الدكتورة فايزة خاطر رئيسة قسم العقيدة في جامعة الأزهر تجيب على الأسئلة الرمضانية

المرأة المحجبة, إمساك, سفرجل, الصيام, الصوم, الإفطار, جامعة الأزهر, شهر رمضان, حكم الشرع, إنقطاع الطمث أو الدورة الشهرية, طهو الطعام

16 يوليو 2012

أكدت الدكتورة فايزة خاطر رئيسة قسم العقيدة في كلية الدراسات الإسلامية جامعة الأزهر، أن الزواج في رمضان حلال، إلا أن اتخاذه مبرراً للإفطار حرام شرعاً، ولهذا يجب توخي الحذر من الزواج خلال الشهر الكريم. وانتقدت من يفتون بأن صيام المتبرجة غير مقبول شرعاً، مؤكدة أن التبرج ليس من مفسدات الصوم. وأشارت إلى أنه من حق الطيارين والسائقين الإفطار وقت سفرهم إذا لم يستطيعوا الصوم، ولو استمر ذلك لسنوات. وأوضحت أن تناول الأدوية لتأخير الدورة الشهرية ليس حراماً، إلا أنه من الأفضل ترك الأمور على طبيعتها. ورفضت صيام بعض النساء وهن في حالة الحيض أو النفاس، لأن هذا حرام شرعاً... كل هذا والمزيد من أجل صوم سليم.


-
يظن البعض أن الزواج في رمضان يبيح فطر خمسة أيام في العُرس، فهل هذا صحيح؟ وإن كان بعض الأزواج قد فعلوا هذا جهلاً بالحكم الشرعي فما هو الحل؟
ليس صحيحاً والجهل بالحكم الشرعي لا يعفي من وجوب الكفارة، وهي أنه يجب عليهم القضاء بعدد الأيام التي أفطراها، كما يجب الكفارة على الزوج وحده جزاء التعدي على حدود الله، وهذه الكفارة صيام شهرين متتابعين عن كل يوم.

- لكن هذا أمر قد يصعب على كثير من الأزواج فعله!
إن عجز مثل هؤلاء الأزواج عن التكفير عن هذه الأيام أو بعضها بالصيام أطعموا عن الأيام التي عجزوا عنها ستين مسكينًا من أوسط ما يطعمون منه أهلهم، ولا يجب على المرأة إلا القضاء فقط.

- ما حكم استخدام العطور في نهار رمضان للتطيب؟
العطر في نهار رمضان لا يفسد الصيام لأنه ليس بأكل أو شرب، لكن حكمه بالنسبة الى المرأة يختلف حسب العطر نفسه، فممنوع عليها العطور النفّاذة التي تلفت إليها نظر الرجال، في حين يباح لها التطيب غير النفّاذ.


النسيان

- في بداية رمضان كثيراً ما ننسى ونأكل أو نشرب لعدم تعودنا على الصيام، فما الحكم الشرعي؟
من أكل أو شرب ناسيًا فإن صومه يبطل في مذهب الإمام مالك ويجب عليه إمساكُ بقية يومه وعليه القضاء فقط، أما عند غير مالك فإن الأكل أو الشرب ناسيًا لا يبطل الصوم وليس فيه قضاء وصيامه صحيح، وهو المترجح لنا.

- ما هي مبطلات الصوم حتي نتجنبها؟
مبطلات الصوم عديدة، أهمها الجماع عمدًا في نهار رمضان، ومن يفعل ذلك فعليه القضاء والكفارة في جميع المذاهب، لكن هل الكفارة على الزوج والزوجة معًا؟ بعض المذاهب ترى ذلك وبعضها ترى الكفارة على الزوج أما الزوجة فعليها القضاء فقط، وإن كان الاثنان شريكين في الإثم.
ومن مبطلات الصوم أيضاً تعمد القيء، وكل ما يصل إلى الجوف من السوائل أو المواد الصلبة فهو مبطل للصوم، وإن اشترط الحنفية والمالكية في المواد الصلبة الاستقرار في الجوف. والكحل إذا وُضِع نهارًا ووُجِد أثرُه أو طعمُه في الحلق أبطل الصوم عند بعض الأئمة، وعند أبي حنيفة والشافعي أن الكحل لا يفطر حتى لو وُضِع في نهار رمضان، ويستدلان بما رُوِيَ عن النبي، صلى الله عليه وسلم، من أنه كان يكتحل في رمضان وهو الراجح عندنا، ومن المبطلات للصوم الحيض والنفاس.


