أنتِ في مركز مرموق... هل يقبل زوجك تولي مهام البيت؟

مركز,مرموق,مهام,البيت,المرأة,النجاح,الأعمال,المنزلية,رعاية,الأبناء,الدكتور أحمد مهران,أحمد الشربيني,نظرة المجتمع,هديل عاطف,سولاف حسين درويش,مغامرة,أحمد نادر,الغيرة,نهلة رمضان,دعم,منال العزازي,الدكتور محمود عرفان,التكوين,النفسي,الدكتورة وجيهة التابعي

محمد سالم - (القاهرة) 01 أبريل 2017

نجاح الزوجة في الوصول إلى مركز مرموق ليس مهمة سهلة في عالمنا العربي، ورغم ذلك تحقق المرأة النجاح. وفي المقابل لا تستطيع القيام بكل الأعمال المنزلية، فهل يقبل زوجها في هذه الحالة تولي تلك المهام؟ وهل يوافق على البقاء في البيت ورعاية الأبناء ليدعم نجاح زوجته؟ أم تقف أنانية بعض الرجال عقبة أمام طموح الزوجة الناجحة؟


زوجتي مستشاري الاول

يقول الدكتور أحمد مهران، محامٍ ومدير مركز القاهرة للدراسات السياسية والقانونية، عن مساعدته لزوجته في أعمال المنزل كنوع من أنواع الدعم لها: «زوجتي الدكتورة إحسان يحيى، أستاذة في كلية التمريض في جامعة القاهرة، تزوجنا عام 2003 ولا أتضايق أبداً من مساعدتها، بالعكس فأنا أحب مشاركتها في المسؤوليات، وفي كثير من الأحيان أتحمل وحدي تدبير شؤون المنزل، وأنا فخور بها وبنجاحها وتفوقها، ودائماً أقول إن نجاح زوجتي هو نجاح لي، فكلما علا شأنها علا شأني، وسأقدم لها الدعم طوال حياتي، كما لا أنسى أبداً فضلها عليَّ، ولا أبالغ إذا قلت إن زوجتي هي أمي وأختي وزوجتي وكل شيء... وأشعر بذلك منذ أن تزوجتها، فأهلي ليسوا في القاهرة، بل في الإسكندرية، وقد أتيت إلى القاهرة بدافع العمل والدراسة، ولم يساعدني أحد أو يقف الى جواري إلا زوجتي وأسرتها، هذا فضلاً عن أنها مستشاري الأول في كل الأمور».
أما الزوجة الدكتورة إحسان يحيى فتقول: «لم أكتف بدراسة الطب، بل حصلت منذ أعوام على بكالوريوس في الإعلام من جامعة القاهرة، إلى جانب عملي محاضِرةً في كلية التمريض، والمفارقة أنه في فترة الامتحانات كنت أخضع للامتحان في كلية التمريض وأُشرف على الاختبارات، وفي الوقت نفسه أخوض الامتحانات كطالبة في كلية الإعلام، فكانت تلك الفترة صعبة جداً، ولم يكن لديَّ الوقت الكافي للقيام بالأعمال المنزلية، وكان زوجي يحضّر الطعام وينظفّ البيت بصدر رحب وبنفس راضية، إضافة الى أنه كان يساعدني في جمع الكتب والأوراق وتصوير المستندات والاستعداد للامتحان، حتى حققت النجاح».

سي السيد
يقول أحمد الشربيني، مدير في إحدى شركات الاتصالات الكبرى في مصر: «زوجتي امرأة عاملة بتوصية من والدها، الذي طلب مني أن تستمر في عملها حتى بعد الزواج، وعمل المرأة عموماً لا يسبب لي أي مشكلة، فأمي كانت موظفة وكذلك بقية نساء عائلتي. أما بالنسبة الى الأبناء فعمل الأم لن ينتقص من حقوقهم شيئاً، إذا كان هناك تنظيم للوقت، وتوفيق بين العمل ورعاية الأبناء، كما لا أرى أي مشكلة في عمل زوجتي، وذلك لأسباب عدة، أولها أنها لا تقصر في تأدية واجباتها المنزلية، وثانيها أنني لا أؤمن بأسلوب «سي السيد»، الذي يقضي بأن يكون الرجل هو سيد المنزل والمرأة خادمة له، بل أثق بأن الحياة الزوجية كناية عن شراكة يقتسم فيها الزوجان المهام بالتساوي، وأهم ما يوطد هذه الشراكة، المودة والحب والرحمة والتفاهم».

