حكاية زوج مخدوع...

تحقيق, جرائم, رجل / رجال مباحث, الحياة الزوجية, أقسام الشرطة, بلاغ

01 نوفمبر 2011

كانت مفاجأة قاسية للزوج الشاب، حين اقتحم رجال المباحث منزله، فقد ظن أن هناك بلاغاً كيدياً يتهمه بأمر ما، لكن الضباط كانوا يستهدفون زوجته! وكسا الذهول ملامح الزوج حين التقطت أذناه كلمات تؤكد أن زوجته سفاحة.
طوال الطريق إلى مركز الشرطة كان الزوج يستمع إلى القصة الكاملة التي عاش بعض مشاهدها مع زوجته دون أن يدري، فشريكة حياته خدعته عاماً كاملاً، ارتكبت خلاله ثلاث جرائم قتل ضحاياها ثلاث طفلات بريئات وكأنها تكرر مع هؤلاء سيناريو جرائم ريا وسكينة. بكى الزوج وهو لا يصدق أنه عاش خدعة كبرى مع زوجة ظن أنها ملاك بريء، دون أن يتخيّل أن يديها ملطختان بدماء البراءة
.

 

قديماً قالوا إن الزوج آخر من يعلم، وبالفعل كان علي آخر من يعلم أسرار زوجته التي أهداها الشيطان فكرة تخرج من خلالها من مستنقع الفقر.
كان الحزن والأسى يعتصران قلب الزوج خلال التحقيقات مع زوجته، وتتوالى الأسرار وتتكشف المفاجآت.

ظن أهالي المنطقة التي تسكنها سمية أن زوجها شريكها في كل جرائمها، ولهذا السبب أحرقوا شقته وكادوا يفتكون به، وبعد انتهاء التحقيقات أعلن لهم رئيس النيابة أن علي لم يكن على علم بجرائم زوجته.
وقال علي لجيرانه إن سمية خدعته، وأوهمته أنها حصلت على وظيفة تدرّ عليها راتباً كبيراً، وكانت تخرج من المنزل صباحاً وتعود قبل غروب الشمس.

مشاهد عديدة كانت تمر في مخيّلة الزوج وهو يستعرض حياته مع زوجته، وبدأت هذه المشاهد بقصة حب جمعت بين علي وسمية وتوّجها الزواج.
قبل عام واحد كانت سمية زوجة مخلصة، تسعى مع زوجها الى تأثيث منزلها بالحلال، لكن الشيطان بدأ يقودها إلى طريق جديد، فهي حتى الآن لم تحقق أحلامها، وزوجها لم يحقق لها طموحاتها، وهي في الوقت نفسه تحبه ولا تستطيع الاستغناء عنه.

لم يصبح أمامها سبيل سوى البحث عن وسائل سريعة وغير تقليدية لتحقيق الأحلام. في هذه الأثناء وجدت أمامها الطفلة شهد ابنة جارتها، فتركزت نظرات سمية علي القرط الذهبي الذي تضعه ابنة الخمس سنوات وبدأت تفكر في استدراج شهد لشراء حلوى لها بحيث تتمكن من سرقة القرط.
استغلت سمية حلول الظلام وبدأت تتحرك، كانت شهد في طريقها الى منزلها فوجدت أمامها سمية، التي ابتسمت لها واحتضنتها، وأكدت لها أنها ستشتري لها الحلوى التي تحبها. كست الفرحة وجه شهد التي استسلمت لجارتها وهي تقتادها إلى أطراف المدينة.

بدأ القلق يتسرب إلى قلب الطفلة فراحت تبكي، وطلبت من سمية إعادتها إلى أسرتها. وحاولت سمية أن تنتزع القرط من أذني شهد، لكن الطفلة تنبهت إلى ما تفعله جارتها وبدأت تصرخ مستنجدة بالمارة.
أسقط في يد سمية، وأطبقت على فم الطفلة ولم تتركها إلا بعد أن لفظت أنفاسها الأخيرة. ولم تضيِّع سمية وقتها، فانتزعت القرط من الطفلة وبدأت تفكر في إيجاد مكان تخفي فيه جثة شهد.

