«عروس الابن»... أمهات يبحثن عن إبرة في كومة قش

الأمهات,الزواج,السعودية,العروس

عزيزة نوفل (جدة ) 18 أكتوبر 2014

أمهات يعشقن السيطرة، يتسببن بعزوف أبنائهن عن الزواج، إضافة الى التسبب بألم نفسي لفتيات وقعن ضحياتهن. فإلى جانب الأخلاق والسمعة الطيبة والنسب والمظهر الحسن، تفرض بعض الأمهات المتطلبات شروطاً تعجزية على العروس المستقبلية. يزرن كل البيوت للتعرف الى الفتيات وفتح تحقيق معهن للاطلاع على كل التفاصيل. فتستمر رحلة البحث عن الأجمل والأفضل سنوات، من دون الوصول الى العروس المرجوة. في حين يصاب الشباب بحال من اليأس، لاسيما أن الفتيات أصبحن يرفضن الزواج بسبب هذا النوع من الأمهات. في ما يأتي، تحقيق عن هذه الظاهرة في السعودية وانعكاساتها السلبية:

ام خالد: الفتيات المحتشمات والطبيعيات أصبحن نادرات
أمضت أم خالد نحو عامين تدور في كل حي ولا تفوّت مناسبة بحثاً عن المواصفات المطلوبة. فابنها الكبير خالد وابنها الأصغر عبد الرحمن في سن الزواج. وهي تبحث عن فتاتين تناسبان تطلعاتها. خلال رحلتها، استنتجت أن الفتيات اللواتي تتوافر فيهن الأخلاق والالتزام الديني والحجاب، إضافة الى الاحتشام والتعليم العالي والمظهر الطبيعي، أصبحن نادرات جدا. فتقول: «سابقاً لم يكن يسمح للفتاة قبل الزواج، بالتبرّج أو وضع كحل العينين أو أحمر الشفاه ولبس الملابس القصيرة. اما الآن فالصغيرات تسمح لهن أمهاتهن بكل ذلك، متخليات عن الأصول والأعراف القديمة. ارى في ذلك خدش لبراءة الفتاة».

عهود مكي: بعض الأمهات يتلذذن بالوقاحة
تؤكد عهود مكي (25 عاماً) أن بعض أمهات العرسان وقحات. فوالدتها، التي تستقبل اتصالات أمهات العرسان، غالبا ما تقفل الخط غاضبة. تروي عهود أن إحدى المتصلات بوالدتها كانت تستفسر عن مواصفاتها الشكلية وتعليمها وعملها. وكانت الوالدة لبقة تجيب عن كل الاستفسارات، إلى أن شعرت بأن المكالمة أصبحت مجرد تحقيق فظ. وحين سألت عن الابن وسنه ومستواه التعليمي، تبيّن أنه لا يملك شهادة جامعية وعمله غير ثابت، مما أثار غضب أم عهود ودفعها لإقفال الخط.

تحقيق مع العروس تتناوب عليه أم العريس وأخواته
فوجئت والدة غدير حمدان (23 عاماً) بوصول سيدة طلبت موعداً للزيارة برفقة بناتها الخمس! وقد تناوبت الأخوات بالأسئلة. واحدة تسأل غدير عن شعرها إن كان أملساً أم مجعداً، وثانية تستفسر عن طموحها  المهني، وثالثة تسأل عن جسمها إن كان نحيفاً. حينها تمنت غدير أن تنتهي الزيارة بسرعة لئلا تتصرف معهن بفظاظة. بعد مضي أكثر من شهر، اتصلت هذه السيدة مرة أخرى تطلب موعدا ليأتي العريس ويرى غدير، فاعتذرت منها أم غدير وقالت إن ابنتها خُطبت.

والدته تمانع زواجه بسبب خلافها مع والدة العروس
يقول يامن شاهين (31 عاماً) إن سبب بقائه من دون زواج يرجع إلى والدته. فرغم أنه أنهى تعليمه ووجد وظيفة قبل خمس سنوات لاتزال أمه تعارض زواجه قبل أخيه الأكبر، إضافة الى أن الفتاة التي اختارها هي ابنة خاله وهي غير متعلمة كما أنها ووالدتها على خلاف مستمر. بعد المحاولات غير المجدية، قرر محمد العزوف عن الزواج إلى حين اقتناع والدته بالعروس التي يريدها.

أثاث البيت قبل العروس!
يشكو تامر عوض (28 عاماً) من أن والدته تهتم للمظاهر فبعد كل زيارة تبدأ بالحديث عن أثاث المنزل غير الفاخر. حتى حين تزور عائلات من الطبقات الراقية تجد عيباً: فمرة تقول إن ملابس أم العروس غير أنيقة، ومرة تقول إن فناجين الشاي لم تكن لائقة، مما يدل على افتقارهم الى الذوق والإتيكيت.

تقليل ثقتها بنفسها
أما بالنسبة الى بسمة اسماعيل (28 عاماً) فأمهات العرسان المتطلبات يثرن غضبها. فبعد تجارب عدة قررت بسمة ألا تتزوج بالطريقة التقليدية. إذ تأتي أم العريس وتعاينها وأحيانا تتكرر الزيارة لتستشير أختها أو ابنتها. ومن ثم تختفي، وهذا ما يولد لديها أحساساً بعدم الثقة وبما تتمتع به من مقومات جمالية وعلمية.

