'وش اسم أمك'؟!

المملكة العربية السعودية, المرأة السعودية / نساء سعوديات, المجتمع السعودي, حقوق المرأة السعودية, المحرمات, عيد الأمهات

06 فبراير 2012

«مو أنت ولد فاطمة؟». بهذه العبارة انتهت حلقة مسلسل «طاش ما طاش» باسم الأم الذي يخجل السعوديون من ذكره مهما بلغ الإنسان من وعي وثقافة ومناصب، وذلك في ظل العادات والتقاليد والخوف من السحر، والابتعاد عن التهكمات والمزاح «الثقيل» بين الشباب. وكانت التجربة خير برهان عندما بدأت استطلاع آراء من حولي وفوجئت بعدد من الزملاء  على قدر عالٍ  من التعليم والمناصب رفضوا الإفصاح عن أسماء أمهاتهم بحجة «القيود الاجتماعية» و ثقافة «العيب» من ذكر أسماء المحارم لغرباء. «لها» رصدت تقليداً سعودياً وسألت هل مازال من المحرمات؟

الغامدي: لا أخبر اسم والدتي لأيٍ كان

رفض عمر حامد الغامدي (29 سنة) الموظف في القطاع العام، ذكر اسم والدته معللاً ذلك بـ «القيود الاجتماعية التي تلزمنا عدم ذكر أسماء المحارم أمام الغرباء. هذه العادة تأصلت فينا منذ الصغر، ومهما كانت الأسباب التي قد تُلزمني ذكر اسم والدتي فإني أرفض ولا أخبر اسم والدتي لأيٍ كان».

المالكي: لا أذكر اسم والدتي حتى لا أغضبها مني
من جانبه رفض وليد المالكي (30 سنة) ذكر اسم والدته بأي شكل من الاشكال، لإيمانه بمبدأ «من شبّ على شيء شاب عليه». فالتربية منذ الصغر كانت تمنع الناس من ذكر اسم الام او الاخت او حتى الزوجة أمام الغرباء، بل ومن المستحيل معرفة اسم المحارم أياً كان السبب. وأي شخص يتلفظ بإسم الام او الاخت دخل في دائرة العيب والمحظورات ايضاً. وأضاف: «اسم الام في حالات معينة كأوراق رسمية او عيادات طبية من الممكن الافصاح عنه، لكن اسم الاخت لا يجوز ذكره أبداً».
وأضاف: «أذكر أنني أيام الدراسة إن سالني أحدهم عن اسم والدتي أطلب منه اسم والدته اولاً ثم أعطيه اسما مختلفا عن اسم أمي الحقيقي».
وارجع المالكي إخفاء اسم الام أحيانا إلى السحر فقد يُسحر للشخص عن طريق اسم الام «وهو اعتقاد موجود عند الكثيرين، لكن امتناعي عن ذكر اسم امي ليس لهذا السبب فأنا رجل مؤمن بقضاء الله وقدره ومتسلح بإيماني به. لكن إن أخبرتكم بإسمها قد تنزعج والدتي، لذلك لن أغضبها بذكر اسمها».

السليماني: إذا دعت الضرورة أذكر اسم والدتي
وذكر وائل السليماني (32 سنة) الموظف في شركة خاصة، أنه إذا دعت الضرورة إلى ذكر اسم أحد محارمه فإنه يفصح عنه، وقال: «اسم والدتي (باهية)، وأنا لا اذكره إلا في حالات الضرورة. هي ثقافة مجتمع نشأنا عليها. وعلى سبيل المثال أذكر أن الأولاد في  الحارة سابقاً  كانوا يستهزئون إن عرف أحدهم اسم الوالدة أو الأخت لأحدنا. وهذا ما جعل الأمر يتحول  إلى عيب اجتماعي».

