أسماء غير مألوفة وتلازمنا مدى الحياة... وأخرى تكون فأل خير علينا

الأسماء

22 أبريل 2013

اليوم يمكنك القيام بعمليات تجميل لكل شيء إلا أسمك، فهو باق معك إلى الأبد. حتى لو غيّرته في شهادة الميلاد فسوف يناديك به المقرّبون والذين يعرفونك. وستبقى دائما تفكر في السبب الذي دفع والديك إلى اختيار هذا الاسم بالذات. ولكن إذا كنت تنتظر (أو إذا كنت تنتظرين) مولودا فاحرص (احرصي)على أن لا تتكرر هذه المشكلة، واخترْ (اختاري) اسماً مناسباً للطفل وعصره وبيئته. ولأننا لا نختار أسماءنا، فعلى الأقل يمكننا أن نهدي أطفالنا أسماء جميلة ومناسبة. فلنختر أسماء واضحة وسهلة تناسب المولود وجنسه.


كثيرة هي الحالات التي تعرفنا عليها، والتي كانت أسماؤها سبباً لتعاستها مدى الحياة، حتى أن هناك أناساً يخجلون عندما يعرّفون عن أنفسهم بأسمائهم، مما يؤثر سلباً على نفسياتهم. فهناك بعض الأسماء التي تناسب الذكور والإناث وهي الأسماء الحيادية، لكنها قد تسبب مشكلات لأصحابها لن يعوها إلا مستقبلاً. فمن تلك الحالات من الفتيات التي طلبت إلى الخدمة العسكرية بسبب اسمها المتعارف عليه أنه يطلق على الذكور، وغالبا ما تتبع تلك الحالات رغبة الأب في أن يكون ابنه البكر صبياً، فيسمي ابنته بما يتيح أن يجعله أبا فلان خجلاً من أن يلقب باسم أنثوي. أما بعض الآباء فتصبح أسماء مواليدهم كهوس شخصي يطبقونه على أبنائهم، فهناك من هو مهووس بالرياضة فيطلق على أبنائه أسماء الرياضيين الذين يحبهم بغض النظر عن التفكير في مستقبل هؤلاء الأولاد، ومنهم من يولعون بأسماء شخصيات تلفزيونية أو سينمائية تاريخية أو فنتازية فيطلقون على أولادهم تلك الأسماء، وهناك من هم محبون للشعر فيمارسون هوايتهم على أبنائهم باتباع القافية أو استخراج أسماء قديمة لا يعرف معناها سواهم ويسمون أبناءهم بها. والبعض يخرجون من عباءة التاريخ واللغة العربية ليختاروا أسماء غربية بامتياز يطلقونها على أبنائهم كنوع من الموضة أو التقليعة، حتى أنني تعرفت إلى شخص أطلق على بناته الأربع أسماء غربية تتبع القافية نفسها على اسماء أبطال قصة إنكليزية كان قد قرأها في شبابه، وعندما سألته عن معنى تلك الأسماء لم يعرف الإجابة... كثيرة هي الحالات التي تطالعنا يوميا مع الأسماء، ويمكن أن نكون نحن أيضا ضمن هذه الحالات، فكثيرون منا لا يحبون أسماءهم، ويتمنون تغييرها، وأحياناً يعوّضون بإطلاق ما يتمنونه لأنفسهم على ابنائهم...


«سمّيته قتادة لأنني وجدت فيه القوة»

صالح معروف مدرّس لغة عربية، سألناه عن أسماء أولاده وكيف اختارها فأجاب: «مما يشغل بال الأسرة أن تختار لولدها القادم اسماً ملائماً، فان كان الرجل أكبر أخوته كان له الحق بأن يسمي ابنه الأول باسم الجد، وإلا انتقى له اسماً بعد تردد ومشاورات. وان رزق ابنة فمن النادر أن يتمسك باسم أمه ليسميها به، فالناس عموماً ليسوا شديدي الحرص على أسماء الأمهات لأن النساء أسرع من الرجال في تغيير الأزياء والأسماء ولأن أسماء الجدات قديمة لا تلائم الجيل الجديد». أضاف: «عندي ولد وبنت. سمّيت الولد قتادة على اسم الوالد، وقتادة يعني لغوياً القتاد أي الشجر الشائك الصلب. وأعجبني هذا التعبير والتشبيه ووجدت في ابني القوة والصلابة، أما البنت فسمّيتها على اسم جدتي سميحة. ولو أنه قديم وغير مألوف إلا أنه اسم جميل ومعناه الكرم والجود». ولما سألنا السيد صالح وهل لزوجتك دور في التسمية؟ أجاب: لا.