نظرة المجتمع

أما الزوجة هديل عاطف، والتي تدير العلاقات العامة في أحد المستشفيات الخاصة في القاهرة فتقول: «زوجي لا يلقي عليّ أي أعباء، بالعكس فهو يبادر دائماً إلى القيام بالأعمال المنزلية، حتى وإن لم يكن هناك أمر يمنعني من القيام بواجباتي، فهو زوج متعاون جداً ولا يهتم بنظرة المجتمع إليه، ويرى أن مساعدته لي لا تنتقص من رجولته شيئاً، كما أنني منذ الصغر أهوى السفر والرحلات والخروج في معسكرات، وكنت أتمنى دائماً أن أتزوج شخصاً يشاطرني هذه الهوايات، وقد تحققت أمنياتي بحيث أخرج وزوجي للتنزه أو نسافر بصورة أسبوعية، حتى بعد الزواج وإنجابي طفلي الأول «سيف»، فكل هذا لم يثنِنا عن ممارسة ما نحب، بل نحرص دائماً على غرس هواياتنا في ابننا».

البرلمانية وزوجها
سولاف حسين درويش، عضو مجلس النواب، تقول: «أحرص على جعل أسرتي بعيدة عن الأضواء، وزوجي متفهم ويدعمني بكل الوسائل لتحقيق النجاح، وهو رجل الأعمال عماد الشواربي، وكان أكثر من شجعني على الانخراط في العمل السياسي، حتى وصلت إلى قبة البرلمان، وقد رزقني الله بثلاثة أبناء هم: «ياسمين» طالبة في كلية التجارة، «عمر» طالب في الثانوية العامة، وآخر العنقود «محمد»، وحالياً يهتم زوجي بالأسرة ويحاول تعويض غيابي عن أولادي ومتابعة أمورهم أثناء وجودي في مجلس النواب، والذي يصل أحياناً إلى أكثر من عشر ساعات يومياً، ولهذا أدين له بالفضل بعد الله في نجاحي، كما أتواصل مع أولادي هاتفياً أثناء قيامي بجولات ميدانية في الدائرة، ليشعروا بأنني موجودة معهم رغم غيابي عنهم».
ويقول الزوج رجل الأعمال عماد الشواربي: «الزواج الناجح يقوم على انصهار أفراد الأسرة في بوتقة واحدة، بحيث يشعر الزوجان بأنهما روح واحدة في جسدين، وبالتالي فإن أي نجاح يحققه أحدهما يكون بمثابة نجاح للآخر، والعكس صحيح، ومن هذا المنطلق أشعر وزوجتي أننا كيان واحد، ومثلما أحرص على نجاحي أحرص على نجاحها، بل وأكثر، كنوع من «الإيثار» الذي امتدحته الأديان السماوية والأخلاق الفاضلة، بأن تحب لأخيك في الإنسانية ما تحبه لنفسك، فما بالك بشريكة حياتك وأم أولادك، والتي وصف الله حياتك معها بأنها «سكن ومودة ورحمة»، ولهذا فأنا مع نجاح زوجتي قلباً وقالباً».

