيه البنات، ومنهم من يعطيه البنين، ومنهم من يعطيه من النوعين ذكوراً وإناثاً، ومنهم مَن يمنعه هذا وهذا فيجعله عقيماً لا نسل له. ولا مانع من الطرق الطبيعية الصحيحة في تحديد جنس الجنين باتباع توصيات الأطباء بنظام غذائي يعمل على تحديد جنس الجنين، ومن حكمة الله تعالى أن يجعل الشيء مرتبطاً بسببه، كما أن الله تعالى هو الشافي ويجعل لذلك سبباً وهو تناول الدواء المناسب أو الدعاء، والسبب لا يثمر ما يراد منه إلا بمشيئة الله، فقد تتبع الأم النظام الغذائي غير أن الله تعالى لا يقدر لها حصول ما تريد، بل لا يكون إلا ما يريده الله».
طرق الشعوذة
وحذرت عميدة كلية الدراسات الإسلامية الدكتورة عفاف النجار من طرق تحديد جنس المولود التي فيها «خرافات وشعوذة أو محرَّم قد يقتضي كشف العورات وما هو بعيد عن العلم، مثل الجدول الصيني الذي هو من الكهانة والشعوذة، حيث يزعمون أنه من الممكن التحكم في جنس المولود عن طريق معرفة عمر الأم ومعرفة تاريخ بداية الحمل، لأنه بمعرفة عمر الأم يمكنها تحري الإخصاب في الشهر الذي يكون معه الحمل إما ذكر أو أنثى، عن طريق تنفيذ تعليمات ينص عليها الجدول الصيني المنطلق من تعاليم الديانة البوذية وعلم النجوم والأبراج، وعدم التسليم بقضاء الله وقدره، وهذا يعد كفراً بالله».
إستخدام وسائل غير مضرة بالصحّة
أجاب جمعة قائلاً: «بخصوص ما يثار عن مسألة اختيار بعض الأزواج والزوجات نوع الجنين عن طريق وسائل طبية معينة، فلابد علينا أن نعلم أن هذا ليس من قبيل ما نهى الله عنه في القرآن في قوله تعالى، حكاية عن إبليس الرجيم: «وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ» آية 119 سورة النساء. لأن الآية تتحدث عن تشويه خلق الله قربة لغير الله، وليس في هذا الأمر كذلك مخالفة لقوله تعالى: «اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ» آية 8 سورة الرعد».
وأضاف: «إن الله عليم ببواطن الأمور وظواهرها، فيعلم سبحانه هل هذا المولود سينزل حيًّا أو ميتًا، وإن عاش كيف سيعيش، هل شقي أو سعيد؟، وغير ذلك مما لا يعلمه إلا الله، فلا يعد التدخل في العوامل الطبيعية للوراثة وتوجيهها بالإرادة البشرية لتحقيق رغبات معينة، كـمنع الحمل وتحقيق الإنجاب والتحكم في صفات الجنين ونوعه وغير ذلك من التقنيات، منافاةً أو تحديًا لإرادة الله عز وجل ومشيئته، كما يعتقد بعضهم، وإنما يدخل الإتيان بمثل هذه الأفعال في دائرة الإرادة الشرعية «افعل ولا تفعل». فما كان من هذه الأفعال ضمن الفضائل المتضمنة مصالح العباد فهو موافق للإرادة الشرعية، وما كان منها من القبائح المتضمنة فساد البلاد والعباد فهو مخالف للإرادة الشرعية، ولا يحدث في كون الله سبحانه وتعالى إلا ما أراد، قال تعالى: «وَقَالُوا لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكاً لَقُضِيَ الأَمْرُ ثُمَّ لا يُنظَرُونَ» آية 8 سورة الأنعام».
وأنهى مفتي مصر فتواه قائلاً: «وعليه فيجوز اختيار نوع المولود عن طريق برمجة الجماع، حيث يتم في توقيتات محددة، أو بمعالجة إفرازات الجهاز التناسلي للمرأة، أو تناول أغذية معينة، أو غير ذلك من وسائل، فيجوز للزوج والزوجة استخدام تلك الوسائل ما دامت غير مضرة بصحتهما أو صحة المولود، وذلك بعد استشارة الأطباء المختصين، وإن كان الأولى والأسلم عدم التدخل في هذه الأمور تزكية للنفس وتأكيدًا للرضا بالله وحكمه وتسليمًا له سبحانه، فالتسليم لحكم الله يُحقق للمرء سعادة الدارين».
