اللص سرق السيارة وفي داخلها أصحابها!

حبس / سجن, سرقات, سرقة, خطف, رجل / رجال مباحث, عمليات سرقة, جريمة سرقة, قسم الشرطة, ضابط المباحث

06 يونيو 2011

شهد حي المقطم في القاهرة أغرب جريمة خطف استمرت 12 ساعة، وقائعها كلها مثيرة، فالمتهم لم يكن يخطط لخطف ضحاياه بل كان يريد سرقة السيارة التي كانت تستقلها الزوجة المخطوفة وطفلتاها. المجرم هرب من السجن قبل أسابيع وقرر ارتكاب جريمة للحصول على المال، وبدأ يتجول في الشوارع بحثاً عن فريسة، حتى وجد أمامه أسرة المهندس الشاب حسن، فراح يراقب الأب الذي ترك زوجته وابنتيه بضع دقائق، وكانت هذه اللحظة التي ينتظرها شوقي. ولم تستغرق جريمته سوى ثوانٍ، اذ اندفع نحو مقعد القيادة وانطلق بالسيارة وسط ذهول الزوجة شذا.


ما شهده حي المقطم كان أشبه بمشهد يجمع بين الفكاهة والدراما، فقد اندفع المهندس الشاب حسن نحو ضابط مباحث المقطم وهو في حالة يرثى لها وصرخ: «الحقني يا حضرة الضابط، لص سرق سيارتي وفي داخلها أسرتي».
وفي كلمات موجزة شرح حسن أنه خرج مع أسرته لشراء بعض احتياجات المنزل، وفي حي المقطم طلبت منه زوجته شراء حلوى وعصائر لابنتيهما التوأمين حلا وسهى، فترك المفاتيح في السيارة واتجه بخطوات سريعة نحو محل سوبر ماركت.

قال حسن لضابط المباحث: «ما حدث أشبه بكابوس ما زلت لا أصدقه حتى الآن، لأنني لم أمض في محل الحلوى أكثر من خمس دقائق، وحين خرجت منه متجهاً إلى سيارتي فوجئت بما حدث... مجهول كان يقود السيارة بسرعة وزوجتي تصرخ بذعر».
يواصل حسن: «انطلقت بأقصى سرعة وراء السيارة ولكن لم تستمر المطاردة سوى ثوانٍ، لأنني سقطت على الأرض. واستغل اللص خلوّ الشوارع وهرب، ولم أجد أمامي سوى قسم الشرطة».
أنهى المهندس الشاب بلاغه، ولم يضيِّع ضابط المباحث وقته، فأخطر جميع مكامن المنطقة بأوصاف السيارة، ونشر رجال الشرطة، وبدأ الضباط تمشيط جميع الأماكن المتوقع أن يختفي فيها المجرم.


مكالمة منتصف الليل

في هذه الأثناء كانت الزوجة شذا تعيش أسوأ لحظات حياتها، فالمجرم أخرج سكيناً وهدد بقتلها هي وطفلتيها إذا حاولت أن تصرخ أو تستنجد بالشرطة، فابتلعت الزوجة خوفها وتحسست توأميها.
قررت الأم الهرب بأي وسيلة، فيما كان المجرم يتحدث عبر هاتفها المحمول مع شخص ما، أخبره بأنه خطف سيارة وفي داخلها سيدة وطفلتاها، وبدا أنه يحاول أن يبحث عن طريقة يحصل من خلالها على فدية من الأسرة.

اقترب وقود السيارة من النفاد، وبدأ المجرم يبحث عن محطة للوقود. وكانت هذه اللحظة التي تنتظرها شذا عندما أبطأ السارق سرعة السيارة وهي تقترب من محطة الوقود... فجأة فتحت شذا باب السيارة وقفزت ومعها طفلتها حلا، حاولت أن تجذب معها سهى لكن الرضيعة تعلقت بباب السيارة التي انطلقت بسرعة.
أصيبت الأم بكدمات وجروح وتجمع حولها سكان المنطقة، وخلال دقائق وصلت سيارة الشرطة، وكان فيها ضابط مباحث المقطم والزوج الذي اندفع بلهفة نحو زوجته وابنته، وبذعر سألها حسن عن سهى.

