رجال في غرف عمليات التجميل!
طب تجميلي, جراحة التجميل, مراكز تجميل, عيادة التجميل, د. سامية خضر, طبيب تجميل, د. أشرف عنب, ماجدة خير الله
07 مايو 2012ضعف الشخصية
في المقابل يؤكد محمد أبو عزيز، طالب بكلية الحقوق، أنه يستنكر لجوء الرجل إلى جراحات التجميل من أجل تحسين الشكل، حتى ولو كان من أجل الانخراط في المجتمع، لأن ذلك يدلّ على ضعف شخصيته وعدم ثقته في نفسه على الإطلاق».
ويضيف: «إذا لجأ فاقد الثقة بنفسه إلى أكبر الجراحين لن ينخرط في المجتمع أبداً، لأن المشكلة نابعة من داخله وليست من شكله، حتى عمليات تنسيق القوام للرجال أتحفظ عنها. وعندما قابلت أصدقائي قام صديق بعملية تجميل ليبدو بصورة أفضل استنكرت فعلته في قرارة نفسي، رغم أنني لم أصرّح له بذلك، ورغم أنني أراها حرية شخصية إلا أنها فعلة لا تليق برجل».
يتفق معه في الرأي محمد عزيز، متخصص محتوى إلكتروني، ويقول: «أرفض جميع جراحات التجميل للنساء والرجال على حد سواء، فاقتناعي أن الله خلق الإنسان في أحسن صورة، ولا داعي للسعي وراء الجمال، خاصة أن الناس تتقبل الإنسان بشخصيته الدمثة وهيبته، وإن نظرت إلى شكله لن يدوم لديهم حسن الانطباع كثيراً إن لم يكن ذا شخصية جيدة.
لذا أرى أنه من الأولى أن يصقل الرجل أو المرأة مهاراته في الحياة، كأن يتعلم فن التفاوض فيكسب أكثر في عمله وحياته الخاصة، أو يقرأ في علم النفس ليكتسب ثقة أكبر بنفسه، أو يقرأ في العلوم الإنسانية ويتعلم كسب العديد من الأصدقاء في الحياة، كل ذلك سيفتح له أبواب النجاح والحب وهذا ما تعجز عنه جراحات التجميل».
ويضيف: «أما أنا، ورغم زيادة وزني، فلم أفكر على الإطلاق في اتباع حمية أو جراحة شفط الدهون وتحسين القوام، لأنني والحمد لله أنعم بالرضا عن حالي كما أنا عليه. وأعتقد أن من يخضعون لمشرط جراح التجميل يحصلون على نتيجة أسوأ مما كانوا عليه».
مهووسو التجميل
عماد حلمي، صيدلاني، يرى أنه لا يوجد أي مبرر على الإطلاق يجعله يزور طبيب التجميل أو يعبث بملامحه بجراحة ما.
يقول: «إذا كنت أستنكر بعض الرجال الذين يطلبون من طبيب صيدلي أقنعة مقشّرة وكريمات للبشرة، فكيف لي أن أفكر في تحسين شكلي الذي أنا راضٍ عنه في الأساس؟ إن الفكرة في مجملها مرفوضة لديَّ».
أما الدكتور ماجد مصطفى فيعتقد أن بعض مهووسي التجميل من الرجال يعانون اضطرابات فسيولوجية. ويقول: «لا أعتقد أنني سوف ألجأ يوماً إلى تحسين مظهري بالجراحة، فأنا على اقتناع تام بشكلي، وإذا افترضنا أنني فكرت في ذلك قد ألجأ إلى مساعدة طبيب في ضبط شكل أنفي بعض الشيء. لكني لن أفعل كما أقرأ في بعض الدراسات الحديثة وأطلب من الطبيب نماذج المشاهير الجمالية، مثل جورج كلوني وبراد بيت وفان دام، الذين أصبحت أسماؤهم تترادف مع مصطلحات حقن الكولاجين والبوتوكس وشد الوجه وغيرها في عيادات تجميل الرجال، كما أكدت الجمعية العالمية لجراحي التجميل».
ويعتقد عمرو محمد، صيدلاني، أن الجمال أمر نسبي لا يخضع لمقاييس أو نسب أو نماذج لمشاهير الفن، فالأمر يختلف حسب الثقافات والبيئات.
