'التعصب الكروي'...

الرياضة, كرة قدم, المرأة السعودية / نساء سعوديات, فريق الهلال

14 يناير 2013

في ظل عدم وجود فرق نسائية كروية في السعودية وعدم تقبل المجتمع لخوضهن هذا المجال، يلاحَظ ازدياد التعصب الكروي النسائي منذ فترة، وتعود أسباب هذا الاهتمام لدى بعض السيدات والفتيات لأسباب وراثية لنشأة الفتاة وتربيتها بين شباب متعصبين للكرة، أو عدوى من رؤيتها لبعض المتعصبات، أو إعجاب ببعض اللاعبين، أو كثرة الفضائيات التي تبث برامج خاصة عن كرة القدم خصوصاً والرياضة عموماً.


هيام
 عبد الرحمن: لا أجالس أشخاصاً متعصبين لفرق أخرى حتى لا أدخل معهم في مهاترات ومشادة كلامية

تشجع هيام عبد الرحمن فريق الهلال منذ سن 12 عاماً وفي كل يوم يزداد حبها وتعصبها لهذا الفريق، ويعود سبب اختيارها لهذا الفريق لتميزه وحصده للفوز والبطولات. تقول: «استمر تعصبي الكروي إلى الوقت الحالي، إلا أنه خف قليلاً لفترة معينة لضيق الوقت المتاح للمتابعة بعد الإنجاب وتربية الأبناء، ولكن بعد أن كبروا زرعت فيهم حب هذا الفريق، وعدت بقوة لأشجع وأشاهد كل مبارياته ولا يمكنني أن أضيع على نفسي أي مباراة. ويعود سبب حماستي وتعصبي لعشقي للكرة بأنواعها وخاصة التنس التي مارستها لفترة».
في صغرها، كانت خسارة فريقها كافية لتبكيها طوال الليل، أما في حالات الفوز فترتسم الفرحة على وجهها ويصبح أهم حدث لها لمدة يومين، حتى أنها في المباريات النهائية تعد صديقاتها «بعزيمة» أو تقدم لهن حلويات بهذه المناسبة. وهي تنقل حماستها إلى عملها وترى أن الجميع يشاركونها الأمر بسعادة.

وعن الترتيبات لحضور مباريات فريقها تقول هيام: «في كل مباراة لفريقي أجمع أبنائي حولي وأجهز بعض الأمور التي لا تكتمل مشاهدة المباراة من دونها، فننثر الأعلام ونرتدي أنا وأبنائي وبناتي «تيشرت» بلون زي الفريق، حتى أن زوج إحدى بناتي أهداني رداءً باللون الأزرق وأصبحت أفضل أن أحضر أي مباراة وأنا ارتديه، وكم أنا سعيدة بأنني استطعت أن أحبب أفراد أسرتي جميعاً بفريقي».
وعن التوتر الذي يصاحبها عند مشاهدة المباريات تقول: «في كل مباراة تشد أعصابي طوال الوقت، ومع كل هجمة لفريقي أو ضده ترتفع أصواتنا أنا وأولادي وبناتي جميعاً، حتى أن والدتي تنتقد ارتفاع أصواتنا ولكن ليس بيدها شيء تقوم به. وخلال المباراة أود لو بإمكاني أن أكلم المدرب ليعمل على تغيير بعض اللاعبين أو التحدث مع (رئيس النادي الأمير) عبد الرحمن بن مساعد لأخبره بأن التشكيلة في بعض الأحيان غلط، من شدة توتري».

وعن المواقف التي صادفتها في حياتها مع المتعصبات لفرق أخرى تقول: «في أحد الأيام تطاولت إحدى مشجعات فريق الخصم وأرسلت عبارات استهزاء بفريقي من خلال «البلاك بيري ميسنجر» فلم يكن مني سوى حذفها من قائمة الأصدقاء، لأنني لا أقبل بهذا الأمر بتاتاً».
وتشترك هيام في جميع الخدمات المتوفرة في الهاتف لتساعدها في معرفة أخبار الفريق والتعليقات، ولا تترك أي برنامج رياضي في القنوات التلفزيونية إلا تتابعه بحماسة، ولديها كل القنوات الرياضية ولا تتهاون في متابعتها. 


