هلوسات الصباح

هلوسات,الصباح,هالة كوثراني,أقلام لها

هالة كوثراني 20 أبريل 2016
أجمل ما في يومها هلوسات الصباح. تحارب بها فقدان الإلهام والصفحات البيضاء والأحلام المطلية بالأسود. الكلّ مكتئب. وهي تسعى إلى حماية حماستها للحياة ورغبتها في مساعدة نفسها ومساعدة الآخرين. أسباب التعب النفسي كثيرة، من قبح الحروب التي نشهد عليها، إلى ضغط العمل وقلّة النوم، والإحساس بأن علينا أن نتابع ما تطاردنا به مواقع التواصل وبأننا أيضاً جاهزون دوماً للرد على «واتساب». لا وقت للراحة التامة. نكمل العمل بعد دوام العمل وفي عطلة نهاية الأسبوع.
 
أجمل ما في يومها هلوسات الصباح. وأجمل أمكنتها زاوية في غرفتها تنتمي إليها. هناك تختبر ذلك الاستسلام المريح، حين لا يركض الوقت وحيث يتسلّل النوم من دون أن يطارده أي شيء أو أي أحد. هناك تنفرد بالكتب. وهناك صُدمت بالتعرّف في مقالة إلى امرأة كادت أن تعتبرها مثالاً أعلى. كم يصدمنا أشخاص عرفوا النجاح المتلألئ الذي ظنناه نتيجة ذكاء خارق واجتهاد عظيم، وعندما نقرأ سيرهم أو حوارات أجريت معهم نكتشف الفراغ. النجاح في عالم الإعلام، في بعض الأحيان، لا يتطلّب عمقاً. هل أتعبتنا المعاني العميقة حتى فقدناها؟ يلهو الناس بالتواصل في ما بينهم. صدّقوا أن المساحات الافتراضية مسارح لكلمات لم يطلقوها من قبل. ها هم يعبّرون عن أنفسهم وفي ظنّهم أن الكلّ يرى ويقرأ. يلهون هناك وعلى مسرح الحياة الحقيقة قُتلت المعاني كلّها. وهناك من يُقتلون ولا أحد يبالي بموتهم. لقد دسنا بأقدامنا على ما سُمّيت في زمن غير زمننا القضايا الكبرى وإن كانت أوهاماً كبرى. لكن المعاني ملأت حيوات مَن فهموا القرن السابق. حربان مجنونتان عالميتان ونكبات عربية وطمع الاستعمار وحروب التحرّر منه، كلّها واجهت الإنسان بأسئلة وجوده. أين الأسئلة الآن؟ وأين الأجوبة عنها؟