ويضيف: «أعتقد أن من يلهث خلف تلك المقاييس لن يعجبه شكله في النهاية، لأنها أزمة ثقة في النفس، ولو حاول إرضاء الناس بمظهره سيفشل لأن الجمال نسبي، المهم أن يترك بصمة أو علامة في قلوب وأذهان المحيطين به، بدلاً من البحث عن قشور الجمال، فمرحباً برجل أو امرأة لا يتمتعان بجمال شكلي ويتحليان بجمال أخلاقهما وقلبهما المحب لمساعدة الآخرين والضعفاء».
دون كذب
من وجهة النظر النسائية تقول الناقدة الفنية ماجدة خير الله، إن الجمال حق مشروع للرجل والمرأة، ومن حق كل منهما أن يبحث عن وسيلة توصله الى مبتغاه، مؤكدة أن ثقافتنا الشرقية الآن أصبحت تستوعب تجميل الرجال، وتستنكر في الوقت نفسه الهوس والمبالغة في التجميل.
وتوضح: «الشرط الوحيد لتقبّل المجتمع والمحيطين لتجميل الرجل أن يكون متصالحاً مع نفسه ولا يكذب، كما فعل أحد الشخصيات العامة الذي ادعى أنه تم الهجوم عليه من قبل لصوص وضربوه وسرقوا منه مائة ألف جنيه. أعتقد أن الأمر كان من الممكن ألا يلحظه أحد لو لم يصرّح بأنه قام بتجميل أنفه أو صرّح بها، كما فعل حسين الجسمي ولجأ إلى تدبيس المعدة، لأن وزنه كان عائقاً له في عمله ومن حقه أن يظهر في صورة لائقة به طالما أن لديه مشكلة في خفض وزنه بالطرق الطبيعية».
وتضيف: «المجتمع أيضاً يستنكر هوس الرجال بالتجميل، مثل حالة مايكل جاكسون الذي اعترض على لونه وتحوّل من أسمر إلى أبيض، فيما عدا ذلك، أنا أيضاً لا أعترض على تجميل الرجل طالما أنه في حاجة إلى ذلك، وأعتبر جراحة التجميل مثل جراحات الطب الأخرى، كجراحة تغيير صمامات القلب، فالأولى تصلح عيوباً خارجية والثانية تصلح عيوباً داخلية».
للنساء فقط
لكن انتصار مسعد، ربة منزل، مقتنعة بأن جراحات التجميل للنساء فقط، مشيرة إلى أنها لا تحترم أي رجل يقوم بها إلا إذا كان لديه عيب خلقي يستدعي ذلك، فالمهم في الرجل، بحسب وجهة نظرها، تدينه وخلقه، وهذا ما تنعم به مع زوجها.
تتعجب أيضاً هند سيد، ربة منزل، من الرجال الذين يسعون إلى زراعة الشعر، فهي ترى أن الجمال أمر مهم للمرأة فقط، أما الرجل فشخصيته هي الغالبة، وتقول: «حتى لدى الفنانين الجمال ليس مهماً. فكم من فنانين قدامى كانوا ناجحين مع أن قوامهم ممتلئ، أو كانوا يعانون الصلع. وإذا نظرنا إلى أيقونة الكوميديا الكلاسيكية إسماعيل ياسين سنجده متواضع الجمال لكنه فنان مميز، إذ الفيصل هو الموهبة. الأمر نفسه ينطبق على كل المهن، فأنا أرى أن النجاح لا يعتمد على المظهر وإنما الجوهر فقط».
الوقار أهم
أما هند أحمد، طالبة في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، فتقول: «أنا شخصياً لا يلفت انتباهي جمال الرجل، ولا أنظر إليه، وإنما ما يثير إعجابي فيه هو قوة شخصيته ووقاره. فالرجل مطلوب منه أن يكون ناجحاً في عمله وفي حياته الأسرية والشخصية، وليس مطلوباً منه أن يكون بأنف كلوني ولا عيني براد بيت ولا جاذبية جون ترافولتا، وإنما الرجل الحقيقي من يحترم المرأة ويقدّرها. لذا لن أرتبط برجل قام بعملية تجميل لتحسين مظهره، فهذا بالنسبة إلي يدل على ضعف شخصيته واهتمامه بالقشور».
تعتبر رنا ماهر، صيدلانية، أن التجميل للرجل ضرورة في حالات التشوه فقط، وليس أمراً تكميلياً كما يعتبره البعض، منتقدة من يسعون إليه من أجل الالتحاق بوظيفة معينة.
