تحميل المجلة الاكترونية عدد 1074

بحث

'الزواج المدبّر' في سوريا

ثلاث شهادات من سورية للزواج المدبّر اثنتان منهما ناجحتان والثالثة فاشلة، فالحظ هنا يتحكّم في الكثير من الحالات.


ماهر نزيه: استقبلت زوجتي في المطار دون أن أكلّمها أو أعرف شكلها...

«أنا مدرّس لغة عربية، سافرت إلى الخليج بغرض التدريس والحمد الله استطعت الحصول على العمل وبدأت عملي منذ ثماني سنوات، وخلال تلك المدة لم أزر عائلتي في سورية إلا مرات قليلة ولفترات قصيرة أثناء العطلة الدراسية فقط، بسبب ارتباطي بدورات تدريبية للطلاب حتى في الصيف.

وبعدما أمنت وضعي المادي على مدى تلك السنوات، بدأت أفكر في الزواج والارتباط والاستقرار. وبصراحة لم أجد ما يناسبني في مكان إقامتي، فراسلت أمي التي كانت تلح عليّ في هذا الموضوع، وأخبرتها عن رغبتي في الارتباط، وكان هذا ما تتمناه. فبدأت والدتي رحلة البحث عن العروس المناسبة، فانشغلت بهذا الموضوع، وزارت العديد من الفتيات وعائلاتهن، وكانت بعد كل زيارة ترسل إلي صور الفتيات لأختار منهن مع وصف لحالة كل منهن ووضعها العائلي.

لكني لم أكن مرتاحاً الى تلك الطريقة في اختيار الزوجة، ولم أر ما يناسبني من الفتيات حتى في الصور. وكانت والدتي تلح علي دائماً بأن أنزل إلى سورية واختار بنفسي العروس، لكن لضيق الوقت لم أستطع ذلك. وبعد فترة اضطررت للسفر إلى سورية بعدما سمعت بخبر تعرّض عمي لوعكة صحية خطيرة، فأخذت إجازة لمدة أسبوع واحد من عملي في قطر، فزرت عمي في المستشفى واعتذرت لأمي عن كل الصور التي أرسلتها لي، واستغلت والدتي وجودي وطلبت مني الذهاب معها إلى بيت إحدى صديقاتها لأرى ابنتها التي تحمل إجازة في الصيدلة، لكني رفضت لأن الوقت لم يكن مناسباً.

وسافرت عائداً الى عملي، وبعد مدة قليلة اتصلت بي والدتي وقالت، اسمع رأيت لك العروس المناسبة وهي ابنة صديقتي التي حدثتك عنها، وهي موافقة على الارتباط بك والسفر إليك، وفي أسرع وقت، فقد طلبتها بشكل رسمي من أهلها وعليك أن تجهز نفسك لاستقبالها.

ضحكت للوهلة الأولى! كيف طلبت أمي الفتاة واتفقت مع أهلها على السفر حتى دون أن أرى صورتها على الأقل؟ وقلت ذلك لوالدتي وأجابتني لو أرسلت لك صوراً وانتظرت حتى تقتنع ستخرب الموضوع... وضعتني والدتي تحت الأمر الواقع ووافقت على ما أرادت دون أن أعرف ما هي النتائج.

وفعلاً بعد أسبوع كانت الأمور جاهزة وقصدت المطار لاستقبال عروسي التي أرسلوها دون أن أعرف شكلها. كانت لحظات حرجة جداً، استقبلت العروس بابتسامة وسلام وبعض الكلمات، ثم خرجنا من المطار ودعوتها الى الغداء بعدما أمنت حقائبها.

ودارت بيننا مجموعة من الأحاديث وشعرت من الجلسة الأولى بأننا نتشارك الكثير من الأشياء والأفكار، وقلت في نفسي هذه هي من كنت أبحث عنها، فقد وفقني الله وأرسل لي العروس المناسبة دون أن أراها أو أحادثها سابقاً. ونحن نعيش معاً منذ خمس سنوات ولدينا طفلتان جميلتان، ونعيش بسعادة كبيرة ولست نادماً أبداً على طريقة زواجي هذه».

