فاجعة مدرسة جدة...

المدرسة, تلميذ, مستشفى, المعلمة, ماجدة الرومي, التعرض لحادثة, وزارة الصحة, تويتر, حريق, متدربات الدفاع المدني

05 ديسمبر 2011

بدأ اليوم الدراسي بشكل طبيعي يخيم عليه الهدوء، وعندما تلبدت السماء بالغيوم تسلل القلق إلى اليوم في منتصفه فقررت المسؤولات صرف تلميذات مرحلة الروضة والتمهيدي الى منازلهن تحسباً لأي أمطار قد تتسبب بحالات احتجاز داخل المدرسة كما حدث في الكثير من المدارس أثناء «كارثة جدة»  في كانون الأول/ يناير 2010. الهدوء يسود المكان حتى سمع صوت كالانفجار. بدأت صرخات استغاثة ودخان خانق ينتشر في المدرسة بسواده. نار تشب في المكان.
حالة من الهلع والفزع تسيطر على التلميذات والمعلمات. جميعهن يركضن في كل الاتجاهات يحاولن النجاة  من الموت. منهن من ألقين بأنفسهن من النوافذ لتتلقاهن أيادي المسعفين والمتطوعين على السجاجيد والشراشف، ومنهن من هرعن إلى السطح ينتظرن المساعدة والإغاثة ويتنفسن هواء بعيداً عن الاختناق، ومنهن من استطعن أن يخرجن من الباب بعد اندلاع النيران
.


قصص كثيرة وروايات مختلفة عن حريق في إحدى المدارس الأهلية بجدة وتسبب بوفاة معلمتين وإصابة أكثر من 50 تلميذة بجروح وحروق وإصابات مختلفة.
في اليوم الثاني من الحادث سيطر الهدوء على المكان وراح رجال الأمن يمشطون المدرسة ويبحثون عن أسباب الحريق. أولياء الأمور وشهود العيان ومن ساهم في عمليات الإنقاذ يمرون بالمدرسة ليحصلوا على معلومات جديدة، والصحافة المحلية تقف على الحدث بكل تفاصيله.

التحقيقات أوضحت أن خمس طالبات تسببن في اندلاع الحريق لتجربتهن نظام الأمن والسلامة في المدرسة. ولكن تبقى أسئلة كثيرة هل أهملت المدرسة إجراءات السلامة؟ هل كان يوجد في المدرسة كاشف دخان، وصفارات إنذار، وخراطيم مياه، وطفايات حريق؟ هل استخدمت خطة للإخلاء؟ من المسؤول عن معايير الأمن والسلامة في المدرسة؟ وهل غلق النوافذ بقضبان من حديد في الأدوار السفلية وغياب درج الطوارئ في الأدوار العلوية من معايير السلامة؟ هل كانت أبواب الطوارئ كافية؟ هذه الأسئلة وغيرها هي موضوع هذا التحقيق.

ريم النهاري معلمة الدين لم تكمل عامها الخامس والعشرين عندما أسلمت روحها لخالقها بعد سقوطها من الدور الثالث محاولة الهرب من ألسنة النار والدخان. كانت تعطي الدرس الأخير حين اختنقت وتلميذاتها بالدخان ولم يجدن مخرجاً للفرار إلا بكسر النافذة والقفز واحدة تلو الأخرى. انتظرت المعلمة حتى أفرغت الصف من التلميذات لتقفز قفزة الموت.
أمام منزل ريم ووسط أهلها وجيرانها كان مشهد الوداع بالغ الحزن والأسى. ريم تستعد لرحيلها الأبدي وسط دموع حارقة وملتهبة من جميع أفراد أسرتها. العبرة لا تفارق عين الأب الهائمة وكأنها تقول ماذا سأفعل من بعدك يا ابنتي؟ لقد كانت له إبنة، وصديقة، وأما. كانت تشاركه أفراحه وأحزانه وتحمل عنه عبء عائلة بأكلمها بعد وفاة والدتها قبل عام ونصف. فهي من تهتم به، وتطعمه، وتذكره بالصلاة. شقيقها الشاب ينتحب كالأطفال غير مصدق ما وقع عليهم من مصاب، والأصغر لا يستطيع أن يسيطر على حالة الفزع التي انتابته وهو يراها ترقد أمامه منتظرا انطلاق السيارة التي ستوصلها الى مثواها الأخير في مكة حيث ستدفن..

