مديرة المنزل زعيمة عصابة!

دور الضحية, جريمة, مواقع الزواج الإلكتروني, ضحايا, عصابة, جريمة سرقة

12 مارس 2012

عقدة قديمة سيطرت على أفكارها، جعلتها تكره الأثرياء وترغب في تحطيمهم والانتقام منهم، لا لشيء سوى التشفي، وتلبية نوازع عدوانية بداخلها بعد أن  تسببت زوجة أبيها بعقدتها.

أصبحت «نهى»، ابنة الخامسة والعشرين من عمرها، زعيمة عصابة هدفها الانتقام من الأثرياء، وعدم الاكتفاء بسرقتهم، ولكنها كانت تشترط على أفراد عصابتها بثّ الرعب في نفوس الأغنياء.

والمثير أنها تمكنت من خداع جميع ضحاياها، لأنها كانت تعمل مديرة لكل منزل تمت سرقته... بدأت أحداث القصة في الاسكندرية وانتهت على مسافة أمتار من شاطئ البحر.


البداية

حكايتها مع العذاب بدأت منذ نعومة أظافرها، فقد ماتت الأم وتركت وراءها تركة ثقيلة، ثلاثة من الأبناء لا يجدون من يرعاهم في ظل انهماك الأب في عمله ليلاً ونهاراً، وهو لم يجد أمامه سوى الزواج بسرعة من جارته، مشترطا عليها أن تحسن رعاية أبنائه أثناء غيابه.
ارتدت زوجة الأب في البداية ثوب الحنان والرقة، لكنها لم تلبث أن كشفت وجهها القبيح. استغلّت غياب الأب بشكل دائم عن منزله وبدأت تعذّب أبناءه، تحرمهم من الطعام، وتطلب منهم النزول إلى الشارع والبحث عن عمل. وكانت نهى أكبر الأبناء هي الضحية، لأنها قاومت بشدة طغيان زوجة الأب وحاولت أن تعلن تمرّدها، وأكدت لزوجة أبيها أنها تريد أن تكمل دراستها، لكن زوجة الأب بدأت تذيق ابنة زوجها ألوان العذاب، فيما نهى تشكو لوالدها الذي بدا مغلوباً على أمره.

أظهرت سعاد زوجة الأب قسوتها الشديدة حين قصّت لنهى شعرها أكثر من مرة، وقامت بكيّها بالنار. وظل الأب على سلبيته، فهو مطحون في عمله، يعود إلى منزله يومياً منهك القوى يبحث عن الغذاء والنوم، حتى يعود إلى عمله في صباح اليوم التالي.
أصبحت الدنيا سوداء أمام نهى التي تركت مدرستها رغم أنها كانت متفوقة في دراستها، وأصبح الشارع هو الملاذ الأكثر أماناً لها، لأنها أحست أن زوجة والدها تخطط للتخلّص منها، فقررت الهرب والبحث عن مسكن وعمل بعيداً عن والدها وزوجته القاسية.


حياة الشارع

الحياة خارج المنزل لم تكن سهلة، فالشارع قاسٍ، مليء بالذئاب. بذلت نهى جهداً كبيراً حتى تحافظ على نفسها، وساعدتها الظروف في التعرف على تاجر عجوز استضافها في منزله، وعرض عليها أن يدربها على مهنة تقتات منها. وافقت نهى على الفور، فهي كالغريق يبحث عن قشة تنقذه. وتدربت نهى على مهنة مديرة منزل، وأصبحت خلال أسابيع مدربة على إدارة منازل الأثرياء، وقرأت إعلاناً في إحدى الصحف عن رجل أعمال يسكن في فيلا بأرقى مناطق الإسكندرية، ويرغب في الحصول على خدمات مديرة منزل.

اتجهت إلى العنوان المدون في الجريدة، وتقدمت بثبات لتحصل في النهاية على الوظيفة براتب لم تكن تحلم به، واستطاعت خلال أيام قليلة أن تحصل على ثقة أهل المنزل الذي أصبحت تتحكم في كل شيء فيه بصفتها مديرة المنزل. تحركت نوازعها الشريرة، بدأت تتذكر زوجة أبيها، وغلبها حقدها على الأثرياء، لأن أبناء رجل الأعمال عاشوا حياة لم تعشها نهى التي حرمتها زوجة أبيها من  كل شيء، فخططت نهى لسرقتهم، وأهداها الشيطان لفكرة جهنمية.

كانت تعلم التوقيت المناسب الذي من يمكن أن تضرب فيه ضربتها. التقت أبناء عمتها، وشرحت لهم خطتها ببساطة، وأكدت لهم أنها ستحدد لهم ساعة الصفر التي يهاجمون فيها المنزل أثناء غياب رجل الأعمال وزوجته، وطلبت من أبناء عمتها أن يهددوها والأطفال بالسلاح ويقيدوهم ويسرقوا ما خف وزنه وغلا ثمنه.