الغامدي: أطلب من الموظفة مناداة أمي بصوت خفيض
ومن جانبه ذكر ياسر الغامدي (29 سنة) أن اسم الأم لا يُكشف في كل الأحيان وليس لجميع الناس، يقول: «الشباب السعودي من أكثر الشباب المتأثر بمجتمعه، فنحن تحكمنا العادات القبلية التي تفرض علينا ثقافة العيب خاصة في ذكر اسم الأم أو أحد المحارم. وإذا كان عليّ الوجود مع والدتي في مكان عام أو في مستشفى على سبيل المثال، أطلب من الموظفة مناداة أمي بصوت خفيض، وإن تم غير ذلك أتجنب الوقوف معها وأبتعد عنها لئلا يعرف الناس أني ابن فلانة». ويضيف: «من يعرف اسم أمي كأنه أخذ عليّ زِلة، فمن الأفضل عدم الإفصاح عن اسمها، من باب ابعد عن الشر وغنيله».

القديمي: لا أذكر اسم والدتي إلا إذا كان السبب مقنعاً
يوسف علي القديمي (29 سنة) يرى أن السعودية من المجتمعات المحافظة جداً والحريصة على صون المرأة ومعاملتها كما الأمر الثمين.
وروى حادثة طريفة متعلقة بهذا الموضوع، إذ كان يلعب مع أصدقائه في المدرسة ومن يخسر يذكر اسم والدته، فخسر هو وفي كل مرة كان يذكر أسماء مختلفة لوالدته أمام اصدقائه وليس اسمها الحقيقي. وأضاف: «لا أذكر اسم والدتي إلا إذا كان السبب مقنعاً لأن ذكره بدون سبب عيب».

عبد العزيز: في سن المراهقة كنت أعتبر الأمر عيباً 
رأى سامي عبد العزيز (32 سنة) وهو مدير في القطاع العام، أن «الرجولة لا تعني إخفاء اسم الأم بل على العكس إن دعت الحاجة الى ذلك  يجب علينا أن نذكره ونتفاخر به. واعتقد أن من لا يذكر اسم والدته أو أحد محارمه يرتكب انتقاصاً من حقهم، وإجحافا لما قدمته تلك الأم من حنان وتربية وعطف على أبنائها. ولا أخفيك أني كنت أتحاشى أن أذكر اسم والدتي أو اسم أختي أمام أصدقائي منذ الصغر إلى أن وصلت إلى سن 25 سنة، ففي سن المراهقة كان هذا الأمر يعتبر عيباً بالنسبة إلي». وأضاف: «أذكر أن أحد الأصدقاء طلب مني اسم أختي فأخبرته بذلك لان شقيقته تريد مساعدتها في أمرٍ ما. وعندما مازحني بطلبه معرفة اسم أمي، أجبته والله هذا اللي ناقص». وابتسم.

باجسير: لا أخشى ذكر اسم والدتي بل أفتخر به دائماً
قال الإعلامي السعودي صبري باجسير (29 سنة) انه في سن 18 سنة كان يخجل من ذكر اسم والدته امام أصدقائه، لأخذه منحى مختلفا يندرج ضمن ثقافة العيب ويطرح الكثير من التساؤلات أمامه. وبعد دخوله عالم الإعلام وتعامله مع الكثير من الأشخاص، تبدلت اقتناعاته وبات يرى الأمر عادياً، ويضيف: «في السابق كنت أشعر بأن ثقافة المجتمع تُحتّم علينا ذلك، لكن عندما بدأت في تشكيل اقتناعاتي واختيار طريقة تفكيري مع الحياة بشكل وأسلوب مختلفين عرفت أنه لا يوجد أي مانع من ذكر اسم الأم بشكل طبيعي».