سلمت ريم روحها لخالقها وتركت وراءها عائلة من ستة أشخاص كانت هي المسؤول الأول عنهم من خلال عملها كمعلمة تتقاضى 2000 ريال شهرياً.
لم تكن تعرف أن الليلة السابقة للحادث ستكون الأخيرة. سهرت مع والدها وكانت تجهز مطويات توعوية لتلميذاتها عن التماس الكهربائي، ولكنها لم تكن تدري أن القدر سيكتب لها أن تعيش حقيقة هذا التماس بكل تفاصيله. هذا ما أكدته خالتها لـ«لها» وهي تصف لحظاتها الأخيرة مع الفقيدة فتقول: «لقد قمت بغسلها، وكانت نائمة، وجهها هادئ ومبتسم. لقد رحلت الى مثواها الحقيقي ولا خوف عليها». وأكدت أن ريم كانت صائمة عند خروجها إلى مدرسة وطلبت من شقيقها أن يشتري لها طعاماً تفطر به في هذا اليوم. ووصفت شخصية ريم بالطيبة والحنونة مع جميع أفراد أسرتها إضافة إلى اجتهادها وحبها لعملها.

أما الجدة الحزينة فقالت: «بينها وبين والدتها سنة. لقد كانت ونيسة أختها، قائمة بشؤون شقيقها المعوق، واحتياجات أشقائها الآخرين. تتعاون مع رانية للاهتمام بالأسرة بعد وفاة أمها». الدموع تخنقها والأحداث تقلب صفحات العام الماضي عندما فقدت ابنتها «أم ريم». تتحدث وتحكي بلا هدف وكأنها تفضفض عما بداخلها من هم وألم. تحكي كيف تعاونت ريم مع شقيقتها رانية للاهتمام بالأسرة عندما مرضت الأم اثر حادث أصاب الشقيق الأصغر وجعله غير قادر على الحركة والكلام. تركت رانية دراستها لتهتم بوالدتها وشقيقها والتحقت ريم بالعمل لتقوم بمتطلبات الأسرة.


المعلمة سوزان

أما المعلمة سوزان فقد بكتها العيون ألماً وأملاً ورجاء، طالبة لها الرحمة والراحة... في بهو المستشفى وقف الرجال بين دموعهم غير آبهين بظهورها للعيان، وعلى مقاعد الانتظار جلست والدتها التي تحتسب أمرها لخالقها وتدعو لها وهي لا تعرف  سوى نصف الحقيقة عن وضعها الصحي. واصطفت شقيقاتها وقريباتها وبأيديهن كتب الأدعية يقرأن ما تيسر من كتاب الذكر الحكيم سائلين المولى أن يمنّ عليها بالشفاء والعافية. هذا حال أسرة سوزان والتي تقطن في غرفة العناية المركزة في المستشفى بعد أن قفزت من نافذة الطابق الثالث في المدرسة وأصيبت بكسور في منطقة الحوض ونزيف في الرئة وحروق في يديها وأعلن طبيبها وفاتها دماغيا بعد يومين من الحادثة.

 

سوزان الأخت الصغرى لعائلة مكونة من خمسة أشقاء و3 شقيقات ووالدتهن التي فقدت عينها من بكائها على فراق زوجها، وأبناؤها يخشون عليها فقدان العين الأخرى بعد سماعها عن حال ابنتها ورفيقتها سوزان.
بكثيرٍ من اليأس والحزن والغضب كان وجه شقيقها الأكبر سهيل يجوب أرجاء المكان، فتارة يجلس وتارة يقف وتارة يُصلي. امتنع في البداية عن الحديث معنا، وسرعان ما بدا وكأنه يتساءل: «هل يُعقل أن تنعدم النوافذ في مدارسنا، وتُبنى الجدران العالية وكأننا نضع بناتنا وأخواتنا في سجن أو قلعة مُحصنة، قضبان حديدية ونوافذ محكمة الإغلاق وأسوار عالية. هي عقلية مجتمع غريب يخشى على الفتاة أكثر من حرصه عليها. لو كان هناك نوافذ لاستطاعت سوزان ومن معها الخروج من المكان قبل أن تستنشق كمية كبيرة من دخان ثاني أكسيد الكربون الذي قلل من وصول الأوكسيجين إلى الدماغ. تلك المصيبة في مجتمعنا و لن نستفيق لها إلا بعد حادثة سوزان والمدرسة المنكوبة».

