في الكويت: مدارس مسائية لمحو الأمية

الكويت,الجامعة الكندية في القاهرة,زواج مبكر,الجامعة العربية المفتوحة,العودة إلى المدرسة,مدارس,أميتاب باتشان

12 أبريل 2011

تنتشر في الكويت مدارس مسائية لمحو الأمية وتدريس كبار السن الذي تراوح أعمارهم بين منتصف العمر والأكثر تقدما منهم في السن. أما الذين هم في الثلاثينات والأربعينات فيكملون تعليمهم في الجامعات الخاصة والمعاهد الأهلية لان جامعة الكويت لا تقبل خريجي الأعوام السابقة. ومن جانب آخر فإن الموظف الكويتي لا يحق له طلب إجازة التفرغ الدراسي إلا بعد أن يخدم في وظيفته خمسة أعوام متواصلة. ولهذين السببين نجد أن الموظفين الذين يرغبون في إكمال تعليمهم الجامعي يتجهون الى الجامعات الخاصة التي وفرت للموظفين محاضرات مسائية تناسب أوقاتهم، وأكثر الشرائح التي استفادت من هذا النظام هن الفتيات والأمهات تحديداً اللواتي تزوجن باكراً وحال إنجابهن وظروفهن العائلية دون مواصلة تعليمهن.


أم سعد: أدرس وأستعين بأحفادي


أم سعد الحربي سيدة في الستين من العمر انضمت إلى صفوف المدرسة المسائية قالت: «دخلت المدرسة لا أعرف القراءة والكتابة لكن قلبي يعتصر ألما، لأن من حولي من الأبناء والأحفاد يقرأون القرآن الكريم، وخصوصاً في شهر رمضان كل يمسك بالكتاب وأنا لا أعرف، حتى حين كنت أصلّي أكرر الفاتحة فقط في كل الركعات ولا أحفظ سوراً أخرى من القرآن، وكنت حزينة حتى اقترحت علي إحدى بناتي أن أنضم الى مركز محو الأمية في منطقتنا فهو قريب من بيتي حتى إنني اذهب مشيا في مشوار يومي يسعدني منذ أربعة أعوام. وقد أنهيت الصف الرابع من المرحلة الابتدائية وأنا الآن في الصف الخامس.
وساعدني أحفادي الذين يسكنون معي في بيتي على الدراسة معهم وإجراء واجباتنا معاً. وكنا نشجع بعضنا وأريهم دفاتري حيث تضع لي المدرّسة النجوم وتكتب لي عبارات التشجيع. وقد حفظت الكثير من سور القرآن الكريم وسأكمل تعليمي حتى الصف الثاني من المرحلة المتوسطة، وبعدها سأتفرغ لحفظ القرآن الكريم حتى أختمه أذا أعطاني الله عمراً. وقد حققت أمنيتي بمعرفة القراءة والكتابة لكنني في أرذل العمر ولا أطلب شهادة للوظيفة».


أم جابر: العلم نور والجهل ظلام


أم جابر هويدي تجلس الى جاني صديقتها أم سعد. قالت: «شجعتني جارتي وصديقتي أم سعد على الانضمام الى مركز محو الأمية المسائي، وكان هدفي أن اتعلم القراءة والكتابة وأيضاً حفظ القرآن ولتعلم الحساب فقدكانت لدي مشكلة في احتساب النقود اذ كانت الخادمات يسرقنني دوماً وخصوصاً حين أرسلهن إلى الجمعية (السوبر ماركت) لشراء بعض الأغراض الطارئة للبيت، فلا يرجعن لي اية نقود ولا أعرف قراءة الفاتورة، وحين يعود أولادي من أعمالهم واعرض عليهم الفاتورة يقال لي ان الخادمة سرقت منك ديناراً وأحياناً أكثر. ومن قهري وحرقتي على حالي قررت التعلم في سن متأخرة.
والآن أنا سعيدة وفخورة بنفسي وأستطيع أن أقرأ الفاتورة وأسأل الخادمة أين المتبقي من الفلوس. وفي الوقت نفسه حفظت أجزاء من القرآن، وأقرأ صحف الصباح التي تصل الى البيت واعرف ما يدور في بلادي والعالم. ولمست بنفسي كيف أن العلم نور فعلا والجهل ظلام، وصارت الدنيا أحلى والحياة اليومية أجمل».

