سيجارة 'تشعل' دعاوى طلاق

مشكلة / مشاكل إجتماعية, طلاق, التدخين, المرأة السعودية / نساء سعوديات, المجتمع السعودي, سيجارة

22 مارس 2013

نقلت بعض الصحف السعودية عن عضو محكمة تأكيده وجوب فصل الزوج عن الزوجة في حال اكتشافها أنه مدخّن. وأثار هذا الموقف الكثير من الجدل في المجتمع السعودي، فيما تستقبل المحاكم العديد من الدعاوى الموجهة من زوجات متضررات من تدخين أزواجهنّ.  وجاء في الخبر قول القاضي «إن الأحكام القضائية المطبقة في مثل هذه الحالات تصل إلى الحكم بفصل الزوجين بعضهما عن بعض، إلا إذا رضيت الزوجة أن يكون زوجها معيبًا». وأوضح أن المحاكم تستقبل دعاوى المتضررين، وتعمل بالمقتضى الشرعي لمعالجة كل قضية على حدة، سواء كانت تتعلّق بتدخين الزوج أو غيره من الأمور. ولكن إذا كانت الزوجة قد عاشت مع زوجها 20 عامًا تكون الدعوى غير مسموعة لأنها رضيت به معيبًا منذ البداية... بين مؤيد ومعارض استعرضت «لها» آراء أفراد من الجنسين لمعرفة ما إذا كانوا يقبلون الارتباط بأشخاص مدخّنين أم لا.

أم يوسف: اتبعت أساليب كثيرة لإقناعه بترك التدخين

تزوجت أم يوسف من مدخّن وتمكنت بعد مرور عشر سنوات من جعله يقلع عن التدخين. وقالت الموظفة في القطاع الخاص: «كنت في كثير من الأحيان أضيق ذرعاً من تدخينه في المنزل، ورائحة ملابسه، وأنفاسه، وتمكنت بطرق من إقناعه. ومن الأساليب التي اتبعتها تدخيني للسجائر معه، وحين اعترض اتفقنا على عدم تدخينه داخل المنزل، ووافق على هذا القرار بعد تردد كبير، وقلل عدد السجائر التي يدخنها، ومع الأيام أصبح بإمكانه الإقلاع عن التدخين، واقتنع بذلك».
وتصف أم يوسف يوم تركه للتدخين قائلة: «قبل ثلاث سنوات، في شهر رمضان مع مدة الصيام التي كانت تزداد، قرر ترك التدخين، ولا يمكنني وصف سعادتي في ذلك اليوم. وساعدته في المثابرة على قراره، والإصرار على عدم العودة إلى هذه العادة».
وأضافت: «لا أرى أي مانع من زواج الفتاة من رجل مدخّن، لأنها بإمكانها أن تقنعه وتساعده في الإقلاع عن التدخين بالتفاهم والحوار والنقاش. أما بخصوص إقامة دعوى طلاق بسبب التدخين فلست مع هذا الأمر، لأن موافقتها على الارتباط به منذ البداية قرار لا رجعة فيه، ولا أعتبره سبباً كافياً لإقامة دعوى طلاق».

نور ضناوي: لا أعتبر التدخين من الأمور المحرّمة
تتفق معها في الرأي الطالبة الجامعية نور ضناوي بقولها: «لا أمانع الزواج من مدخّن لأنني لا أعتبر التدخين من الأمور المحرّمة، ولكن الأضرار التي تنتج عنه صحياً للمدخّن ومَن حوله هي ما تجعله مرفوضاً من المجتمع». وأضافت: «إذا تقدم لي شاب مدخّن وفيه جميع المواصفات التي أحلم بها في فارس أحلامي، لن أجعل تدخينه سبباً للرفض، وبإمكان أي زوجة أن تتفق مع زوجها بتدخينه داخل المنزل في أماكن محددة. في أي حال يمكنني بالنقاش والتفاهم أن أقلّل تدخينه في المنزل، ولكن ليضع في حسبانه أنني سأحاول بشتّى طرق أن أجعله يترك التدخين، لأنني لا أود أن أكون مدخّنة سلبية وأتأثر صحياً».