وأضاف: «اسم والدتي فوزية لا أخشى من ذكره، ولا استطيع الجزم بأن بداية الأمر موروث اجتماعي أم عُرف من داخل الأسرة، لكني أتذكر منذ صغري أن جدي كان يطلب مني مناداة جدتي باسمها مما يعني أن ذكر اسم الأم أو الأخت أو الزوجة في منزل عائلتي لم يكن عيباً يوماً ما».
وذكر باجسير حادثة طريفة حصلت مع أحد أصدقائه بسبب اسم الأم. يقول: «كان لي صديق اعرفه منذ 15 عاماً حاولنا جاهدين انا وبعض الأصدقاء أن نعرف اسم والدته لغرض الفكاهة والمزح فقط، إلا انه كان يرفض ذكر الاسم نهائياً. وفي يومٍ من الأيام وصلت إلى أيدينا إحدى أوراقه الشخصية إلا أننا لم نعرف شيئاً لأنه كان قد حذف اسم والدته بالقلم متعمدا منذ زمن، بسبب خوفه من أن يعرف أحد اسم والدته».

 

المفتي: علينا ان نفخر بأسماء أمهاتنا وهو من أبسط حقوقهن علينا
قال غيث المفتي (31 سنة) الموظف في القطاع الخاص إن الاستحياء من ذكر اسم الام او الأخت يعود إلى «ثقافة المجتمع الذي نشأنا فيه وكان يفرض علينا عدم ذكر اسم الام، فالدين لم يمنع بأي شكل من الاشكال ذكر اسماء المحارم. وفي بادئ الامر كنت كباقي زملائي في المدرسة لا أخبر أحداً كان يسألني عن اسم والدتي  وان اضطررت لذلك كنت أخبرهم اسماً آخر مختلفاً عن اسم والدتي الحقيقي. لكن اليوم وبعد عودتي من الدراسة في الخارج أصبحت ارى الامر طبيعاً وتغيرت مفاهيمي حول هذا الامر بعد أن اختلطت بمجتمع وأناس يرون هذا الأمر عادياً. وبالنسبة إلي لا أجد اي عائق او مشكلة في ذكر اسم والدتي او أخواتي».
ورأى أن هذا الاستحياء  يكون محصوراً بين فئات عمرية معينة  تترواح مابين سن 15 وسن 25 سنة، «وكلما ازداد التعلم والمعرفة والاحتكاك بالمجتمعات الاخرى، كان المرء أكثر اقتناعا بذكر اسم والدته دون حياء بل على العكس عليه أن يفتخر بإسمها وهو من أبسط حقوقها علينا».

العمر: الإنسان في المواقف الصعبة يفتخر باسم أخته ووالدته
وكان المدون ابوعبد العزيز العمر طرح عبر موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» «هاشتاغ» ووضع «EsmAummy» عنواناً له، وكتب تمهيدا له: «ثقافة العيب من اسم الأم والأخت وافدة وجديدة وعمرها أقل من 30 عاماً». وقال: «ما حاولت إيصاله أن هذه ثقافة جديدة وعارضة على المجتمع. فقديماً كان العرب يتفاخرون بأنهم أبناء فلانة وأخوات فلانة. وقبل 80 سنة كان الملك عبد العزيز آل سعود يُعرف بأنه أخو نورة، وأمير الكويت بأنه أخو مريم. والإنسان دائماً في المواقف الصعبة والشديدة يفتخر باسم أخته ووالدته».

محمد: كنت أشعر بأني على خطأ إن أخبرت أحدا اسم والدتي
عبد الله محمد (28 سنة) لا يجد أي مانع من ذكر اسم والدته وأخته، بشكل طبيعي. يقول: «شاركت في الهاشتاغ عن اسم الأم في تويتر وكتبت اسمي أمي وجدتي، ولا أخجل من ذكر اسم أمي مريم واسم أختي نوف. في أيام الدراسة كنت أشعر بأني على خطأ إن أخبرت أحدا باسم والدتي».
ويضيف: «لم يكن والدي يخجل من مناداة والدتي باسمها في أي مكان. وأذكر حادثة مضحكة وقعت معي في المرحلة المتوسطة عندما جاء أحد الأصدقاء في المدرسة وكنت أعرف مسبقا أن أخته تدرس مع أختي، ليفاجئني بسؤاله هل تعرف اسم أختي؟ لأجُيبه بنعم، فطلب مني أن لا أخبر أحدا بذلك وهو كذلك لن يفعل. استغربت الأمر لأني كنت أعتقد أنه أمر عادي».