لم تنس نهى أن تحدد لعصابتها أماكن الذهب والأشياء الثمينة في المنزل. وفي الثانية بعد الظهر اتجهت نهى إلى باب الفيلا لتفتحه، وصرخت بذعر وسقطت على الأرض بشكل تمثيلي وهي تواجه الملثمين الثلاثة، وانتفض أبناء رجل الأعمال من مكانهم وهم يتابعون هذا المشهد المرعب. اتجه إليهم أحد الملثمين وشد وثاقهم، وكذلك نهى التي ظلت تتوسل إليهم أن يتركوا الأطفال، واتجه الملثمون إلى غرفة نوم رجل الأعمال وسرقوا مجوهرات زوجته. وبعد نصف ساعة، عاد رجل الأعمال ليجد مديرة المنزل وأطفاله في حالة يرثى لها.

تم إبلاغ الشرطة التي أجرت معاينة، وأكدت نهى أنها لم تشاهد أوصاف الجناة لأنهم كانوا ملثمين. لم تمض أسابيع حتى قررت نهى أن تترك عملها بحجة أن والدها مريض، وكانت سعادتها بلا حدود لأنها بدأت تنفس عن غضبها المكتوم، وتنتقم من عالم الأغنياء الذين لم يقدر لها أن تعيش مثلهم.


القاسم المشترك

سافرت نهى إلى محافظة البحيرة لتلتحق بالعمل عند طبيب شهير أبلغها أنه وزوجته الطبيبة يمضيان معظم الوقت خارج الفيلا بسبب طبيعة عمله، فطلب من نهى الاهتمام بأولاده الصغار.
لم تغادرها الرغبة في الانتقام من الأغنياء، وبدأت تتحين الفرصة للانقضاض على ضحيتها الثانية... زوجة الطبيب كانت تحتفظ بكمية ضخمة من المشغولات الذهبية، وحددت نهى مكان المجوهرات الثمينة، ولم تتأثر مديرة المنزل الشابة بمعاملة الأسرة التي اعتبرت نهى أحد أفرادها، لكن الفتاة كانت تتفق مع عصابتها على ساعة الصفر لارتكاب جريمتهم الثانية.

تكرر السيناريو، اقتحم أفراد العصابة الفيلا، وحاولت نهى الهرب. لكن أحدهم تمكن من الإمساك بها وصفعها على وجهها وشل حركتها. وأصاب الذعر أطفال الطبيب وهم يتابعون هذا المشهد، أسلحة الملثمين كانت تهدد نهى وبقية أفراد الأسرة، وطلبت نهى من أفراد العصابة أن يسرقوا ما يشاؤون دون أن يلمسوا الأطفال.

وأنهت العصابة جريمتها... سرقوا الهواتف المحمولة الخاصة بالأطفال، وحلي الزوجة، وأموال الطبيب، وغادروا المكان. وانهارت نهى وأجادت تمثيل دورها وهي تبكي بحرقة. وصل الطبيب وهاله المشهد، أبلغ الشرطة، وبدأت أجهزة الأمن عملها بعد نشر أوصاف المجوهرات المسروقة. وتوالت جرائم عدوة الأثرياء. وتوالت البلاغات وبدأت أجهزة الأمن ترصد وجود نهى كقاسم مشترك في معظم الجرائم رغم أنها تبدو كضحية، وقرر رجال المباحث وضعها تحت المراقبة، وتسجيل مكالماتها الهاتفية. لم تمض أيام حتى سقطت الضحية في الفخ، فقد سجلت أجهزة الاتصالات محادثات هاتفية بين نهى وابن عمتها تشرح له تفاصيل منزل الضحية الأخيرة، وتحدد له ساعة الصفر.

تمكن رجال المباحث من محاصرة فيلا رجل الأعمال المستهدف في الجريمة الأخيرة، ورصدوا الملثمين وهم يهاجمون الفيلا، وتمت مداهمتهم وضبطهم متلبسين. أسقط في يد نهى وأدركت أنها انتهت حينما اقترب منها ضابط المباحث ووضع في يديها القيود الحديدية.
تلعثمت وحاولت أن تدافع عن نفسها، لكن الضابط أكد لها أنه لا مفر من الإنكار، ولم تجد نهى في النهاية سوى الاعتراف بجرائمها، خاصة أن أبناء عمتها اعترفوا بقيادتها للعصابة، وأرشدوا الى أماكن المسروقات.
أكدت نهى أنها ضحية لزوجة أبيها، فهي التي بثت بداخلها الكراهية للآخرين والرغبة في الانتقام من المجتمع كله، خاصة الأثرياء. وقررت النيابة حبسها وأثناء عرضها على الضحايا كانت مفاجأة لرجال الأعمال عندما اكتشفوا أن مديرة المنزل هي زعيمة العصابة.