إتهامات ودعاوى قضائية متبادلة...

دعوى قضائية, مهرجان سينما الذاكرة المشتركة المغربي, الإجهاض, المرأة الحامل, إتهام

19 نوفمبر 2012

اعتبرت Gunilla kleiverda، الطبيبة الهولندية الاختصائية في أمراض النساء أن  الإجهاض لم يكن في أي يوم بمثابة نزهة أو اختيار إراديّ للنساء، بل هو حل لوضع تجد فيه الحامل نفسها مضطرة للتخلص من حملها لسبب أو لآخر، وقالت: «يجب تقنين هذه العملية لإخراجها من السرية، فالنساء هنّ من يدفعن ثمن القيام بعمليات الإجهاض وسط ظروف مزرية. وقد يرتفع هذا الثمن أحيانا ليكون معادلا لحياة المرأة».
المغرب يعرف نسبة وفيات كبيرة في صفوف المقبلات على الإجهاض، كما أن عمليات الإجهاض اليومية التي تعرفها البلاد بشكل سري يتراوح ما بين 600 و800. هذا ما قالته الطبيبة النسائية التي حرصت على تشبيه وضع المغرب بما كانت عليه هولندا قبل 30 عاما، حين كان الإجهاض جريمة هناك، لكن تقنينه قلص عدد الوفيات في صفوف النساء الحوامل، كما انخفضت حتّى عمليات الإجهاض المُجراة كما تقول
.


اتهامات متبادلة

عكس ما روجت له وزارة الداخلية المغربية بشأن «سفينة الإجهاض»، أكدت ريبيكا غومبيرتس رئيسة منظمة «نساء على الأمواج» الهولندية، أن سفينة الإجهاض دخلت المياه الإقليمية المغربية ورست في ميناء «مارينا سمير»، يوم 2 أيلول/سبتمبر الماضي بطريقة قانونية، وأن أعضاء الجمعية اللواتي كن على متنها ختموا جوازات سفرهن لدى شرطة الحدود.

وأكدت المحامية نعيمة الكلاف في ندوة صحافية عقدتها المنظمة الهولندية وحركة «مالي»، في المقر المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أن منظمة «نساء على الامواج» شرعت في الإجراءات القانونية لإقامة دعوى على الدولة المغربية أمام المحكمة الدولية لحقوق الإنسان، لكونها خالفت قانون الإبحار الدولي المتعلق بمرور البواخر المدنية، بإبعادها سفينة دخلت المياه الإقليمية بطريقة قانونية، وطرد مواطنتين هولنديتين من دخول التراب المغربي رغم قيامهما بكل الإجراءات القانونية، وهو ما يخالف حرية التجول والتنقل المنصوص عليها في البروتكول الاختياري للحقوق المدنية والسياسية الذي صادق عليه المغرب.

من جهتها، قالت إبتسام لشكر منسقة «الحركة البديلة من أجل الحريات الفردية» المعروفة بحركة «مالي»، إن الحركة حققت مبتغاها من المبادرة، بتسليط الضوء على موضوع الإجهاض وأخطار الإجهاض السري الذي يشكل موضوعا إشكالياً في المجتمع المغربي. وأكدت أن الحملة هدفها الضغط على الدولة المغربية من أجل تغيير فصول القانون الجنائي التي تجرم الإجهاض، وأكدت أنه منذ الإعلان عن المبادرة، تلقت  الحركة والمنظمة الهولندية مئات المكالمات الهاتفية يوميا من نساء مغربيات لطلب معلومات حول الإجهاض الوقائي والآمن.