السقاف: موروث بيئي كنت أعتقد انه عيب...
وقال المهندس والمذيع في إذاعة «مكس إف إم»  ياسر السقاف أنه يفتخر باسم والدته الدكتورة عزيزة، وانه إلى سن 12 سنة وبسبب «موروث بيئي كنت أعتقد انه عيب، فتأثير الأصدقاء يبقى عالياً جدا خاصة في المراهقة. حتى أن والدي لم أذكر يوماً انه خجل من ذكر اسم جدتي أو أمي حتى في الأماكن العامة».

المشهدي: اسم الأم سر خطير مرتبط بثقافة «العيب» في المجتمع السعودي
قالت الاختصاصية الاجتماعية سوزان المشهدي إن ذكر اسم الأم لدى السعوديين يُعد ظاهرة. «لا أعمم ولم أرتكز على إحصائيات معينة إلا أن 70 في المئة من الناس مازالوا يستحون من ذكر اسم الأم عند سؤالهم، حتى وإن كانوا أصحاب مناصب وذي ثقافة عالية وانفتاح. ويعود ذلك إلى خوفهم من المجتمع».
وأضافت أن هذا التحفظ لدي السعودي يتمثل فقط في مجتمعه، مما يعني أنه عند سفره إلى الخارج قد يوجَّه إليه هذا السؤال فيذكر الاسم سواء الأم أو الزوجة أو الأخت بشكل مريح أكثر. «هو موروث مرتبط بالمجتمع الذي يُحذر الولد منذ الصغر من النطق بإسم والدته أمام أصدقائه أو أمام الغرباء. كما يُلزمه في الكثير من الأحيان ذكر اسم آخر وهمي لوالدته لئلا يعايره أصدقاؤه أو يبقى موضع سخرية واستفزاز كما يحدث بين بعض الفئات العمرية وخاصة المراحل العمرية الأولى من حياة الشخص».

ولعل البعض يعتبر اسم الأم «سراً خطيراً» لا يمكن إفشاؤه لأي غريب أو متطفل لأسباب معينة متعلقة بثقافة الـ«عيب». واستدركت المشهدي: «في الآونة الأخيرة بدأنا نجد شرائح مختلفة في المجتمع تُفصح عن اسم الأم في محافل كثيرة ومناسبات كثيرة».
ورأت أن الحل لهذه الظاهرة هو في التعامل معها على أنها أمر عادي وتربية الصغار على أن اسم الأم من الأسماء التي يجب أن نفخر بها. «حتى أننا يجب أن نبدأ بتسمية الشوارع والمدارس بأسماء أمهات المسلمين، وهو ما يُعطي إشارة الى أن الدولة لا تخجل من ذكر اسم خديجة أو فاطمة الزهراء أو أسماء طبيبات أو مفكرات. وهو ما يساعد على ترسيخ ثقافة لها أهميتها في بناء المجتمع».

عسيري: اسم الأم يُكتب بماء الذهب في حياة الإنسان
من جانبه، قال إمام وخطيب مسجد بن محفوظ في جدة الشيخ منتصر عسيري إن دين الله لم يحرم ذكر اسم الأم  بل «أعظم الأمهات اللواتي زينهن الله عز وجل في القران الكريم، هنّ زوجات النبي صلى الله عليه وسلم قال زوجاتهم وأمهاتهم. وذكرهم الله عز وجل ونبيه».  وكان النبي صلى الله عليه وسلم يبين للناس أسماء زوجاته وهن أمهات المؤمنين، وكان الصحابة رضي الله عنهم يفتخرون بأمهاتهم.  وأضاف: «لا يوجد في الدين أي مانع من ذكر الشخص لاسم أمه خاصة إذا كانت الأم من المجيدات مثل الخنساء وغيرها، فكان الشخص يفتخر باسمها ويفرح بها».