السفر المستمر

- هل يرخص الإفطار لمن يداوم السفر لطبيعة عمله كسائق أو طيار مثلاً مع العلم أن المشقة تختلف من سفر إلى آخر؟
للصائم المسافر أن يفطر متى كانت مسافة سفره لا تقل عن مرحلتين، وتُقَدَّران بنحو ثلاثة وثمانين كيلومترًا ونصف الكيلومتر، بشرط ألا يكون سفره هذا بغرض فيه معصية، وأناط الشرع رخصة الإفطار بتحقق علة السفر فيه، دون نظر إلى ما يصاحب السفر عادة من المشقة، فإذا وُجد السفر وُجِدَت الرخصة وإذا انتفى انتفت. أمّا المشقة فهي مختلفة باختلاف الناس ولا يصلح إناطة الحكم بها، ولذلك لم يترتب هذا الحكم عليها وجودًا وعدمًا، قال تعالى: «وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ» آية 185 سورة البقرة. ولذلك متى تحقق وصف السفر في الصائم ولم يكن إنشاؤه بغرض المعصية جاز له الإفطار، سواء اشتمل سفره على مشقة أو لا، وسواء أتكرر سفرُه هذا أم لا، حتى لو كانت مهنتُه تقتضي سفره المستمر فإن هذا لا يرفع عنه الرخصة الشرعية، وبين الله سبحانه مع ذلك أن الصوم خير له وأفضل مع وجود المُرَخِّص في الإفطار بقوله تعالى: «وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ» آية 184 سورة البقرة. والصوم خير له من الإفطار في هذه الحالة وأكثر ثوابًا ما دام لا يَشُقُّ عليه، لأن الصوم في غير رمضان لا يساوي الصوم في رمضان ولا يُدانيه، وذلك لمن قدر عليه، فإذا ظن المسافر الضرر كُرِه له الصوم وإن خاف الهلاك وجب الإفطار.


اختلاف النية

- الناس في حيرة من أمرهم فيما يتعلق بالنية، هل تشترط لكل يوم في السحور أم أن نية واحدة في بداية الشهر تكفي؟
النية لها أهمية كبيرة في الإسلام، فهي التي تحدد هدف الإنسان في كثير من الأمور، والاختلاف في ما يتعلق بنية الصوم يرجع لوجود العديد من الأحاديث عنها، منها قول رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له». ومعنى يجمع هنا هو الإحكام والعزيمة، والنية محلها القلب ولا يشترط النطق فيها باللسان. والنية في الصوم إما ركن أو شرط على اختلاف الفقهاء، ويرى بعض الأئمة أن النية واجبة التجديد لكل يوم ولا بد من تبييتها ليلاً قبل الفجر، ويرى آخرون أن القدر اللازم من النية هو أن يعلم بقلبه أنه يصوم غدًا من رمضان، ووقت النية عندهم ممتد من غروب الشمس إلى ما قبل نصف النهار، إن نسي في الليل أن ينوي إلى ما قبل نصف النهار، بحيث يكون الباقي من النهار أكثر مما مضى. وفي مذهب المالكية تكفي نية واحدة في كل صوم يلزم تتابعه كصوم رمضان، وأقول إذا استطاع الإنسان أن يعقد النية كل ليلة من ليالي رمضان فهذا هو الأصل والأفضل، وإذا خاف أن ينسى أو يسهو فلينوِ في أول ليلة من رمضان أنه سوف يصوم بمشيئة الله تعالى شهر رمضان الحاضر لوجه الله.


