عندما تقود الرؤى والأحلام إلى القتل والسرقة!

قتل, جريمة, سرقة, د. نصر فريد واصل, د. أحمد عمر هاشم, د. عبلة الكحلاوي, د. مبروك عطية, د. عفاف النجار

22 أبريل 2013

جدل فقهي أثارته ثلاثة حوادث في مصر والسعودية، تصرف أبطالها بناءً على «رؤى وأحلام» وصل الأمر فيها إلى القتل والاتهام بالسرقة. ووقف القانون إزاء ذلك مندهشاً، لكن الشرع له أحكام أخرى، فقد أجاب علماء الإسلام على تساؤلات عديدة منها: ما موقف الشرع مما يراه الإنسان في منامه؟ وكيف يتصرف صاحب الرؤيا أو الحلم إذا كان الأمر يمس مشكلة يتعرض لها؟ وما هي الضوابط الشرعية في التعامل مع الرؤى والأحلام؟ وهل تعد الأحلام أو الرؤى وسيلة إدانة أو إثبات حق؟ وما الفرق بين رؤى الأنبياء ورؤى عامة الناس؟ وما هي الرؤى والأحلام التي يعتد بها وما المرفوض منها شرعاً؟ وهل يجب معاقبة من يتصرف بناءً على رؤى أو أحلام إذا أضر بالآخرين مادياً أو معنوياً؟


انفجرت المسألة عندما نشر خبر عن أغرب قضية ثأر شهدها صعيد مصر، حين أقدم الابن على أخذ ثأر والده الذي قُتل في ظروف غامضة، ولم تفلح محاولات الشرطة في الوصول إلى الجاني، وتم قيد الجريمة ضد مجهول. ومرت سنوات قبل أن يسيل الدم من جديد مع رؤية الابن في منامه أحد أبناء القرية يقتل والده في حقول الذرة ليستولي على ما معه من مال، ثم يخفي الجثة التي عُثر عليها متعفنة، فما كان منه إلا أنه نهض من فراشه متجهاً إلى بيت «القاتل» الذي رآه في منامه وقتله، ثم سلم نفسه للشرطة واعترف بتفاصيل جريمته التي تمت بناء على رؤيا. وقد تعجب القضاء من هذا التصرف العدواني بناءً على رؤيا منامية لا يعترف بها القانون أصلاً.  
وفي قضية أخرى، أقامت سيدة مصرية دعوى على زوجة شقيقها بتهمة سرقة مصوغاتها قبل سنوات، ولم تتوصل إلى هذه النتيجة إلا بناءً عن حلم استشفّت منه أن السارقة هي زوجة أخيها. وما زالت القضية في بداية طريقها إلى القضاء، ولا يعرف أحد ماذا سيكون حكم القاضي، خاصة أنه ليس في القانون نص يعترف بما يراه الإنسان في منامه، وما يتخذه من تصرفات بناءً على ذلك، خاصة أن الأمر تطور إلى مشاجرات بين الأسرتين وقطيعة بينهما بناءً على هذا التصرف المبني على رؤيا منامية، فقد هددت المتهمة وأهلها بالانتقام من الشاكية حتى لو وصل الأمر إلى قتلها.

وفي المملكة العربية السعودية حصلت أخيراًً قضية مماثلة، بحلم سيدة في مدينة جدة بالمسؤولية عن وفاة رضيعها قبل 40 سنة، واعترفت بذلك ووقف القانون حائراً بناءً على هذا الاعتراف الذي له جذور قديمة إلا أنه تم الآن بناء على رؤيا منامية لم يرد فيها نص قانوني.
وأرجعت السيدة اعترافها إلى حلم رأته أثناء نومها، وأفادت في بلاغ لها أنها تزوجت في سن ١٣ عاماً وأنجبت طفلاً، وفي الأسابيع الأولى ونتيجة جهلها بأمور الرضاعة وتربية حديثي الولادة غطّت الرضيع ببطانية حتى تسببت بخنقه ووفاته. وأشارت إلى أنها رأت أخيراً رؤيا غريبة في المنام، واتصلت بعدة مشايخ فنصحوها بضرورة إبلاغ الجهات المعنية والتكفير عما أقدمت عليه، وهو ما جعلها تتوجه إلى مركز للشرطة وتطلب معاقبتها على فعلتها القديمة.