انهارت الزوجة وهي تؤكد أنها لم تستطع إنقاذها، فقد هرب المتهم بالسيارة ومعه الطفلة. طلب رئيس المباحث من الزوج أن يهدأ، وطمأنه الى أن ابنته ستعود سالمة في أقرب وقت.
بدأت أجهزة الاتصالات في وزارة الداخلية تتبع إشارات الهاتف المحمول المسروق، وحُدّدت المنطقة التي يتحرك فيها المتهم الذي تمكن من مغادرة حي المقطم واتجه إلى أطراف حي مدينة نصر.
في منتصف الليل، تلقى حسن مكالمة من هاتف زوجته المسروق، فطلب منه السارق الخاطف تجهيز 50 ألف جنيه كفدية مقابل إعادة سهى، وحذره من إبلاغ الشرطة، مؤكداً أنه سيقتل الرضيعة في حال مخالفته تعليماته.
ورغم حالة الخوف التي انتابت حسن سارع الى إبلاغ الشرطة، فيما حذّرته زوجته المنهارة من احتمال تنفيذ شوقي لتهديده.

وقدمت الزوجة لرئيس مباحث المقطم أوصاف الجاني والعلامات المميزة فيه، وبعد قليل تلقت الأسرة المكالمة الثانية من شوقي حدد فيها مكان تسليم الفدية، وتظاهر الأب بالاستجابة لكنه طلب منة خفض المبلغ.
أكد حسن للمتهم أنه لا يملك سيولة كافية، وأنه لم يستطع تجميع أكثر من 25 ألف جنيه، وعرض تقديم هذا المبلغ لشوقي الذي تردد قليلاً، لكنه لم يلبث أن استجاب، ولم ينس أن يكرر تحذيره للأب بأنه سيقتل سهى في حالة ظهور رجال المباحث.

المكالمة الثانية حددت مكان الجاني بشكل أكبر، وسارع رئيس المباحث الى الاتصال بالأب وطلب منه إعداد مبلغ الفدية، فيما حاصرت الشرطة منطقة الحي العاشر التي يتحدث منها شوقي. وفي الموعد المحدد تحرك حسن ومعه حقيبة الأموال، وبدأ ينظر حوله يميناً ويساراً، فجأة وجد أمامه شوقي الذي طلب منه حقيبة الفدية، لكن حسن تشبث بها وطلب منه أن يرى ابنته، فأكد له الجاني أنه سيعثر عليها في الشارع على مسافة خطوات، وانتزع المتهم الحقيبة وجرى بسرعة، لكن رئيس المباحث ومعاونيه تمكنوا من الإمساك به.

طلب منه الضابط أن يكشف مكان سهى، وأشار المتهم نحو مدخل إحدى العمارات القديمة، فتحرك الجميع نحو المكان فعثروا بالفعل على الطفلة وهي تبكي بحرقة، واحتضنها والدها وهو لا يصدق نفسه.
اقتيد المتهم إلى قسم الشرطة لاستكمال التحقيق، وتبيّن أن شوقي هرب من السجن حيث كان ينفّذ عقوبة بجريمة الاتجار بالمخدرات، واستغل عملية اقتحام السجون التي قام بها البلطجية وهرب من زنزانته، ليعود إلى عالم الانحراف والجريمة.
يقول شوقي: «فكرت في طلب فدية كبيرة، وتأكدت أنني سأحصل على مبلغ كبير، ولكن الزوجة تمكنت من الهروب بعد أن تركت هاتفها المحمول وحقيبتها، ولم أجد أمامي سوى الطفلة الصغيرة لأساوم عليها، لكنني لم أكن أتوقع أن تكون الشرطة في انتظاري».