أمل باقازي: أدعو أن «ينهزم» فريقي حتى لا يغضب زوجي

تقول الصحافية في جريدة «الشرق الأوسط» أمل باقازي: «بدأ عشقي للكرة في مرحلة المتوسطة وعمري 13 عاماً، وأصف حبي لفريقي الكروي بأنه عشق. فرؤيتي للعب الفريق هي متعة لي، ودائماً أكون في وقت المباراة مشدودة الأعصاب ولكن بعد انتهائها حتى لو خسر فريقي تهدأ أموري».
وترى باقازي «أن موجة التعصب بين مشجعي كرة القدم ازدادت مع تعليقات المشجعين من الفرق الأخرى، فلا يحب أي شخص أن يكون مهزوماً، ولكن أي شخص متعصب يحمل هم الكلمات الساخرة التي تخرج من بعض أصدقائه، وأيضاً التعليقات التي يصرح بها البعض، والتعليقات التي ترد من أشخاص يعتبرون أنفسهم متمرسين في الرياضة الكروية، كلها عوامل زادت تعصب الجماهير».

وتعتمد حالة الهدوء والعصبية عند مشاهدتها للمباريات على أهمية الخصم أو المباراة إن كانت في بطولة أو دوري، أو تكون مع فرق لا تقبل الهزيمة أمامها حتى لو كانت المباراة ودية. ودائماً ما تقدم لصديقاتها وأسرتها الآيس كريم والحلويات حين يفوز فريقها.
تضيف باقازي: «أنا مسالمة بطبعي، ولكن يمكن أن يحدث خصام بيني وبين مشجع فريق الخصم الذي يلعب المباراة مع فريقي الذي أعشقه إذا أثقل عيار الاستهزاء والتنكيت على فريقي».

وعن طقوسها أثناء مشاهدة المبارة: « ترتيبات مشاهدة المباراة تبدأ بتحضير الشاي والمكسرات والتشيبس حتى لو كانت المباراة في وقت الغداء... هذه طقوسي التي لا يمكن أن أغيرها. ولا أحبّذ وضع الأعلام أو ارتداء لون الفريق خوفاً من الحماسة الزائدة والخسارة في نهاية الأمر. أشجع عالمياً فريق برشلونة مناصرةً لزوجي، ولا أحب متابعة المباريات العالمية أو الأوروبية لأن من يتابع لعب هذه الفرق يمكن أن يكره الدوري السعودي ولعب الفرق السعودية».
في آخر 20 دقيقة من المباراة حين يكون الفوز لفريقها بفارق هدف واحد تكمل المباراة واقفة فلا يمكنها الجلوس من شدة الحماسة والخوف من التعادل في آخر دقيقة، ويزداد نقدها للمباراة مع كل «تمريرة» يقوم بها فريقها.

وعن رأي أسرتها بعشقها لفريقها تقول: «أسرتي ترفض حبي وعشقي للمباريات وهم غير متقبلين ذلك لرفضهم ارتباط البنت بالرياضة بهذا الشكل، ومع كل هذه الأمور أعترف بأن عشقي للمباريات المحليّة خف قليلاً بسبب زوجي الذي يشجع فريقاً آخر. وأصبحت حين يلعب فريقي مع الفريق الذي يشجعه زوجي أدعو أن يُهزم فريقي حتى لا يغضب».

تروي: «حين خرج فريقه من دوري آسيا تركني في العمل وأغلق جواله ونام، وحين عدت إلى لمنزل حاولت أن أطيب خاطره بأن فريقه لم يهزم، وكان في المركز الثاني، ودعوته إلى أحد المطاعم حتى يخرج من «مود الزعل» الذي أصابه، لأن ضيقه يمكن أن يستمر يومين أو أكثر، فلا يمكنني مشاهدة مباراة أمامه. في الفترة الأخيرة أصبحت أفضل مشاهدة المباريات مع صديقاتي في الخارج لأنني أرى أن المكان العام يقيدني بعض الشيء، لكن المباريات المهمة أفضل مشاهدتها في المنزل لأتمكن من التعليق والصراخ بالطريقة التي أحبها».

