مفتي مصر الدكتور شوقي عبد الكريم: لا تقيّدوا زوجاتكم وبناتكم باسم الصيام

شهر رمضان, الصوم, رمضان 2014, الشيخ جمال قطب, الدكتور شوقي عبد الكريم, الإفطار, علماء الدين

21 يونيو 2014

مع اقتراب شهر رمضان وبدء الصوم، ترتسم لدى الكثيرين العديد من علامات الاستفهام حول أحكام الدين بشأن تفاصيل كثيرة في حياتهم، من أجل الوصول إلى صيام مقبول. «لها» التقت مفتي مصر الدكتور شوقي عبد الكريم، وطرحت عليه مجموعة من الأسئلة التي تشغل بال الكثيرين، ليوضح لنا أحكام الشرع فيها، ويزيل كل ما يتعلق بها من مفاهيم خاطئة.


بين الكرم والإسراف

على أبواب الشهر الفضيل، أطلق الشيخ جمال قطب، الرئيس الأسبق للجنة الفتوى في الأزهر مبادرة سماها «رمضان للعبادة لا عازم ولا معزوم». فهل تؤيد هذه المبادرة؟
المبادرة فكرة طيبة لتحقيق الغاية من الصيام، وهي التقوى، حيث قال تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ» آية 183 سورة البقرة. بالتالي فإن كل ما يقلل التقوى أو يضعفها يقلل الثواب، خاصةً أن الإسراف في العزومات قد يتحول إلى معصية بحسن نية وبدون قصد من خلال التبذير في العزومات، حتى أننا نلقي في «سلة القمامة» أضعاف ما نأكله، وتتحول رغبتنا في الكرم الحاتمي تشبهاً بحاتم الطائي إلى معصية بمخالفة الأمر الإلهي: «كُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ» آية 31 سورة الأعراف. وقد وصف بعض العلماء والأطباء هذه الآية بأن الله جمع فيها الطب كلّه، وقد أكمل النبي صلى الله عليه وسلم الدعوة إلى الوقاية من الإسراف في الأكل، فقال: «ما ملأ ابن آدم وعاء شراً من بطن، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه».

أليس في هذا رفض لمبدأ الكرم في الشهر الكريم الذي كان الرسول صلى الله عليه وسلم أكرم الناس فيه؟
الكرم صفة طيبة، لكن شتان الفرق بين الكرم والإسراف بلا حدود، والإحصائيات تشير إلى أن استهلاك الأسر المسلمة في رمضان ثلاثة أو أربعة أضعاف استهلاكها في الأيام العادية، وكذلك فإن ما يلقونه في القمامة من الأطعمة الزائدة أضعاف ما يلقونه في الأيام العادية، أليست هذه أوضاعاً مقلوبة وغير منطقية؟ وبدلاً من الاكتفاء في شهر الصيام بوجبتين لإراحة الجهاز الهضمي، فإذا بنا نخرج بالتخمة والأمراض. وقد أعجبتني كلمات لشيخ الإسلام ابن تيمية قال فيها: «الذين يقتصدون في المآكل نعيمهم بها أكثر من المسرفين فيها، فإنّ أولئك إذا أدمنوها، وألفوها لا يبقى لها عندهم كبير لذة لأنّهم قد لا يبصرون عنها، وتكثر أمراضهم بسببها».

هل معنى ذلك أننا يجب أن نؤدي الشهر في تقشف وزهد وربط الأحزمة على البطون كما يقولون؟
إطلاقاً، لكن يجب التحلي بالاعتدال والوسطية، فنحن لا نحرم ما أحله الله من طيبات الرزق حين قال: «قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ «آية 32 سورة الأعراف. وقد وصف الله أمة الإسلام بالوسطية والاعتدال في كل شيء فقال: «وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا» آية 143 سورة البقرة. ووصف عباد الرحمن بأنهم الذين يتوسطون في الإنفاق بلا إسراف وتبذير، كما نهانا عن البخل أو الشح، فقال تعالى: «وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً»، فهذا الاعتدال يساعدنا على الجد والاجتهاد في العبادة.