وبطريقة مفاجئة استكمل حديثه قائلاً: «أختي انتهت. حين علمت بالحادثة، ذهبت مسرعاً إلى المدرسة أبحث عن شقيقتي سوزان، لكنني لم أجدها، إذ تم نقلها إلى المستشفى، بعدها تلقيت اتصالاً من الدفاع المدني يفيد أن هناك حالة مجهولة الهوية، وأتيت للتعرف عليها، وحتى اليوم لا أعلم كيف سأخبر أمي».

وعلقت سمر شقيقة سوزان بقولها: «نحن حتى اليوم لا نعلم شيئاً عن وضع المدرســـة وما آلت إليه، وهل هناك مخارج فيها. كل ما يشغلنا الآن حياة سوزان، فهي من تعتني بأمي، نحن متزوجات وفي بيوتنا، وهي من تهتم بوالدتنا ومواعيد مراجعتها في المستشفى بكل حنان». وأضافت: «لا أُحمل أحداً المسؤولية لأني لا أعرف ما الذي حدث وما سبب الحريق وكيف وقعت سوزان أو لم تقع، سمعت كما يسمع الناس من الصحف ووسائل الإعلام».

في مشهدٍ آخر يدخل شقيق سوزان، جميل الخالدي، إلى غرفة الانتظار وما أن جلس بجانب والدته بكى بحرقه شديدة، تألم وراح يمسح دموعه خوفاً من أن تراه والدته، لكنها سألته: «ما بك يا ولدي، هل تعرف شيئاً عن سوزان ولم تخبرني به؟». أشاح بوجهه بعيداً عن عيني والدته واخبرها بأنه يعاني ألماً في رأسه فقط، وهو لا يعرف عن شقيقته إلا ما تعرفه والدته. يقول: «نحاول أن نكتم ألمنا خوفاً على أمي، لا أعلم كيف سيكون وقع الحقيقة عليها؟». وأكد أنه وحتى اليوم لم يزرهم أحد من المسؤولين للاطمئنان الى حال شقيقتهم سوى زيارةٍ عادية كانت ضمن جولة نائبــة وزير التربية والتعليم الدكتورة نورة الفايز للمصابين في المستشفى.

والدة سوزان امرأة كبيرة في السن تحمل في ملامح وجهها طيبة وصبراً قويين وهي التي لا تعلم حقيقة وضع سوزان الطبي وأنها تعيش على جهاز تنفس بسبب نزف الرئة جراء استنشاقها كمية كبيرة من ثاني أوكسيد الكربون. تحدثت إلينا وأخبرتنا عن آخر يوم التقت فيه ابنتها قبل ذهابها إلى المدرسة المنكوبة. تقول: «نهضت سوزان باكرا كعادتهاً، اذ كانت مناوبتها يوم السبت، واتصلت بها حوالي الساعة العاشرة والنصف كعادتي وسألتها عن صحتها وعن ماذا تريد للغداء. وكل شيء كان يسير على ما يرام».
وأضافت ام سهيل: «حين سمعت الخبر بدأت البكاء، حتى هاتفني ولدي وأدخل الطمأنينة إلى صدري. أنا الآن أخاف على شقيقها التوأم (أزهري) الذي لا يكف عن البكاء، ولا يستطيع تحمل البيت من دونها، لذا أحاول أن أصبره وأن لا يراني وأنا أبكي».