إقبال أحمد: في الجامعة العربية المفتوحة

إقبال أحمد موظفة وأم لثلاثة أبناء (30 عاماً) قالت: «بعد حصولي على الثانوية العامة تزوجت. وبعد أشهر وجدت نفسي حاملاً بطفلي الأول، وبعد طفلي الثاني اشتغلت بشهادة الثانوية لأن ظروف الحياة ومتطلبات البيت والأسرة تزداد إلحاحاً وصعوبة وحتى أساعد زوجي في تحقيق تطلعاتنا. إلا إن راتبي يبقى ضعيفا لأني لا أملك البكالوريوس، ولهذا قررت الانضمام الى الجامعة العربية المفتوحة، وأنا الآن في السنة الثالثة ولدي ثلاثة أبناء وأعمل في وظيفتي الحكومية صباحاً. وأشعر بإرهاق وتعب شديد من الأعباء والالتزامات التي أكابدها بسبب دراستي في وقت متأخر، لكن لكل نجاح وطموح ضريبة علينا أن ندفعها. وفي النهاية سأرتاح ويتحسن وضعي الوظيفي والاجتماعي».


أبو سليمان: أدرس لتحسين وضعي المهني


أبو سليمان عسكري في وزارة الدفاع قال: «بعد خدمة أكثر من خمس سنوات في قطاع عملي استطعت أن احصل على منحة دراسية من الوزارة للدراسة على حسابها في الجامعة العربية المفتوحة لأنني توقفت في دراستي عند الثانوية العامة. وهدفي من الدراسة هو تحسين وضعي المهني لأحصل على رتبة أفضل لاكون ضابطا مما ينعكس على وضعنا المعيشي أنا وأسرتي...
العالم يشهد موجة غلاء غير طبيعية تجعل أقوى الرواتب تنهار سريعاً. وهناك مجموعة قليلة تدرس معي أكبرهم في الأربعين، وهذه السن تعتبر متقدمة إلا إن الهدف تحقيق وضع معيشي أحسن وتنمية الذات وتطوير القدرات كل في مجاله.
وكنا في البداية نشعر بالخجل خصوصاً أننا نتابع دراستنا مع أبناء الثامنة عشرة والعشرين، لكن سرعان ما شجعنا الدكاترة والأساتذة على إقدامنا على الدراسة وفي كل مرة يشيدون بعزيمتنا ويثنون على طموحنا مما بدد الخجل وانخرطنا في الجو الأكاديمي بكل أريحية».


سارة الصالحي: إتقان اللغة الانكليزية


سارة الصالحي في الخمسين من العمر انضمت الى معهد تعلم اللغة الانكليزية. قالت: «وجدت في منتصف العمر بعد التقاعد من العمل والتفرغ للراحة والسفر والاستجمام أنني احتاج الى تقوية لغتي الانكليزية التي لم أستعملها في عملي ونسيت الكثير منها بسبب قلة الممارسة  وكنت في المستوى الأول. لكن بما إني أحب السفر إلى بلاد أوروبا حيث الجو البارد ولا أحب السفر الى الدول العربية التي تتسم بالزحام والحر قررت أن أدخل المعهد لتقوية لغتي الانكليزية، وأنا في المرحلة الثانية وعندما أتجاوز المرحلة الثالثة سأكون قوية في اللغة ولا أحتاج الى مساعدة الأبناء أو الأحفاد في الفنادق أو عند التنقل أو التسوق».
وأضافت: «إخترت المعهد البريطاني لأنه يزرع الثقة بداخلنا، فكل المعلمين هم بريطانيون، ولو كانوا عربا لشعرت بالإحراج والخجل لكن البريطانيين يشعروننا بأنهم فخورون بنا لأننا نتعلم في سن متأخرة.
بل أنهم يكونون أصدقاء لنا خارج المعهد ونتواصل معهم على المواقع الألكترونية مثل «الفيسبوك» و«تويتر»، فالتعلّم شعارهم حتى آخر العمر وليس له سن معينة. وحين ينتهي التعلم يكون هذا بداية موت الإنسان ببطء. هكذا علّمني أساتذتنا مايكل واليزبيث وجون.