درجات الصوم

- كلنا يصوم لكن هل تختلف درجات الصوم؟
نعم للصوم درجات، لأن من الناس من يصوم عن الطعام والشراب فقط وهذه أقل درجات الصوم، ومن الناس من يصوم عن الطعام والشراب والأعمال السيئة والأقوال الرديئة، وتلك أعلى من السابقة، وهناك صفوة يصومون عن الطعام والشراب وسوء الأعمال ومنكرات الأقوال وتصوم قلوبهم عن الأهواء وخواطرهم عما سوى ربهم، وتلك الدرجة العليا في الصوم. وقد اجتهد شيخ الإسلام أبو حامد الغزالي بأن الصوم ثلاث درجات، الأولى صوم العموم، وهو كف البطن والفرج عن قضاء الشهوة، والثانية صوم الخصوص، وهو كف السمع والبصر واللسان واليد والرجل وسائر الجوارح عن الآثام، والثالثة صوم خصوص الخصوص، وهو صوم القلب عن الهمم الدنية والأفكار الدنيوية وكفه عما سوى الله عز وجل بالكلية.


مدفع الإمساك

- بعض الناس لا يعترفون بما يطلق عليه مدفع الإمساك فيأكلون ويشربون بعد إطلاقه فما الحكم؟
يباح لمن ينوي الصيام أن يأكل ويشرب ويعمل كل عمل يعمله المفطر من بعد غروب الشمس إلى أن يطلع الفجر، أي يبدأ وقت دخوله، فإذا طلع الفجر امتنع عن الأكل والشرب، أما مدفع الإمساك فهو تنبيه لدخول الوقت. وقد أرشد النبي، صلى الله عليه وسلم الصحابة أن يأكلوا ويشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم الذي كان يؤذن لصلاة الفجر، ومدفع الرفع أو الإمساك يطلق عادة قبل الفجر بنحو ربع ساعة أو ثلث ساعة للاحتياط، فلو فرض أن احتاج الإنسان إلى أن يأكل ويشرب عقب المدفع بدقائق معدودة تنتهي قبل الفجر جاز ذلك وصح صومه.

- البعض يستمر في تناول الطعام رغم إعلان أذان الفجر، مؤكدا أنه حرام عليه إخراج الطعام من فمه فهل هذا صحيح؟
إذا كان في فمه لقمة عند لحظة طلوع الفجر وجب عليه أن ينزعها من فمه، لأن وقت الصوم يبدأ بطلوع الفجر.

- أحيانا يقع الصائم في خطأ في ظن طلوع الفجر وغروب الشمس فما الحكم؟
من أكل بعد الفجر ظانًّا عدم طلوعه، أو أكل قبل غروب الشمس ظانًّا غروبها ثم تبيَّن له خطأه فعليه القضاء، كما هو مذهب جمهور الفقهاء، لأنه لا عبرة بالظن البيِّن خطأه.


نزف الحامل

- امرأة حدث لها نزيف دم في شهر رمضان وهي حامل فهل يصح لها أن تصوم في تلك الحالة؟ وما الحكم في صلاتها؟
يصح لها أن تصوم، لأن هذا النزف استحاضة، وتصلي لقوله صلى الله عليه وسلم: «صَلِّي ولو قطر الدم على الحصير».

- ما هي الضوابط الشرعية للصائم حينما يريد أن يغسل أسنانه بالماء والمعجون؟
يجـوز استعمال الماء والمعجون في تنظيف الأسنان في نهار الصيام ما لم يدخل من ذلك شيء إلى الجوف، لأن المفسد للصيام هو دخول شيء الى الجوف من منفذ مفتوح، والأفضل للسائل أن يجعل ذلك في غير ساعات الصيام ليبتعد عن الوساوس والخطرات الشيطانية.

- نظراً الى كثرة نوم الصائمين في رمضان فقد يحتلمون، فهل هذا يفطرهم؟
فرض الله تعالى الصيام على عباده كما جاء في قول الله تعالى: « فَمَنْ شَهِدَ منْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ» آية 185 سورة البقرة. والصيام من العبادات التي اختص الله تعالى نفسه بمعرفة ثواب الصائم دون غيره، والإنسان يعتريه النسيان والخطأ والنوم، والله سبحانه وتعالى لا تأخذه سنة ولا نوم، ومن رحمة الله تعالى بخلقه أن رفع عنهم إثم الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه، وبين الرسول الله صلى الله عليه وسلم أن القلم يرفع عن النائم فقال: «رفع القلم عن ثلاثة عن الصبي حتى يبلغ، وعن النائم حتى يستيقظ وعن المجنون حتى يفيق»، ولهذا فإن النائم مرفوع عنه القلم فلا يؤاخذ بما يفعله أثناء نومه. والصائم الذي احتلم أثناء نومه في نهار رمضان لا إثم عليه ولا قضاء عليه.


