فرحة العائلة بتفوّق فاطمة...

العائلة, الاسعاف الأولي, التعرض لحادثة, رجل / رجال شرطة, النجاح المدرسي

16 أغسطس 2011

بعد مضي ليلة طويلة من الانتظار العائلي أشرقت شمس الصباح، وبدأ الجميع بالبحث عن وسيلة إعلام لكي يعرفوا إذا نجحت ابنتهم فاطمة في امتحان الثانوية العامة المعروف في فلسطين باسم بالتوجيهي.
كان الاضطراب واضحاً على وجوه الجميع، وأثناء ذهاب الحاج احمد برفقة ابنه الكبير حسن إلى سوق المغازي الذي يقام كل أسبوع وتشتري العائلات ذات الدخل المنخفض حاجياتها منه، كان الأب والابن متلهفين لمعرفة نتيجة فاطمة، وعندما جاءت رسالة إلى جوال حسن تفيد بان أخته نجحت بتفوق وحصلت على المرتبة الرابعة في القسم العلمي في قطاع غزة بمعدل 95.2%، قال لأبيه: «سنشتري حاجياتنا من السوق بسرعة ونعود إلى البيت لكي أطلق رصاصتين في الهواء
».


وعندما وصل الأب والابن إلى البيت راحا يعلقان الزينة للاحتفال بتفوق فاطمة التي خرجت من غرفتها لكي تحتفل مع أسرتها وجيرانها الذين تجمعوا في البيت وهم يهتفون ويباركون ويهنئون، وكان الفرح يعم جميع الحضور بمن فيهم شقيق فاطمة الكبير حسن الذي يدرس في الجامعة.
وقال الأب احمد حسن المصدر: «تواصلت التهاني والأغاني الشعبية في المنزل، وكانت فاطمة تقف إلى جانب شقيقها حسن. وفي لحظة حاول ابني حسن انتزاع السلاح من احد المحيطين به لكي يعبر هو الآخر عن فرحته بتفوق بأخته، وأثناء محاولته انطلقت رصاصة واحدة اخترقت رقبة ابنتي فاطمة فأردتها».

وتابع الأب يقول: «لم يستوعب ابني حسن ما حصل فاخذ يركض خارج البيت دون وعي وكان هناك شبان يصرخون عليه لكي يتوقف ولكنه لم يكن يسمع، فالصدمة كانت قوية عليه».
أما والدة المرحومة فاطمة فقالت: «كان السكون واضحاً على وجه ابنتي فاطمة يوم إعلان النتائج، وكانت تنظر إلى ما حولها بهدوء وبدون أدنى ردة فعل، مع أنها كانت تتمنى قبل أيام أن تعلم بنتيجتها بسرعة وقبل الموعد لكي تفرح. كنت أحدق فيها مستغربه أمرها ولكنني قلت في نفسي لعلها من شدة الفرح أصبحت هكذا».

وأضافت: «في صباح ذلك اليوم شعرت بالخوف ولم أكن اعلم لماذا، ولكني انهمكت في الإعداد للاحتفال بتفوق ابنتي فاطمة. وعندما انطلقت الرصاصة كنت داخل غرفتي وخرجت مسرعة، ووجدت ابنتي فاطمة تسبح في دمها على الأرض، فرفعت رأسها لأنني لم اقتنع بأنها ميتة، وصرخت نريد الإسعاف. وحاول بعض الموجودين حمل جثة فاطمة بسرعة إلى اقرب مستشفى معتقدين أنها ما زالت على قيد الحياة، وكان ذلك بفعل الصدمة التي أثرت على الجميع، ولكن قسم الطوارئ في المستشفى أكد أنها توفيت فور إصابتها بالرصاصة».
وختمت الأم بحسرة: «كانت ابنتي تحلم بدراسة الطب إذ تمكنت من الحصول على معدل مرتفع، وقد حصلت عليه، ولكن رصاصة واحدة خطفتها من بيننا ومن حلمها».

وقد حضر الواقعة سليم ابن عم الفتاة فاطمة أحمد حسن الذي قال: «أجواء الفرحة بنجاح فاطمة في الثانوية العامة بمعدل 95.2% دفعت شقيقها الأكبر إلى حمل قطعة السلاح، ومن ثم إطلاق رصاصة في الهواء رغم محاولات المقربين منه منعه من ذلك، إلا أنه أطلق الرصاصة بالفعل لتصيب شقيقته التي كانت إلى جانبه. وهو يعيش الآن حالة نفسية سيئة جدا، ولا يقوى على الكلام في ظل تأنيب الضمير الذي سيلاحقه طيلة حياته».
وتحدث الطالبة إباء البسومي الحاصلة على المرتبة الأولى في محافظة رام الله والبيرة في امتحان التوجيهي في الفرع العلمي عن ردة فعلها عندما علمت عن خبر مقتل الطالبة فاطمة احمد حسن من قطاع غزة، فقالت: «تخيلت نفسي مكانها. عشت طيلة حياتي لكي أرى لحظة نجاحي، ولكن المرحومة فاطمة لم تفرح بنجاحها».

ومن ناحيتها، تحدثت أم الطالبة إباء عن خبر مقتل فاطمة فقالت: «لأني ذقت فرحة نجاح ابنتي أستطيع الإحساس بمدى مشاعر الألم لدى أم المرحومة فاطمة. وعندما سمعنا الخبر حزنا كثيرا عليها وشعرنا بأسى الأخ الذي كان يريد أن يفرح بأخته فقتلها دون عمد. وكأم أطالب بعدم استخدام السلاح في المناسبات السعيدة في كل المحافظات الفلسطينية على حد سواء».


الشرطة

علق الناطق الرسمي باسم الشرطة في حكومة حماس أيمن البطنيجي على الحادث فقال: «ظاهرة إطلاق الرصاص في الأفراح والمناسبات السعيدة معقّدة ولا يمكن الشرطة وحدها القضاء عليها. الشرطة كانت طوال الوقت حازمة جدا في تعاملها مع مطلقي الرصاص في المناسبات الاجتماعية والحفلات، ولم تتردد في اعتقال أي شخص يقوم بذلك، لكنها تعجز عن القضاء على ظاهرة اجتماعية متوارثة في ظل قوانين محلية لا تخولها التصرف بالطريقة التي تريد».
من ناحيته، دعا وزير الصحة الدكتور فتحي أبو مغلي المواطنين إلى التوقف عن استعمال المفرقعات النارية، وأحيانا الرصاص الحي، للتعبير عن فرحهم بنجاح أبنائهم في امتحان الثانوية العامة.

وقال: «إن السلوك السيئ في استعمال المفرقعات أو السلاح يؤدي إلى مآسٍ حقيقية، كما حدث مع المرحومة الطالبة المتفوقة فاطمة احمد حسن في قطاع غزة». وأوضح أن «وزارة الصحة سجلت إصابة 31 مواطنا جراء استخدام الألعاب النارية بعد إعلان نتائج التوجيهي، من ضمنها 4 إصابات أدت إلى بتر أصابع اليد وإصابة الأعصاب في الأطراف العلوية».
ومن جهته، أصدر «مركز الميزان» بياناً يأسف فيه لمقتل الطالبة فاطمة احمد حسن ويعبر عن قلقه البالغ من تكرار سقوط ضحايا بسبب انتشار استخدام الأسلحة الصغيرة. وقد رصد المركز مقتل 9 أشخاص منذ بداية العام الجاري من بينهم 3 أطفال، وإصابة 22 من بينهم 9 أطفال وسيدتان كلهم سقطوا ضحايا سوء استخدام السلاح.