كثيرة هي المواقع التاريخية والطبيعية التي تجعلنا نقف مدهوشين أمام اتحاد الطبيعة والإنسان في ابتكار ما يمكن وصفه بظاهرة إنسانية متماهية مع روائع الطبيعة.
وفي العالم مواقع دخلت ضمن لائحة التراث العالمي وإن لم تدرج ضمن عجائب الدنيا السبع. هذه المواقع جمعت بين الإرث الإنساني والطبيعة التي وجدت قبل التاريخ المكتوب.

جزر فينيكس في كيريباتي

بين جزيرتي هاواي وفيجي تسبح وسط عالم المحيط الهادئ محمية جزر فينيكس الطبيعية التي توازي مساحتها مساحة ولاية كاليفورنيا الأميركية. تتضمن المنطقة البحرية المحمية نحو 30 بركانًا ساكنًا في عمق المياه الفيروزية، وثماني جزر مرجانية وجرفين صخريين مغمورين بالأزرق يبرزان كآخر أنقى أرخبيل مرجاني على الكرة الأرضية، فقد تطوّر الجرفان والأرخبيل في مساحة معزولة لم يطأها بشري. تسبح في عالمهما العذري فصائل من الحيوانات البحرية بعضها معروف من علماء البحار وبعضها غير معروف.

هنا أنواع من القرش والشفنين، من بينها القرش الصخري يتراقص في المياه جيئة وإيابًا. وتضم الأجرف الصخرية 120 نوعًا من المرجان، فضلاً عن وجود الدلافين والحيتان، كما يشكّل الموقع دربًا لعبور السلاحف وبعض الحيوانات البحرية في موسم الهجرة. وتحتشد في هذه الجزيرة غير المأهولة بالناس أسراب الطيور البحرية.

معلومات: عام 2010 أعلنت الجزيرة ضمن لائحة التراث العالمي.
الوصول إليها: الوصول إلى فينيكس يكون عبر مركب خاص في رحلة قد تستغرق 5 أيام إنطلاقًا من جزيرة فيجي أو عبر طائرة صغيرة من مطار جزيرة كانتون. وفي كل الأحوال يجب نيل موافقة السلطات هناك.

تشيشين إيتزا في المكسيك

لا تزال الأطلال الرائعة لمدينة تيشيشين إيتزا دليلا مبهرًا لمدينة قديمة كانت مركز إمبراطوية المايا في أميركا الوسطى. فالأهرام المتدرّجة والمعابد والأعمدة المتوّجة بالأقواس والهياكل الحجرية الأخرى لتشيشين ومركز المدينة المتطور كلها تروي حكاية إمبراطورية المايا بين عامي 750 و1200 ميلادية.
يكشف مجمع المدينة العتيقة عن نظرة شعب المايا والتولتيك إلى الكون والمستندة إلى تعادل وثيق إلى ما كان يُرى في سماء الليل الديجور لخليج يوكاتن.

ويعدّ معبد كوكولكان الأكثر تميزًا في هذه المدينة، يليه الهرم المدرّج الذي يبرهن على دقة علم فلك المايا وأهميته والأثر الواضح لشعب التوتلتيك الذي غزا المدينة عام 1000 وسارع إلى دمج تقاليد الثقافتين.

معلومات: تقع تشيشين إيتزا قرب المدينة الصغرى بيست. وتتوافر من مطار ميريدا وإليه حافلات تنقل الركاب.
يفتح مجمع المدينة يوميًا، وتتمتع بمناخ استوائي متوسط الحرارة 34 درجة مئوية. وتتيح زيارة المدينة خلال فصلي الربيع والخريف رؤية ظلال أفعى الكاستيلو الرائع. 

أنغكور في كامبوديا

في أعماق الغابة الكمبودية تسكن عاصمة امبراطورية «خمير» Khmer القديمة التي تعتبر تحفة من تحف العالم القديم في الفن والهندسة المعمارية. فهذه المدينة الأنيقة المشيّدة بالحجر والمحلّقة نحو السماء فوق مجمّع المتنزّه الأركيولوجي أنغكور تخطف الأنفاس لروعتها.

فقد ازدهرت امبراطورية «خمير» بين القرنين التاسع والخامس عشر، فيما أشرف حكّامها على إمبراطورية امتدت من ميانمار إلى فيتنام. وحديثًا اكتشفت ضواحي المدينة التي تمتد مساحتها على ألف كيلومتر مربع، أي أكبر من أحد الأقسام الإدارية الخمسة لمدينة نيويورك.
فضلاً عن المباني والمعابد التي شيدت بإتقان وفن يجعلان الزائر يقف مدهوشًا بجمال المكان، تحتوي المدينة على شبكة قنوات مياه وسدود وخزّانات يبلغ عرضها ثمانية كيلومترات، وطولها كيلومترين وربع الكيلومتر، وقد صُممت هذه الخزّانات والقنوات بشكل فني ينسجم مع روعة هندسة المدينة.