صيام غير المحجبة

- أفتى البعض بأن غير المحجبة لا يقبل الله صلاتها وصيامها فهل هذا صحيح؟
الزي الشرعي للمرأة المسلمة أمر فرضه الله تعالى عليها، وحرم عليها أن تُظهِر ما أمرها بستره عن الرجال الأجانب، والزي الشرعي هو ما كان ساترًا لكل جسمها ما عدا وجهها وكفيها، بحيث لا يكشف ولا يصف ولا يشف. والواجبات الشرعية المختلفة لا تنوب عن بعضها في الأداء، فمن صلى مثلاً فإن ذلك ليس مسوِّغًا له أن يترك الصوم، ومن صلت وصامت فإن ذلك لا يبرر لها ترك ارتداء الزي الشرعي، والمسلمة التي تصلي وتصوم ولا تلتزم بالزي الذي أمرها الله تعالى به شرعًا، هي محسنةٌ بصلاتها وصيامها لكنها مُسيئةٌ بتركها لحجابها الواجب عليها، ومسألة القبول هذه أمرها إلى الله تعالى، غير أن المسلم مكلَّفٌ أن يُحسِنَ الظن بربه سبحانه حتى ولو ارتكب ذنبًا أو معصية، وعليه أن يعلم أن من رحمة ربِّه سبحانه به أن جعل الحسنات يُذهِبْنَ السيئات وليس العكس، وأن يفتح مع ربه صفحة بيضاء يتوب فيها من ذنوبه، ويجعل شهر رمضان منطَلَقًا للأعمال الصالحات التي تسلك به الطريق إلى الله تعالى وتجعله في محل رضاه. وعلى المسلمة التي أكرمها الله تعالى بطاعته والالتزام بالصلاة والصيام في شهر رمضان أن تشكر ربها على ذلك بأداء الواجبات التي قصَّرَت فيها.


تأجيل الدورة الشهرية

- هل يجوز للمرأة تناول العقاقير لمنع نزول الدورة الشهرية ليتسنَّى لها الصيام في رمضان؟
من الأحكام الثابتة في الشرع أن المسلمة يجب عليها الإفطار في رمضان إذا جاءتها الدورة الشهرية، إذ الإفطار هو الذي يناسبها في حالات الإعياء والاضطرابات الجسدية التي تصاحب الحيض، فلذلك أوجب الشرع عليها الإفطار، وهذا تخفيف من الله تعالى ورحمة منه سبحانه، أما استعمال العقاقير والحبوب التي تؤخر الحيض إلى ما بعد رمضان، والتي تتيح للنساء إتمام الشهر كله بغير انقطاع، فلا مانع منه شرعًا ويصح معها الصوم، ويجوز لها اللجوء إلى هذه الوسيلة بشرط أن يقرر الأطباء أن استعمال هذه الحبوب لا يترتب عليه ما يضر بصحة المرأة عاجلاً أو آجلاً.

- إذا ترتب عليها ضرر بسيط فهل يجوز لها ذلك؟
 القاعدة أنه إذا ترتب على استعمالها ضرر فهي حرام شرعًا، لأن من المقرر شرعًا أنه لا ضرر ولا ضرار، وحفظ الصحة مقصد ضروري من مقاصد الشريعة الإسلامية.

- أيهما أكثر ثواباً، تناول تلك العقاقير أم ترك الأمور طبيعية وتفطر أيام الحيض على أن تقضيها بعد ذلك؟
مع أن استخدام هذه الوسيلة الطبية جائز شرعًا، إلا أن وقوف المرأة المسلمة مع مراد الله تعالى وخضوعها لما قدَّره الله عليها من الحيض ووجوب الإفطار أثناءه أثوب لها وأعظم أجرًا.

