«أجيال من أجل أجيال» برنامج تطوعي لخدمة «المبتعثين»

العمل التطوعي

معاذ العمري - جدة 04 أكتوبر 2014

شكّلت الأخطاء التي اقترفها ستة طلاب مبتعثين في برنامج خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبدالعزيز للابتعاث الخارجي العائدين من أميركا، نواةً لفكرة مشروعٍ تطوعي يهدف إلى نقل الخبرات والتجارب للطلاب المبتعثين قبل سفرهم، وهذا ما تجسّد بإنشاء فريق «أجيال من أجل أجيال» الذي حقق نجاحاً على مدار عامين متتالين باستفادة 800 مبتعث ومبتعثة من برامجه... «لها» تستعرض نشأة البرنامج، والأهداف التي حققها، وتسلط الضوء على الصعوبات التي واجهته.

يروي مستشار مدير مشروع صناعة الأجهزة الطبية في وزارة الصحة السعودية الدكتور نزيه العثماني أحد مؤسسي فريق «أجيال من أجل أجيال» بداية البرنامج وأسباب الانطلاقة، فقد انبثقت الفكرة بعد عودة بعض المبتعثين إلى السعودية في العام 2009، وكان هدفها إبقاء التواصل بين المتخرجين والسؤال عن أحوالهم، وذلك من طريق البريد الإلكتروني «e-mail». وتطورت الفكرة لاحقاً بضم الطلاب المعيدين المشاركين في الابتعاث الخارجي ولا يزالون يواصلون الدراسة، إضافة إلى الطلاب المشاركين في الأندية الطلابية في أميركا.
ويفيد بأن الانطلاقة الفعلية للفريق كانت في العام 2012 بعد جلسات عديدة من العصف الذهني، وضم فريق التأسيس ستة أعضاء هم أربع سيدات ورجلان من طلاب الابتعاث العائدين إلى السعودية، ليتطور الفريق ويصبح عدده 18 عضواً ما بين الرياض وجدة. وكان أول نشاطات البرنامج المشاركة في ملتقيات الابتعاث التي تنظمها وزارة التعليم العالي لتقديم الخدمات والتعليمات لطلاب الابتعاث.
ويضيف: «في نيسان/ابريل 2013 نظم فريق برنامج أجيال من أجل أجيال أول نشاط خاص لطلاب الابتعاث، يحتوي على حقيبة تدريبية تأهيلية للمبتعث والمبتعثة من دون مقابل مالي. وتضم الحقيبة التأهيلية على جملة من البرامج والمعلومات التكميلية لملتقيات الابتعاث، من تعليمات مالية، حقوقية، وتخطيط استراتيجي للدراسة في بلد الابتعاث».

عدد المستفيدين من البرنامج

ويبين العثماني أن عدد المستفيدين من البرامج التدريبية والتأهيلية بلغ 800 مستفيد. ويلفت إلىأن التركيز على الطلاب المبتعثين إلى أميركا سببه بلوغ عدد الطلاب السعوديين هناك نحو 83 ألف مبتعث ومبتعثة، يشكلون نسبة 54 في المئة من مجموع طلبة الابتعاث الخارجي.
وحول حصولهم على الدعم المالي والخدمات المادية الحكومية، أوضح الدكتور نزيه أنهم قدموا طلباً للجهات الحكومية لاحتواء مصاريف البرنامج، إلا أن كثيراً من الإجراءات حالت دون حصولهم على الدعم المالي من وزارة التعليم العالي، مؤكداً في المقابل دعم الملحقية السعودية في أميركا معنوياً للبرنامج والتسويق لنشاطاته بين طلاب الابتعاث في أميركا.
ويقول العثماني: «إن رغبتنا في نقل خبرتنا والحرص على عدم وقوع الطلاب المبتعثين في الأخطاء التي واجهتنا والصعاب التي تعرضنا لها هي الدافع الرئيسي من مواصلة البرنامج وتقديم المشورة والدعم المعنوي متطوعين دونما مقابل، إذ نعتبر ذلك زكاة للعلم الذي تعلمناه، وأقل ما نقدمه لوطننا بعد عودتنا إليه».
ويوضح أن خطة البرنامج تقضي بالعمل على تنفيذ أربعة برامج تأهيلية سنوية للوصول إلى أكبر عدد من الطلاب المقبولين في الابتعاث قبل سفرهم، والوصول بالمبتعثين إلى أن يكونوا سفراء لوطنهم قادرين على الدراسة الفاعلة في أحدث التخصصات العملية والإنسانية في أميركا ونقل الصورة الحقيقية عن الشباب السعودي هناك. و»من ضمن الأهداف التي سنحققها بإذن الله إنشاء موقع إلكتروني للفريق، لعرض النشاطات والبرامج والمعلومات المهمة التي تفيد الطالب المبعتث».