عربية أصيلة

أما السيدة صفية، فأسماء أولادها عربية أصيلة، هي: تمّام وتميم وتميمة وتماضر. وحسب رأي السيدة أم تمام فإن هذه الأسماء مميزة بمعانيها التي تجمع ما بين الخلق التام والصلابة والطيبة والكمال، وكلها معان جميلة لأسماء تعطي أصحابها شيئاً من معناها.


أسماؤهم تنتهي بالميم لضرورة الشعر

أما علي السيد فهو موظف وله خمسة أولاد، هم ثلاثة صبيان وابنتان. وهو من هواة الشعر والأدب، وله محاولات في نظم الشعر. وبما أن الأدب هوايته وولعه، فقد حرص على تسمية أولاده بأسماء جميلة مميزة ذات دلالة عربية وموجودة أيضا في معظم الأشعار القديمة، هي: عزام، نظام، هشام، أحلام، سهام. وقال علي إن زوجته حامل، وإذا كان المولود ذكراً فسيكمل ما بدأه من أسماء وسيكون اسمه بسام، وإن كان أنثى سيناسب ما سبقه أيضا وسيكون اسمها مرام.


«أبطال «الكواسر» في بيتنا»

كثيرون هم الذين يفضلون تسمية مواليدهم بأسماء مستقاة من بيئة الطفل الاجتماعية أو الثقافية، وآخرون يفضلون أسماء مستوحاة من الشخصيات الدينية أو دلالاتها. لكن أبا شأس اختار أسماء أبنائه من أحد المسلسلات... يقول: «بطبيعتي أعشق المسلسلات التاريخية والفنتازية، وعندما بدأ المخرج نجدت أنزور أعماله الفنتازية تعلقت بهذا النوع من الأعمال كثيرا، خاصة «الكواسر» وشخصياته التي أدهشتني، ومنها على وجه التحديد شخصيات شأس والغضنفر والعنقاء. وكان حلمي أن أرزق ذكوراً أسميهم تلك الأسماء، وحصل الحمد الله ما أريد، فسميت ولدي شأس والغضنفر، وحاليا أنتظر المولود الثالث وأتمنى من الله أن يرزقني فتاة لأسميها العنقاء». ولما سألنا أبا شأس هل تعرف معنى هذين الاسمين أجاب: يعنيان القوة والصلابة والرجولة.


حكمت... مطلوبة  للخدمة العسكرية

أما قصة حكمت فمختلفة تماما عما سبق... بدأ والدها حديثه قائلا: «منذ الصغر كان أصدقائي ينادونني أبو حكمت حتى أصبح كل أهالي الحي والمنطقة يعرفونني بهذا اللقب. وبصراحة كنت أحب هذا الاسم وأصبح جزءاً من شخصيتي، فقررت أنه عندما أتزوج ويرزقني الله طفلاً سأسميه حكمت ليثبت علي اللقب.

وبالفعل تزوجت ورزقت المولود الأول وكانت أنثى، ومع ذلك بقي الاسم في بالي وقررت أن أسميها حكمت، وكنت أقول في نفسي دائما أن الاسم يليق بالصبي والبنت على حد سواء، عندها كنت أجهل ما ينتظرني وينتظر ابنتي في المستقبل. فعندما أصبحت ابنتي في الثامنة عشرة طُلبت لتأدية الخدمة العسكرية على أنها حكمت الذكر، ولكي أثبت أن حكمت هي ابنتي وليست ابني عانيت الكثير، فراجعت العديد من الدوائر الحكومية لإثبات ذلك واستخرجنا الكثير من الأوراق. ومن خلال تلك التجربة، أنصح كل الأهالي بأن يسموا أولادهم أسماء سهلة تناسب جنسهم بعيدا عن الأسماء المربكة التي قد تسبب مشكلات لأصحابها».


