الزواج حرية أم تقييد للطموحات والآمال؟

الزواج, طلاق, الحرية, السعادة, خلافات الزوجية

03 مايو 2014

ملايين الملايين تزوجوا ولم يدركوا ماهية الزواج ومعناه! وقد لاحق الفشل الكثيرين ممن لم يعرفوا الطريق الصحيح للزواج أو معناه الحقيقي، وعندما سألوا أميرة بريطانية تجاوزت التسعين عن أي عمر يتوقف الإنسان فيه عن الحب، فأجابت بسرعة وبدون تردد: «لست ادري... اسألوا من هم أكبر مني وأكثر خبرة!».  وهنا يبرز أكثر من سؤال: هل الزواج هو الحب أم المتعة أم تلبية للرغبات أم أنه مؤسسة وشراكة روحية؟ هل يعد الزواج تقييداً لبلوغ أحلامنا أم هو الحرية نفسها؟ هل الزواج كما يراه البعض رحلة شقاء وعناء وشرّ لا بد منه وتقييد للحريات، أم أنه ضرورة اجتماعية مفروضة على الكثير من البشر؟

البداية كانت على لسان نادية المرزوقي من مدينة العين وتعمل في المجال التربوي، عندما أكدت أنه لا توجد حرية خارج مؤسسة الزواج التي من شروطها الرحمة والسكن، و«من تريد الحرية والطموح فعليها تحقيقهما خارج الإطار الزوجي، فالزواج لا  يحقق الحرية  بسبب العادات والتقاليد، ومن يريد الزواج السليم عليه انتهاج النهج الديني وليس الخروج عنه بأي طريقة كانت. ومن ينادين بالحرية وخاصة للمرأة لا يستحقون الحياة الزوجية فهم لا يريدون الاستقرار، بل يسعون إلى حرية تجلب لهم المصائب ولا يبحثون عن السكينة والستر والرحمة والحب الحقيقي، فالزواج له ضوابط وأصول».
 

مشروع فاشل

وتقول فريال بدر (مطلّقة) من أبو ظبي إن احد أسباب الطلاق هو تقييد الحريات  «وخاصة إذا كان زوجك رجلاً متزمتاً لا يعرف قيمة الزوجة». وتعتقد  من خلال تجربتها أن «الزواج رابط شكلي، وهو ضرورة فسيولوجية ودينية واجتماعية فقط ولا يعرف الحب إليه طريقاً»، وتتساءل فريال التي خاضت تجربة الزواج لمدة أربع سنوات أنجبت خلالها ثلاثة أبناء: «كيف تتحقق الأحلام وهناك تقييد للحريات؟ أين تذهبين؟ لا بد أن تعودي إلي البيت بسرعة وبالتحديد بعد ساعتين! أين الحرية؟  لقد تزوجني بعد أنهيت دراستي الثانوية  بقرار من والدي  بعد أن وعدني بأن أكمل تعليمي الجامعي، ولكن لم يتحقق ذلك. أين الطموح الذي راح من أجل الزواج الزائف الذي أعرفه كتجربة تجعلك مكبّلة بالالتزامات والواجبات، ومن يقول غير ذلك غير صادق. فالزوجة تنفذ أوامر الزوج وهي لا تدري، وإذا عبّرت عن رأيها تكون قد خالفت  كل شروط الزواج، وبرأيي الزواج  مشروع فاشل يستند إلى الأكاذيب والأنانية».