التلميذات والمعلمات يختلفن في شأن معايير السلامة داخل المدرسة

بصبر واحتساب وأدعية الصبر والسلوان بدأت الشاهدة العيان المقيمة قرب المدرسة سهام عبد الرحمن الجبّاري الحديث عن الحريق الذي بدأ بصوت انفجار ضخم تكسر على أثره زجاج نوافذ المدرسة وتطاير في باحة منزل سهام. «بدأ الحريق عند منتصف النهار اي ما يقارب الساعة الواحدة والنصف تقريباً حين سمعت دوي انفجار قوي ورأيت اعمدة الدخان تتصاعد وسمعت صوت تحطّم الزجاج في ساحة المنزل، فخرجت مسرعة ورأيت أن المدرسة تحترق... هرعت لإنقاذ ابنتي وشقيقاتي اللواتي يدرسن فيها وبالفعل استطعت اخراجهن من الباب قبل ان تبدأ اعمدة الدخان الانتشار بشكل مخيف».

يشار إلى أن هذا الحريق ليس الاول في هذه المدرسة فقد سبقته حوادث صغيرة متفرقة كما قالت سهام. وصحيح أن المدرسة تمتلك طفايات للحريق، لكن المعلمات لم يعرفن ماذا يفعلن وقت الحادث وانتشر الرعب والذعر بين أوساط التلميذات والمعلمات من كثافة الدخان وشدة الحرارة. وأكدت سهام أن المدرسة لا يوجد بها مخرج للطوارئ، والسلم الموجود داخلي وضيق لا يسمح للتلميذات بالخروج أثناء الحوادث.

أم محمد العمودي من السكان المجاورين للمدرسة سمعت صوت الانفجار القريب والقوي فخرجت من منزلها مذعورة لتشاهد أعمدة الدخان تتصاعد من مبنى المدرسة وسط صراخ البنات والمعلمات. فابنتها تدرس في المرحلة المتوسطة وفي وقت الحريق كانت في المقصف القريب من الباب الخارجي للمدرسة، والحريق حدث في القبو. تقول: «سمعت صوت انفجار قوي وسيارات الإسعاف أثناء دخول ولدي إلى المنزل، فأمرته بإحضار أخته مسرعاً، وعندما وصل إلى الباب سمع صراخ الاستغاثة فيما غاب الحارس. لكن من شدة طرق التلميذات على الباب الرئيسي للمدرسة استطعن فتحه والخروج ومن بينهن ابنتي التي أخذ شقيقها بيدها وأوصلها إلى المنزل في حالة من الذعر والخوف لا توصف. كانت تتحدث عن ما رأته من حريق ودخان ومعلمات وتلميذات اتشحن بالسواد، وبقيت أهدئ من روعها فترة إلى أن نامت».

عادت أم محمد للوقوف على وضع المدرسة بعد ما يقارب الساعتين تقريباً ووجدت سيارات الدفاع المدني تملأ المكان، وجماهير غفيرة من الناس يحيطون المدرسة، ورجال الشرطة يمنعون دخول أحد إلى ساحة المدرسة. انتظرت أم محمد مدة طويلة إلى أن سُمح لهم بالدخول ومشاهدة مكان الحريق، فوصفت ما رأت قائلة: «المدرسة لها بابان على الشارع العام، ولم نستطع الدخول إلى القبو لشدة الدخان والنيران التي كانت مشتعلة. الحريق وقع في القبو وتحديدا في غرفة التدبير المنزلي».

 

وانتقدت أم سارة التي لها ثلاث بنات يدرسن في المدرسة المنكوبة التصميم الداخلي للمدرسة وجاهزيتها للطوارئ. «أعرف أن المسرح تعرض للحريق مرتين بسبب تماس كهربائي فيه... هناك سياج على النوافذ السفلية، وعندما بدأت الفتيات إلقاء أنفسهن من النوافذ لم يكن هناك أي احتياطات مثل وجود الحبال، وخراطيم المياه، وصناديق مجهزة لإخماد الحريق في كل طبقة كما في المدارس الحكومية. وعندما رأت الفتيات أن المعلمات يلقين بأنفسهن من النوافذ بدأن إلقاء أنفسهن».