موسم
الامتحانات

يأتي رمضان هذا العام ولسنوات مقبلة في موسم الامتحانات، فهل يمكن للطالبات والطلاب أن يفطروا فى ظل ارتفاع درجة الحرارة حتى يستطيعوا المذاكرة والتركيز قبل الامتحانات وأثناءها؟
في البداية ينبغى التفرقة بين من يستطيع المذاكرة مع نوع من المشقة وبين من لا يمكنه المذاكرة أصلاً بسبب الصوم، فلا يوجد حكم عام وإنما لكل مقام مقال، لأن الإسلام يحترم ويقدر الظروف التي يعيشها كل إنسان، ولا يشق عليه بتحميله فوق طاقته أو ما يؤدي إلى هلاكه، لأن المبدأ الإسلامي الأساسي «لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ» آية 286 سورة البقرة.

نريد توضيحاً بشكل أوسع حتى لا يحدث خلط لمفاهيم الحلال والحرام لدى الأسر في قضية إفطار الطالبات والطلبة؟
بوضوح شديد، إذا احتاج الطالب المذاكرة في نهار رمضان وغلب على ظنه بأمارة أو تجربة أن صومه سيؤدي إلى رسوبه أو عجزه عن إكمال مسيرته التعليمية، التي لابد له منها لاكتساب معيشته ونفقته الأساسية أو نفقة عياله مستقبلاً، فإنه في هذه الحالة يباح له الإفطار، قياسا على إباحة بعض الفقهاء الإفطار لأصحاب الحِرَف الشاقة.
 

قضاء الأيام

إذا افترضنا أن الطالبات والطلبة أفطروا فماذا يجب عليهم بعد ذلك؟
الواجب عليهم قضاء ما أفطروه بسبب هذه الضرورة أو الحاجة، التي تُنَزَّل منزلتها فور زوال هذا الظرف الطارئ عنهم وانتهاء الامتحانات، ويجب الانتباه إلى أنّ هذه الفتوى إنما هي «فتوى ضرورة» وكما يقال: «الضرورة تقدر بقدرها»، أي أنها مشروطة بكون الطالب مضطرًّا للمذاكرة في شهر رمضان، ولا يمكن تأجيلها، وكذلك غلبة الظن بأن الرسوب هو النتيجة ما لم يذاكر، وأن هذا الرسوب سيضعفه أو يحرمه من استكمال دراسته التي لا عمل له إلا بها.

بعض الأزواج يبالغون في احتياطات الصيام فيحولون الشهر الفضيل إلى «سجن» لزوجاتهم وبناتهم بحرمانهم من كل أشكال الترفيه والزينة، فهل هذا المفهوم لهذه العبادة صحيح؟
هذا فهم خاطئ للدين، ولست مبالغاً إذا قلت إنه نوع من «التنطع والغلظة» في غير محله، لأن الزوجة والبنات يحتجن إلى الرقة والرأفة في التعامل طوال العام، وخاصةً في رمضان. ألم يصفهن الرسول بالقوارير حين قال صلى الله عليه وسلم: «رفقاً بالقوارير»، وأوصى بهن في أحاديث كثيرة، وتعامله مع زوجاته وبناته نموذج فريد للتيسير والرأفة والبعد عن الغلظة، وكان هذا خلقه الذي وصفه الله بقوله: «فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ» آية 159 سورة آل عمران.

إذاً ما هي الأخلاق السوية التي يجب أن يتحلى بها الزوج مع زوجته وأولاده وبناته طوال العام وخاصة في الشهر الفضيل؟
لا أجد أفضل من توجيه الأزواج إلى قراءة السيرة النبوية ومعرفة كيف كان الرسول صلى الله عليه وسلم يتعامل مع زوجاته، حيث وصفته أمُّ المؤمنين السيدة عائشة بأنه كان قرآناً يمشي على الأرض، وعندما سُئلت عن خُلقه قالت كان خلقه القرآن، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً، وخياركم خياركم لنسائهم خلقاً»، وكان يوصي أصحابه بزوجاتهم، وقد سئلت عائشة ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته؟ قالت: «كان يكون في مهنة أهله- تعني في خدمة أهله- فإذا حضرت الصلاة خرج كأنه لا يعرفنا ولا نعرفه». ولهذا وصفه ربه بقوله: «وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ» آية 4 سورة القلم.