وتشاركها الرأي سهام عبد الله (ربة بيت) حين تقول: «تزوجت وعمري 18 عاما، ووعدني زوجي بالحرية وتحقيق كل طموحاتي، فقد عمل بالتدريس في الإمارات ثم التحقت به بعد فترة وأنجبت منه أربعة أبناء. يكبرني  بنحو 14 عاماً، ولم أجد منه إلا معسول الكلام لأنه لم يحقق لي الحرية التي كنت أنشدها، وكل شيء ممنوع. وكانت الغيرة قد سيطرت على  عقله. وبعد 16 سنة من المعاناة  الحقيقة مع هذا الزوج المثقف ضاعت أحلامي بالشهادة الجامعية ومن  ثم نيل شهادة الدكتوراه، وكل شئ انتهي وتبخرت الأحلام والوعود  في لحظة. وعندما توفي زوجي وأصبحت أرملة  تحمّلت المسؤولية والأعباء من أجل توفير الحياة الكريمة للأولاد... الزواج رحلة كلها تعب وعذاب لا توجد فيها أحلام ولا سعادة».

بينما تقول أية  حمد من دبي، وهي ربة بيت، إن «الزواج مرتبط بالحب، ومن يمنح الحب يمنح الحرية والأمل ويسمح بتحقيق الطموحات، ولكن  الزواج الخالي من الحب هو حب شكلي ووهم».
وعن  تجربة الزواج تقول: «أنا سعيدة ولكن مرهقة لأني أعيش من أجل حب زوجي لأننا  كنا نحب بعضنا قبل الزواج، ومن أجل ذلك لا يوجد بيننا إلا الحب، ولكن أصبحنا متعبين للغاية من أجل المحافظة عليه».

وتقول بسمة عبد العزيز التي تعمل  في احدي المؤسسات الإعلامية أن العلاقات الزوجية تحتاج إلى التفاهم والاحترام والحب، «ولكن هناك بعض الأزواج يقيّدون الحريات على الزوجة ولا يهتمّون بتحقق الآمال والطموحات مما يشكل صدمة للزوجة التي تكون متشوقة للزواج وسرعان ما أنه عائق في طريقها. بينما هناك من الأزواج من يتمسكون بالمفاهيم الصحيحة للزواج من خلال إفساح الحرية للزوجة وإعطائها هامش تحرك. ولكن نحن كعرب نصطدم بالعادات والتقاليد.
 

بدون الإنسجام زواج بدون طعم

 وتقول فيء عزاوي (مذيعة في فضائية الشروق التي تبث من مدينة دبي للإعلام) إن الزواج هو «اتفاق بين طرفين ولا بد من تعزيز الناحية العاطفية بوجود انسجام بين الطرفين، وبدون هذا الانسجام يصبح الزواج عقيما بلا طعم. أما الحريات فلا بد أن تكون محدودة ضمن اتفاق بين الطرفين».
وتنظر فاطمة فؤاد التي تعمل في قطاع التجميل إلى الزواج بأنه شي مقدس يجب المحافظة عليه، وتقول: «المرأة ليست مطبخاً وغرفة نوم كما يراها معظم الرجال، بل لا بد من أن تحقق طموحها وترفض تقييد الحريات الذي تتعرض له، فالزوجة هي ريحانة كل مكان. وإذا كنت تفكر أيها الرجل بأنك صراف آلي أو سيارة فقط، ففي قلب الزوجة وما تريده وتبحث عنه هو زوج متفهم ومحب لها. ومشكلتي أني أحب كثيرا ولكن الآخر لا يحب بالقدر المطلوب، وقد تكون تلك مشكلة تعانيها الكثيرات».
 

الخليجية تتمتع بالحرية

وتقول انتصار الأميري التي تعمل في شركة سياحية في دبي: «الزواج مدرسة يتعلّم فيها الزوجان كل العلوم الحياتية والإنسانية، فلا بد من التفاهم. والزواج فرح وروح ومرح وابتسامة دائمة وقبل هذا كله احترام متبادل، والزواج السعيد يعني أن تعيش في الحب، والحب يعني أن تقتنع بشخص ما. وتعتقد انتصار أن المرأة العربية وخاصة في الخليج غير مظلومة ومقيدة بل أن كل الإمكانات متوافرة لها،  «وهناك الكثير من الحريات متاحة للأسرة الخليجية التي واكبت الحضارة».
 