 وجدت أم سارة بناتها الثلاث ينتظرن في الشارع، أما تلميذات المرحلة المتوسطة فقد كن في صفوفهن عندما صعدت الوكيلة المتوفاة غدير كتوعة لإخبارهن بأن هناك حريقاً في المدرسة. انقسمت التلميذات، فنزل قسم عن طريق الدرج الداخلي والقسم الأخر صعد إلى سطح المدرسة، «وإحدى صديقات ابنتي في المرحلة المتوسطة ألقت بنفسها من النافذة».

وقاطعت سارة حديث والدتها لتحكي عن تجربتها في ذلك اليوم مؤكدة أن المدرسة قامت بتدريبهن على خطة إخلاء أثناء الأمطار، وتبلغن ضرورة بقائهن في الفصل أو توجههن الى الأعلى، ولم يتدربن على إخلاء الحريق طوال السنتين اللتين أمضتهما في المدرسة.


معلمة نجت


تحدثنا إلى المعلمة علا الناجية من الحريق بعد اصابتها برضوض وحروق. بدا عليها الهدوء والطمأنينة وراحت تشرح ما حصل بقولها: «في الساعة الواحدة تماماً خاطبت طالباتي بأن الوقت المتبقي لهن على انتهاء الدوام هو نصف ساعة فقط. ويوم الكارثة أرسلت تلميذات المراحل الأولية إلى منازلهن باكرا بسبب وجود غيوم في السماء وتحسباً لسقوط أمطار، كما أننا بعثنا برسائل نصية للأهالي تفيد بخروج التلميذات مبكراً من المدرسة بسبب الأحوال الجوية».

سمعت المعلمة علا صوت جرس الإنذار وصراخ التلميذات، لتصعد إلى الطابق العلوي مسرعة آخذة التلميذات ومجموعة من المعلمات إلى السطح لتفادي الدخان الكثيف الذي بدأ يتصاعد في أرجاء المكان. وبقين على السطح حتى وصل الدفاع المدني بعد ساعة من اندلاع الحريق.
ونفت المعلمة علا ما تناولته وسائل الإعلام والصحف المحلية من محاولات إلقاء التلميذات أنفسهن من سطح المدرسة، وقالت «إن بعض المعلمات والتلميذات ألقين بأنفسهن من الطابق الثالث وليس من السطح، كما قال البعض».


الدفاع المدني ووزارة الصحة "
العميد عبد الله الجداوي: المدرسة استوفت كل شروط السلامة

من جهته أعلن مدير إدارة الدفاع المدني في محافظة جدة العميد عبد الله الجداوي أسباب حريق مدرسة جدة قائلا: «أن التحقيقات في ملابسات الحريق بينت تسبب خمس طالبات في الصف الثالث المتوسط في اندلاع الحريق حين قمن بإشعال النار في بعض الأوراق لاختبار نظام الإنذار ضد الحريق في بدروم المدرسة دون رقابة أي من المعلمات. ولم تحدد بعد الإجراءات التي ستتخذ في حقهن، لكن تم التحقيق معهن بحضور أولياء أمورهن».
وأكد الجداوي أن البيان الذي صدر من الدفاع المدني في محافظة جدة والذي أوضح نتائج تحقيقات اللجنة المشكلة من إدارة الدفاع المدني، وعضوية الأدلة الجنائية في شرطة جدة، والمباحث العامة، وإدارة التعليم أن وقت وقوع الحريق قد سبق إبلاغ الدفاع المدني بفترة غير قصيرة، ولقد بين ذلك «شدة اللفحات الحرارية الصادرة عن الحريق وكثافة الترسبات الكربونية في كافة مرافق المبنى».

