كنية الأب السعودي... بين تفضيل الولد والافتخار بالبنت

إنجاب الصبي, الرياض, الرأي النفسي

12 أبريل 2014

احتفل أحد الشبان في الرياض في شكل استثنائي بقدوم ابنه البكر بعد أن رزق قبل ذلك بسبع بنات. وتعبيراً عن حال الفرح التي ارتسمت على محياه، أقام مناسبة كبيرة، وكان يكنى أبو البنات ويحمل لقب «أبو سارة»، وبعد مرور سنين صار يضجر من كنية أبو البنات وينزعج كثيراً عندما يسمع أحد يناديه بها. ورغم أن الله تعالى رزقه ابناً ذكراً، ظلت الكنية عالقة في أذهان بعض أصدقائه وأقاربه. في هذا التحقيق «لها» تسأل الرجل هل تغيّر كنيتك بعد أن تنجب «الذكر» وإن لم يكن الأكبر، ولماذا؟

يقول محمد الحربي: «غيرت كنيتي من أبو سارة إلى أبو عبدالله بعد مرور 25 عاماً على تسميتي باسم ابنتي الكبرى، وبعد ولادة من سيحمل اسمي جهزت استراحة كاملة، ودعَوت القريب والبعيد ليحتفلوا معي بهذه المناسبة».
ويضيف: «إن مصروف البنات وطلباتهن تختلف عن الولد، وكلما كبرن كبرت معهن حاجاتهن من الملابس والفساتين والأكسسوارات التي تتغير في كل مناسبة». ويوضح أنه في الإجازة الصيفية الماضية التي كثرت فيها مناسبات الأفراح، أنفق ما يقارب عشرة آلاف ريال على بناته، ما بين فساتين وكوافير وحفلات خاصة بمناسبة نجاحهن، فيما الولد مصاريفه بسيطة. وبعد أن رزقه الله ولداً، قال: «لا أحب مناداتي باسم إحدى بناتي، فهذا ليس عيباً أو تذمراً من اسمها، فكلهم أبنائي، ولكن هناك نظرات غريبة من البعض عندما أنادى باسم الابنة،  ومتى رزقت الولد أشعر بالضيق كثيراً عندما يناديني أحد باسم ابنتي، وقد لا أرد عليه في بعض الأحيان».

وعكس ذلك فضّل «أبو نوف»  مناداته باسم ابنته مع أن لديه ولداً ويقول: «مناداتي باسم ابنتي تشعرني بالتميز بغض النظر عن المجتمع، فلو سايرنا المجتمع وأفراده على ما يريد ويفضل لم نهنأ بعيشنا، وأفضل مناداتي دائماً باسم ابنتي، وما زالت هذه الكنية مستمرة دون اعتراض الأبناء، وسوف تستمر بإذن الله لأنها الابنة الأولى».

وقال عبدالله الختروش: «مجتمعنا فيه كثير من المتناقضات وعادات تحكمنا حتى في هذا الأمر الخاص بأفراد الأسرة الواحدة. فمن ينادَى باسم البنت يشعر بحرج بين أصدقائه، خصوصاً لدى بعض الأوساط التي تعتبر الإفصاح عن اسم المرأة عيباً للرجل، وكأنه احتماء بها».

ويقول فهد المطيري: «في السابق كنت أنادى باسم أبو لجين، وعندما أكرمني الله تعالى بالابن تغيرت كنيتي إلى أبو طارق، وذلك بشكل تلقائي من المحيطين بي من إخوة أو زملاء أو أقارب دون طلب مني أو اعتراض». ويضيف: «البعض لا يتقبل أن نسميه باسم الابنة. هي حرية شخصية ترجع إلى ثقافة المجتمع حوله والطبيعة الأسرية، وهناك أناس لا يحبذون كنية الابنة وينادون بعضهم بكنية الأب أو أي اسم آخر».

جهل وتعصّب
واعتبر أبو فجر أن من يرفض مناداته باسم البنت جاهل ومتعصب، وقال: «لا افرق بين أبنائي في المسميات، فلدي ابنة وولد وليس لي كنية معينة. وعندما رزقني الله البنت كان أكبر فخر لي أن أنادى باسمها، وعندما رزقت الابن ما زال البعض يناديني باسم الابنة».

الرأي النفسي
قال الاختصاصي النفسي الدكتور وليد الزهراني: «قضية إنجاب الولد تمثل للرجل أمراً مهماً، خصوصاً أنها تعني له الخروج من دائرة أو عقدة أبو البنات، مع زيادة نسبة المواليد الإناث بحسب ما هو ملموس وما تؤكده  الإحصاءات. إنجاب الولد تحول إلى همّ اجتماعي، بل أصبحت عند البعض قضية محورية، بالنسبة إلى الرجل في المقام الأول».
وأضاف: «على رغم التطوّر التعليمي والثقافي، يسمح إنجاب الولد للرجل بتجاوز شيء من العقدة، ومواجهة العائلة بالساعد الأيمن وحامل اللواء. ما زال إنجاب الولد بالنسبة إلى الزوجة يعني زيادة في رصيد المحبة  والدلال في زمن تغيّرت فيه المقاييس، وتشكلت فيه العواطف حسب الحاجة. كثيرات من النساء حتى اللحظة، قابعات في المربع الأول من القلق، خوفاً من أن ينجبن إناثاً، فمع كل حمل ومضي شهوره التسعة، تتسع دائرة الخوف من تكرار إنجاب البنت. ويكون العذر جاهزاً للزوج، غير المضمون رد فعله، إذ قد يحدث انقلاب ويأتي بزوجة ثانية، وربما ثالثة وحجته في ذلك الولد، وهذا يؤثر نفسياً على الزوجة التي لا حول ولا قوة لها في قضية إنجاب الذكور.
يشكل إنجاب البنات بالنسبة إلى بعض الرجال عبئاً إقتصاديّاً. ويقول اختصاصي النساء والولادة الدكتور محمد الرفيدي: «نواجه إحراجات كبيرة إذا عرفنا الجنس، لان البعض يرغب في مولود صبي لأن لديه الكثير من البنات، مما يضع الزوجة في موقف محرج».
وذكر أن مسألة تحديد نوع الجنين عبر تحديد وقت معين للجماع وزيادة نسبة الكالسيوم والصوديوم في الدم، أمر لم يثبت علمياً.