خير الأمور أوسطها

ويقول الكاتب والأديب الإماراتي حارب الظاهري: «ليست هناك حرية مطلقة ولا تقييد كامل للحرية. لا بد أن نعطي مساحة من الحب لكل شيء، ولا بد أن تكون هناك خريطة طريق للتفاهم بين الزوجين، فلا يمكن للسلبية أن تأخذ مكان القيم والثوابت. ليس هناك ظلم لزوجة عند رجل يقدر الحياة الزوجية،  وكما يقولون «لا تكن لينا فتعصر... ولا تكن قاسيا فتكسر»، أحسن شيء أن يكون  الإنسان وسطياً في كل الأمور حتى لا ينقلب الحال، وخاصة أن الحياة الزوجية تحتاج إلى حكمة وود وحب وتصالح».
 

الحريات والطموح  موضوع نسبي

محمد ماجد موظف يكره المسؤولية، وقد تزوج بعد إلحاح من والدته. يقول: «ألحت أمي من اجل الزواج فوجدته ثقيلا ومسؤولية ليست بالهينة. نعم الحب متعة في الزواج ولكن لكل شيء ضريبة ولكل أسرة مشاكلها. أما تقييد الحريات والطموح  فموضوع نسبي يخضع للنجاح والفشل، فالرجل طموح بطبعه وكذلك المرأة ولكن قد يكون الرجل أولى بهذا الطموح من اجل تحسين مركزه الوظيفي. والمرأة حينما تتزوج لا بد أن تخضع للرجل وما يقرره ولكن بالتفاهم».
بينما يوضح فيصل عايش الذي يعمل في الهندسة وجهة نظره عندما يقول: «نحن نتزوج إنساناً له عيوب ومحاسن، وفهم الشريك في معادلة الزواج أمر أساسي في التقارب. وعلى الزوجة أن تفهم طبع الزوج وطبيعته. الزواج ليس تقييداً للحرية ولا يقف أمام طموحات الزوجة، وهناك الكثيرون من الأزواج كانوا سعداء حينما درست الزوجة وأنهت دراستها وهي داخل مؤسسة الزواج وحقق لها الزوج أمنيتها في استكمال تعليمها العالي. ولكن هذه الأمور تأتي عبر قنوات التفاهم والود والحب، وليس بشكل عنتري».
 

«أروح وين ما بدي»

ويقول الكاتب زايد أبو زايدة:  «نجاح الزواج له تأثيراته على المجتمع وفي الغالب يجب أن يكون نعمة للزوجين لا نقمة، فلا بد من التفاهم الكامل  حتى في الثقافة الجنسية التي تلعب دوراً كبيراً في توافق معظم الأزواج. هناك بعض التجاذب بين الزوجين وهذا طبيعي فالتقييد للحريات مرفوض، ولكن لا بد للقرارات الحاسمة من أن تأخذ في الحسبان مصلحة الأسرة. على سبيل المثال لا تترك الزوجة البيت معظم الوقت لتقول «زوجي ترك لي حريتي أروح وين ما بدي وأروح وقت ما بدي». كذلك الزوج لا بد أن يتقيد مع زوجته من خلال اتفاق بينهما لصالح الأسرة.
 

الحرية هي السعادة

يؤكد الاختصاصي النفسي علي صلاح أن المؤسسة الزوجية تعتبر النواة الحقيقية لبناء مجتمع متكامل، فالحب والمودة أساس بناء الأسرة السعيدة، والحريات والطموحات تأتي ضمنياً من خلال حياة سعيدة. والرحمة والمودة هما نتاج معاشرة على مر السنين ليصبح الزوجان كياناً واحداً مهما كانت الخلافات لذا على المرأة أن تكون لطيفة في التعامل مع زوجها الذي يكفيه ما يعانيه من توتر وضغوط نفسية في العمل وخارج البيت.