هل ترى اختلالاً في العلاقة ما بين الزوج وأهله في رمضان خاصةً ما يتعلق بالتعامل معهم بعصبية؟
يؤسفني القول إن بعض الأزواج يحمّلون زوجاتهم أعباء تفوق قدراتهن بحجة أنها الزوجة وعليها حسن الطاعة لمطالبه، والخلل نفسه نجده لدى الزوجة، التي ليس لمطالبها سقف وتتضاعف مطالبها في رمضان وتغرق زوجها في الديون، وتؤكد أن هذا واجب عليه، وبالتالي تناسى بعض الأزواج والزوجات واجباتهم تجاه بعضهم، وركزوا على حقوقهم دون الالتفات لواجباتهم تجاه شركاء حياتهم. وقد نهى الإسلام عن العصبية والغضب الأعمى خاصة بين الزوجين، حفاظاً على استمرار الاحترام والحب بين الزوجين.

وما علاج الغضب في رأيكم؟
حارب الإسلام الغضب بكل الوسائل، منها الوضوء وذكر الله وترك المكان والتحرك بعيداً عنه، ولهذا أوصانا الرسول في أحاديث كثيرة بعدم الغضب، بل وبشَّر من يستطيع كظم غيظه والمحافظة على أعصابه. فقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله علمني شيئاً ولا تكثر عليَّ لعلِّي أعيه، قال: لا تغضب، فردد ذلك مراراً كل مرة يقول: لا تغضب، وفي رواية أخرى قال الرجل: قلت: يا رسول الله دلني على عمل يدخلني الجنة ولا تكثر عليَّ، قال: لا تغضب. وفي حديث للصحابي الجليل أبي الدرداء قال: قلت: يا رسول الله دلني على عمل يدخلني الجنة، قال: لا تغضب ولك الجنة». وتؤكد حوادث الواقع أن الغضب يجمع الشر كله، ولهذا سأل عبد الله بن عمرو النبي صلى الله عليه وسلم: «ماذا يباعدني من غضب الله عز وجل؟ قال: لا تغضب»، ولهذا فإن عدم الغضب، وخاصةً في هذا الشهر الفضيل، قد يكون طريقاً للجنة ومنجى من النار.

كيف كانت علاقة الرسول بزوجاته في رمضان؟
رغم  مكانته ومسؤولياته، كان يباشر أهله في رمضان، بل لم ينس حقهن حتى في المداعبة، فكان يقبلهن ولم ينه عن التقبيل في رمضان. بل كانت تأتيه بعض زوجاته تزوره وهو معتكف فيخرج معها ليوصلها إلى بيتها، ومع ذلك لم ينس حقهن في التوجيه والتربية التعبدية. فكان صلوات ربي وسلامه عليه يوجه أهله ويحثهن على قيام الليل في هذا الشهر الفضيل.


المجاهرون
بالإفطار

يطالب العديد من علماء الدين بمعاقبة المجاهرين بالإفطار في الشوارع أو الأماكن العامة في نهار رمضان فما رأيكم في هذه المطالبة؟
هذه من المظاهر السيئة والعادات القبيحة والذنوب الكبيرة، حيث يفطر بعض المسلمين فى رمضان بلا حياء أو خوف من الله أو احترام شعور الصائمين، فنجدهم يجاهرون بالإفطار دون أدنى مراعاة لحق الله أو حرمة رمضان أو شعور الصائمين، ولم يحترموا الدين الذي أكد أن الإفطار في ذاته ذنب ومعصية باعتبار الصيام ركناً وفريضة. ولهذا من حق ولي الأمر اتخاذ عقوبات تعزيرية لمن يستهينون بهذه الفريضة ويشجعون غيرهم على الاستهانة بها، فهذا نوع من المحافظة على الفريضة وشعور الصائمين والرأي العام، لأننا في مجتمع إسلامي لابد أن تحترم عقيدته وشعائره، ولابد أن يسبق هذه العقوبات حملات توعية عن طريق الإعلام والأسر والعلماء في المساجد والأماكن العامة بأهمية صوم الفريضة، فمن لم يستجب يجوز عقابه «لأن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن».