 

اكتمال يوسف: أرسل ورقة طلاقي مع بعض المال ورسالة اعتذار...

«كنت طالبة أدرس في قسم اللغة العربية منذ خمسة عشر عاماً، ولي أحلام ككل بنات جيلي بأن التقي فتى الأحلام الذي يؤمن لي منزلاً جميلاً وسيارة ويكون وضعه المادي جيداً. وشعرت بأن الفرصة قد جاءتني عندما كنت في عرس أحد أقربائي، حيث رأتني امرأة تربطها بأهلي علاقة قرابة، وعلى الفور طلبتني من والدتي لابنها المهندس الذي يعمل في السعودية. وعلمت أن أموره المادية جيدة وهو شاب مهذب وابن عائلة محترمة.

وافقت مع أن والدتي كانت متحفظة عن موضوع التعارف، فقط أرسلت صورتي وهو أرسل صورته وتحدثنا على الهاتف أكثر من مرة. وجهزت أموري وتم عقد القران وكان كفيله والده. سافرت إليه واستقبلني استقبالاً حاراً وكنت سعيدة جداً، ومرت شهور على زواجنا. كنا كل يوم نتعارف على بعضنا أكثر، واكتشفت أن هناك العديد من الأمور التي لم أحبها وحاولت أن أتقبّلها. ثمة أمور كثيرة لم نتفق عليها لا من قريب ولا من بعيد. وبدأت الخلافات وخاصة أني حملت وهو لم يكن يريد طفلاً أثناء وجودنا في السعودية، ويريدني أن انتظر خمس سنوات مدة انتهاء عقده هناك على أن نفكر في الموضوع عند عودتنا إلى سورية. لكني لم أتقبل فكرة الإجهاض وتابعت حملي ورزقني الله صبياً جميلاً وتفاءلت بأن تكون حياتنا أفضل، لكن الأمور ازدادت سوءاً.

وفجأة طلب مني السفر لزيارة أهلي في سورية مع ابني. وبعد وصولي بشهر فوجئت بورقة طلاقي تصل مع رسالة يقول فيها، أني إنسانة جيدة لكن طباعنا لم تتفق وهو غير مستعد لتحمل مسؤولية طفل في الوقت الحالي. وحول لي مبلغاً من المال وتركني، وحتى الآن مازلت أربي ابني رافضة فكرة الزواج ثانية، وقد أصبح في سن 14 سنة واعتبره كل حياتي»...


دانة: كانت مغامرة، لكنها نجحت


«لا أدري هل هو النصيب أم لا. لكن عندما اجتمعت والدة ماهر ووالدتي وحدثتاني عنه شعرت بأني أعرفه منذ وقت طويل مع أني لم أكن قد رأيته منذ أيام الدراسة الأولى عندما كنا صغيرين جداً، فوافقت دون شروط أو طلبات. ولم أخف من تلك التجربة، حتى أني لم أفكر في عدم تقبله لي، خاصة أن بعض الصديقات قلن لي إن الزواج بهذه الطريقة غريباً جداً وأن زواجاً كهذا لا ينجح أبداً.

لكني قررت خوض المغامرة وسافرت، وكان قلبي يخفق بشدة عند وصولي الى المطار، وعندما رأيته شعرت بخجل وبمشاعر مختلطة، لكن أسلوبه اللطيف والهادئ ودعوته لي إلى الغداء قبل أن نذهب الى منزل الزوجية أزالا التوتر. وطبعاً عشنا مدة تعارف رغم أننا نعيش في المنزل نفسه. والحمد لله أن كل شيء سار على خير وشعرت بأني أعرفه منذ ولادتي. ونحن نعيش حياة سعيدة مع طفلتينا الجميلتين، وقد عدنا إلى سورية منذ سنة ونمارس عملنا وحياتنا بنجاح، ولكن زواجنا كان مغامرة لكنها كانت مغامرة ناجحة».

 

المجلة الالكترونية

العدد 1074  |  أيار 2024

المجلة الالكترونية العدد 1074