منع الأمراض
وأشار الرئيس السابق للجنة الفتوى في الأزهر الشيخ جمال قطب، إلى أنه يجوز التدخل الطبي لاختيار جنس الجنين في حالة الضرورة العلاجية من الأمراض الوراثية التي تصيب الذكور دون الإناث أو بالعكس، على أن يكون ذلك بقرار من لجنة طبية مختصة ومؤتمنة تقدِّم تقريراً طبيّاً بالإجماع يؤكد أن حالة المريضة تستدعي التدخل الطبي حتى لا يصاب الجنين بالمرض الوراثي، مع ضرورة الرقابة المباشرة والدقيقة على المستشفيات والمراكز الطبية التي تقوم بهذه العمليات لمنع أي مخالفة، وفي الوقت نفسه، يكون لدى الزوجين والأطباء يقين وإيمان بأن نوع المولود قبل تخليقه لا يعلمه إلا الله سبحانه. وإن هناك حديثًا للرسول، صلى الله عليه وسلم، يبين كيفية تحديد جنس المولود، فقال: «إذا سبق ماء الرجل ماء زوجته كان المولود ذكرًا وإذا سبق ماء المرأة ماء زوجها كان المولود أنثى»، وقد حاول بعض الأطباء التفسير العلمي لهذا الحديث فقالوا: إذا حدث الجماع بعد حدوث التبويض عند الأنثى كان المولود ذكرًا، أما إذا حدث الجماع قبل حدوث التبويض كان المولود أنثى.
تشجيع العلم بضوابط
يؤكد مفتي مصر السابق الدكتور نصر فريد واصل أن الإسلام «حث على البحث العلمي، ولا يعارض كل ما يكتشف من نتائج وأبحاث علمية ما دامت لا تتصادم مع نصوص القرآن والسنة ولا تدخل في دائرة الحرام. لكن لا يجوز مطلقًا تغليب جنس على جنس آخر، لأنه يمثل خروجًا على منهج الله وحكمته في توازن الجنسين. ولهذا على الأطباء أن يعلموا أن قدراتهم محدودة مهما أوتوا من العلم، ولا يستطيعون أن يتدخلوا في ما اختص الله به ذاته، فهو الخالق بلا منازع، بل إن البذرة الأولى للخلق هي من صنع الله القائل: «أَفَرَأَيْتُم مَّا تُمْنُونَ أَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الخَالِقُونَ» الآيتان 58-59 سورة الواقعة.
وننصح الفقهاء بألا يعارضوا ذلك بإطلاق ويعتبروه خروجًا على دين الله، لأن ما يحدث من الأطباء والنتائج التي يتوصلون إليها، كل ذلك معلوم لله قبل أن يحدث، ومهما فعلوا أو قالوا فإن الله تعالى لا يجري في ملكه إلا ما يشاء».
رد على الشبهات
ويقدم عضو مجمع البحوث الإسلامية الدكتور محمد رأفت عثمان، الأدلة العلمية والشرعية على جواز تحديد نوع المولود بقوله: كثير من الناس ممن رزقهم الله أولادا ً ذكورا ًيتمنون أن يرزقهم الله بأنثى أو العكس. والآن بعد أن استطاع العلماء بإرادة الله عز وجل أن يذللوا العقبات، التي تقف في طريق الاستجابة لرغبة الوالدين في أن يكون الحمل أنثى أو ذكرًا، فيفرز الطبيب الحيوانات المنوية وتختار منها الحيوانات المنوية التي تحمل الكروموسوم الذي يؤدى إلى الذكر أو الأنثى. أرى أن هذا العمل يدخل في المباحات، فلا أرى دليلا ًيحرمه، ويمكن الاستناد في هذا الحكم إلى القاعدة الشرعية التي تؤكد أن «الأصل في الأشياء النافعة الإباحة مالم يرد حظر من الشرع».