وتقول: «الأساس في الالتحاق بالوظائف هو المهارة الشخصية والكفاءة، أما المظهر فهو ثقافة وليس مطلوباً من أي موظف في أي درجة عملية أن يكون أكثر من مهندم، مهتماً بنظافة ملابسه وأناقته ونظافته الشخصية، وفيما عدا ذلك فكله يخضع للكفاءة».
وتضيف: «الرجل المثالي هو الطموح الناجح في عمله، المهتم بكل تفاصيل شريكته، وهو من لا يأخذ حياة زوجته معه كأمر مسلم به، بل يعمل دائماً على إسعادها وإظهار تقديره لها، وهو من يشعرني منذ الخطبة بأنني أهم إنسان في حياته ويشاركني كل تفاصيل حياته. وعلى هذا الأساس سأختار شريك حياتي، ولن أقبل برجل مهتم بتجميل نفسه إلا إذا كان لإصلاح عيب خلقي أو إصلاح تشوهات حدثت له نتيجة حادث».
البوتوكس في الطليعة
أظهر استطلاع إلكتروني، قامت به الجمعية الأميركية للجراحة التجميلية على الإنترنت، أن ثلاثة أرباع الرجال تقريباً كان لهم موقف إيجابي من الجراحة التجميلية، وتصدرت حقنة البوتوكس، أكثر الإجراءات التي يمكن أن يخضع لها الرجال لتحسين مظهرهم. كما أفادت دراسة جديدة قامت بها مجلة «لاتينوس»، بأن الرجال يحبون الخضوع لعمليات التجميل أيضاً مثل النساء تماماً، فالرجال اليوم لا يحبون كتل الدهون المتراكمة هنا وهناك على أجسامهم، كما لا يحبون الاحتفاظ بذلك الأنف الحاد أو الأذنين البارزتين. وباختصار أصبح الرجال يحبون الاستلقاء تحت سكين جراح التجميل للظهور بأفضل مظهر ممكن.
ويتفق الدكتور فادي مجدي يعقوب، مدرس جراحة التجميل في كلية طب قصر العيني وعضو الأكاديمية الأوروبية لجراحة تجميل الوجه، في الرأي مع نتائج الدراسة السابقة، مؤكداً أن الأمر نفسه ينطبق على الرجال في مصر والوطن العربي، ويقول: «نسبة زيادة إقبال الرجال على جراحات التجميل في مصر وجميع أنحاء العالم واحدة، وهي تتراوح ما بين 10 و15 في المئة، حيث تتصدّر جراحات شفط الدهون وتحسين القوام السن الصغيرة، بداية من 20 حتى 30 عاماً، وفي العمر الأكبر تكثر طلبات الرجال على زراعة الشعر، لكن تجميل الأنف هو الأكثر رواجاً على الإطلاق في جميع الأعمار».
ويرجع الدكتور فادي إقبال الرجال على هذا النوع من الجراحات إلى تغيّر الثقافة، واستيعابها أن عمليات التجميل لا تعيب صاحبها طالما أنه يتطلّع إلى تحسين المظهر، سواء كان بسبب عيب خلقي أو من أجل إيقاف زحف الزمن على بشرته، فالرجال أيضاً يلجأون إلى البوتوكس والفيلر، خاصة إذا كانوا في مناصب كبرى ويتعاملون مع الكثير من الموظفين والعملاء.
وأكد في الوقت نفسه أن التعامل مع الرجال في جراحة التجميل أصعب بكثير من النساء، فالرجال لا يقبلون إلا بالنتيجة التي يتخيلونها حتى ولو حصلوا على نتيجة أفضل، كما أنهم أقل طاعة لتعليمات الطبيب من النساء، ولا يخضعون للراحة التامة ولا يستمعون إلى تعليمات الطبيب.
النساء السبب
يتفق معه في الرأي الدكتور أشرف عنب، أستاذ جراحة التجميل في كلية طب قصر العيني، مشيراً إلى أن الرجال يهتمون جداً ببشرتهم، ففي العمر الصغير يلجأون إلى التجميل، سواء كان بالفيلر أو الليزر، من أجل إزالة آثار حب الشباب، وفي العمر المتقدم يحاولون إيقاف عداد الزمن بالبوتوكس والفيلر أيضاً، محاولة منهم لمواكبة الحياة وتطلعاتهم إلى الشباب الدائم.
