إليف شافاق وقواعد العشق الصوفي

إليف شافاق,كاتبة,روايات

01 أغسطس 2013

«قواعد العشق الأربعون» هي الرواية التي حقّقت فيها إليف شافاق ذروتها الأدبية، فبعد ترجمتها إلى الكثير من لغات العالم، صدرت أخيراً باللغة العربية عن دار «طوى»- ترجمة خالد الجبيلي. تقوم الرواية على تقنية تعدّد الأصوات، بحيث يتناوب فيها الرواة على تقديم تفاصيل علاقتين متقابلتين. الأولى حدثت عام 2008، بينما تعود الثانية إلى العام 1244.
هذه الحركة عبر الزمن ذهاباً وإياباً، من القرن  الحادي والعشرين إلى القرن الثالث عشر، هي واحدة من نقاط القوّة في كتابة هذه الرواية.
نجحت الكاتبة التركية العالمية في استخدام الزمن مثل «حيلة» تدمج من خلالها عالمين مختلفين بأفكارهما وشخوصهما وحواراتهما، من غير أن تُشعر قارئها بثقلٍ أو ضياع.

تُعتبر  المرحلة الشرقية الصوفية القديمة هي المحطّة الأهم في الكتاب، وفيها أفرغت شافاق كلّ معارفها وثقافتها وإبداعها.
بطلا المرحلة الأولى (الحديثة) هما إيلا روبنشتاين وعزيز زاهارا.  تنطلق أحداث الرواية مع إيلاّ في مدينة نورثامبتون الأميركية في أيار (مايو) 2008.
وهي امرأة في الأربعين من العمر، تعيش أزمة منتصف العمر وتشعر بملل كبير. ومع أنّها تملك كلّ مقومات الحياة السعيدة من زوج وأبناء ومال، تعاني غربة حقيقية في داخلها.
وبعد أن يجد لها زوجها الطبيب عملاً كمحرّرة أدبية في دار للنشر، تشرع إيلاّ في قراءة أوّل رواية وهي عبارة عن مخطوطة كان قد أرسلها كاتبها عزيز زاهارا إلى الدار.

هكذا تبدأ علاقتها بعزيز الذي علّقها به من خلال روايته التي تحكي قصة لقاء مستحيلة بين شاعر كبير هو جلال الدين الرومي وصوفي شبه متشرّد هو شمس الدين التبريزي.
وفصلاً بعد فصل، يكتشف القارئ أنّ كليهما (إيلاّ وعزيز) يُجسدان انعكاسا لصداقة الشخصيتين الصوفيتين المعروفتين الرومي والتبريزي.
وبعدما تحولّت علاقة إيلاّ بعزيز من صداقة إلى حبّ، تُقرّر المرأة الأميركية أن تذهب إلى حبيبها الشرقي في الطرف الآخر من العالم، لتُكمّل النقص الموجود في حياتها، تماماً كما فعل شمس من أجل لقائه بالرومي. تلحق قلبها كالدرويش الذي لحق إلهامه، فيغدو لقاؤهما هو الحجر الذي يحرّك مياه حياتها الراكدة.
لكنّ لقاءها لن يستمر طويلاً لأنّ الكاتب الصوفي الشاب عزيز يموت بسبب مرض أصابه، فيرحل عن دنيا إيلاّ ليترك لها أفكاره وفلسفته وقواعده التي هي ليست إلاّ قواعد العشق الصوفي نفسه.
ومنها: «مع أنّ الأجزاء تتغيّر، فإنّ الكلّ يظلّ ذاته، لأنّه عندما يغادر لصّ هذا العالم، يولد لصّ جديد، وعندما يموت شخص شريف، يحلّ مكانه شخص شريف آخر.
وبهذه الطريقة لا يبقى شيء من دون تغيير، بل لا يتغيّر شيء أبداً أيضاً». (ص492).