وعرضت منظمة «نساء على الأمواج»، خلال الندوة الصحافية، شريط فيديو حول إقلاع السفينة من إسبانيا إلى ميناء «مارينا سمير»، وهو ما يؤكد حسب رئيسة المنظمة دخول السفينة الميناء، وهي السفينة التي قامت بحملات توعية حول الإجهاض الآمن في العديد من البلدان الأوربية.
وشهد المؤتمر الصحافي تلاسنا حادا بين أعضاء الحملة والبروفسور شفيق الشرايبي رئيس الجمعية المغربية لمكافحة الاجهاض السري الذي اعتبر أن الناشطات الهولنديات ومعهن أعضاء حركة «مالي» «قد أسأن كثيرا إلى النقاش الدائر في المغرب حول الموضوع منذ سنوات»، وتوجه بالقول الى ريبيكا غومبرتس رئيسة منظمة نساء فوق الأمواج: «ألم أقل لك عندما اتصلت بي منذ أشهر أن لا تقومي بهذه الحملة في المغرب لأنها ستضر بالنقاش أكثر مما ستنفعه؟ بالنسبة إلى الرأي العام الوطني أنتم مجرد أجانب جاؤوا لإجهاض النساء المسلمات».
من جهتهم، اتهم أعضاء الحملة المنظمين للندوة الصحافية شفيق الشرايبي بمحاولة «خوصصة» النقاش حول الموضوع رغم أنه نقاش مجتمعي يحق للجميع الخوض فيه، حسب تعبير ابتسام بيتي لشكر عضو حركة «مالي» التي كانت ترد على الشرايبي.


ردود فعل ودعاوى

و كانت بعض الفعاليات القريبة من الحزب الحاكم ذي التوجه الاسلامي نظمت وقفة احتجاجية تنديدا بسفينة الاجهاض بجوار الميناء، وراسلت «تنسيقة الحق في الحياة» كلا من رئيس الحكومة المغربية ووزير العدل والحريات ووزير الصحة ووزيرة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية ووزارة الداخلية على خلفية ملف «سفينة الإجهاض»، وطالبت هيئات المجتمع المدني المكونة للتنسيقية من وزير العدل والحريات بمتابعة مسؤولي المنظمة الهولندية، وفتح تحقيق في الموضوع، عقب توزيع منشورات من جانب ناشطات في المنطمة الهولندية تحرض على الإجهاض، وتروج لدواء، وتقول المراسَلة: «كنا شهودا لنازلة مستفزة وغير مسبوقة حيث أن السيدة REBEKA GOMBRETS، رئيسة منظمة «women on waves»، قامت بتوزيع منشور يشرح طريقة الإجهاض بالنسبة الى الحمل الذي يقل عمرة عن 84 يوما عبر تناول أدوية يحدد اسمها التجاري مع توضيح طريقة استعمالها والجرعة المقترحة وثمنها في الصيدليات المغربية». واعتبرت المراسَلة أن هذا الدواء الذي يستعمل، حسب المرجع الصيدلاني VIDAL، في الحالات الحادة للروماتزم والذي يمكن أن يتسبب بمضاعفات كثيرة (قرحة المعدة وانثقابها، الصرع، إصابات جلدية...) لا يذكرها المنشور، وينتمي إلى قائمة الأدوية التي يحظر بيعها دون وصفة الطبيب. وشددت على أن «الإجهاض هو فعل يجرمه القانون الجنائي المغربي ويخضع لأحكام وضوابط قانونية دقيقة تحدد حالات الإجهاض المشروعة».

من جهته طالب فرع حركة التوحيد والإصلاح في تطوان، في شكوى مستعجلة لدى الوكيل العام للملك، بفتح تحقيق قضائي حول تشجيع جهات أجنبية للإجهاض في المغرب، وهو ما يخالف القوانين المغربية. كما لفتت الشكوى إلى أن الجهات الأجنبية عمدت إلى توزيع منشورات دون الحصول على ترخيص، «وشجعت من خلالها على الإجهاض وروجت لدواء معين لهذا الغرض».


أرقام صادمة

في ظل النقاش الدائر بين مؤيدي ومعارضي سفينة الإجهاض كشفت أسماء بنسليمان الرئيسة المؤسسة لجمعية «أطفال المغرب» أن معدّل الرضع المتخلى عنهم في المغرب يصل إلى 24 رضيعا في اليوم الواحد، معتبرة أن الرقم «مرشح للارتفاع» وداعية إلى «تفعيل مبادرات وقائية من ظاهرة التخلي عن الأطفال الحديثي الولادة».
وكانت دراسة أجرتها جمعية «مغرب الأمهات العازبات» قبل عامين، قد دقّت ناقوس الخطر وهي تعلن ولادة 153 طفلا خارج مؤسسة الزواج يومياً في المغرب، فيما يولد سنوياً ما يقارب 80 ألف طفل غير شرعي، بعضهم يرمى بهم وهم أجنة في النفايات، أو مختنقين بداخل أكياس بلاستيكية. وبلغ العدد الإجمالي لهذه العينة من الأطفال خلال العقد الأخير مليون طفل.