- كثير من النساء أثناء دورتها الشهرية تأكل شيئاً قليلاً جدًّا أو تشرب بعض السوائل ثم الإمساك بقية اليوم، فما الحكم؟
هو أمر مخالف لِحكمة الشرع في التخفيف عليها والحفاظ على صحتها الجسدية والنفسية، والمطلوب منها أن تُفطر بشكل طبَيعي في فترة حيضها، ولا حرج ولا لوم عليها، لأنها ستقضي هذه الأيام حسب ما جاء في حديث السيدة عائشة أم المؤمنين، رضي الله عنها، قالت: «كَانَ يُصِيبُنَا ذَلِكَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْم وَلا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلاةِ».

- ما حكم الشرع في جماع الصائم لزوجته في نهار رمضان؟
إذا قام المسلم الصائم بمعاشرة زوجته في نهار رمضان بطل صومه ووجب عليه القضاء والكفارة، لما ورد أن رجلاً جاء إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، وقال له: «هلكت يا رسول الله، قال: وما أهلكك؟ قال: وقعت على امرأتي في رمضان، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم: هل تجد ما تعتق به رقبة؟ قال: لا، قال: فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال: لا، قال: فهل تجد ما تطعم ستين مسكينًا؟ قال: لا، ثم جلس الرجل فجاء إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، مكيال فيه تمر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم للرجل: تصدق بهذا، قال: ليس فيها أهل بيت أحوج إليه مني، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم وقال للرجل: اذهب فأطعمه أهلك».

- هل هذه الكفارة تجب على الزوجين معاً أم على الزوج وحده؟ وهل تشترط الكفارة على الترتيب؟
كثير من الفقهاء يرون أن هذه الكفارة واجبة على الزوج وحده إذا لم يكن ناسيًا، وتكون الكفارة على الترتيب الذي ذكره الحديث السابق، فيلزمه عتق الرقبة إن استطاع إلى ذلك سبيلاً، فإن لم يستطع فعليه صيام شهرين متتابعين فإن عجز أطعم ستين مسكينًا من أوسط ما يطعم أهله.


الصيام عن المتوفاة

- إذا توفيت امرأة ولم تكن قد قضت أيام فطرها في رمضان بسبب حيضها طوال حياتها وكل أولادها يعلمون هذا وقد تركت مالاً فهل يكفِّرون عنها من هذا المال أم يصومون عنها؟
إذا أفطرت المرأة بعذرٍ وزال العذر ولم تتمكّن من القضاء حتّى ماتت فللفقهاء فيه قولان، فالجمهور من الحنفية والمالكية والجديد من مذهب الشافعية وهو المذهب عند الحنابلة، يرون أنه لا يُصام عنه بعد مماتها، بل يُطعَم عنها عن كل يوم مدٌّ، لأنّ الصوم لا تدخله النّيابة في الحياة وبعد الوفاة كالصّلاة.
ولا يلزم الوليَّ الصّومُ، بل له الاختيار وإن كان أَولَى من الإطعام لقول النّبيّ، صلى الله عليه وسلم: «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ»، وكذلك عندما جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ، أَفَأَقْضِيهِ عَنْهَا؟ فَقَالَ» لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكَ دَيْنٌ أَكُنْتَ قَاضِيَهُ عَنْهَا؟». قَالَ: نَعَمْ، قَالَ» فَدَيْنُ اللهِ أَحَقُّ أن يُقْضَى»، ونرى أن أهل الميت مخيرون بين الصيام عن ميتهم وبين أن يطعموا مسكيناً عن كل يوم أفطرته ولم تقضِه.

- ما حكم أخذ إبر الأنسولين خلال الصوم، حيث إن الطبيب المعالج أوضح أنه يجب أخذ إبرة الأنسولين قبل تناول الطعام بنصف ساعة، فهل يجوز أخذها في نصف الساعة الأخيرة من الصوم؟
لا مانع شرعًا من أخذ حقن الأنسولين تحت الجلد أثناء الصيام، ويكون الصيام معها صحيحًا، لأنها وإن وصلت إلى الجوف فإنها تصل إليه من غير المنفذ المعتاد، ومن ثم يكون الصوم معها صحيحًا.