أنواع المنامات

في البداية، يوضح الدكتور أحمد عمر هاشم، الرئيس الأسبق لجامعة الأزهر وعضو هيئة كبار العلماء، أن ما يراه النائم في منامه «ثلاثة أنواع لكل منها حكم شرعي، أولها ما يطلق عليها «الرؤى»، وهي في الأصل تُطلق على ما يراه الإنسان في نومه وتكون حقّاً من عند الله تعالى بما تحمله من بشارة أو نذارة، وهي جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوّة، وثانيها منامات مبعثها وساوس الشيطان وعبثه ببني آدم ويعبَّر عنها بـ«الأحلام»، وثالثها تفاعل النفس تجاه الواقع الذي تعيشه والمواقف التي تمرّ بها، فتستخرج مخزون ما تراه أو تعايشه في نومها، وذلك ما يسمّى «أضغاث الأحلام وأحاديث النفس»، ولا تعبير لها من حيث تفسير الرؤى والأحلام».

وعن الأدلة الشرعية على هذا التقسيم قال الدكتور هاشم: «بالنسبة إلى النوع الأول، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك: «الرؤيا الصادقة من الله»، وقوله كذلك «رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة». أما بالنسبة إلى النوع الثاني وهو الأحلام، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم «الحلم من الشيطان»، وقال كذلك: «الرؤيا ثلاث، منها أهاويل من الشيطان ليحزن بها ابن آدم». أما النوع الثالث فقد قال عنه صلى الله عليه وسلم: «.... ومنها ما يهم به الرجل في يقظته فيراه في منامه»». وأنهى هاشم كلامه مؤكداً أنه «يجب الذهاب إلى مفسر رؤى يتقي الله ويجيد تأويلها، مثلما كان يفعل نبي الله يوسف عليه السلام، لكن لا يجوز تحويلها إلى واقع يترتب عليه سلوك يضر بالآخرين، من اتهام بالقتل أو السرقة. ولهذا نصحنا رسول الله صلى الله عليه وسلم تجاه الرؤى المبشرة أو المنذرة بقوله: «إذا رأى أحدكم رؤيا فلا يحدث بها إلا ناصحاً أو عالماً». أما الأحلام فليستعذ بالله من شرها ولا يحدث بها أحداً، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا لعب الشيطان بأحدكم في منامه فلا يحدثنّ به الناس»، والتصرف نفسه في حالة أضغاث الأحلام أو حديث النفس». 


عالم الشهادة هو الأصل

أما الدكتور نصر فريد واصل، مفتي مصر الأسبق، فيشير إلى أنه «ينبغي عدم التعلق بالرؤى أو الأحلام والمسارعة إلى تصديقها واستظهار الغيب بها، ومن يقرأ التاريخ سيجد أن الكثير من الفتن التي حصلت وما صاحبها من إراقة للدماء بسبب رؤى وأحلام، بل أوهام أسيء تفسيرها. ولهذا ينبغي أن تبقى تلك المنامات في إطارها الشرعي المحدّد، إما مبشرات أو منذرات أو أضغاث أحلام لا حقيقة لها، وبالتالي لا يجوز شرعاً اتهام شخص بالسرقة أو القتل أو المطالبة بديون أو الرمي بالخطيئة أو غيرها من التهم بناءً على ما يراه النائم، لأن تلك الأمور لا يؤخذ بالشبهات فيها، فما بالنا بمنام، بل لابد من اليقين والبينة. ولعل من أهم الحجج والأدلة والبراهين ما يسمى «الشهادة»، أي الرؤية بالعين بلا نقصان أو شك، حتى يكون الدليل معترفاً به شرعاً، ولعل هذا ما نجده واضحاً في آية « الدَّيْن» وهي أطول آية بالقرآن، فقال تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلاَ يَأْبَ كَاتِبٌ أن يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللّهَ رَبَّهُ وَلاَ يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً فَإن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أو ضَعِيفاً أو لاَ يَسْتَطِيعُ أن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء أن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى وَلاَ يَأْبَ الشُّهَدَاء إِذَا مَا دُعُواْ وَلاَ تَسْأَمُوْاْ أن تَكْتُبُوْهُ صَغِيراً أو كَبِيراً إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِندَ اللّهِ وَأَقْومُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلاَّ تَرْتَابُواْ إِلاَّ أن تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلاَّ تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوْاْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلاَ يُضَآرَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ وَإِن تَفْعَلُواْ فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ» آية 282 سورة البقرة».

