فايسبوك يعيد طفلاً مخطوفاً منذ عامين

فايسبوك,يعيد طفلاً مخطوفاً,منذ عامين,مشاعر متضاربة,استغاثة,عمليات البحث,اتصال الحياة,البشرى

القاهرة - نسرين محمد 20 مارس 2016

قرابة عامين مرا على واقعة اختطاف صغيره، كانا كفيلين بأن يبدّدا الأمل في داخله بالعثور عليه، لكنه تمسك بحلم يراه في منامه كل ليلة، وهو يقف في الميدان نفسه الذي شهد اختفاءه يبحث عنه، فيأتيه صوت صغيره يناديه ليتلفت يميناً ويساراً حتى يشاهده يقف باكياً في أحد الأركان فيركض نحوه، إلا أنه يستيقظ قبل أن يصل إليه.


لم يكن الأب يدرك أن حلمه سيتحقق من خلال صورة تم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي لابنه الذي تم اختطافه في عام 2014، تحمل رقم هاتفه وتستجدي من يشاهد هذا الطفل الاتصال به، ليأتيه الاتصال من أحدهم يبلغه بوجود الصغير لديه ويطلب لقاءه لتسليمه إياه.

مشاعر متضاربة
وسط حالة من القلق والذهول بالعثور على صغير قد يكون ليس ابنه، أو الوقوع ضحية لنصاب يتلاعب بمشاعره، لم يعرف الأب كيف يتصرف، حتى دق جرس الباب فأسرع إليه ليجد طفلاً صغيراً يقف أمامه، فانهارت دموعه واحتضنه بقوة وهو لا يصدق أن الغائب قد عاد. مشاهد قد تصلح لعمل فني، إلا أنه واقع مرير عاشه هاني صبحي حسن، 37 سنة، ذلك العامل البسيط قبل أن تأتي النهاية السعيدة بعد عذاب قارب العامين ذاق خلالهما الأمرّين، من دون لم يفقد الأمل في عودة صغيره الى أحضانه مهما طال الزمن. معاناة هاني بدأت في ميدان الحسين الشهير في حي الجمالية العتيق وسط القاهرة، عندما اصطحب أسرته في نزهة لساعات عدة، لكن الزحام الذي تشهده المنطقة كان كفيلاً بأن يقلب كيانه ويغير مجريات حياته عندما فقد قطعة منه. على أبواب مسجد الحسين وقف هاني يتلفت يميناً ويساراً يبحث عن صغيره عبدالله، أربع سنوات، والذي كان في جواره منذ لحظات، ينادي عليه فلا يجيبه سوى صدى صوته، يسأل بائعة الشاي التي اشترى منها منذ لحظات كوباً لم يكمله بعد، فتنكر أنها رأت صغيره في الأساس، فيعيد طرح السؤال على شقيقتها التي تجلس بقربها، لتأتيه الإجابة التي تتكرر على لسان الجميع وكأنهم اتفقوا عليها.

استغاثة
انطلقت صرخات هاني وزوجته طالبة النجدة من رجال الشرطة لمساعدتهما في البحث عن الصغير، ظناً منهما في البداية أنه قد ضل الطريق، ليتضح بعد ذلك أنه خُطف بلا عودة. قصد هاني قسم الجمالية لتحرير محضر باختطاف نجله من ميدان الحسين، يتهم فيه بائعة الشاي في الميدان وشقيقتها وثالثة تعرض مجموعة من لعب الأطفال بخطف الصغير، خاصةً أن إحداهن اختفت بعد غياب الطفل، وادعت الأخريان عدم رؤيته، رغم أنه اشترى من إحداهما لعبة منذ لحظات. ألقى رجال الشرطة القبض على المتهمات الثلاث: إلا أنهن أنكرن جميعاً واقعة خطف الصغير عبدالله، لتقرر النيابة إخلاء سبيلهن.

عمليات البحث
امتثل الأب لقرار النيابة لتبدأ عملية بحثه عن صغيره، فنصحه أحد معارفه بنشر صورة للصغير على موقع «فايسبوك»، نظراً الى كثرة مستخدميه وسهولة انتشاره بين شريحة كبيرة من المواطنين. لم يكن الأب يتخيل وهو يضع صورة صغيره على «فايسبوك» وبعض المواقع، راصداً مكافأة لمن يعثر عليه، أنها ستكون سبباً في عودته إليه، خاصة بعد مرور عامين على جريمة اختطافه وتلقيه العديد من الاتصالات التي تفيد برؤية الصغير في مناطق مختلفة، ذهب إليها وكله أمل بأن يعثر على طفله لكن بلا فائدة. وكما انتشرت صورة الطفل المفقود على «فايسبوك»، انتشرت كذلك صورة لطفل يشبهه تماماً بصحبة متسولة في قطارات المترو تستجدي به عطف الركاب لتحصل منهم على أي أموال. تعلق الأب بالأمل، وظل يستقل هو وزوجته عربات المترو لمدة أسبوعين من دون أن يعثرا على تلك السيدة، التي اختفت عقب نشر صورتها بصحبة الطفل على مواقع التواصل الاجتماعي، ليتبدد الأمل في العثور عليه ويصيبه الإحباط من جديد.

اتصال الحياة
كانت الساعة تقترب من الثالثة عصراً، عندما رن هاتف الأب، فإذا بالمتصل شخص غريب يبلغه بالعثور على صغيره المتغيب منذ عامين. لم يصدق الرجل في البداية، إلا أن المتصل بدأ يروي تفاصيل كانت كفيلة بأن تجعل الأب يبكي بحسرة، وهو يتأكد من أنه يتحدث عن ابنه عبدالله. كان المتصل رجلاً يدعى محمد أحمد، 50 سنة، يعمل في أحد المطاعم في مدينة العاشر من رمضان على الحدود مع القاهرة، والذي أكد أن الصغير بصحبة شقيقه إبراهيم، 41 سنة، حفار آبار، حيث يعيش معه في منزله ويرعاه. وفقاً لرواية الرجل، تبين أن شقيقه كان في رحلة عمل الى القاهرة لشراء بعض احتياجاته من منطقة العتبة في وسط القاهرة، بينما شاهد هذا الطفل يجلس في الميدان يبكي بمفرده، فأخذه بعدما فشل في العثور على أهله ليعتني به. أضاف الرجل أنه كان يمسك بهاتفه ويتصفح الـ «فايسبوك» الخاص به، وإذا به يجد منشوراً على إحدى الصفحات يحمل صورة هذا الطفل مصحوبة بمناشدة من أهله بالاتصال بهم في حال تم العثور عليه.

البشرى
لم يتردد الرجل في المسارعة الى الاتصال ليزف البشرى إلى الأب المفجوع، الذي لم يصدق ما يلقى على مسامعه حتى شاهد ابنه بعينيه، فانخرط في نوبات من البكاء وسجد شاكراً ربه على عودة صغيره. كانت شكوك الأب منذ عامين في محلّها، فالابن كانت قد اختطفته سيدة في الميدان لتتسول به، وعندما شعرت بانكشاف أمرها بعد هذه المدة الطويلة، تركته وفرّت هاربة ليعثر عليه حفار الآبار ويكون الـ «فايسبوك» سبباً في إعادته الى أهله.