أحبت الربيع وسمت به أولادها

السيدة منى من محبي الطبيعة وجمالها وخاصة فصل الربيع، وهذا ما جعلها تطلق على ابنتها اسم نيسان، أما اسم  ابنتها الأخرى فهو بيسان ليكون على القافية. و السيدة منى حامل حاليا بمولود ذكر وقد قرّرت له اسم ربيع.


شعبان ورمضان

السيدة أم شعبان سمت ولديها شعبان ورمضان، لمحبتها لهذين الشهرين الكريمين، ولأن ولديها ولدا في شهري شعبان ورمضان. ولديها بنات ثلاث سمتهن على وزن واحد، دعد، وعد، وعهد.


خميس وجمعة

السيد سعيد كان له رأي آخر، فقد اختار أن يسمي ولديه باسمَي يومين من أيام الأسبوع، فسمى خميس وجمعة. وعندما سألناه عن السبب أجاب أن تفسير هذين الاسمين أنهما اليومان الذين تجمع فيهما الغنائم والرزق.


شروق وغروب

أما أبو مصطفى فسمى ابنتيه التوأمين شروق وغروب، ويقول عن السبب: «أجد أن الجمال والإبداع اللذين وضعهما الخالق عز وجل يتجلّيان في الشروق والغروب، فارتأيت أن اسميهما كذلك لأنهما طفلتان جميلتان أهداني إياهما الله سبحانه وتعالى».


مولعون بكرة القدم

كثر هم الآباء المولعة بنجوم الكرة العالمية، ومنهم أبو برهم الذي أطلق على ابنه البكر اسم إبراهيموف نسبة إلى لاعب باريس سان جرمان زلاتان إبراهيموفيتش، وبسبب طول الاسم يلقبونه ببرهم. أما أبو زين فمن شدة حبه لكرة القدم، سمى ولديه زين الدين وسقراط، زين الدين نسبة الى اللاعب الفرنسي زين الدين زيدان، وسقراط نسبة إلى اللاعب البرازيلي سقراط.


الطب النفسي: يجب أن يكون الاسم سهل اللفظ، يحمل معنى، وأن لا يكون كثير التداول...

اختصاصي الطب النفسي الدكتور سراج أولاد أوضح لنا رأيه بقوله: «كان الناس في الجاهلية والعصور الإسلامية الأولى يألفون الأسماء التي فيها خشونة وقسوة، كصخر وحرب وجندل ومرّة وحنظلة وسنان وسهم وسيف وذؤيب. وإذا سمّوا عبيدهم اختاروا أسماء فيها الرقة والعذوبة كريحان وعنبر وجلنار وياقوت وكافور».

ونصح الناس باختيار «اسم واضح اللفظ...  تعمد الكثير من الأمهات والآباء إلى اختيار أسماء أجنبية ذات لفظ صعب، وهذا غير منطقي، فالطفل سيعيش على الأغلب في مجتمع عربي وسيكون اسمه ولفظ اسمه مثار سخرية وانتقاد دائمين.

ويجب التفكير في اسم الدلع للطفل واختيار اسم يكون دلعه أو اختصاره خفيفاً على الأذن مثل زينة زوزو»، أو ماريا «ميمي»، أو لينا «لولو». والأفضل أن نختار اسماً له معنى، فأجمل ما في الاسم أن يكون له معنى، وغالبا ما يمنح الاسم الذي يكون معناه جميلا صفاته لحامل الاسم، أو يجعله يتأثر به، مثل حنان، ونور، وياسمين، ومجد.

ويجب تجنّب اسم كثير التداول مما يشكل تشويشاً لهوية الطفل، فهو لا يدري إن كان مميزا أم مجرد اسم مثله مثل غيره. وكذلك، يجدر اختيار اسم يسهل على الطفل لفظه لأنه المعني الأول والأخير بالاسم».

وختم: «لنتذكر جميعنا كآباء أننا نحن من نحكم على أولادنا ومستقبلهم بأسمائهم التي ستلازمهم طيلة حياتهم... فلنتذكر ذلك قبل أن نطلق على مواليدنا أسماءهم».