أجواء «إكزوتيكية» سفر مبتكر بين الغرف والأركان!

غرف المنزل,الوسائد,المنزل,الصالونات,غرفة النوم

نجاة شحادة (باريس) 05 أكتوبر 2014

رغم بساطة الفكرة، فإنها تشكل تحدياً جمالياً ووظيفياً موصوفاً، فهي من ناحية تمثل استحضاراً نفسياً لمعطيات تتوزعها مناطق وبلدان بعيدة، ومن ناحية أخرى تتطلب براعة في مزج الآفاق والتقاليد والمذاقات وربما أيضاً سلوكاً خاصاً. إن خلق أجواء داخلية غرائبية، مشحونة بنكهة السفر والترحال، مسألة ممكنة من خلال تحديد الخيارات الأولية، ومن ثم الاستعداد لبذل الجهد المطلوب من أجل الحصول على المواد اللازمة لتفعيل هذه الأجواء وصياغتها بأسلوب خاص، يشبه شخصيتك ويناسب مزاجك ويلبي رغباتك ونمط حياتك.

بالطبع، توفر الأسواق المختصة مشقة كبيرة على طالبي هذه الأجواء والراغبين في تحويل «داخلهم» الى مقاصد سفر بعيدة لا تشبه في شيء محيط حياتهم اليومية. غير أن عملية مثل هذه، ينبغي أن تكون محكمة الخيارات ومسبقة الإعداد والتصور. فالمحاذير التي ينبغي تجاوزها ليست بالقليلة، ذلك أن فقدان التصور العام قد يحول منزلك الى ما يشبه المستودع، وهذا ما ينبغي التنبه له من أجل تجنبه وعدم الوقوع في فخ المبالغة المجانية.

ولكي تتم هذه العملية بنجاح مؤكد، علينا في البداية تهيئة الأرض المناسبة، وذلك من خلال إعتماد بعض المواد الطبيعية والخام، ووضعها في الواجهة. فهي تعتبر الأساسات التي سيبنى عليها المشهد الزخرفي برمته.

بالطبع إختيار المواد الطبيعية والخام يشكل خطوة أولى في مجال خلق أجواء إكزوتيكية، غير أن هذه المواد تحتاج الى لمسات خاصة لكي تنضوي في المشهد الزخرفي المطلوب، لمسات تشمل الألوان والأكسسوارات والوضعيات التي تجعلها تتسق مع كل العناصر والمواد والقطع المستخدمة. فإستعمال خشب «التك» – مثلاً – سيكون ضرورة من أجل تكريس الجو المرغوب، غير أن إضافة عناصر وقطع بألوان «الوينغي» ستشكل دعامة مؤكدة لروحية طبيعية تخيم على الأجواء وتمنحها نفحة غرائبية ساحرة.

سيكون من الصعوبة بمكان تصوّر جو إكزوتيكي في مكان يزدحم بأثاث ريفي ثقيل أو بقطع حديثة ومعاصرة. إن البساطة وتجنب الوقوع في النمطية يستدعيان التوجه الى أرضيات من «البامبو» أو «السيزال»، وبمعنى آخر فإن الخيارات المستمدة من الألياف الطبيعية تبقي لنا فرصة النجاح في الحصول على الأجواء المطلوبة مضمونة في نتائجها وفي خصوصيتها. وعليه فإن تجنب تراكم العناصر الخشبية الخام ضرورة جمالية ووظيفية في الأجواء الإكزوتيكية، لأن الخشب الخام ما لم تعززه ألوان طبيعية سيمثل ثقلاً لا يحتمل، ويرخي على المكان أجواء بالغة الكآبة. لذا فإن إستخدام القطن والكتان و«الجوت» والقنب، وألوانها في مواقع مدروسة، يتيح للخشب الخام أن يتنفس ويؤكد حضوره باتزان وانسجام.  

 الأثاث، والمزهريات، وفرش الموائد والوسائد والأغطية والستائر، والأطباق والبياضات بشكل عام... تضيف الكثير إلى المشهد الزخرفي الغرائبي، وتساعد في رسم هويته. لذا فإن اختيار الألوان لهذه العناصر – قبل شرائها – يشكل خطوة أساسية لضمان فضاءات إكزوتيكية جذابة. إن ابتكار جو غريب، في حقيقة الأمر، يتوقف على نجاح عملية دمج ظلال الفلفل الأحمر الحار أو الزعفران. كما يشكل استخدام ظلال من اللون البرتقالي أو اليانسون مع لمسات من اللون البني، إرتقاء ملحوظاً للجو الغرائبي المطلوب، فهي تزاوج بشكل بديع الأبيض والخشب والنباتات. كما أن استخدام خلفيات صفراء أو ضاربة الى الأحمرار، سيكون خياراً مناسباً لتنسيقات غريبة ومبتكرة. على أنه في خضم هذه العملية ينبغي التنبه الى عدم إغراق المكان بألوان زاهية، تضفي على المساحة روحية «البوب»، فهذا أمر غير مرغوب وغير مطلوب.

إنه لا يمكن – مثلاً – تصميم جو إستوائي، من دون الإستعانة بالنباتات الإستوائية البديعة. غير أن إغراق المكان بالنباتات والأزهار الغريبة لا يضمن لنا توليد الجو المطلوب. فللنباتات هويات تمنحها للمكان وقد تشكل في لحظة ما تشابكاً وتناقضاً غير مستحبَّين. كما أن إختيار النباتات والأزهار الصناعية يشكل عقبة حقيقية في طريق خلق أجواء غريبة حقيقية. إن الخيارات المكملة للنباتات والأزهار الطبيعية الغريبة، أساسية لنشر الجو الغريب على مجمل أركان المنزل أو الشقة، فخيارات مدروسة لعناصر غرفة الحمام أو المطبخ أو غرفة النوم ستكون ضرورية من أجل امتداد الجو الغرائبي الى كل فضاءات المكان. وتتوافر في الأسواق الكثير من العناصر المساعدة في هذا المجال، مثل الموزاييك، والبورسلين، وصولاً الى البوسترات وورق الجدران. فخيارات هذه العناصر التي تجمل موتيفات مستوحاة من الطبيعة، مثل إوراق النباتات أو الأزهار أو الطيور والعصافير وغيرها تشكل داعمة حقيقة لجو إكزوتيكي باهر.

إن الحصول على جو غريب، يتيح السفر والترحال الى أماكن بعيدة، من دون أن تغادر المكان، مسألة تتوقف على ما يمكن أن نسميه «فن التفاصيل». تلك الخيارات الصغيرة والتي تندرج في خانة التفاصيل، تكاد تكون النواة الصلبة لعمل زخرفي ناجح وبارع.

إن المحلات المتخصصة في بيع الأثاث الغريب مثل الطاولات والمقاعد والكنبات  والكراسي وخزائن الكتب الخيزران، وخشب الساج أو غيرها، توفر الكثير من المشقة في البحث أو حمل هذه القطع من أماكن بعيدة أثناء الرحلات أو الإجازات. غير أنه ينبغي الحذر الشديد من الانجذاب التلقائي الى هذه العناصر، دون النظر الى الحاجات الفعلية والتي تتلاءم مع الجو المطلوب. ذلك أن مزج هذه القطع مع قطع الأثاث العائلي القديم يشكل صعوبة لا يستهان بها. لذا يفضل إجراء عملية فرز متأنية ومدروسة قبل مباشرة وضع التنسيقات النهائية. وقد يكون من الأفضل عزل هذه القطع العائلية الثمينة في غرف مختلفة، حيث يمكن ابتكار جو إكزوتيكي خاص حول كل قطعة منها.