ويتابع: «أحياناً النساء يكُنَّ السبب في سعي الرجل إلى جراحة التجميل، فهناك بعض الحالات التي صادفتها كانت تحثهم زوجاتهم على اتباع حميات غذائية، وبعد فشلهم اقترحوا جراحة شفط الدهون، فالرجل أيضاً يحب أن يكون مقبولاً في عين زوجته. وهذا لا يمنع أن هناك العديد من الرجال مصابون بهوس التجميل، وهنا الطبيب الذكي لا يغامر بإجراء جراحة له، بل يحوله إلى استشاري أمراض نفسية، فهو غالباً لن يرضى بنتائج الجراحة لأن مشكلته نفسية في المقام الأول».
ويؤكد عنب أن أكثر ما يؤرّق الرجال ويجعلهم يخضعون لمشرط جراح التجميل مشكلة تضخم الصدر، التي غالباً تحرمهم من ممارسة هوايات وأنشطة يحبونها بسبب تعرّضهم للإحراج، مثل ممارسة السباحة. ويرجع سبب المرض في المقام الأول إلى السمنة، أو تناول بعض العقاقير مثل أدوية ارتفاع ضغط الدم وأدوية الطب النفسي وبعض العقاقير المضادة للسرطان، وأحيانا يعود تضخم الصدر إلى الوراثة، وغالباً يكون الحلّ بعملية جراحية، فيعود الرجل لممارسة أنشطته وهواياته كما يحلو له، مما يزيد ثقته بنفسه من جديد.
زيادة مستمرة
من الجانب النفسي، يشير الدكتور هاشم بحري، أستاذ الطب النفسي في جامعة الأزهر، إلى قوة علاقة الرجال بجراحات التجميل، وأنها في زيادة مستمرة، وقد أكدت دراسات مصرية حديثة أنه قبل حوالي 15 سنة كانت نسبة خضوع الرجال لعمليات التجميل 1 إلى 8 نساء، ولكن الآن أصبحت النسبة 6 إلى 8 ، موضحاً أن الرجال يهتمون بالجراحات التجميلية لعلاج الصلع بزرع الشعر والقضاء على الكرش وشد الترهلات وتجميل الوجه، خاصة أن الرجل قديماً كان يستسلم لآثار الزمن الواقعة عليه مع تقدمه في العمر وضعف الفحولة، لكن الآن مع انتشار المنشطات يشعر ابن الستين وكأنه ما زال شاباً، فيكمل مظهره ويصلح آثار تقدم العمر بالجراحات التجميلية. وهذا تفسيره النفسي أنه أكثر إقبالاً على الحياة، خاصة أن هناك عدداً لا بأس به من النساء في عمر الثلاثين والأربعين دون زواج، إما بسبب العنوسة أو الطلاق، ويريد الرجل الخمسيني أو الستيني التقدم إليهنَّ والزواج من جديد ليكون مقبولاً دون أن يلقى رفضاً لأي سبب.
ويؤكد الدكتور هاشم أن هوس تجميل الرجال والتصابي ليس ظاهرة صحية، إنما مؤشر لوجود مشكلة نفسية لدى الرجل، وهنا يتم علاجه نفسياً أولاً قبل إجراء أي جراحة له. ويضيف: «أرى أن جراحة التجميل للرجل لا بد أن تكون مقنعة، كأن يكون العيب الذي يريد إصلاحه الشخص لافتاً للنظر ويسبب له ضعف الثقة بنفسه، وهنا تكون بمثابة علاج و«رتوش» وليس تغييراً كاملاً في الشكل. والحقيقة أن كثيرين ممن تجرى لهم جراحات تجميلية يلجأون إلى الكذب على المحيطين بهم لتبرير جراحتهم، لأنهم غير قادرين على المواجهة، خاصة أن المجتمع ينظر إليها بشكل سافر، إلا إذا كان الأمر يستحق، مثل تشوّه الشفتين أو الأنف».
للضرورة فقط
في المقابل تنتقد الدكتورة سامية خضر، أستاذة علم الاجتماع في جامعة عين شمس، إقبال الرجال على جراحات التجميل من أجل تحسين المظهر.
وتقول: «الجمال شيء مهم، ولا أحد يمكن أن يمنعه، لكن الرجولة في مجتمعنا الشرقي لها معانٍ مختلفة لا تمت بصلة الى الوجه الخالي من التجاعيد أو الجسم المشدود، بل إنها مواقف وقدرات على إدارة الأزمات، ولا أتصوّر مطلقاً أن يهتم رجل بحقن البوتوكس بدلاً من اهتمامه بكيفية الترقي في العمل وإضافة المزيد من الإنجازات إليه وتوفير حياة كريمة لأولاده».