فرح ضناوي: أرفض بتاتاً الارتباط بعريس مدخّن
وتخالفها الرأي أختها فرح ضناوي التي ترفض الارتباط بعريس مدخّن وتقول: «لا يمكنني الموافقة على الزواج من شخص مدخّن، لأنني أكره رائحة السجائر، وخاصة عندما تعلق بالملابس وأنفاس الشخص، وحتى لا تكون هناك مشاكل معه منذ بداية الزواج». وأضافت: «رفضي الزواج من مدخّن ينبع من خوفي من أن يكون قدوة سيئة لأبنائي في المستقبل، ولأنني أعتبر التدخين معصية، وحتى لا أتعرض لانفعالاته المستمرة، خاصة أن والدي مدخّن، فلا أريد تكرار مثل هذه التجربة».

منى جعفراوي: أوافق على الزواج بحسب نوع السجائر ورائحتها
الصحافية منى جعفراوي تقول: «لا مانع من قبولي بالزواج من شخص مدخّن، ولكن موافقتي تأتي بحسب نوع السجائر الذي يدخّنه، لأن هناك أنواعاً رائحتها قوية ولا يمكنني تحملها. وأرفض العريس حين يكون مدخّناً شرهاً، لأنه سيكون متأثراً بحالة عصبية، ويمكن أن يسبب الكثير من الخلافات، ولا يمكنه أن يتقبل أي اعتراض».
وأضافت جعفراوي: «هناك الكثير من الحلول التي يمكن أن تتفاهم الزوجة عليها مع زوجها المدخّن، كأن تكون له غرفة خاصة يدخن فيها حتى لا يتأثر أي فرد من أفراد الأسرة، أو أن يدخن عدداً قليلاً من السجائر داخل المنزل. وإذا كان يدخن خارج المنزل عليه عند دخوله المنزل أن يغير ملابسه ويغتسل حتى يمحو آثار السجائر العالقة».
وعن طلب بعض النساء للطلاق بسبب التدخين قالت: «يمكن للزوجة أن تطلب الطلاق لهذا السبب إذا كانت رائحة السجائر والدخان  تسبب لها أذية صحية، خاصة لو كانت تعاني حساسية في الصدر أو غيرها من الأمراض التي تتأثر برائحة السجائر، أو كان زوجها شرهاً في التدخين، ولكن غير ذلك يمكنها أن تتفاهم معه دون طلاق».
ولفتت إلى أن «إقبال المدخّنين من الجنسين على عيادات الإقلاع عن التدخين دليل وعي أفراد المجتمع بمضار التدخين، وأرى أن المستقبل سيشرق».

أم يزن: حرصه على مَن حوله حين يدخّن جعلني ارتبط به
وتخبرناأم يزن (موظفة في القطاع الحكومي) قائلة: «لا أحب التدخين والمدخّنين، ولكن حين تزوجت ارتبطت برجل مدخّن ولم أعترض على الأمر، ذلك أن زوجي حريص على من حوله حين يدخّن، وهذا من الأمور التي جعلتني أوافق على الارتباط به».
وتصف حلول زوجها في التدخين حتى لا يضايق من حوله قائلة: «لا يدخن داخل المنزل إلا في غرفة المكتب الخاصة به، أو خارج المنزل خلال ساعات عمله، حتى أنه يرفض التدخين داخل السيارة، وحين زيارتنا لمنزل أحد الأصدقاء أو الأقارب لا يشعل السيجارة إلا إذا رأى أحد الأشخاص داخل المنزل يدخن، ويفضل أن يبتعد عن الأنظار حتى لا يضايق أحداً».