موضحاً أن الحريق أسفر عن حالتي وفاة  و56 إصابة لم يتبقى منهن داخل مستشفيات جدة إلا 23 حالة وجميعهن بصحة جيدة، وحالة واحدة حرجة تقبع داخل العناية المركزة. مؤكدا أن اللجنة مازالت مستمرة لاستكمال إجراءات التحقيق. وأشار إلى أن الفرضيات الأولية للحادث دارت حول تسبب التماس كهربائي في نشوب الحريق ولكن بعد التحقيقات وظهور تضار ب أقوال في شهادات الطالبات تم الوصول للسبب الحقيقي.
وأكد أن «المدرسة كانت تتوافر فيها كل وسائل الأمن والسلامة من أجهزة إنذار،  خراطيم للمياه، طفايات الحريق، ومخارج للطوارئ، حتى أن بعضا من خراطيم المياه استخدمته  المدرسات قبل وصول الدفاع المدني. ولكن للحقيقة لم تكن المشكلة في الحريق نفسه، بل في ما نتج عنه من أبخرة دخانية، وثاني أوكسيد الكربون، والترسبات الكربونية».

وأشار إلى أن حالتي الوفاة نتجتا عن اختناق للأولى والقفز من الطابق الثالث إلى الأسفل للثانية.
وأوضح  الجداوي أن الدفاع المدني بالتعاون مع التربية والتعليم لديه برامج أمن وسلامة منذ ما يقارب السبع سنوات، وقد وصل البرنامج إلى مراحل متقدمة، حتى أن هناك تدريبات على كيفية الإخلاء الفوري في حال الحريق. ولفت إلى أن الدفاع المدني ألزم المدارس بمخارج للطوارئ، وأجهزة الإنذار وغير ذلك من وسائل السلامة. إلا أنه لم ينكر أن هناك بعض المخالفات من بعض المدارس، وأن الدفاع المدني في حال اكتشاف هذا الخلل يرد معاملة المدرسة ولا يوافق على إصدار التصريح الخاص بها. وجزم بأن المدرسة المنكوبة استوفت كل شروط الأمن والسلامة.

 



الدكتور سامي باداوود: أربعة مستشفيات تعاملت مع الواقعة والصحة النفسية الخامسة

في ذات الصدد تحدث مدير الشؤون الصحية في محافظة جدة الدكتور سامي باداوود قائلا: «أن أربع مستشفيات استقبلت الحالات هي مستشفى الملك عبد العزيز، ومستشفى الملك فهد، ومستشفى الملك سعود، ومستشفى الجدعاني وهي الأقرب للمدرسة. ولقد تسبب الحريق في حالتي وفاة 56 إصابة حتى الآن بعضها ما زال يتلقى العلاج.
هذا وقد أوضح الدكتور سامي في حديثه أن غرف الطواريء كانت لديهم خبرة كافية للتعامل مع الحالات بكافة إصاباتها، بالإضافة إلى تشكيل فريق نفسي برئاسة مدير مستشفى الصحة النفسية لإخضاع المعلمات، والطالبات للعلاج النفسي، وعلاج ما بعد الصدمة، وتقديم الدعم النفسي للأطفال، وأولياء الأمور. منوها أن أصغر حالة متواجدة لا يتعدى عمرها الأربع سنوات.


بماذا ترد التربية والتعليم؟
الثقفي: المدرسة حاصلة على ترخيص أمن وسلامة من الدفاع المدني وأوراقها نظامية

ذكر مدير ادارة التربية والتعليم في جدة عبدالله الثقفي أن كل منشآة تعليمية تستقبل طلابا لا بد أن يكون لها ترخيص، وأضاف: «من أهم الاشتراطات في الترخيص شهادة الدفاع المدني، وأي مدرسة لا تحمل هذه المواصفات تُغلق سواء كانت اهلية أو حكومية». وتابع: «أوراق المدرسة نظامية وهي حاصلة على ترخيص أمن وسلامة من المديرية العامة للدفاع المدني، أي أنها مستوفية اشتراطات الكشف الوقائي الدوري ويُرخص بإستخدامها للعمل التربوي شريطة أن تلتزم بالصيانة الوقائية الدورية للمبنى وتجهيزاته».