وحذر واصل من المساس بالدماء أو الأعراض بناءً على رؤى أو أحلام، «بل لا بد من البينة والتثبت التام بلا أدنى شك، وأن يكون محل تنفيذ الأحكام والتحقق من تفاصيل الأحداث هو ولي الأمر أو الحاكم أو القاضي، وليس عوام الناس أو من رأوا أحلاماً أو رؤى وإلا عمت الفوضى، ولعل هذا ما نجده واضحاً في قوله تعالى: «وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً» آية 4 سورة النور»‏.
وأنهى مفتي مصر الأسبق كلامه بالتأكيد أن «علم الشهادة» هو الأساس في التحاكم بين البشر، وليس عالم الرؤى والأحلام، محافظة على حقوق العباد والبعد عن الاختلاقات، لهذا قال تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أو الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إن يَكُنْ غَنِيًّا أو فَقَيرًا فَاللّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أن تَعْدِلُواْ» آية 135 سورة النساء. وقوله: «وَلاَ تَكْتُمُواْ الشَّهَادَةَ» آية 283 سورة البقرة‏.‏ وقوله‏» ‏‏وَلاَ يَأْبَ الشُّهَدَاء إِذَا مَا دُعُواْ» آية 282 سورة البقرة‏. وقوله: «وَالَّذِينَ هُم بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ» آية 33 سورة المعارج. فهذه الآيات وغيرها الكثير تؤكد أهمية أن تكون الأحكام قائمة على عالم الشهادة وما يراه الناس ويشهدون به بالعدل خوفاً من اللّه فيحصل التثبت.


نقطة التحول

تروي الدكتورة عبلة الكحلاوي، العميدة السابقة لكلية الدراسات الإسلامية في جامعة الأزهر، أن التحول الأساسي حدث في حياة والدها الفنان محمد الكحلاوي عندما رأى الرسول صلى الله عليه وسلم في منامه، فتحول إلى المدائح النبوية والمسارعة في عمل الخيرات والزهد في الدنيا عن طريق التصوف الصحيح البعيد عن البدع والخرافات، وسجل تلك الرؤيا العظيمة للرسول صلى الله عليه وسلم في منامه في أغنيته الشهيرة « حب الرسول يابا دوبني دوب ...»، وبالتالي لا مانع من تطبيق ما في الرؤيا إذا كان فيها خير للإنسان.
وطالبت الكحلاوي «كل من رأى رؤيا أو أحلام بالتأني عن المسارعة إلى تأويلها وعرضها على عامة الناس، لأنها قد تكون سبباً في هلاكه أو وقوع الضرر به، وعليه ألا يسأل إلا من يثق بعلمه ودينه. ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الرؤيا تقع على ما تعبر ومثل ذلك مثل رجل رفع رجله فهو ينتظر متى يضعها، فإذا رأى أحدكم رؤيا فلا يحدث بها إلا ناصحاً أو عالماً»».
وحذرت من اختلاق رؤى أو أحلام لبث أخبار كاذبة، سواء بالخير أو الشر، لأنه من الأمور التي جاء التنبيه عليها حرمة ما يقوم به بعض ضعاف النفوس من الاختلاق لبعض الرؤى والأحلام رغبةً في الإثارة أو التشويق، وقد جاء الوعيد الشديد على ذلك في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن من أفرى الفرى أن يُري عينيه في المنام ما لم تر».