وتضيف: «الرجال عليهم الالتفات إلى كيفية تحقيق النجاح والانكباب على الوصول الى أهدافهم، بدلاً من البحث عن جراح تجميل يخضعون لمشرطه لمحو تقاسيم الزمن من وجوههم، التي هي دليل على خبرتهم في الحياة. أما حالات التجميل للضرورة، كالعيوب الخلقية أو بعد الحوادث، فأنا لا أعترض عليها على الإطلاق».
لم تعد غرفة عمليات التجميل مقصورة على المرأة بل الرجل أصبح يزاحمها على دخول تلك الغرفة واكتساب مزيد من الوسامة بمشرط طبيب التجميل، حتى أن إحدى الدراسات الحديثة أكدت أن كل ثماني نساء يدخلن غرف عمليات التجميل يكون أمامهن ستة رجال يلجأون أيضاً الى جراحات تجميل. فما الذي يدفع الرجل إلى الهرولة نحو طبيب التجميل؟ وكيف تنظر المرأة إلى هذا الرجل؟ وهل تتقبّل المجتمعات العربية الرجال الذين يجرون عمليات تجميل، أم لا تزال النظرة إليهم مليئة بالتهكم والسخرية؟
في البداية يعترف سيد عبد الله، مدير علاقات عامة، بلجوئه إلى جراحة تجميل، قائلاً: «حبي للطعام كان عائقاً بيني وبين التقدم الوظيفي في بداية حياتي العملية، خاصة أنني ضربت الرقم القياسي في الفشل في اتباع الحميات الغذائية، فمتعتي الكبرى في الحياة كانت التهام أكلاتي المفضلة. لذا بقيت حبيساً في خدمة العملاء في المكاتب الخلفية، ولم أترق لأتعامل معهم في الصفوف الأمامية، لأنهم يشترطون حسن المظهر وأنا أعاني السمنة».
ويضيف: «قررت أن أتخذ موقفاً حاسماً وفكرت في التجميل بشفط الدهون، لكن بدأت أولاً بتركيب بالون المعدة لعلني أنجح بعيداً عن الجراحة، خاصة أننا في مجتمع يستنكر هذا النوع من العمليات الجراحية. في تلك الأثناء تقدمت بسيرتي الذاتية إلى شركة أخرى وتم قبولي كموظف خدمة عملاء في الصفوف الأمامية، فوجدتها فرصة كي أبدأ حياتي بشكل جديد. وبالفعل لم أحضر أول مقابلة عمل إلا بعد أن استقلت من عملي القديم ولجأت إلى جراح تجميل من أجل جراحة شفط الدهون، مستغلاً اختفائي عن زملاء العمل لأننا في مجتمع يرى أن جراحات التجميل حكر على النساء، رغم أن الرجال أيضاً يحبون الرشاقة والوسامة».
حرية شخصية
تبرر ماغي الحكيم، خبيرة الإتيكيت، رفض المجتمع لجراحات تجميل الرجال، بكونها جديدة على الثقافة الشرقية، «خاصة أننا شعوب حميمية تتدخل في تفاصيل حياة الآخرين، ولا تعترف دائماً بمساحة حرية كل فرد في اختياراته ومعتقداته»، مؤكدة أن «هذا الأمر ينطبق على الشخصيات العامة أيضاً، وما يزيد انتقاد الناس لها هو لجوء البعض إلى الكذب هروباً من تدخل الآخرين في حياته».
وتتابع: «هذا خطأ كبير يقع فيه الأفراد العاديون والشخصيات العامة على الخصوص، لأن الكذب مرفوض من الشخصيات العامة، خصوصاً إذا كانت في موقع مسؤولية. فكيف للشخص المعني أن يتحدث عن حقوق البسطاء ولا يقوى على الدفاع عن وجهة نظره فيكذب على المستوى الشخصي؟ هذا يعطي الآخرين انطباعاً بأنه شخص غير مسؤول فيفقد الآخرون الثقة فيه، لأن الكذب مقياس فساد الأخلاق».
وتضيف: «الجمال حق للجميع وحرية شخصية، ولكن يجب ألا يقدم على جراحاته إلا المقتنع بالفكرة تماماً ولديه الاستعداد ليواجه انتقادات الآخرين».