قررت أن تضع الجثة في مقلب القمامة الضخم الذي تستخدمه المنطقة التي تسكنها شهد. وبعدما قامت بذلك عادت الزوجة الى منزلها وكأن شيئاً لم يحدث، وحاولت أن تبدو متماسكة أمام زوجها لكنها فقدت أعصابها عدة مرات، وأجهشت في بكاء هستيري.
حاول علي أن يعرف سرّ بكاء زوجته، فروت له أنها رأت كابوسا، فصدقها زوجها وراح يقرأ عليها القرآن، وبدأت سمية تهدأ، وأكدت لزوجها أنها تحتاج إلى فترة من الوقت بمفردها، وغادر زوجها الغرفة وهو لا يعرف ما الذي أصاب زوجته.

صباح اليوم التالي اتجهت سمية إلى محل مجوهرات في مدينة مجاورة، وعادت الى منزلها ومعها ألفا جنيه، فنسيت جريمتها، واشترت ملابس جديدة، واتجهت إلى البنك لتفتح حساباً شخصياً لها! عادت إلى منزلها وهي ترتب أفكارها حتى تجد لزوجها مبرراً للأموال التي هبطت عليها، وسأ‍ل زوجها عن مصدر الأموال، فزعمت أنها التحقت بوظيفة في شركة كبرى براتب كبير، وفرح علي بشدة دون أن يدرك أن زوجته تخدعه.


الفريسة

بعد أسابيع قررت سمية أن ترتكب جريمة جديدة، وراحت تبحث عن فريسة أخرى. بعد حلول الظلام تحركت في شوارع مدينتها، ووجدت ضالتها في مجموعة من الصغيرات اللواتي كنّ يلعبن معاً في الشارع، فاختارت إحداهن، وكانت بالطبع تضع مجوهرات في رقبتها وأذنيها. اقتربت سمية من الطفلة وسألتها عن اسمها، فأجابت الصغيرة أنها تدعى صفاء، ووالدها محامٍ، وأشارت إلى منزلها الذي يقع على مسافة أمتار من المنطقة التي تلعب فيها مع صديقاتها. نجحت سمية في استدراج الطفلة بحجة شراء الحلوى، واتجهت معها إلى المكان الذي شهد جريمتها الأولى وتكرر السيناريو، ولم تكن صفاء أفضل حالاً من شهد، فقضت الصغيرة على يد السفاحة الشابة.

لم تضيِّع سمية وقتها، وانتزعت الحلي الذهبية التي كانت تضعها صفاء، وألقت بجثتها في مقلب القمامة وعادت إلى منزلها أكثر ثباتاً، ولم تبد على ملامحها آثار الجريمة التي ارتكبتها قبل دقائق. قابلت زوجها بابتسامة وأكدت له أنها تدعوه إلى العشاء خارج المنزل احتفالاً بوظيفتها الجديدة. وكانت سعادة الزوج بلا حدود، ظناً منه أن الدنيا ابتسمت له، وتوَّج الله فرحته، ولم يكن يدرك أن زوجته خطت بضع خطوات في طريق الجحيم.

لم تمض أسابيع حتى قررت السفاحة ارتكاب جريمة ثالثة، لتزيد حصيلتها من الذهب، فاختارت طفلة تدعى ميادة لا يتجاوز عمرها ست سنوات ارتكبت أسرتها الخطأ نفسه بترك الصغيرة بلا رقابة وهي تضع مجوهرات ثمينة. أصبحت سمية قاتلة لثالث مرة، وباعت الذهب بسعر كبير. وفي هذه الأثناء كانت الأسر الثلاث تبحث عن الطفلات المفقودات ولكن بلا جدوى. وبدأت أجهزة الأمن رحلتها في البحث عن آثار الطفلات الثلاث.

والتقط رئيس المباحث معلومة تؤكد أن بعض الشهود لمحوا إحدى الطفلات المختفيات تسير مع سيدة في نهاية العقد الثاني من عمرها في طريقهما إلى أطراف المدينة، وبعد حصر أوصاف المتهمة تطابقت مع أوصاف سمية التي تم القبض عليها، وتعرف الصغار من أصدقاء الطفلات الضحايا على شخصيتها! بعد تضييق الخناق عليها لم تجد السفاحة مفراً من الاعتراف بجرائمها الثلاث، في مفاجأة مذهلة للزوج الذي أكد أنه عاش خدعة كبرى دون أن يدري، وتمت تبرئته من تهمة الاشتراك مع زوجته في جرائمها النكراء...