آية برادعية خُطفت وألقيت في بئر!

قتل, جريمة, خطف, الصحافة المغربية, جريمة قتل, بلاغ, قسم الشرطة

27 يونيو 2011

بعد مضي ثلاثة عشرة شهراً على اختفائها، أثار خبر العثور على أشلاء آية برادعية في بئر مهجورة في بلدة صوريف بقضاء الخليل ضجة كبيرة في الوسط الفلسطيني، وأصبحت الواقعة حديث الصحافة والناس، وذلك لان من قتلها هو عمها الذي ادعى انه حصل على فتوى تجيز قتلها لأنها رغبت في الارتباط بشاب تقدم لخطبتها أكثر من مرة. وللإطلاع على تفاصيل هذه الجريمة النكراء بشكل أوسع التقينا عدداً من افراد عائلة آية وآخرين معنيين.


كانت الطريق صعبة حين خرجنا من مدنية رام الله إلى بلدة صوريف قضاء الخليل حيث تسكن عائلة المغدورة آية. وعندما دخلنا بيت عائلة آية وجدنا عددا من الإعلاميين وعددا من الأقارب هناك. انتظرنا حتى أتى دورنا وبدأنا بمحاورة أم آية التي تحدثت لنا عن اليوم الذي اختفت فيه أثار ابنتها آية فقالت: «في صباح اليوم الذي اختفت فيه ابنتي آية كنت اشعر بضيق شديد، وعندما صارت الساعة الرابعة ولم تعد من الجامعة، بدأت النار تشتعل في قلبي. وانتظرت مع العائلة حتى آذان المغرب، ولكن آية لم تعد، فذهب زوجي وعدد من رجال العائلة لإبلاغ الشرطة باختفائها».

كانت أم آية تبكي بحرقة وهي تحدثنا عما فعله القاتل عم آية فقالت: «كان القاتل عمها يبحث معنا عن آية طوال أربعة أشهر، ومن ثم راح يطلق الشائعات ضد ابنتي، فأصبحنا نشك فيه. ومن أقاويله أمام الناس أنها متزوجة وستعود إلى البيت بعد تسعة أشهر وليست ميتة، وعندما كنا نسأله عن ابنتي آية كان يجيب أنه مستعد لحلف اليمين في الجامع أنه لا يعرف عنها شيئا. وكان من المعتاد أن تصعد آية في سيارة عمها لكي تذهب إلى الجامعة».

سكتت أم آية لتلتقط أنفاسها وعاودت الحديث عن يوم العثور على جثة ابنتها فقالت: «مساء يوم العثور على ابنتي أخبرني ابني بأنه عّثر على جثة في احد الآبار المهجورة في البلدة، وقلت في نفسي يا رب أن لا تكون ابنتي آية... أبوها وأخوها لم يستطيعا التعرف على الجثة لأنها كانت عبارة عن أشلاء، ولكنهما تعرفا عليها من خلال حقيبتها وبعض الأوراق الثبوتية وصور لإخوتها».
وتابعت أم آية: «عظام ابنتي آية خرجت من البئر في اليوم الذي عُقد فيه قران الشاب الذي رغبت في الزواج به وتقدم لخطبتها عدد من المرات على فتاة أخرى. وأنا أؤكد على أن كل ما حصل من اهتمام الناس ومسيرات وتضامن واحتجاجات كان بمثابة كرم من رب العالمين... ابنتي آية عاشت شريفة وماتت شريفة».

أما والد آية فقد كان شاردا طوال الوقت يفكر في مقتل ابنته، ولكنه حدثنا عن أخيه الذي قتل آية فقال: «لم تظهر على أخي القاتل أي علامات تشي بأنه القاتل إلا بعد مضي أربعة أشهر، لأن الناس بدأوا يخبروننا بان أخي يتحدث في شكل سيئ عن ابنتي آية، ولم يقتصر الأمر على أخي بل رافقته زوجته في إطلاق الشائعات والكلام الجارح، ونحن في البيت فقدنا عقلنا».
وأكمل والد آية حديثه وهو يضع في حضنه ابنته الصغرى التي ارتسمت على وجهها ملامح الخوف والاستفسار عما حصل لأختها الكبرى: «تقدّمت بشكوى ضد أخي قبل ظهور جثة ابنتي آية، ولكن أخي بدهائه ومكره اقنع جميع الأجهزة ببراءته وخرج من السجن ولم يثبت عليه شيء».


«حياتنا توقفت»

أما شقيقها رامي فقد تحدث عن علاقته بأخته الشهيدة آية فقال: «علاقتي مع أختي آية كانت علاقة صداقة حتى أنني كنت في بعض الأحيان أفتعل بعض المشاكل لكي أتحدث معها وذلك من اجل ان تثق بي ولا تخفي عني أي شيء في حياتها».
وأضاف: «المجتمع لم يرحمنا ونصب لنا المشانق على أبواب البيوت، نحن من 20-4-2010 حياتنا توقفت نهائيا. وكان من المعروف عنا في الجامعات أننا من الأوائل ولكني تراجعت بعد اختفاء أختي آية. كنا نخرج إلى عملنا ونعود إلى البيت لنحبس أنفسنا، وكنا نرى الملامة في عيون الناس على المجني عليه والجاني حر طليق فقط لأنها فتاة».
وسأل رامي «من أعطى عمي الحق لكي يكون القاضي والجلاد في آن واحد ويقدم على قتل أختي آية؟ كما أننا سمعنا ان هناك شيخاً أعطى عمي فتوى بقتل شقيقتي آية، وانه يثاب إذا فعل ذلك».


اعتراف القاتل

من ناحيته، أكد الملازم رمضان عدوان مدير شرطة الخليل، وقائد الفريق الذي قاد التحقيقات، أن العمّ البالغ من العمر 37 عاما اعترف بقتل آية. وقال: «اعترف العم بقتل ابنة شقيقه وشرح لنا كيف انه أخذها في سيارته. في البداية رفضت آية الركوب، إلا أنه أصر عليها قائلاً إنه يجب أن يتحدث معها فوافقت وصعدت إلى سيارته».
أضاف: «أخذوها إلى تلك المنطقة وقيدوا يديها ورجليها وكمّوا فمها، ورغم توسلاتها وبكائها ألقيت في البئر».

وعقب انتشار خبر مقتل آية برادعية على يد عمها أصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس قراراً يقضي بتعديل مواد في قانون العقوبات رقم 16 لسنة  1960، الساري في المحافظات الشمالية، وفي قانون العقوبات رقم 74 لسنة 1936 الساري المفعول في المحافظات الجنوبية. وقد تحدث عن تلك القوانين المستشار القانوني للرئيس حسن العوري فقال: «إن هذه التعديلات جاءت رداً على تزايد حجم الجرائم الواقعة في حق النساء، بحجة ما يسمى الدفاع عن شرف العائلة. كما أن هناك اعتقاداً لدى الرأي العام بأن المواد التي عدلت كانت تشجع على القتل تحت مسمى الدفاع عن الشرف، وبالتالي قرر الرئيس إلغاء نص المادة 240 بفقرتيها من قانون العقوبات رقم 16 والمعمول به في المحافظات الشمالية».

وأضاف العوري: «كذلك عدل القرار نص المادة 18 من القانون رقم 74، بإضافة عبارة «يستثنى من ذلك قتل النساء على خلفية ما يعرف بشرف العائلة»، وذلك من أجل ألا يترك المجال للاجتهاد الخاطئ، وبالتالي يفلت الجاني من العقاب».