خطفوا العروس ليلة الزفاف!

خطف الأزواج, حفل زفاف /عرس, قضية / قضايا إجتماعية, الخيال, قسم الشرطة, مطاردة

09 أغسطس 2011

ما أصعب أن تتحول ليلة العمر إلى كابوس وأحداث مثيرة لن ينساها العروسان طيلة حياتهما. بدت الأمور وكأنها حلم مرعب، رصاص، وبلطجية، وحادث خطف للعروس، العريس شاهدها وهي تقاد أمام عينيه إلى سيارة البلطجية، صرخ، وبكى وجرى بكل قوته وراء السيارة، وشاءت الأقدار أن ترحم العريس ويسترد عروسه في مشهد درامي! هذه المشاهد لم تكن جزءاً من فيلم بوليسي، بل وقائع سجلتها محاضر أقسام الشرطة في منطقة حلوان، وفي الساعات الأولى من الصباح كان العروسان في منزلهما وهما لا يصدقان ما حدث، وكأنها ليلة سوداء من ليالي الرعب!


ربما لو قصت العروس رانيا هذه المشاهد على صديقاتها لاتهمنها بالمبالغة، وأكدن أنها تمتلك خيالاً خصباً. ولكن ما حدث للعروس كان واقعاً مؤلماً، شهده العشرات من أهالي زوجها وأسرتها، كان من الممكن أن تفقد العروس الشابة كل شيء في ذلك اليوم الذي كان يفترض أن يكون أجمل أيام العمر، ولكن في العمر بقية... العروس خطفها مجموعة من البلطجية تحت تهديد السلاح، وانطلقوا بها إلى مكان مجهول وانطلقت الرصاصات وسقط ضحايا، لكن أهالي العريس تمكنوا من إنقاذ رانيا"وإعادتها إلى زوجها في مشهد مثير.

البداية كانت في الليلة السابقة للزواج: العريس محمود يشعر بأنه أسعد إنسان في الدنيا، فلم تعد أمامه سوى ساعات قليلة قبل أن يتحقق حلمه بالزواج من رانيا حبيبته، الإنسانة التي أحبها بصدق وتمنى أن تشاركه حياته بحلوها ومرها. مرت الساعات جميلة، كل شيء يبدو على ما يرام، رانيا كانت تستقبل صديقاتها في منزلها بما يعرف "بليلة الحنة".

ارتفعت الزغاريد والأغاني والضحكات لتملأ منزل الحاج حسين والد رانيا، وبكت الأمُّ من فرحتها وهي تستعد لإرسال ابنتها الوحيدة إلى منزل عريسها، لكن رانيا كانت تشعر بداخلها بأن هناك هواجس تعرقل فرحتها وتحس بأن شيئاً ما ينغص عليها هذه اللحظة الجميلة. وفي النهاية حاولت أن تستسلم لسعادتها وتنسى قلقها، بعدما أكدت لنفسها أن هذا القلق طبيعي لأي شابة تستعد لمغادرة منزل والدها إلى منزل عريسها.


مشاعر حقيقية

لم تدرك رانيا أن مشاعرها ومخاوفها صادقة، وأنها تمتلك حاسة خاصة جعلتها تشعر بما سيحدث يوم عرسها، وهو أجمل يوم في حياة أي شابين. في نهاية الليلة السابقة للزفاف تلقت رانيا مكالمة من عريسها الذي سألها عن آخر استعداداتها للعرس، وابتسمت رانيا وهي تؤكد لمحمود أنها لم تنس شيئاً، لكنها تشعر ببعض القلق من هذا اليوم.

واتسعت ابتسامة العريس الذي أكد أن هذا القلق طبيعي، وهو أمر تعيشه كل عروس، فحاولت رانيا أن تسترجع كلمات عريسها لتثبت في داخلها الثقة والطمأنينة لكنها في النهاية لم تنم ليلتها، لأنها كانت تشعر بأن ما يجيش في نفسها يتجاوز بكثير مجرد لحظات قلق لعروس على أعتاب الزواج. في صباح يوم الزفاف كانت الساعات تمر بسرعة خارقة، والعروسان يحاولان أن يوقفا عقارب الزمن، فهناك أشياء عديدة لم يسعفهما الوقت لإنجازها، ولكن هكذا الحال مع الجميع، واتصل محمود بعروسه مؤكدا أنه سيأتي إليها في الخامسة ليصحبها إلى مصفف الشعر.