«التطوع» أساس العمل

من جهتها، تروي رئيسة فريق «أجيال من أجل أجيال» سارة الرميخاني الحاصلة على درجة الماجستير في الإدارة الصحية من جامعة سكرانتون، أن أساس العمل في الفريق هو التطوع دون الحصول على مقابل مالي، بهدف نقل الخبرات، التي اكتسبها الأعضاء نتيجة العديد من المواقف التي تعرضوا لها، إلى الطلاب الجدد في الابتعاث ومخاطبة المبتعثين بلغة النصيحة والأخوة. وتشير إلى تحقيق الكثير من الأهداف التي خُطط لها إذ أن لكل دورة أو ملتقى برامج تأهيلية محددة. وتضيف حول أهداف الملتقيات: «نهدف في الملتقيات المقبلة إلى التركيز على الطرق المهمة لإجراء الأبحاث العلمية وعدم النسخ من الأبحاث السابقة، إذ واجهتنا مشاكل عديدة في إجراء الأبحاث لعديد من المبتعثين الذين يجهلون طريقة البحث العلمي ويستندون إلى أبحاث قديمة، وهذا يعود إلى الثقافة المكتسبة في بلدنا وهي عدم التعب في الحصول على المعلومة وأخذها جاهزة». وبيّنت أن الفروقات تحصل في الأنظمة بين المبتعث والمبتعثة من قبل وزارة التعليم العالي، مثل وجوب إيجاد محرم للطالبة المبتعثة الذي يشكل عائقاً كبيراً أمام الكثير من المبتعثات. وتؤكد الرميخاني التي رأست أول فريق للأندية الطلابية في أميركا عدم وجود فروقات في تقديم برامج «أجيال من أجل أجيال» بين المبتعث أو المبتعثة، موضحة أن الطالبة السعودية المبتعثة أفضل من الطالب المبتعث، وذلك لحرصها أكثر على الفائدة، والالتزام بالأنظمة والقوانين في الابتعاث.

التوسع

بدوره، يستعرض عبد الرحمن شاكر الحاصل على درجة الماجستير في الإدارة المالية من جامعة توليدو، الأهداف التي يطمح فريق «أجيال من أجل أجيال» إلى تحقيقها في التوسع في مناطق المملكة، للوصول إلى أكبر عدد من المستفيدين من برامج الابتعاث ونقل الخبرة اللازمة إليهم، إضافة إلى الاستفادة من التنوع الثقافي في السعودية للتواصل في بلد الابتعاث وبعد العودة من الدراسة. ويقول: «سنحرص على إقامة ورش العمل للمبتعثين لتعليمهم كيفية الحصول على الاحتياجات اللازمة عملياً، مثل فتح حساب مصرفي والتعاملات المالية، إضافة إلى شرح للحقوق والقوانين في أميركا». ويوضح أن أكثر المشاكل التي واجهها لدى المبتعثين هي قلّة المعرفة بالقوانين الأميركية، وعدم إدراك العقوبات التي قد يتعرض لها المبتعث عند ارتكاب مخالفات، مرجعاً السبب في ذلك إلى عدم قراءة القوانين قبل السفر، وعدم التخطيط من ناحية التجهيزات المالية والتعاملات المصرفية. ويبين  شاكر أن المهارات التي يقدمها فريق «أجيال من أجل أجيال» في الحقيبة التدريبية والتأهيلية هي: التخطيط الاستراتيجي للابتعاث، المسائل القانونية والمالية في بلد الابتعاث، طريقة الاستعداد للسفر بتجهيز السكن والمؤونة وغيرهما، الفرص المتاحة للطالب المبتعث وطرق الاستفادة منها، طريقة القبول في البرامج الطبية والبرامج الأخرى، وأخيراً محاضرة تثقيفية بعنوان «كيف تصبح فعالاً في المجتمع».

برنامج «يد الأمل» يخدم ذوي الإعاقات

من جهة أخرى، تشرح مديرة برنامج «يد الأمل» المختص بطلاب الابتعاث من ذوي الإعاقات أمل نمنقاني أن مبادرة الاهتمام بذوي الإعاقات جاءت نتيجة العديد من الأسئلة التي وردتها من المبتعثين الذين لديهم أحد أقاربهم من ذوي الإعاقة، مستفسرين عن الولايات المناسبة لهم والجامعات والمعاهد التي تقدم الخدمة الخاصة لهم، مبينة أن تلك الأسئلة كانت نواة لتأسيس المجموعة الساعية لتقديم الخدمات لذوي الإعاقة. وتضيف: «في «يد الأمل» نقدم خدمات خاصة لذوي الإعاقة أثناء المحاضرات التأهيلية للمبتعثين مثل الترجمة بلغة الإشارة لمن لديهم إعاقة سمعية أو كلامية، والمساندة والمساعدة لكل الإعاقات. كما يتم التواصل مع ذوي الإعاقة عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي منذ العام 2012». وطالبت نمنقاني بوجود قسم يعنى بالطلاب المعاقين في الملحقيات السعودية في بلد الابتعاث، وذلك لإخبارهم بحقوقهم في الحصول على المستحقات الممنوحة لذوي الإعاقة، وإيجاد نظام موحد لكل المعاقين يكفل لهم حل الكثير من المشكلات والمعوقات التي تواجههم، وتوعيتهم بحقوقهم التي يجهلونها.

CREDITS

تصوير : محمد يحيى