سبل التعامل

عن سبل التعامل مع ما يراه الإنسان في منامه، وخاصة ما يتعلق بالحدود الشرعية مثل السرقة والقتل، يقول الدكتور مبروك عطية، الأستاذ في جامعة الأزهر: «يتعامل الإسلام بواقعية مع ما يراه النائم، فلا ينكره تماماً ولا يتخذ منه حجة شرعية لتنفيذ أحكام أو تصرفات تتعلق بالآخرين، فأوضح النبي صلى الله عليه وسلم أنه على من رأى الرؤيا الصالحة أن يستبشر بها، فليحمد الله ولا يتحدّث بها إلا لمحب أو عالم أو ناصح، فقد قال صلى الله عليه وسلم: «الرؤيا الحسنة من الله فإذا رأى أحدكم ما يحب فلا يحدث به إلا من يحب» وقال صلى الله عليه وسلم أيضاً: «لم يبق من النبوة إلا المبشرات، الرؤيا الصالحة»».

وأضاف عطية: «أما إن كان ما رآه عبارة عن أحلام مزعجة وتلاعبات شيطانية، فأرشد النبي صلى الله عليه وسلم صاحبها بأحد أربعة أمور، هي أن يتعوّذ بالله من شرّ الشيطان وشرّ ما رآه، وأن يبصق عن يساره ثلاثاً، وأن يتحوّل من شقّه الذي ينام عليه إلى الشق الآخر، وألا يخبر بها أحداً لقوله صلى الله عليه وسلم: «... وإن رأى ما يكره فليتفل عن يساره ثلاثاً وليتعوّذ بالله من شر الشيطان وشرها ولا يحدث بها أحداً فإنها لن تضره»، وزاد في رواية أخرى: «وليتحول عن جنبه الذي كان عليه».

وعن جواز التصرف تجاه الآخرين بناءً على رؤى أو أحلام، قال الدكتور مبروك: «يجوز شرعاً التصرف بالخير بناءً على «الرؤى» لأنها من الله، وغالباً ما يراه الإنسان عندما يكون نائماً على وضوء وطاعة، كالصلاة ووقت الفجر، حيث إن كثيرين يرونها عندما يستيقظون منها يسمعون أذان الفجر، لكن لا يجب اتخاذ تصرف بإيذاء من رآه الإنسان في منامه أو توجيه اتهام إليه، إنما يمكن اتخاذ ما رآه الإنسان في منامه خيطاً للتحري لا أكثر، وليس قرينة للإدانة وإصدار حكم أو اتهام، لأن هذا يتطلب بينة».


رؤى الأنبياء والعوام

وترفض الدكتورة عفاف النجار، العميدة السابقة لكلية الدراسات الإسلامية في جامعة الأزهر، أن «يتعامل عوام الناس مع ما يرونه في منامهم من رؤى أو أحلام مثلما كان يتعامل الأنبياء، الذين لهم خصوصية عن بقية البشر، بل إن رؤيا الأنبياء جزء من الوحي كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الرؤيا جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة»، واعتبر المفسرون أن الرؤيا المنامية بالنسبة للأنبياء طريق من طرق الوحي الخفي، الذي يتراوح بين الإلهام في اليقظة أو الرؤيا في المنام، مثلما حدث مع أبي الأنبياء إبراهيم حينما رأى رؤياه وسجلها القرآن في قوله تعالى على لسان إبراهيم: «فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ. فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ. وَنَادَيْنَاهُ أن يَا إِبْرَاهِيمُ. قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ. إن هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ. وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ. وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ. سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إنه مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ» الآيات 102 - 111 سورة الصافات. وهنا كاد إبراهيم أن يذبح ابنه بالفعل، لكن لا يجوز لإنسان عادي رأى مثل رؤيا إبراهيم أن يبادر بذبح ابنه أو قتل إنسان رآه قتل والده».

 وتشدد النجار على أن «رؤى الأنبياء غير عامة الناس، فمثلاً كانت علاقة النبي صلى الله عليه وسلم مع عالم الرؤى منذ وقتٍ مبكّر من عمره كأولى علامات صدق نبوّته ومبعثه، فقالت أم المؤمنين عائشة: «أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح»، بل إنه من رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقد رآه حقّاً، بشرط أن يكون قد رآه على صفته الحقيقية، لقوله صلى الله عليه وسلم: «من رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثّل في صورتي»».