انضمت أنغكور إلى لائحة التراث العالمي عام 1992 بعدما تعرّضت لخطر الزوال بسبب عمليات النهب وحفر التربة غير القانوني، مما جعل الأونيسكو عام 1993 تقوم بحملة لحماية المدينة وترميمها.
وعام 2004 أعلن أنها لم تعد معرضة لخطر الزوال. وتعمل الأونيسكو راهنًا مع السلطات الكمبودية للتأكد من أن دخول السياح والنمو السياحي لا يؤثران في هذا الكنز الثقافي.

معلومات مفيدة: الموسم السياحي في أنغكور بين كانون الأول/ديسمبر و كانون الثاني/يناير.
يمكن للذين يريدون اكتشاف الموقع بمعزل عن الحشود السياحية استئجار زيارة بسائقها الذي غالبًا ما يكون مرشدًا سياحيًا. كما يمكن ركوب المنطاد واكتشاف روعة المكان من الأعلى والإستمتاع بتصميم مجمع أنغكور.

مدرّجات الأرزّ في كورديليراس في الفيلييبين

لألفي عام زُرعت جبال مقاطعة إيفوغا في الفيلييبين بعناية مع سلسلة يبدو أن لا نهاية لها من مدرجات حقول أرزّ تتسلق على آلاف الأقدام. فهذه المدرّجات تتبع المحيط الطبيعي للجبال معززة الجمال العذري الطبيعي.
لتمثل نموذجًا مثاليًا لعلاقة متناغمة ومستدامة بين الإنسان والطبيعة. فهذه الحقول ومعرفة زراعتها والمحافظة عليها، توارثها الريفيون القاطنون هناك من جيل إلى جيل. فبناة هذه المدرجات استعملوا الحجارة وأسوار الطين التي نحتت بعناية وشيّدت بتصميم يحفظ البرك المغمورة بالمياه لأجل زراعة الأرزّ.

كما أنشئ نظامًا لجلب المياه من غابات الجبال الشاهقة. وقد نفّذت هذه الهندسة الزراعية المبتكرة على أيادي المزارعين البسطاء.
تحتل مدرّجات حقول الأرز مكانة مهمة في ثقافة سكان إيفوغا، إذ يتعاون الجميع على الزراعة الدورية الموسمية، ومراقبة الحشرات والحصاد والذي يرتكز على الدورة القمرية وترافقه أحيانًا طقوس دينية.

معلومات: إنضمت حقول الأرز في كورديليراس إلى لائحة التراث العالمي عام 2001. أما الموسم الأنسب لزيارتها فهو إما الشتاء حين يحوز الزائر مشهدًا رائعًا أو خلال حزيران/يونيو موسم الحصاد حين تتشح الحقول باللون الذهبي وتكثر النشاطات التي ترافق الحصاد.

الكرملين والساحة الحمراء في موسكو

يشهد هذا الموقع الأيقوني على الكثير من التاريخ الروسي، فهو لا يحتل وسط موسكو فحسب بل قلب الوطن الروسي أيضًا.
عند التجوال في الساحة الحمراء تظن أنك وسط عالم افتراضي كل تفصيل فيه أقرب إلى الكمال في روعته وهندسته المعمارية والألوان التي تزركشه.
القباب الملوّنة لكاتدرائية سانت بازيل، الموجودة في الساحة الحمراء تحت أسوار الكرملين القائم على هضبة بوروفيتسكي، والمشرف على نهر موسكو ووسط المدينة تمنح الساحة مشهدًا فريدًا من نوعه.
يرصع برج الكرملين مجمع الكاتدرائيات المقببة والقصور المحاطة بالجدران والتي تعود إلى عام 1156 وكانت المركز الديني للكنيسة الأورثوذكسية الروسية ومقر إقامة القياصرة.

يقع الكرملين على الجهة الغربية للساحة الحمراء الفاصلة بين القلعة المحصّنة وبقية أطراف المدينة. تستعمل الساحة سوقًا، ومسرحًا للمهرجانات، وكانت مكان التجمّعات خلال الحكم السوفياتي اللينيني، ومركز العروض العسكرية. كما يوجد فيها نعش لينين الزجاجي حيث يمكن لزوار المكان رؤية جثمانه الراقد هنا منذ عام 1924.

معلومات: انضم الكرملين والساحة الحمراء إلى لائحة التراث العالمي عام 1990.