مغامرة
يروي الملحن والموزع الموسيقي أحمد نادر، قصته في دعم زوجته قائلاً: «كان زواجي برحمة، وهي مطربة وممثلة تونسية، غير مخطط له بالمرة، حيث صودف أننا كنا نشارك في مسابقة معروفة للغناء، وكانت فرصة أتاحت لنا التعرف إلى بعضنا، فتواصلنا لمدة ثلاث سنوات، وهي كانت لا تزال في تونس، ثم تزوجنا في شهر شباط/فبراير الماضي».
يُبرز أحمد جانباً إيجابياً آخر في شخصيته، بالقول: «أعارض فكرة أن يعمل الرجل خارج المنزل فقط، وتقوم المرأة بكل الأعمال المنزلية، لأن الحياة الزوجية ما هي إلا شراكة بين شخصين، يتقاسمان فيها كل المهام الصعبة والسهلة على حد سواء، وحالياً أقوم بتلحين وتوزيع ألبوم جديد لزوجتي، ونذهب إلى الاستوديو من وقت لآخر بغية إنجازه، إلى جانب هذا نتقاسم الأعمال المنزلية ولا ألقي عليها أي أعباء، خصوصاً أنها تركت أهلها وبلدها وجاءت إلى مصر لتعيش معي... أشعر وكأنها ابنتي؛ فأنا أبوها وأخوها وزوجها».
وتقول زوجته رحمة بحري: «الزواج من جنسية مختلفة مغامرة كبيرة في طبيعة الحال، خصوصاً مع اختلاف الثقافات وبعد المسافات، لقد واجهنا صعوبات في بداية الزواج، لكنه تمّ الزواج بحمد الله، وأتذكر مواقف كثيرة تؤكد دعم زوجي لي ووقوفه الى جانبي، أهمها أنه يساعدني دائماً في التعرف الى المنتجين والفنانين المصريين، فأنا فنانة تونسية، لكنني لم أعمل في مصر من قبل، كما يصطحبني لحضور المناسبات معه للاختلاط بنجوم الفن، وذلك إيماناً منه بموهبتي وقدرتي على تحقيق نجاحات في هذا المجال».

الغيرة
أما نهلة رمضان، خريجة كلية التربية، فتقول: «درست التربية، وكنت أشعر برغبة شديدة في العمل في مجال التدريس، لكنني تزوجت بعد تخرجي مباشرة، فلم أستطع تحقيق هذه الأمنية. وبعد الزواج بعام، شعر زوجي بهذه الرغبة تعتمل في داخلي، فافتتح مركزاً للدروس الخصوصية أتولى أنا إدارته والإشراف عليه، كما يحضر زوجي بصورة يومية لإعطاء حصص في اللغة العربية لطلاب المرحلة الابتدائية، إضافة الى أنه خلال فترة حملي بطفلتنا الأولى «لمار»، ثلاثة أعوام، كان يهتم بشؤون المنزل من إعداد الطعام إلى أعمال التنظيف وغسل الملابس وغيرها... وبالتالي يحرص على ألا يُشعرني بالتقصير في القيام بواجباتي العائلية في فترة حملي».
ويقول زوجها المحامي أحمد يسري، وهو يعمل تحت إشراف زوجته في مركزهما التعليمي: «لا أغار مطلقاً من نجاح زوجتي، ولا حتى أخجل من العمل تحت إدارتها، أو في «مركز زوجتي»، فأنا أعمل في هذا المركز إلى جانب مهنتي الأساسية وهي المحاماة، وهدفي من هذا العمل هو مساعدتها على النجاح».

دعم
تعد الخطّاطة المصرية منال العزازي من عاشقات الخط العربي، حتى أنها فازت بالمركز الثاني على مستوى العالم في الخط العربي، وهي تفتخر بتشجيع زوجها لها وتقول: «زوجي هو سبب نجاحي بتفوق في مجال الخط العربي، لأنه رئيس قسم الخط في التلفزيون المصري، وحائز العديد من الجوائز الدولية في الخط، ولهذا فهو ليس زوجي فقط، بل الراعي الأول والأب الروحي لنجاحي، فقد تتلمذت على يديه، وتم تعييني فور تخرجي مُدرّسة لفن الخط العربي، وبفضل موهبتي وعلاقات زوجي، شاركت في الكثير من المعـارض داخل مصر وخارجها».
وتؤكد منال أن بفضل تشجيع زوجها تم اختيار بعض لوحاتها لتكون ضمن المقتنيات الخاصة لعدد من الملوك ورؤساء الدول.
ويقول نبيل حسان، زوج منال عزازي: «أي نجاح تحققه زوجتي هو بمثابة نجاح شخصي لي، ولذلك لا أجد مشكلة في القيام بالأعمال المنزلية كنوع من الدعم لها».

