قيل وقال

في مصر: شباب تمردوا على القمامة وحوّلوها إلى ديكورات

مخلفاتك المنزلية,استفادة,تدوير المخلفات,إعادة تصنيع,ارباح مادية,الفن والديكور

فادية عبود (القاهرة) 15 أغسطس 2015

هل فكرت ذات يوم في الاستفادة من مخلفاتك المنزلية؟ بيعها؟ إعادة تصنيعها؟ تزيين المنزل بها؟ إنها الفكرة التي تميّز بها شباب مصريون أعادوا تدوير المخلفات وحققوا ارباحاً مادية من خلالها. «لها» تستعرض أفكار خمسة شباب في إعادة تدوير المخلفات لخدمة الفن والديكور.

«جزازي»
مصطفى عبد الماجد وزوجته أسماء فاروق يعشقان كل الزجاج القديم ويعيدان تدويره من جديد، ليصنعا منه وحدات إضاءة فنية تصلح للديكور الداخلي والخارجي، وأطلقا على حلمهما اسم «جزازي».
الهدف الذي يسعى إليه مصطفى جاهداً، هو بناء أول مدينة من مخلفات القمامة في مصر، ويقول: «الدول الأوروبية والآسيوية تعرف قيمة القمامة ويستفيدون من إعادة تدويرها في زيادة الدخل القومي، وهذا ما أحاول الوصول إليه، من طريق بناء أول مدينة من المخلفات، خاصةً أنني أحاول تحقيق حلمي من طريق نشر الفكرة، وأجد يوماً بعد يوم صدى كبيراً من جانب الشباب دعماً لإعادة تدوير المخلفات، فالكثيرون اقتنعوا بفكرة فصل المخلفات ويقدّمون إليَّ الزجاج القديم من أجل تدويره ويشترون مني وحدات إضاءة زجاجية بعد إعادة تدويرها».
يُدرك مصطفى بأن مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة، وأن لا بد من السعي حتى يصل إلى هدفه الكامل، ويقول: «لأن هدفي الأصلي من المشروع هو استغلال المخلفات، ولأن الأمر لا يلقى الرواج الكامل في القاهرة، أقوم بعمليات نشر الوعي والتثقيف على موقعي التواصل الاجتماعي، «فيسبوك» و «تويتر»، كما أنشئ العديد من الحفلات الترفيهية حتى أجذب عدداً من الشباب وأقدم محاضرات مجانية عن أهمية استغلال المخلفات وإعادة تدويرها... بدأت أخرج من رحم القاهرة إلى المدن الساحلية، فالسياح الأجانب يقدّرون بشدة إعادة تدوير المخلفات، وأصحاب القرى السياحية على وعي بذلك، فأخذت أشيّد على الشواطئ مباني وأسواراً من الزجاج، ولي أعمال تجذب السياح في مرسى علم وشرم الشيخ ونويبع ودهب، في محاولة مني لنشر الوعي وتحقيق حلمي في بناء أول مدينة من مخلفات القمامة».
أما أسماء فاروق زوجة مصطفى فهي على قناعة تامة بأن وراء كل رجل عظيم امرأة، لذا تسانده بكل ما أوتيت من قوة، وتقول: «أنا موظفة وهذا لا يتطلب إرهاقاً أو قضاء اليوم كله في العمل، حيث إن دوامي صباحي وعملي غير مرهق، لذا وفور عودتي من العمل أساعد مصطفى في مشروعه، لأنني متمسّكة بالفكرة جداً، حلمي أن نبني معاً أول مدينة من المخلفات بعد إعادة تدويرها، لندخل إلى مصر نوعاً جديداً من المعمار أو البناء نكون نحن رواده».
وتتابع: «نعمل على تحقيق الحلم منذ ست سنوات، لم نمل ولم نكل، نخصص محاضرات أسبوعية للتوعية بأهمية تدوير المخلفات وتجارب الدول الأخرى، ونجذب الشباب والأسر من طريق أنشطة ترفيهية مجانية، فنحن مؤمنان بأن السعي يفتح باب النجاح».

شراكة أختين
إعادة استخدام «الكراكيب» أو مخلفات المنزل، وتصنيعها كديكور جديد فكرة جذبت أسماء وشيماء إسماعيل. فمن المكواة التالفة تصنع الأختان وحدة إضاءة أو حوضاً للزرع، حتى شماعة الملابس تعيدان تصنيعها واستخدامها كديكور. أما الملابس البالية فتستغلان «الخرز» الموجود فيها لتصنعا منه الأساور أو الأقراط، وكذلك الأحذية القديمة تعيدان استخدامها بالرسم عليها، حتى مطاط السيارات البالي تعيدان تدويره كديكور وتستخدمانه طاولة... كلها أفكار للمحافظة على البيئة من طريق الحد من كمية المخلفات المهملة.
تقول أسماء: «لم أدرس الفن لكنني مهتمة به، وفكرة إعادة تدوير المخلفات بأسلوب فني راودت أختي شيماء، ونظراً إلى ضيق وقتها بسبب امتهانها المحاماة، قررت مشاركتها في مشروعها على سبيل الدعم والمساندة».
وتضيف: «أختي حصلت على دورات تدريبية في إعادة تدوير المخلفات، وكانت تعلمني في المنزل بعد عودتها، وكنت أساعدها قدر استطاعتي، ونظراً إلى حب شيماء الشديد وتعلقها بالمشروع ورغبتها في تطويره، أخبرتها بأنني سأدعمها وأساندها بتخصيص وقت كافٍ لها، خاصةً أنني ما زلت أدرس في الجامعة ولديَّ وقت فراغ كبير، فقررت أن نكون شريكتين». وتتابع: «قناعتنا الشخصية بأن العمل معاً يدعم علاقتنا كشقيقتين، ولا يمكن أن يهددها إطلاقاً، فنحن نشترك في حس فني بالجمال، نصنع من مخلفات المنزل وحدات إضاءة وتحف ديكور جديدة». وتكمل: «كلتانا تساند الأخرى، فنلتزم بمواقيت العمل التي نحددها، كما بدأنا عقد دورات تدريبية لنشر فكرة إعادة تدوير المخلفات كديكور.

مخلفات الأشجار
أما سارة حسين «ربة منزل» فترى الجمال في الأشجار، وتحزن عند تقليمها أو قطعها، ومن هنا جاءتها فكرة إعادة تدويرها واستخدامها كديكور.
وتقول: «من أبرز مصادر التلوث الموجود في القاهرة هو حرق المخلفات، وهذا يظهر جلياً في سمائها في موسم جمع الرز وحرق قشه، حيث يتشكل ما يطلق عليه الخبراء «السحابة السوداء»، ولأنني أرى الجمال في كل شيء أخضر، كنت أحزن كثيراً عندما أجدهم يقلمون الأشجار في الشوارع أو يقطعون الأشجار العملاقة، وكنت على قناعة دائمة بأنه يجب علينا استخدام ذلك الجمال، ومن الخطأ أن نحرقه أو نلقيه في القمامة، ومن هنا فكرت في إعادة استخدام جذع الشجر من جديد».
وتتابع: «كل أعمالي من الصواني أو المرايا أو الشماعات ديكورات صديقة للبيئة ومن ابتكاري، فقررت أن أنمّي هوايتي وأجعلها مشروعاً يحقق لي دخلاً، وبالفعل أسوِّق ما أفعله من طريق متجر إلكتروني أنشأته على موقعي التواصل الاجتماعي «فيسبوك» و «إنستغرام»، ويرضيني أن هناك إقبالاً كبيراً على الفكرة، وعملائي يقدّرون هذا الفن».