وعن المواقف الطريفة التي حصلت معها تحكي: «في مرحلة الثانوية لعب فريقي وفاز في آخر المباراة وتأهل إلى مباراة حاسمة، واتفقنا أنا وزميلتي على الذهاب إلى المدرسة في اليوم التالي ونحن نحمل علم فريقنا، وأخذنا لفة في ساحة المدرسة وكتبنا تعهد مخالفة على ما قمنا به».
وتختم باقازي: « دخول المرأة مجال الإعلام كمذيعة وصحافية رياضية يجب أن يكون بشكل هادف، فالإعلام الرياضي أصبح مؤثراً جداً في قرارات إدارات الأندية وحتى الإتحاد السعودي، وإذا تمكنت أن تستغل قوة الإعلام في طرح قضايا اجتماعية لها علاقة بالوسط الرياضي ستكون ناجحة، وستجد عدداً كبيراً من المتابعين لها، أما إذا كان دخولها مجرد أخبار وبيانات عن الأندية واللاعبين لن يكون لها مستقبل».


هلا بدر: أتمنى أن يُسمح للمرأة بحضور المباريات مباشرة في الملاعب 

ورثت هلا بدر حبها وعشقها وتعصبها الكروي من والدتها التي لا تترك مباراة لفريقها إلا تشاهدها، ونشأت على التعصب والصراخ يملأ أركان المنزل والأعلام ترفع يوم المباراة، فأصبحت متعصبة منذ بداية نشأتها.
هي موظفة في القطاع الخاص ولم توافق على طلب زوجها الزواج منها إلا بعدما عرفت الفريق الذي يشجعه.

عند الفوز «أقدم الشوكولاتة التي أضع عليها علم فريقي، وخاصة في المباريات المهمة، وأقدمها لجميع الصديقات المشجعات للفريق والمتعصبات. وتحصل معي بعض الخلافات الموقتة مع صديقات حين يخسر فريقي، ولكن لا يستمر هذا الحال كثيراً».
بعد زواجها لم تتغير الأمور كثيراً فالتعصب موجود في منزلها ومنزل أهل زوجها، ولا تحب مشاهدة المباريات وحدها لأنها تبحث عن الأجواء الجماعية التي تزيد المشاهدة تشويقاً.

وعن المواقف الطريفة التي حدثت معها تخبرنا هلا: «سافرت مع زوجي إلى الخارج وأتضح بعد الحجز أن مباراة فريقي ستكون خلال سفري، ولكننا لم نفوّت المباراة بل شاهدناها «أون لاين» عن طريق الانترنت. ذات مرة وعدت صديقة بزيارتها، ونسيت موعد المباراة، فاضطررت للاعتذار لها في اللحظة الأخيرة، وتكرر الموقف مراراً ويحرجني ذلك، لكني لا أستطيع أن أخسر مشاهدة مباراة». وتتمنى هلا «أن يُسمح في المستقبل القريب للمرأة بحضور مباريات فريقها مباشرة في الملاعب، فهذا الأمر سيزيد حماستي أكثر».


هناء العلوني: النقد والردود والمهاترات تأتي في كل ما تكتبه المرأة عن الرياضة

التعصب الكروي متساوٍ بين الشباب والفتيات، ويعود ذلك إلى كثرة البرامج الرياضية التي تقدم النقد والتعصب الكروي. هذا ما بدأت به الصحافية الرياضية في جريدة «عكاظ» هناء العلوني كلامها. تقول:» كنت أشجع الكرة بتعصب وحماسة منذ سن 14 عاماً، ولكن بعد دخولي المجال الإعلامي منذ عشر سنوات تغيرت نظرتي إلى الرياضة وقل تعصبي».
حين بدأت عملها في المجال الإعلامي الرياضي لاقت الكثير من النقد من أفراد المجتمع، لاقتناع الناس بأن الرياضة الكروية خاصة بالرجال، ولكن بعد بروز العديد من الأسماء النسائية في هذا المجال تغيرت وجهة نظر الغالبية وأصبحوا يثنون على التعليقات التي تكتبها المرأة.