جواز السفر الأجنبي شرط جديد!
بات امتلاك العروس جواز سفر أجنبي واحداً من المعايير الأساسية بالنسبة الى الأمهات المتطلبات. أم همام على سبيل المثال تتلقى اتصالات لا تحصى من أمهات يسألن عن ابنتها التي لم تتجاوز 17 عاماً، لأنها تحمل الجواز البريطاني. لكنها تعتذر دوما لصغر سن ابنتها ورغبتها في أن تكمل تعليمها الجامعي.

أم محمد: على العروس وعائلتها أن يتمتعوا بتعليم جامعي
بعد خطوبة فاشلة أصرّت ام أحمد (51 عاما) على انتقاء عروس تتمتع بمواصفات عالية. فخطيبة ابنها السابقة كانت بحسب قولها تفتقر هي وعائلتها الى الثقافة وفن التعامل. فأحداً منهم لم يكن يحمل شهادة جامعية، لذا قررت وابنها فسخ الخطوبة والبحث عن عروس تمتلك ووالديها شهادات جامعية وذلك لتنشئة احفاد وفق تربية رفيعة المستوى.

كثيرات ينسين أن لديهن بنات
تروي الخطابة أم فيصل التي تزاول هذا النشاط منذ ثماني سنوات أن فئة الأمهات المترددات يسببن لها القلق. فعادة تعطي أرقام أمهات الفتيات اللواتي تتفق مواصفاتهن مع مواصفات الشاب المتقدم للخطبة. في المقابل، تصرّ بعض الأمهات على أخذ أرقام هواتف أمهات العروسات بغض النظر عما إذا كن مناسبات أم لا. وتتناسى هذه الفئة المتطلبة أن هناك فتيات لهن مشاعر وانهن لديهن فتيات.

فئة الأمهات المتطلبات اصبحت منقرضة
في المقابل، تنفي استشارية الطب النفسي وعلاج الإدمان، رئيسة القسم النسائي في مستشفى الأمل الدكتورة فاطمة كعكي وجود فئة الأمهات المتطلبات معتبرة أنها باتت منقرضة. إنما ترى أن للأمهات في بعض الأحيان حق في فرض مواصفات معينة على زوجة الابن المستقبلية، كانسجام العادات والتقاليد وتساوي الوضع الاجتماعي والثقافي والديني للعائلتين، لأن هذا امر أساسي لزواج ناجح. وتقول إن «ما يحصل حالياً هو فرض الشاب والفتاة الشريك المستقبلي على الأم حتى وإن كان هذا الآخر غريب عن تقاليد العائلة ومستواها الاجتماعي. وهذا يحصل بسبب الانفتاح ووسائل التواصل الاجتماعي. إنما هذا الامر يقلل نسبة فشل الزواج باعتبار أن الشاب والفتاة قد اختارا أحدهما الآخر، إضافة إلى أن الأم لا تتحمل أي مسؤولية في حال حصول الطلاق».

هؤلاء الأمهات يهمشن المقومات الجوهرية لزواج ناجح
تشدد المشرفة الاجتماعية في مستشفى الأمل، الكاتبة سوزان مشهدي على أن المجتمع مشكلته في تعامله مع منطق الزواج وفق طرق تخطاها الزمن، إذ انه لا يزال يعتبر العروس بضاعة أو منتج من حق أم العريس وأخواته إخضاعها للتحقيق. كما تستغرب أن بعض الشبان يضعون كل ثقتهم بأمهاتهم وأخواتهم، من دون أي اعتبار لتفضيلاتهم الشخصية. فالأم هي من تحدد المواصفات الخارجية كالقامة ولون البشرة، إضافة الى معايير أخرى كالمهنة والتعليم. للأسف كل تلك المواصفات لا تكفل زواجاً ناجحاً. إذ أن هؤلاء الأمهات يهمشن أهمية الحكمة والنضج والثقافة. يبحثن عن التدين الظاهري كالتزام الحجاب وحفظ القرآن، ويغضنّ الطرف عن التدين الحقيقي المتمثل بحسن الخلق والأمانة.

دوافع نفسية مجهولة تتحكم بتردد تلك الأمهات
بدوره، يقول استشاري الطب النفسي والإدمان الدكتور علي جابر السلامة، إن هذا النوع من الأمهات يعانين مشكلات نفسية قد يكون سببها خوضهن تجربة مماثلة. كما قد تكون ناتجة عن تزويجهن ابناً أو اخاً ليتبين انه زواج فاشل. لذا تكثر لدى هذه الفئة من الأمهات الطلبات غير المبررة. هذا يؤدي إلى امتناع الشاب عن الزواج أو تأخره في العثور على الزوجة المستقبلية، لذلك يجب أن يتمتع بشخصية قوية ويطلب من والدته التخلي عن بعض الشروط ليتسنى له الاختيار بحرية.