قد يقول قائل: أنا لست من المجاهرين لكني من أصحاب الرخص الذين أباح لهم الشرع الفطر كالمريض أو المسافر، فما الحل؟
نقول لهم: الله هو المطلع على عذرك، لكن عليك إذا كنت من أصحاب الرخص أن تفطر بعيداً عن أعين الناس ولا تتحدى مشاعرهم، وأخشى لمن يكذب ويفطر جهراً ويدعي أنه من أصحاب الأعذار أن يكون مرتكباً لمعصية أكبر، ويكون ممن قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم: «كل أمتي معافى إلا المجاهرين»، وننصح صاحب الرخصة بعدم المجاهرة ويكون ممن قيل فيهم: «إذا بليتم فاستتروا».

صدرت فتوى غريبة من أحد المنتسبين للإسلام بأن صوم الرجل غير المصلّي، وكذلك صوم المرأة غير المصلّية غير مقبول مستنداً إلى حديث معناه أن تاركي الصلاة في عداد الكفار، فما ردكم؟
إذا كنا نؤكد أنه لا يجوز شرعاً لمسلم أو مسلمة ترك الصلاة وقد أشتد وعيد الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم لمن تركها أو فرط فيها، إلا أنه لا يجوز تكفير إلا من تركها جحوداً وإنكاراً وأعلن ذلك، فيدخل في نطاق الحديث الذي يقول فيه النبى صلى الله عليه وسلم: «الْعَهْدُ الَّذِى بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ الصَّلاَةُ، فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ»، وقد فسر بعض العلماء معنى «فقد كفر»: أي أتى فعلاً كبيرًا وشابه الكفار في عدم صلاتهم، وأنه يكون مرتكباً لكبيرة من كبائر الذنوب، ومع هذا فإن المسلم مأمور بأداء كل عبادة شرّعها الله من الصلاة والصيام والزكاة والحج وغيرها، ولا يجوز له أن يتخير بينها ويُؤدى بعضًا ويترك بعضًا، مع أن كل عبادة من هذه العبادات المفروضة لها أركانها وشروطها الخاصة بها، ولا تَعَلُّق لهذه الأركان والشروط بأداء العبادات الأخرى، وبالتالي فإن أداها على الوجه الصحيح مع تركه لغيرها من العبادات فقد أجزأه ذلك وبرؤت ذمتُه منها، لكنه يأثم لتركه أداء العبادات الأخرى، وبالتالي فإن من صام وهو لا يصلّي فصومه صحيح غير فاسد، لأنه لا يُشترط لصحة الصوم إقامة الصلاة، لكنه آثم شرعًا من جهة تركه للصلاة.

أفتى أدعياء العلم بأن صوم المرأة بلا نقاب غير مقبول وبالتالي فإنه حتى المحجبات صيامهن غير مقبول؟
هذا تنطع في الدين، وقد حذرنا الرسول صلى الله عليه وسلم من أن نكون من هؤلاء المتنطعين، فقال ثلاثاً: «هلك المتنطعون»، لأن رأي جمهور الفقهاء أن الزي الشرعي للمرأة المسلمة هو أمر فرضه الله تعالى عليها، وهو ما كان ساترًا لكل جسمها ما عدا وجهها وكفيها، بحيث لا يكشف ولا يصف ولا يشف، وبالتالي لا قيمة لفتوى أن النقاب هو الفرض وأن الحجاب مرفوض شرعاً. أما بالنسبة إلى صيام المرأة، سواء كانت محجبة أو غير محجبة، فإن الواجبات الشرعية المختلفة لا تنوب عن بعضها في الأداء. وبالتاليَ، فإن المسلمة التي تصلي أو تصوم ولا تلتزم بالزيّ الشرعي محسنةٌ بصلاتها أو صيامها، لكنها مُسيئة بتركها لحجابها الواجب عليها، مع العلم أن عدم التزامها بالزي الشرعي لا يفسد صومها.