أم جنى: عدد الفتيات المدخّنات في تزايد
أبدت أم جنى (ربة منزل) رأيها في موضوع قبول الفتاة ورفضها للزواج من مدخّن قائلة: «التدخين أمر شخصي يقرره كل فرد، وأرى أن نسبة التدخين في المجتمع في تزايد لكلا الجنسين وخاصة لدى الفتيات. لذلك الأفضل أن تتزوج الفتاة المدخّنة من رجل مدخّن، والفتاة التي تعترض على حرية التدخين عليها اتخاذ القرار بنفسها دون ضغوط من أي فرد في العائلة، لأنها هي من ستعيش الحياة الزوجية».
وعن إقامة دعوى طلاق من الزوجة على زوجها المدخّن اعترضت أم جنى قائلة: «العقد الذي يربط الزوجين مقدس، ولا يمكن لسيجارة أن تلغيه، ولا أرى سبباً مقنعاً لرفعها دعوى طلاق بسبب عدم علمها بتدخين زوجها، لأن الحياة الزوجية تضمن حرية شخصية لكلا الزوجين». وأضافت: «بإمكان الزوجة أن تشغل زوجها بأمور تبعده عن التدخين داخل المنزل، وتبذل جهد في إقناعه للذهاب لعيادات علاج الإدمان إذا اقتنع بالتغيير، دون ضغوط عليه... أنا مدخّنة وتزوجت من مدخّن، وعندما حملت امتنعت عن التدخين حتى لا أؤذي طفلي. وأيضاً زوجي بدأ يراعي عدم التدخين داخل المنزل بكثرة، وأصبح يدخن في غرفة مستقلة. وبعد إتمام طفلتي عامها الأول، عدت إلى التدخين، ولكن أقل من السابق. لذلك أقول إن التدخين ليس إدماناً، ويمكن للمدخّن أن يمتنع عنه حتى لا يسبب ضرراً لأفراد أسرته».

ما رأي الشباب؟

علي الوحيشي: سأقلع عن التدخين إذا رفضت فتاة الزواج بي
«يمكنني ترك التدخين إذا رفضت فتاة الزواج بي»، هذا ما بدأ به حديثه علي الوحيشي قبل أن يضيف: «رفض الفتاة للارتباط بشخص مدخّن حق من حقوقها، وأعتبر سبب رفضها له أنها ترى أن هذا الارتباط يسبب خطراً عليها وعليه، لذلك يمكنني التفكير ملياً إذا حصل معي الأمر أن أترك التدخين. وأنا أرفض بتاتاً الارتباط بزوجة مدخّنة، لأنني أعتبر التدخين للفتاة ضرراً أكبر، خاصة في فترة الحمل لأنه يؤثر على الأم والجنين». وعن رفع الزوجة دعوى على زوجها المدخّن للطلاق قال الوحيشي: «لم أسمع بهذا الأمر من قبل، ولكن أعتبر هذا الأمر حق من حقوقها أيضاً، لأنها تود أن تعيش حياتها دون أمراض هي وأطفالها، وداخل جو أسري صحي، ولا يمكن لأي شخص أن يعترض على هذا الأمر، ويمكن أن يكون سلاحاً لها لتجبر زوجها على ترك التدخين».

يحيى الشهري: أطلب من زوجتي مشاركتي التدخين
ويخالفه الرأي يحيى الشهري قائلاً: «أعتبر نفسي من الأشخاص المدخّنين بشراهة، ولا يمكنني منع نفسي عن التدخين. ومع أن زوجتي غير متقبلة للموضوع إلا أنها راضخة للأمر، وفي كل مرة تعترض على تدخيني بقربها، أخبرها بأنها يمكنها مشاركتي التدخين حتى لا تتضايق من رائحة السجائر». وعن تقبل أو رفض زواج أخته من رجل مدخّن قال الشهري: «لا يمكنني أن أؤثر على أختي بالزواج من مدخّن، لأنني أعتبر حياتها خاصة ولا يمكنني التأثير عليها، وإذا رفضت أي عريس لها بسبب التدخين أرى أن هذا من حقها». وعن رفع النساء لدعاوى طلاق على أزواجهن المدخّنين قال: «من تتقبلني كما أنا فأهلاً وسهلاً، فيفترض بالزوجة أن تشارك زوجها كل الأمور حتى التدخين».