رضوان : نضرب بيد من حديد بشأن سلامة المدارس

من جانبها، ذكرت مديرة إدارة التعليم الاهلي والاجنبي في جدة آمال محمد رضوان أن كل المدارس مطالبة بتجديد الترخيص سواء حصلت عليه سابقا ضمن النظام القديم الذي كان يعطي التراخيص بمدة غير محددة، أو بموجب نظام وزارة التربية والتعليم الذي صدر قبل سنتين وأمر بتجديد التراخيص لمدة ثلالث سنوات. والاوراق المطلوبة في تجديد التراخيص وجود صورة شهادة أمن وسلامة من  إدارة الدفاع المدني لكل المباني.

وفي ما يتعلق بالمدرسة المنكوبة أكدت أنها حاصلة على ترخيص وانه جُدد وينتهي ترخيصها في شهر 7 عام 1434هـ أي أنه ساري المفعول ويتضمن شهادة من إدارة الدفاع المدني ومُجددة وسارية المفعول، وأوراقها نظامية وتقريرها الهندسي سليم من ناحية المداخل ومخارج الطوارئ.

وأشارت الى أنه إذا تم الوصول إلى أي معلومة عن اي مدرسة لا تملك ترخيصا يجري التحرك فورا من التربية والتعليم والامارة للقيام بالاجراءات النظامية حيالها، «لكن إن كان هناك مواقع لمدارس غير حاصلة على تراخيص يجب عليهم إشعارنا بأسمائها ومواقعها لأخذ الاجراءات اللازمة، لأننا لا نسمح لأي مدرسة بمزاولة نشاطها التربوي دون الحصول على موافقة مبدئة ثم على الترخيص النهائي».

 الحادث درس قاسٍ للعاملين في المجال التعليمي ...
وفي السياق ذاته طالب رئيس لجنة مُلاك المدارس الاهلية للتعليم الاهلي والاجنبي للبنات في محافظة جدة محمد حسن يوسف في بيانٍ له بضرورة أن يكون ما حدث درساً وصفه بـ«القاسي» لجميع العاملين في المجال التعليمي، مضيفاً: «يجب التشديد على وسائل السلامة في المنشآت التعليمية لتضاهي مثيلاتها الموجودة في المدارس الحكومية».
وقال: «تفيد الاحصائيات بأن عدد المدارس الاهلية والاجنبية في جدة تخطى حاجز 290 مدرسة، تضم ما يزيد على 90 الف تلميذ و 10 آلاف معلمة وإدارية وكاتبة ومراقبة، الامر الذي يُحتم ضرورة الاهتمام بتلك الفئة، كونها تُمثل شريحة عريضة من العاملين في القطاع التعليمي».


«جمعتنا المصائب» على تويتر..

سيطرت فاجعة حريق مدرسة جدة على مواقع التواصل الاجتماعية وخاصة «تويتر»،
وتعالت الاصوات من مختلف الاطياف في السعودية، وبادر الكثيرون من الشباب والفتيات والنشطاء والحقوقيون بإنشاء «هاش تاغات» تحمل اسم المعلمة ريم النهاري، وآخر يحمل عنوان «حريق جدة» و«مدرسة جدة» ليتواصل الحديث عن المصائب التي باتت تجمعهم في كوارثها المتوالية عليها عاما تلو الآخر، فأصبح الحديث بين «عام غريق، وعام حريق، أين ستنتهي يا وطن»، وبين «جدة بين المَاء والنّار .. ويلٌ للمفْسد من الجبّار!» و«صحت البراعم في الصباح وغرّدت: وطنٌ..وطنْ...فأتى صدى تغريدها: كفنٌ..كفنْ»، وبين «ما ذنب براعم الوطن يرمون انفسهم من نوافذ المدرسه .. حسبي الله ونعم الوكيل». وصولا إلى «قبل محاسبة المسؤول (الذي لن يُحَاسب) لعلنا نطالب بتحديث و تطبيق مباشر في أنظمة السلامة و الطوارئ ... والله أعلم».
واتفقت الآراء على ضرورة محاسبة المسؤولين عن هذا الحريق. وأرجعت ناشطات حقوقيات أسباب الحادث إلى افتقار المدارس إلى خطط سليمة للإخلاء سواء في الحريق او في السيول والى اساسيات التعامل مع الحالات الطارئة.