قصة الفرقة الموسيقية المتهمة بعبادة الشيطان

مهرجان الموسيقى العريقة, رأي الدين, رجل / رجال شرطة, هافي ميتال, السلاح

29 أكتوبر 2012

«أورجن» فريق يضم شباناً اتفقوا على تقديم موسيقى «هيفي ميتال»، وظلوا أكثر من عشر سنوات يحاولون أن يصلوا بفنهم إلى جميع بقاع العالم العربي، وكانت نقطة انطلاقهم الدائمة هي «ساقية الصاوي» في مصر، مركز تجمّع المثقفين وأصحاب الفنون المختلفة. فجأة ودون أي مقدمات، أصبح أعضاء فريق «أورجن» متهمين بعبادة الشياطين، وبأنهم يقيمون حفلات ومهرجانات من أجل نشر تلك العبادة، وصاروا مطلوبين في قسم الشرطة بعد تقديم بلاغ ضدهم للتحقيق في ما يفعلونه في تلك الحفلات. «لها» التقت أحد أعضاء فرقة «أورجن» ليكشف لنا حقيقة موسيقاهم.


اعتاد فريق «أورجن» لموسيقى «الميتال» أن ينظم شهرياً حفلة غنائية في ساقية الصاوي منذ أكثر من ست سنوات، لكن في حفلة أيلول/سبتمبر الماضي فوجئ الجميع بوجود الشرطة في مكان الحفلة.
ويروي مصطفى رشاد مطرب فريق «أورجن» ما حدث قائلاً: «اعتدنا منذ عام 2006 أن نقيم حفلات للميتال في ساقية الصاوي، ودائماً ما كان يمتلئ المسرح عن آخره بسبب حب الكثيرين للتعرف على تلك الموسيقى. وقررنا في حفلة أيلول/سبتمبر الماضي أن نجمع سبع فرق من أشهر فرق «الميتال» في مصر، ونقيم حفلة جماعية لكي يتعرف الجمهور أكثر على موسيقانا الجديدة وأبرز أعمال «الميتال» العالمية. وكان يوم الحفلة غريباً للغاية، فقبل موعدها بساعات كانت هناك مشاكل عديدة وخناقات بين الجماهير، واستمرّت هذه المشكلة حتى بدء الحفلة. وفيما كنا نغني، شاهدنا قوات الشرطة تقتحم المكان، فظننا أنها جاءت لكي تقبض على الذين يحملون السلاح الأبيض، لكن وجدنا رجال الشرطة يطلبون منا إنهاء الحفلة بشكل سريع بسبب الشغب والضوضاء اللذين نسببهما. فقررنا أن ننهي الحفلة سريعاً ويذهب كل منا إلى بيته. وفوجئت في اليوم التالي بأخي يتصل بي، ويقول لي إنهم يعرضون صورنا، أنا وأصدقائي، على التلفزيون ويقولون إننا نمارس طقوس عبادة الشيطان في ساقية الصاوي».

يكمل رشاد حديثه: «تم استدعائي في اليوم التالي للحفلة إلى النيابة لكي يستمعوا إلى أقوالي، فوجدت أن النائب إسماعيل الوشاحي، أحد أعضاء حزب الحرية والعدالة، يتهمنا بأننا نقيم طقوساً غريبة ونعلّم الناس عبادة الشيطان. استمع إلي وكيل النيابة بكل احترام، وشرحت له ما حدث في الساقية، وأثبت له أن هذا كلام غير صحيح وأن تذاكر الحفلة تباع قبل الحفلة بأسابيع ولها دعاية في عدد كبير من شوارع العاصمة، إضافة لذلك فإن الحفلة لها دعوات على صفحات الفيسبوك وتويتر».