خالد محمد: رفض الفتاة لعريس مدخّن نوع من المبالغة
خالد محمد قال: «أرى أن رفض الفتاة لعريس مدخّن فيه نوع من المبالغة، خصوصاً أنه قد يضاعف من مشاكل العنوسة في المجتمع، وليس من مصلحة الفتيات الترويج لهذه الثقافة، خاصة مع ازدياد نسبة المدخّنات من الفتيات بشكل لافت». وأشار إلى أن «رفض الفتاة الارتباط بمدخّن يمكن أن يساعد في ترك التدخين عند البعض، ولكن لا يمكن أن نعمم الأمر. وأرى أن موافقة الفتاة على الارتباط بمدخّن يمكن أن تكون سبب تركه للسجائر، خصوصاً إذا طلبت منه ذلك بطريقة مقبولة ومهذبة، فتأثير الزوجة على زوجها كبير من حيث تغيير سلوكه».


الرأي الاجتماعي
:منع التدخين في المقاهي والمطاعم أكبر دليل على مكافحة التدخين
«المدخّنون مجرمون في حق غيرهم قبل أنفسهم»، هذا ما بدأ به الدكتور طلال الناشري مدير إدارة الصحة النفسية والاجتماعية في جدة كلامه، وأضاف: «على الرجل المدخّن أن يلتفت إلى الأضرار التي يسببها لأفراد أسرته، ويحاول العدول عن هذا الأمر لأنه يتسبب بالكثير من المشاكل الصحية له ولأفراد عائلته».  ورأى أنه « يمكن الزوجة إيجاد الحل بالتفاهم وإقناع زوجها بالذهاب إلى عيادات متخصصة في هذا الأمر، فالزواج عقد مقدس بين الزوجين يجمعهما الترابط والتفاهم، ونجد أن هناك حالات من إدمان المخدرات تساعد فيها الزوجة لعلاج زوجها، فيما السيجارة لا تسبب إدماناً كهذا».
وأكد الناشري أن «على الرجل أن يكون قدوة للأجيال القادمة، ويراقب أفراد أسرته وسلوكياتهم، حتى يتمكن من معالجة المشكلة في بدايتها قبل أن تتفاقم. وأرى أن المجتمع بدأت تتغير مفاهيمه قليلاً، فمنع التدخين في المقاهي والمطاعم كان أكبر دليل على مكافحة التدخين».


الرأي الطبي: إقبال كبير على عيادات الإقلاع عن التدخين
أساليب جديدة للإقلاع عن التدخين من أول جلسة بنسبة 90%

أكدت الاختصاصية المعالجة في عيادة لعلاج المدخّنين هبة حسين فعالية طرق علاج الإقلاع عن التدخين، وأوضحت أن «هناك العديد من الطرق المختلفة للإقلاع عن التدخين. فعلى سبيل المثال الإبر الصينية، ولاصقات النيكوتين، وعلاج النيكوتين، ومكافحة التدخين بالليزر... هذه الوسائل تراوح نسبة نجاحها بين 10% و30%، أما طريقة العلاج بالاي كيو أس فوصلت نسبة نجاحها إلى 90% من الجلسة الأولى». وأكدت «أن الإقبال على العيادات المتخصصة بالإقلاع على التدخين يزداد، ووصلت نسبة المراجعين إلى 70% من الرجال، و30% من النساء، ومعدل حضور المدخّن باقتناعه يفوق 90%».