شاعرة وروائية لبنانية نسرين بلوط: علاقتي بمكتبتي حكاية صمت ودهشة

نسرين بلوط,شاعرة,روائية,مكتبتي

مكتبتي - «لها» 03 أكتوبر 2015

عندما يقع الإنسان في عشق الورق، تُصبح العلاقة بينهما ملتبسة ولا يُمكن أحداً أن يفكّ لغزها إلاّ الإنسان العاشق نفسه الذي يرى في مكتبته ثروته الحقيقية. ولأنّ المكتبة هي الركن الذي يُخبّئ فيه القارئ النهم ثرواته الورقية الثمينة، قمنا بزيارة استكشافية لمكتبة إحدى عاشاّقات الكتب الخاصّة وجئنا بالاعترافات الآتية:


علاقتي بمكتبتي
هي علاقة صامتة، أي أن لغة الصمت تحدّها كصخرة صلبة من التفاهم الشامل لا تزعزعها مشاغل الحياة ولا تسلبها أهميتها تلك الهزائم والخيبات التي قد يتعرض لها القلب والوجدان. هي علاقة تدغدغ العين والفكر بصمت تتبعه دهشة.

أزور مكتبتي
كل مساء عندما تخلد الحواس الى السكينة وتسعى الى أن تفك طلاسم الكون وتلقي همومها في حضن دافئ يرسم حدود الفكر ثم يطلق عنانه في آفاق لا مرئية ولا حدّ لها كسماء تغمرها ليلة قمرية سابحة في فلك نائية.

أنواع الكتب المفضلّة لديّ
أحب الروايات الكلاسيكية والحديثة التي تعكس بيئتها وتتعداها أحياناً الى زمن آخر، سواء كانت روايات عربية أو أجنبية ودواوين شعر من العصر الجاهلي الى عصرنا هذا والتي تبيّن مراحل اللغة العربية وتطورها والحداثة التي طرأت عليها.

كتاب أُعيد قراءته
كتاب «الأرواح المتمردة» للأديب جبران خليل جبران الذي أُطلق عليه لقب «معلم الانسانية»، فهو يفضل لغة أحاسيس الانسان وتمرده على الظلم وسموه نحو الأفضل والأنقى على رغم كل ما يحيق بالمجتمع من جهل وعادات بالية ويجب ان تركن الى الزوال.

كتاب لا أعيره
رواية «أولاد حارتنا» للأديب نجيب محفوظ الذي حفر في الشارع المصري بصمته بتفصيله وتحليله وغربلته للنفوس مهما بلغت ذروة مكانتها في المجتمع، ولعنصر التشويق الذي يسود الرواية ويشد عنق أبطالها الى أسفل أو الى أعلى وفق تغيّر الحدث.

كاتب قرأت له أكثر من غيره
يوسف ادريس، أحب أسلوبه في كيفية عكس ظلال المجتمع على مرآة الأرواح التي تسعى الى الانعتاق من ذل المجتمع واضمحلال العقول بين قيوده الدامية.

آخر كتاب ضممته إلى مكتبتي
كتاب «نفي الغياب في رحلة الإياب» للشاعر والكاتب عمر شبلي عن قصيدة «يوم الأحد الواقع فيه صمتي» للشاعر محمد علي شمس الدين. حيث لكل عبارة معنى صوفي فلسفي يماثل أحداثاً أو فلاسفة عبروا في التاريخ وتساءلوا عن ماهية الأشياء والمثاليات والطبيعة.

كتاب أنصح بقراءته
«قصة مدينتين» للكاتب تشارلز ديكنز فهو يعالج الثورة من صميم أتونها ويتطرق الى مآثرها ومساوئها حتى تنطبق على كل عصر وأوان. وعلى رغم محنة العمال الكادحين تحت سوط القمع السادي الذي يقبع بين أنامل السادة الأغنياء، نرى أنّ انقلابهم على الظلم قادهم نحو ظلم أكثر فداحة وظلمة حتى باتت الدماء قوتهم اليومي ليفجّروا أحقادهم التي تراكمت على مرّ السنين.

كتاب لا أنساه أبداً
«الحرام» ليوسف ادريس، أراه كتاباً مُركّزاً بمزيج التهتك السائد في المجتمع العربي والتملق اللامحدود والظلم الواقع على الطبقة الكادحة البسيطة. «الحرام» هي رواية المجتمع المخملي الذي يضج زيفاً وخداعاً ولا يجد له حسيباً ورقيباً بعكس المجتمع الفقير الذي تنضح هفواته بالدماء والضعف وحساب الآخرين.

بين المكتبة والإنترنت أختار
المكتبة لأن حميمية خاصة تجمعني بها، فبين سطور الكتاب هناك إقلاع وإبحار وسفر ينقلنا الى مدن أخرى وعوالم بعيدة لا تقع عليها أعيننا، بل تبصرها مخيلتنا وتبث فينا رائحة الورق وعطر الماضي وعبق تاريخه وصدأ قوارير الذكريات... كل هذا يبثه فينا كتاب نضعه بين أيدينا أمانة لنا وللأجيال التي تلينا حتى تظل أواصر العلاقة ثابتة عالقة بيننا وبين الكاتب وأبطال روايته أو أحداث كتابه.