صيام الحامل

- الزوجة الحامل التي منعها الطبيب من الصيام هل يجوز لها كفارة أو فدية؟
إذا قرر الطبيب المسلم عدم قدرة الزوجة على الصيام فلا مانع أن تفطر، وعليها أن تقضي الأيام التي أفطرتها بعد انتهاء العذر الذي منعها من الصيام يومًا عن كل يوم إفطار، أما إذا كانت غير مستطيعة للصيام حتى بعد انتهاء العذر فعليها أن تطعم كل يوم مسكينًا وجبتين من أوسط طعامها.

- تتشوق المرأة الحائض أو النفساء إلى الصيام فما الحكم؟
اتفق الفقهاء على أنه يجب الإفطار على الحائض والنفساء، ويحرم عليهما الصيام، وإذا صامتا لا يصح صومهما ويقع باطلاً، وأجمع الفقهاء على أن الحيض يوجب القضاء فقط، وقضاء رمضان إذا لم يكن عن تعدٍ لا يجب على الفور، بل يجب وجوباً موسعاً في خلال العام التالي وقبل حلول رمضان من العام المقبل، فقد صح عن أم المؤمنين عائشة أنها كانت تقضي ما عليها من رمضان في شعبان، فإن أخرت القضاء حتى دخل عليها شهر رمضان الآخر صامت رمضان الحاضر ثم تقضي بعده ما عليها، ولا فدية عليها سواء كان التأخير لعذر أو لغير عذر.


المشاركة في التظاهرات

- في ظل اشتعال التظاهرات في بعض الدول العربية والتي قد تمتد إلى رمضان هل مشاركة المرأة فيها تؤثر على صيامها في شيء؟
الإسلام لا يمنع المرأة من المشاركة الإيجابية في كل أمور المجتمع، ومنها التظاهرات. لكن بشرط أن تكون في مأمن من الزحام أو الاشتباكات أو أماكن وجود البلطجية. والأفضل في تلك التظاهرات ألا تكون المرأة بمفردها، بل لا بد من وجود أحد محارمها معها حماية لها من أي احتكاك أو تحرش، وأن يكون المكان الذي تجري فيه التظاهرة آمناً وليس فيه اشتباكات، أي تظاهرة سلمية، وتكون ملتزمة بالزي المحتشم أو تلتزم في كلامها مع الرجال بالأدب بعيداً عن الكلام اللين، حتى لا يطمع فيها الذي في قلبه مرض، وذلك تطبيقاً لقوله تعالى» فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا» آية 32 سورة الأحزاب، وألا تبقى في التظاهرات ليلاً أو إلى وقت متأخر من الليل، حتى ولو كان معها أحد من محارمها، وذلك حفاظاً عليها من أي تصرف غير مسؤول.


رسائل الحب

- هل رسائل الحب عبر المحمول بين المراهقين والمراهقات في نهار رمضان تفسد الصيام؟
 مجرد الرسائل العفيفة لا تفسد الصيام في حد ذاتها، لكنها تقلل ثواب الصيام، لكن الخطر أن تنتج عنها معاصٍ أكبر من اللقاءات الساخنة التي تؤدي للإفطار وإفساد الصيام، ولهذا نحذر من هذه الرسائل التي تبدأ بكلمات الحب وتنتهي إلى مخالفات أخلاقية.

- هل يختلف الوضع إذا كانت هذه الرسائل بين المخطوبين؟
 الخطبة ليست إلا وعداً بالزواج، وأطرافها في الحقيقة أجانب ويجوز لهم التعبير عن مشاعرهم فقط بالكلمات العفيفة، أما رسائل الحب الساخنة فتؤدي إلى المعصية، ويعمل الإسلام على سد أبواب الفتنة، وهذه الرسائل هي من خطوات الشيطان التي قد تؤدي إلى كارثة، وقد حذرنا القرآن منها فقال تعالى: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ»آية 21 سورة النور.