واجهت هناء الكثير من النقد في كل تقرير أو مقال كتبته: «مع أنني لاحظت أن بعض الصحافيين الرجال يكتبون بالطريقة التي أكتب بها، لكن النقد والردود والمهاترات تأتي حول كل ما تكتبه المرأة، وأحياناً أعلق عبر «تويتر» على تشكيلة الفريق وأشاهد النقد اللاذع من القراء بأنني أخرب على الفريق خططه وغيرها من التعليقات، يكتب رجل الأمر نفسه ترد عبارات الشكر له. وأرى أن هذه الأمور من أكثر التحديات التي يمكن المرأة أن تواجهها في عملها بهذا المجال».
 وتضيف العلوني: «لا أجد فرقاً بين جلوس المرأة إلى جانب الرجل في الطائرة أو مطعم، وأرى أن وجودها في حضور المباريات مهم بالطريقة نفسها، بل أن حضورها يمكن أن يهذب الرجل في حركاته وتصرفاته وألفاظه. ووجود المرأة في مدرجات الملاعب ليس فيه أي مشكلة بدليل وجودها هناك في الدول العربية، وشاهدت ذلك في دولة قطر التي لا تفرق كثيراً عن عاداتنا فنرى المنقبات وغيرهن، فلماذا نحن نختلف؟».

ومن المواقف التي لا يمكنها نسيانها: «حضرت إحدى مباريات كرة السلة داخل الملعب مع مجموعة من الصديقات، ومع أن الملعب كان به مجموعة من النساء الأخريات من مختلف الجنسيات، فاجأني نشر صورة لي ولزميلاتي في الصفجة الأولى لإحدى الصحف، وعنوان الخبر «دخول مجموعة من الإعلاميات لحضور المباراة». ولم يتم ذكر النساء الأخريات وحضورهن المباراة».


شذى محمد: وجود المرأة في المجال الرياضي ما زال خجولاً

أن تحب ناديك المفضل وتشجعه أمر جميل، ولكن كل شي يزيد عن حده ينقلب إلى ضده، فشذى محمد، مقدمة النشرة الرياضية في إذاعة UFM، تشجع اللعب الجميل من غير تعصب جامح، وتقول: «كأنثى أتفهم التعصب  الكروي لدى بعض النساء فمشاعرهن جياشة وصادقة ويصعب عليهن التحكم فيها بعض الأحيان».
وترى أن كثرة البرامج الرياضية أعطت المساحة الأكبر لإثارة الجدل، وزيادة التعصب، والتمادي، وتداخل التصريحات والتعليقات.

وعن الصعوبات التي تواجهها في مجال عملها تقول شذى: «دائماً أجد في نفسي وللآخرين تحدياً أكبر، وخاصة بوجود من لا يثق بمعرفة المرأة للرياضة. لم يتقبل المجتمع السعودي وجود المرأة في المجال الرياضي لأنه لم يتعود وجودها، فما زال وجود المرأة في المجال الرياضي خجولاً».
وعن المواقف التي واجهتها تقول شذى: «في أول مقابلة لي في القناة السعودية الرياضية، كان مدير قسم الأخبار في لقناة يحاول أن يختبر معلوماتي الرياضية، فسألني أن أعدد بعض أسماء اللاعبين في الدوريين السعودي والإنكليزي وطلب بالصدفة أسماء أندية أشجعها، فما كان مني إلا أن انطلقت بتعداد الأسماء وأماكن لعبها في الفريق بالتحديد».
وترى شذى أن حضور المرأة للمباريات المباشرة ممكن في المستقبل لكن بشرط أن يخصص لها المكان والدخول والخروج المناسِبة.