وفي الموعد المحدد ارتدى العريس حلته السوداء وربطة عنقه الأنيقة، وراح يطلق نفير سياراته المزينة أسفل منزل عروسه. وارتفعت الزغاريد، وامتزجت بدموع الفرح، ونزلت العروس من منزلها وهي تحمل حقيبتها التي تحتوي على زينتها وفستان الزفاف، واتجهت إلى مصفف الشعر. حتى هذه اللحظة كانت الأمور تسير بشكل طبيعي، وافراد ارتي العروسين ينتظرون الموكب عند القاعة التي ستشهد الزفاف. وأمام محل مصفف الشعر جلس العريس ينتظر بفارغ الصبر انتهاء عروسه من زينتها، لم يلحظ وجود من يتبعه ويراقبه من بعيد، وخرجت العروس تحيطها الزغاريد، وفستانها الأبيض يخطف الأنظار، وانطلقت سيارتها...

قبل أن تصل السيارة إلى قاعة الزفاف حدث ما لم يكن في الحسبان، وبدا على وجه سائق سيارة الزفاف التوتر الشديد الذي لاحظته العروس، وسألته عن سبب قلقه فأكد أن هناك سيارة ميكروباص تتبع موكب العروسين منذ لحظة خروجهما من محل مصفف الشعر! وأكد السائق أنه لمح بعض الأسلحة في حوزة ركاب السيارة الميكروباص، فطلب منه محمود أن يزيد سرعته ليهرب من هذه السيارة، وبالفعل انطلق السائق بكل سرعته ليتجاوز موكب الزفاف لكن السيارة الميكروباص زادت سرعتها وتجاوزت سيارة العروسين.

فجأة تطورت الأمور بشكل مثير، إذ قطعت السيارة الميكروباص الطريق وتوقفت في عرض الشارع لتمنع المرور، وفي لحظات نزل ركابها وهم يحملون السلاح واتجهوا إلى سيارة العروسين، وتحت تهديد الأسلحة انتزعوا العروس من زوجها ووضعوها في سيارتهم وسط ذهول الجميع...


المطاردة!

انطلقت السيارة الميكروباص وفي داخلها العروس التي راحت تصرخ مستنجدة بأسرتها وعريسها، وتمالك محمود نفسه وانطلق يجري بكل قوته وراء السيارة التي خطفت عروسه، واستدرك الأقارب الأمر وانطلقوا بسياراتهم وراء الميكروباص، وبدأت المطاردة المثيرة التي تخللتها طلقات نارية مزقت سكون المكان. انطلق الخاطفون نحو الصحراء، لكن سيارات الأسرتين ظلت تتابعهما بإصرار، وقرر العريس أن يموت من أجل استعادة عروسه مهما كان الثمن، وشعر الخاطفون بحصار أسرة العروس وبدأوا يفكرون في التخلص منها لإنهاء المطاردة المثير.

وربما كانوا يخططون لاغتصابها لكن إصرار أسرتها وعريسها على استرجاعها أحبط الخطة، وفجأة ألقوا بالعروس في الصحراء وانطلق الميكروباص بقوة بعد أن أطلق ركابه زخّات كثيفة من الرصاص. أسفرت المطاردة عن مقتل شابين من الأقارب، وإصابة مجموعة من أصدقاء العروسين. واتجه محمود بلهفة نحو عروسه ليطمئن عليها، وقد تمزق فستان الزفاف وأصيبت رانيا ببعض الجروح والخدوش من جراء إلقائها من السيارة!

تنفس الزوج الصعداء حين علم أن عروسه لم يمسها سوء، وعاد بها إلى منزل والدها حسين، الذي صمم على إبلاغ الشرطة لتتبع المجرمين، فحاول الزوج الاعتراض خوفاً من الفضيحة، لكن الأب أكد أن رانيا لم يقع لها مكروه سوى الإصابات التي تعرضت لها، وكذلك الاهتزاز النفسي الذي تعرضت له بعد خوضها لهذه المغامرة الشرسة. رفضت العروس أن تعلق على هذا الموقف المرعب، واكتفت بقولها "الحمد لله الذي نجاني من الموت"، بينما التقط العريس أنفاسه وأكد أنه لا يصدق ما حصل. وقال إن ما شاهده أشبه بكابوس مريع، وكان يتخيل أن زوجته ستضيع منه، وأن المجرمين سيجهزون عليها.

 وقال الحاج حسين والد العروس: "كنت في السيارة التي تتبع سيارة العروسين، وحالة الفرح كانت تكسو وجوهنا، النساء ارتفعت أصواتهن بالزغاريد والغناء... وفجأة انقلب الموقف من حال إلى حال، اعترضت السيارة الميكروباص طريق سيارة ابنتي وخطفوها تحت تهديد السلاح، وقررنا أن نطاردهم مهما كلفنا الأمر، وبالفعل لقي اثنان حتفهما، وأصيب البعض لكننا تمكنا من إنقاذ رانيا قبل أن يمسها مكروه". وبدأت أجهزة الأمن عملها لتعقب الجناة في المنطقة الصحراوية التي اختفت فيها السيارة التي كانوا يستقلونها، فيما يحاول العروسان أن يطويا هذه الصفحة من حياتهما!