من المؤسف أن يوجد من بين بناتنا وأبنائنا من يدمن المخدرات أو ينحرفون أخلاقياً، فهل مثل هؤلاء يتقبل الله صيامهم إذا صاموا؟
باب التوبة مفتوح، والمسلم مكلف بأن يُحسن الظن بربه سبحانه، حتى ولو اقترف ذنبًا أو معصية، عليه أن يعلم أنَّ من رحمة ربه سبحانه به أن جعل الحسنات يذهبن السيئات، وليس العكس، وعلى العاصيات المدمنات أو العاصين المدمنين أن يفتحوا مع ربهم صفحة بيضاء في هذا الشهر الكريم ويتوبوا فيه من ذنوبهم، وبهذا يجعلون رمضان منطلقًا للأعمال الصالحات. فإنّ من علامة قبول الحسنة التوفيق إلى الحسنة بعدها، ويكفي أن يقرأ هؤلاء العاصيات والعاصون قوله تعالى: «قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ» الآيتان 53-54 سورة ‏‏الزمر.


كثرة
الاغتسال

يؤكد خبراء الأرصاد أن صيف هذا العام سيكون الأعلى حرارة في تاريخ البشرية، فهل يبيح هذا الحر الشديد لمن ذهب للمصيف أن يكثر من نزول البحر، أما من لم يذهب إلى المصيف أن يكثر من الاستحمام والجلوس في المياه؟
من حيث المبدأ فإن اغتسال الصائم للتبرد جائز شرعًا ولا شيء فيه ولا يفسد الصوم، طالما لم يدخل الماء فمه أو الأنف، وقد روى بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنهم رأوه يصب على رأسه الماء وهو صائم من العطش وشدة الحر، وبالتالي فإنه لو حصل دخول شيء من الماء فى الجسم بواسطة المسام فإنه لا تأثير له، لأن المفطر إنما هو الداخل من المنافذ المفتوحة حسًّا للجوف.

نحن في شهر القرآن فكيف تتعبد فيه من يعانين من الأمية الأبجدية؟
الإسلام دين يسر لا عسر، فمثل هؤلاء الأميات يمكنهن الاستماع إلى القرآن، فيكون لهن ثواب الاستماع لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من استمع إلى آية من كتاب الله كتب له حسنة مضاعفة، ومن تلاها كانت له نوراً يوم القيامة»، ووصل الأمر إلى أن مجرد النظر في المصحف حتى لمن لا تستطيع القراءة هو نوع من العبادة.

دلع بعض البنات يؤدي لتأخير صيامهن رغم توافر شروطه فماذا تقول للبنات وأمهاتهن؟
لا مانع من أن يدلل الآباء والأمهات البنات، بشرط أن يكون دلعاً منضبطاً شرعاً بلا معاصٍ. أما إذا أدى إلى التفريط في فروض الدين من الصلاة والصيام، رغم توافر شروط التكليف بهما، وهي: «الإسلام والعقل والبلوغ»، فإن الآباء والأمهات آثمون شرعاً لتقصيرهم في تعليمهن أمور الدين. وليكن رمضان هذا العام بداية لإصلاح أخطاء السنوات الماضية، فيقوم الآباء والأمهات بتعويد بناتهم برفق، وليس بالشدة والتوبيخ، لأن الرفق والتشجيع نتائجه أفضل، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه» قال أيضاً: «إن الله عز وجل ليعطي على الرفق ما لا يعطي على الخرق، وإذا أحب الله عبداً أعطاه الرفق، ما من أهل بيت يحرمون الرفق إلا حرموا الخير».