الملابس
 السوداء

أما عن بقية التهم التي وجهت إليهم فيقول مصطفى: «وجهوا إلينا أسئلة في النيابة يقولون فيها إننا حددنا أعماراً معينة لدخول الحفلة، فنفينا هذا الكلام وأكدنا أننا لم نحدد أعماراً وحضر الحفلة عدد من الأطفال وعدد من كبار السن. وأيضاً تم اتهامنا بأننا نستخدم تي شيرتات سوداء تدل على عبادة الشيطان، ونفينا هذا الكلام وأتينا بفيديو للحفلة لنؤكد أننا كنا نرتدي ملابس مختلفة ليس لها مدلولات بعينها، وأنا كنت مرتدياً جلباباً رمادياً... وفي النهاية أطلق سراحنا». يضيف مصطفى: «في البداية أحب أن أوضح للجميع أنني إنسان مسلم وأعتز بإسلامي وعروبتي، لكني محب لتلك الموسيقى التي لم يحرِّمها أحد. والواقع أن أول ألبوم غنائي لفريقنا كان دينياً، يحكي قصة بداية الخلق وخروج سيدنا آدم من الجنة، وكل من يحضر حفلاتنا يطلب منا أن نغني بعض الأغاني الدينية. ولذلك فكرنا أن نحضر خلال إحدى الحفلات رجل التنورة لكي نقدم دائماً عملاً دينياً قريباً من الصوفية، وبالفعل نجحنا في تقديم شعبة جديدة من «الميتال» وأطلقنا عليها «الميتال الصوفي».
من ناحية أخرى، أكد محمد عبد المنعم الصاوي، صاحب ساقية الصاوي، أن السبب الرئيسي وراء البلاغ، الذي قدمه إسماعيل الوشاحي، عضو حزب الحرية والعدالة، هو تصفية حسابات معه لوقوفه ضد قرارات حزب الحرية والعدالة وانسحابه من اجتماعات وضع الدستور الجديد.


رأي
 الدين 

عن رأي الدين في موسيقى «الميتال» وحقيقة علاقتها بطقوس عبادة الشيطان، يقول الشيخ عبد الله سمك، الأستاذ في كلية الدعوة جامعة الأزهر: «أرفض الربط بين تلك الموسيقى وبين طقوس عبادة الشيطان، كما أرفض اتهام الشباب بالكفر دون دليل ولمجرد تقديمهم هذه الموسيقى، خاصة أن الحفلات تقام في مكان مفتوح نعرفه جيداً. لكن ما نختلف عليه هو طبيعة الفن الذي يقدمونه خلال تلك الحفلات،  وأرى أن استخدام الموسيقى في تقديم رسائل مهمة ومفيدة للشباب ونشر الوعي الديني بين مختلف الأعمار، شيء جيد وندعو لمساندته. وإذا عمل أصحاب موسيقى «الميتال» على نشر الوعي الديني خلال أغنياتهم، فعلينا أن نساندهم. أما الأغاني الأخرى التي يقدمونها ويستخدمون فيها الآلات الحديدية والآلات الوترية فهنا يقع الاختلاف، فالإسلام حلل فقط ضرب الدفوف، وهناك اختلاف على الآلات الوترية، فالبعض يرى أنها محرمة تماماً، وهناك من يرى أن استخدامها في ما لا يضر الناس حلال. وأنا أميل إلى هذا الرأي طالما أن استخدام الموسيقى إيجابي ومفيد ولا يضرّ».


موسيقى
«الميتال»

موسيقى «الهيفي ميتال» تتركز على أربع حالات، وهي الفانتازيا والموت والحرب والحزن، وتعتمد بالدرجة الأولى على الغيتار والدرامز، وتكون نبرة الصوت الرجالي ودرجاته هي اللاعب الرئيسي في الأغاني.
وموسيقى «الميتال» خرجت من رحم موسيقى الروك، أو ربما علينا أن نقول إنها التطور لموسيقى الروك، وكانت بداية ظهورها عام 1968 على يد فريق ستبولف الأميركي، الذي أدخل تلك الموسيقى خلال إحدى أغنياته الشهيرة Born to Be a Beast.

تطور موسيقى «الميتال» كان خلال الفترة 1980 - 1990، وخرجت منها تشعبات كثيرة، فظهر «البلاك ميتال» و«ديت ميتال» و«باور ميتال». واعتبرت مصر هي المركز الرئيسي لنشر موسيقى «الميتال» في العالم العربي، بل إن محبي تلك الموسيقى في الدول العربية كانوا يأتون الى مصر لكي يتعلموها، وكانت تلعب في الخفاء لأنها لم تكن منتشرة بشكل كبير. وعرفت لأول مرة عندما ضُبط أكثر من 90 شاباً مصرياً قيل إنّهم هم يمارسون طقوس عبادة الشيطان وكانوا يلعبون تلك الموسيقى وقتها، ومن هنا أخذت تلك الموسيقى انطباعاً سيِّئاً لدى المصريين والعرب، لأن بعضهم يرى من يعزفها كافراً.