وأضاف: لا أجد حظرًا في هذه القضية لكي يغير حكم الأصل من الحلال إلى الحرام. وإذا كان الإجماع قد قام على جواز الدعاء بالطلب من الله عز وجل أن يرزق الإنسان بذكر أو أنثى، ومن المعلوم أن كل ما جاز الدعاء به جاز فعل الأمور المؤدية إلى حدوثه إن كان ذلك في مقدور الإنسان، ومن ثم فإن كل ما لا يجوز فعله لا يجوز الدعاء به. وورد في السنة النبوية أن الرسول، صلى الله عليه وسلم، أباح العزل وهو إنزال الزوج لنطفته خارج الزوجة، والعزل هو منع للإنجاب من الأصل فإذا كان ذلك جائزًا فإن اختيار نوع جنين ومنع الآخر عن طريق التلقيح الطبي للزوجة من نطفة زوجها يكون هو الآخر مباحًا».
وحول ما يسوقه المعترضون بأن اختيار نوع الجنين ينافي ما بيَّنه القرآن الكريم في قوله تعالى: «إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وما تدري نفس ماذا تكسب غدًا وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير» آية 34 سورة لقمان، يقول عثمان: لا أرى منافاة بين الأمرين لأن علم الله ليس حاصلاً بوسيلة من الوسائل، كما هو الحال بالنسبة لعلم الإنسان لما في الرحم. كما أن علمه سبحانه ليس مسبوقًا بجهل ولا مسبوقًا بظن أو تردد كعلم البشر. وقد يقال أيضا إن اختيار نوع الجنين ينافي كون الأولاد هبة من الله، والجواب أنه لا منافاة بين اختيار نوع الجنين باتخاذ القانون الذي خلقه الله وكون الأولاد هبة من الله سبحانه، لأن تعاطي الأسباب لا يؤثر بذاته في حصول المسببات، كما أن الأسباب هي ذاتها مخلوقة بإرادة الله وقدرته، فكل شيء حادث في الكون لا يكون إلا بإرادة الله وقدرته وأمره».
وأنهى كلامه بتأكيده أنه لو كان الرأي القائل بأن «الأولاد هبة من الله صحيحًا ولا يجوز اتخاذ وسيلة لاختيار أحد نوعي الهبة، لكان علاج العقم غير جائز شرعًا. ونحن نؤكد أن ذلك يكون في أضيق الحدود للضرورة القصوى لعدم الإخلال بالتوازن بين أعداد الذكور والإناث في المجتمع».
مخالفة للإرادة الإلهية
يتفق معه في الاعتراض عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية الشيخ يوسف البدري الذي يرى أن تحديد جنس الجنين نوع من المخالفة للإرادة الإلهية، وإذا نجح بشكل كبير سيحدث خللاً في التوازن بين الجنسين. وبالتالي فإن مسألة تحديد جنس الجنين مستحيلة لأن الذي يحدد ذلك هو الله سبحانه وتعالى. ولهذا لابد من حملة مناهضة لهذا الاتجاه لما فيه من تنافٍ مع الأخلاقيات الدينية والطبية، ولما فيه من التلاعب بكرموسومات الأجنة، بل إن اختيار جنس الجنين بهذه الوسائل وأد للجنس غير المرغوب فيه، وعادة ما سيكون البنات في الأغلب بسبب ثقافتنا الشرقية الذكورية التي تشجع إنجاب الذكور على الإناث، ولهذا لابد من المنع التام لهذه العمليات لأنها جريمة في حق الإنسانية ومخالفة للأخلاقيات».
اعتراضات
وعلى الجانب المقابل، يعترض أستاذ الحديث في جامعة الأزهر الدكتور عبد المهدي عبد القادر على أي تدخل بشري لتحديد جنس الجنين، فيؤكد أن «القضية مخالفة للعقل قبل أن تكون مخالفة للفطرة والدين، لأن مجرد ترك الاختيار للإنسان ليتحكم في نوع الجنين يعد عبثًا، لأن ما يتاح لإنسان لابد أن يتاح للجميع، وبالتالي من يضمن أن يوجد لكل ذكر أنثى يتزوجها، والفطرة تفرض التساوي بين النوعين. فما هو الدافع لتفضيل نوع على آخر إذا أيقن الإنسان أن الخالق والرازق هو الله؟ والأفضل التسليم بحكمة الله القائل: «إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ» آية 49 سورة القمر. كما أنه يفتح أبوابًا للحرام، كأن يكون الغرض من إنجاب الذكور مثلاً حرمان أحد من الميراث، والمطلوب من الآباء والأمهات عدم المبالغة في السعي وراء تلك الآمال لأن القدرة الإلهية أعظم».