التنشئة
يقول الدكتور محمود عرفان، أستاذ علم الاجتماع في جامعة الفيوم: «كثير من الرجال يغارون من نجاح زوجاتهم، بل إن معظمهم يخافون من هذا النجاح، وهذا الأمر يرجع لأسباب عدة، أهمها التنشئة الاجتماعية في المجتمعات العربية، والتي تقضي بأن يكون الرجل هو القائد دوماً، والأنثى تابعة له، فتنمو هذه الفكرة في داخله، ومن ثم تتكون لديه قناعة بأن نجاح زوجته يقلل من رجولته، وقد يقودها هذا النجاح الى أن تصبح ذات سلطة عليه، كما أن نظرة المجتمع «المُعجبة» فقط، وليست «الواثقة» في قدرات المرأة، بعد نجاحها في مجالات عدة إلى جانب تدبيرها شؤون المنزل، تجعل الأولوية في منح الثقة دائماً للرجال والاعتراف بقدراتهم، ومن هنا يعامل الزوج زوجته على أنها «طامحة» وليست «قادرة»؛ فيحوّل إليها مهام أقل منه، ويرى تطلعاتها في العمل والنجاح وتقلّد المناصب مجرد «طموح» لا أكثر، ومن هنا يبدأ في فرض سلطته عليها، وحصر حركتها وتفكيرها ضمن حدود المنزل».
ويضيف: «ليس كل الرجال متشابهين بالطبع، فهناك رجال يفرضون «السيطرة الحكيمة» على الزوجة والأسرة، وهذه الثقة تجعلهم يساعدون الزوجة ويدعمونها ويقفون إلى جانبها، ويدركون بعد ذلك أن نجاح الزوجة لن يقلل من شأنهم، بل على العكس، يجب على الرجل أن يفتخر بزوجته الناجحة، ويتأكد أن نجاحها سيعود بالنفع عليه وعلى أولاده، كما أن مساعدة الرجل لزوجته في أعمال المنزل ترفع من قيمته عند شريكته وتعزز رجولته، ولهذا فإن تقاسم الأعمال المنزلية بين الزوجين يقوّي الروابط الوجدانية بينهما، ومن ثمّ ينعمان بحياة هانئة سعيدة».

التكوين النفسي
تؤكد الدكتورة وجيهة التابعي، أستاذة علم النفس في كلية الدراسات الإنسانية، أن التكوين النفسي للرجل بشكل عام يجعله يشعر بعدم الرضا عن نفسه عندما تكون زوجته أنجح منه، خاصة أن الرجل يريد دائما أن يشعر بأنه صاحب السلطة العليا في المنزل، والمثل الأعلى للأبناء، ليس هذا فحسب، بل إن الرجل في الغالب يغار من كل أنثى تتفوق عليه في أي مجال، وقد لا يشعر بهذه الغيرة عندما يتفوق عليه زميل له أو أي شخص آخر بقدر ما يشعر بها إذا كان هذا التفوق لأنثى، وهذه العقدة تدفع الرجل غالباً إلى تعمّد الزواج بمن هي أقل منه في المستوى التعليمي والمادي والاجتماعي، ليشعر دائماً بأن له اليد الطولى عليها، وأنها ستظل دائماً تحت إمرته، ولن تحلم يوماً بالاستقلال عنه والتفكير خارج نطاق الدائرة التي رسمها هو لها.
وتضيف: «نسبة كبيرة جداً من النساء الناجحات في مجتمعاتنا العربية، إما مطلقات أو غير متزوجات، وهذا يؤكد نظرية أن الرجل العربي، سواء كان متعلماً أو أميًّا أو في أي مستوى اجتماعي، يرفض تقدم زوجته عليه، وأن غالبيتهن لم يتزوجن بسبب نجاحهن، وخوف من يتقدم لزواجهن من هذا التفوق، إلى جانب أن هناك كثيراً من النساء فقدن أزواجهن بسبب تطلعاتهن وطموحهن، ذلك أن الرجل في مجتمعاتنا يكتسب قوته من ضعف زوجته، ورغبته في فرض السيطرة عليها تجعله دائماً ينتقد عملها، ويسعى جاهداً إلى التقليل من قيمتها والاستخفاف بإنجازاتها، وإجبارها بعد فترة على ترك العمل، أو تدمير الروابط الأسرية بينهما واللجوء إلى الطلاق».

 

CREDITS

تصوير : أحمد الشايب